الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: وصل وإزالة شعر المرأة:
من الأشياء التي تزين المرأة - شعرها الذي تتميز به عن الرجل، ولكن هذا الشعر قد يصاب بآفة فيسقط، أو يحتاج إلى زيادة في طوله، أو أن هذا الشعر يكثر في أماكن من جسم المرأة مما يجعله مشوها لمنظرها أمام زوجها، فتحتاج لإزالته، أو التخفيف منه. ولقد اختلف السلف والخلف في ذلك (1).
أولا: حكم وصل المرأة شعرها:
ذهبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما إلى أنه يحرم وصل الشعر بشعر مثله، أما وصله بصوف ونحوه فيجوز (2).
الأدلة:
1 -
ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «إن جارية من الأنصار تزوجت، وإنها مرضت فتمرط شعرها، فأرادوا أن يصلوه، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فلعن الواصلة والمستوصلة (3)» .
(1) انظر: موسوعة فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص 681)
(2)
انظر: عمدة القارى (22/ 64)، مشكل الآثار للطحاوي (2/ 42)
(3)
أخرجه: البخاري في صحيحه (10/ 374)، كتاب اللباس، باب الوصل في الشعر، حديث رقم (5934)، ومسلم في صحيحه (ص 1174)، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة حديث رقم (2123).
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من وصل الشعر ولا يلعن إلا على فعل محرم (1).
2 -
ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة (2)» .
وجه الاستدلال:
لعن الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الفعل دليل على تحريمه، وأنه من كبائر الذنوب (3). وقد وافقها رضي الله عنها في هذا الرأي ابن عباس رضي الله عنه (4)، وتبعها سعيد بن جبير والليث بن سعد - رحمهما الله
(1) انظر: موسوعة فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص 681)
(2)
أخرجه: البخاري في صحيحه (10/ 374)، كتاب اللباس، باب الموصولة، حديث رقم (5940)، ومسلم في صحيحه (ص/ 1157)، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة .. حديث رقم (2123)
(3)
انظر: موسوعة فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص 682)
(4)
انظر: عمدة القارئ (22/ 64)، مشكل الآثار للطحاوي (2/ 42)
تعالى - (1)، ومن الفقهاء الحنفية (2) والشافعية (3)، والحنابلة (4) - رحمهم الله تعالى -
والراجح والله أعلم:
جواز وصل الشعر بالصوف فقط، لا بشعر مثله.
والفكرة الأصولية التي بنت عليها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هذه الرواية هي: سد الذرائع الموصلة للتدليس والغش والفساد على الزوج، وهذا محرم، وكذلك فيه استعمال شعر مختلف في نجاسته.
أما وصل الشعر بصوف فهو لا توجد فيه هذه المعاني، فلا يحرم، ولوجود مصلحة من تحسين المرأة أمام زوجها من غير مضرة (5).
ثانيا: حكم إزالة الشعر:
ذهبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى أنه يجوز للمرأة أن تزيل ما في جسمها ووجهها من شعر خشن لتتزين لزوجها بذلك (6)
(1) انظر: فتح الباري (10/ 375) في اللباس
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين (6/ 372)
(3)
انظر: شرح صحيح مسلم (14/ 103)
(4)
انظر: المغني لابن قدامة (1/ 76)
(5)
انظر: انظر: المغني لابن قدامة (1/ 76)، شرح صحيح مسلم للنووي (14/ 104)
(6)
انظر: مصنف عبد الرزاق (3/ 146)، الإمام أحمد (6/ 146).
الأدلة: دليل من الرأي:
إن المرأة مأمورة بأن تتزين لزوجها حتى تقصر نظره عليها وترك هذا الشعر الخشن في وجهها وجسمها مما يشوه منظرها أمام زوجها، ويصرف نظره ورغبته فيها وهذا ما لا يريده الإسلام، فالمقصود من الزوج هو غض البصر، وحفظ الفرج، قال صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج (1)» .
وقد تبعها رضي الله عنها في ذلك من الفقهاء: الحنفية (2)، والشافعية فيما إذا نبتت لها لحية، أو شوارب، فيجوز لها إزالتهما (3)، وفي رواية في المذهب الحنبلي (4).
والراجح والله أعلم:
أنه يجوز إزالة الشعر الخشن الذي ينبت في وجه المرأة أو جسمها فقط. بدليل قول المرأة التي سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
(1) أخرجه: البخاري في صحيحه (9/ 106)، كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم الباءة .. حديث رقم (5065)، ومسلم في صحيحه (ص 725)، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه
…
حديث رقم (1400)
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين (6/ 373)
(3)
انظر: شرح مسلم للنووي (14/ 106)
(4)
ذكره ابن حجر في فتح الباري (10/ 378)
" إن في وجهي شعرات أفأنتفهن " وكان الجواب لها: " أميطي عنك الأذى " فدل على أن تلك الشعرات كانت مصدر أذى لها، وكلا الفريقين متفقان على جواز إزالة ما ينبت من شعر يكون به أذى للمرأة.
أما النمص فإنه لا تجوز إزالته، لأن الحديث نص على تحريم ذلك. كما أن الشعر يختلف عن النمص، فالشعر يرى والنمص لا يرى (1).
والفكرة الأصولية التي بنت عليها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هذه الرواية هي الاستحسان المبني على دليل؛ حيث استحسنت عائشة رضي الله عنها أنه يجوز للمرأة إزالة الشعر الخشن الذي ينبت في وجه المرأة أو جسمها، لكي تعف زوجها بمنظرها الحسن، ولا تفتح الباب أمام زوجها للنظر إلى الأخريات، أما لو كانت غير متزوجة، فإن هذا الشعر يشوه منظرها ويصرف عنها الأزواج، وهذا مما يرفضه الشارع.
(1) انظر: موسوعة فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ص/ 687)