المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المحرمات في النكاح - مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني)

[محمد بن عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب المياه

- ‌باب الآنية

- ‌باب الاستنجاء

- ‌باب السواك وسنية الوضوء

- ‌باب فروض الوضوء وصفته

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌‌‌كتاب الصلاة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب ستر العورة

- ‌باب اجتناب النجاسات

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النية

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

-

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الأثمان

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب أهل الزكاة

-

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

- ‌باب ما يكره ويستحب، وحكم القضاء

- ‌باب صوم التطوع

- ‌كتاب الاعتكاف

-

- ‌كتاب المناسك

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام

- ‌باب محظورات الإحرام

- ‌باب الفدية

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب صيد الحرم

- ‌باب دخول مكة

- ‌باب صفة الحج

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحي

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب ما يلزم الإمام والجيش

- ‌باب قسمة الغنائم

- ‌باب حكم الأرضين المغصوبة

- ‌باب الفيئ

- ‌باب الأمان

- ‌باب الهدنة

- ‌باب عقد الذمة

- ‌باب أحكام الذمة

- ‌كاب البيع

- ‌باب الضمان

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الصلح

-

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الخيار

- ‌باب الربا والصرف

- ‌باب بيع الأصو ول الأثمان

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

-

- ‌كتاب الحجر

- ‌باب الوكالة

-

- ‌كتاب الشركة

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإجارة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب احياء الموت

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

-

- ‌كتاب الوقف

- ‌باب الهبة والعطية

-

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصى له

- ‌باب الموصى به

- ‌باب الموصى إليه

-

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب أركان النكاح وشروطه

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌باب حكم العيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

-

- ‌كتاب الصداق

- ‌باب الوليمة

- ‌باب عشرة النساء

- ‌كتاب الخلع

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب سنية الطلاق وبدعيته

- ‌باب صريح الطلاق وكنايته

- ‌باب الرجعة

- ‌كتاب العدد

- ‌كتاب الرضاع

-

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب من أحق بكفالة الطفل

- ‌كتاب الجنايات

-

- ‌كتاب الديات

- ‌باب القسامة

- ‌باب الحدود

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد المحاربين

- ‌باب قتال أهل البغي

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذكاة

- ‌كتاب الصيد

-

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

-

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب أدب القاضي

- ‌باب طرق الحكم وصفته

- ‌باب حكم كتاب القاضي إلى القضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعوات والبينات

- ‌باب تعارض البيّنتين

-

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب شروط من تقبل شهاداته

-

- ‌كتاب الإقرار

- ‌باب ما يحصل به الإقرار

- ‌باب الإقرار بالمجمل

الفصل: ‌باب المحرمات في النكاح

‌باب المحرمات في النكاح

وهن ضربان: محرمات على الأبد، وهن أربعة أقسام:

أحدها: المحرمات بالنسب: وهن سبع: فأما الأمهات فهن كل من انتسب إليها بولادة. والبنات كل أنثى انتسبت إليك بولادة. والأخوات من الجهات الثلاث. والعمات أخوات الأب من الجهات الثلاث. والخالات أخوات الأم من الجهات الثلاث. وأخوات الجدات وإن علون. وبنات الأخ كل من انتسب إليه بولادة من أي جهة كان الأخ. وبنات الأخت كذلك أيضاً.

الثاني: المحرمات بالرضاع، فيحرم به ما يحرم بالنسب سواء.

الثالث: تحريم المصاهرة وهن أربع:

الأولى: أمهات النساء، فمن تزوج امرأة حرُم عليه كل أم لها، من نسب أو رضاع، بمجرد العقد؛ وهو قول أكثر أهل العلم. وحكي عن علي:"أنها لا تحرم إلا بالدخول كابنتها"، وقال زيد:"تحرم بالدخول أو بالموت". ولنا: قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} ، 1 قال ابن عباس:" أبهموا ما أبهم القرآن".

الثانية: حلائل الآباء، فتحرم على الرجل امرأة أبيه من نسب أو رضاع، ومن وطئها بملك يمين أو شبهة. قال ابن المنذر: الملك في هذا والرضاع

1 سورة النساء آية: 23.

ص: 652

بمنزلة النسب، وممن حفظنا ذلك عنه: عطاء وطاووس وغيرهم، ولا نحفظ عن أحد خلافهم.

الثالثة: حلائل الأبناء من نسب أو رضاع، لا نعلم فيه خلافاً. ولا تحرم بناتهن، لقوله:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} 1.

الرابعة: بنات النساء اللاتي دخل بهن، وهن الربائب من نسب أو رضاع، سواء كانت في حجره أو لم تكن؛ إلا أنه روي عن عمر وعلي:"أنهما رخصا فيها إذا لم تكن في حجره"، وهو قول داود. وقال ابن المنذر: أجمع علماء الأمصار على خلافه. فإن متن قبل الدخول، فهل تحرم بناتهن؟ على روايتين: إحداهما: تحرم، وبه قال زيد. والثانية: لا تحرم، وهو قول عامة العلماء؛ وحكاه ابن المنذر إجماعاً، لقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ} ، 2 وهذا نص لا يترك بقياس ضعيف. والدخول بها: وطؤها. فإن خلا بها ولم يطأ لم تحرم ابنتها، لأنها غير مدخول بها. ويثبت تحريم المصاهرة بالوطء الحلال والحرام. ولو وطئ أم امرأته حرمت عليه امرأته. وعن ابن عباس:"إن وطء الحرام لا يحرِّم"، وبه قال ابن المسيب وعروة والزهري ومالك والشافعي. والوطء ثلاثة:

الأول: مباح، وهو [الوطء] 3 في نكاح صحيح أو ملك يمين، فيتعلق به التحريم إجماعاً.

الثاني: الوطء بالشبهة، وهو الوطء في نكاح فاسد، أو شراء فاسد، أو وطء

1 سورة النساء آية: 24.

2 سورة النساء آية: 23.

3 زيادة في المخطوطة.

ص: 653

من ظنها امرأته أو أمة له فيها شرك، وأشباه هذا، فيتعلق به التحريم كالمباح إجماعاً، ولا يصير به الرجل محرماً لمن حرمت عليه.

الثالث: الحرام المحض، وهو الزنى. وإن باشر امرأة، أو نظر إلى فرجها، أو خلا بها لشهوة، فعلى روايتين: إذا باشر فيما دون الفرج لغير شهوة لم ينشر الحرمة بغير خلاف، وإن كان لشهوة وكان في أجنبية لم ينشر الحرمة أيضاً. وإن كان لامرأة محللة له كامرأته ومملوكته لم تحرم عليه ابنتها.، وأما تحريم أمها وتحريمها على أبيه وابنه، فإنها في النكاح تحرم بمجرد العقد قبل المباشرة، فلا يظهر للمباشرة أثر. وأما الأمة فمتى باشرها دون الفرج لشهوة، هل يثبت تحريم المصاهرة؟ فيه روايتان. ومن نظر إلى فرج امرأة لشهوة، فهو كلمسها لشهوة فيه، روايتان: إحداهما: ينشر. روي عن عمر وابنه، فيمن يشتري الخادم ثم يجردها أو يقبّلها:"لا يحل لابنه وطؤها"، لما روي عن ابن مسعود، مرفوعاً:"من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها وبنتها". والثانية: لا يتعلق به التحريم، وهو قول أكثر أهل العلم، والخبر ضعيف. ثم يحتمل أنه كني به عن الوطء. والصحيح: أن الخلوة لا تنشر الحرمة. وروي عن أحمد: إذا خلا بها وجب الصداق والعدَّة، ولا تحل له أمها وابنتها. قال القاضي: محمول على أنه حصل معها مباشرة، وأما مع خلوه من ذلك فلا يؤثر، لمخالفة قوله:{فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} 1.

الرابع: الملاعنة.

الضرب الثاني: المحرمات إلى أمد. وهن نوعان:

1 سورة النساء آية: 23.

ص: 654

(أحدهما) : المحرمات للجمع: فيحرم الجمع بين الأختين من نسب أو رضاع، وبين المرأة وعمتها [أو خالتها]، 1 حكاه ابن المنذر إجماعاً. وبلغنا: أن رجلين من الخوارج أتيا عمر بن عبد العزيز، فكان مما أنكرا: الرجم، والجمع بين المرأة وعمتها. فقال: كم فرض الله عليكم من الصلاة؟ قالا: خمساً، وسأل عن عدد ركعاتها فأخبراه. قال: وأين تجدان ذلك في كتاب الله؟ قالا: لا نجده. قال: فمن أين صرتما إليه؟ قالا: فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده، قال: فكذلك هذا. ولا يحرم الجمع بين ابنتي العم وابنتي الخال، في قول عامة أهل العلم. [وفي الكراهة روايتان، ولا بأس بالجمع بين من كانت امرأة لرجل وابنته من غيرها] . 2 وكرهه الحسن. ولو كان لرجل ابن من غير زوجته، ولها بنت من غيره، أو له بنت ولها ابن، جاز تزويج أحدهما من الآخر. وحكي عن طاووس كراهته إذا كان ممن ولدته المرأة بعد وطء الزوج لها؛ والأول أولى لعموم الآية. وأجمعوا على أن الحر لا يزيد على أربع لقوله لغيلان:"أمسك أربعة وفارق سائرهن ". 3 والآية أريد بها التخيير بين اثنتين وثلاث وأربع، كقوله:{أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ، 4 ومن قال غير ذلك فقد جهل العربية. و"ليس للعبد أن يزيد على اثنتين"، وهو قول عمر وعلي، وقال القاسم وسالم: له أربع، لعموم الآية. ولنا: أنه قول مَن سمّينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعاً، والآية فيها ما يدل على إرادة الأحرار، لقوله:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 5.

ويحرم الجمع بين المرأة

1 زيادة من المخطوطة.

2 زيادة من المخطوطة.

3 الترمذي: النكاح (1128)، وابن ماجة: النكاح (1953) ، وأحمد (2/13، 2/14، 2/44)، ومالك: الطلاق (1243) .

4 سورة فاطر آية: 1.

5 سورة النساء آية: 3.

ص: 655

وعمتها وخالتها، فإن طلق رجعياً فالتحريم باق، وإن كان بائناً أو فسخاً فكذلك. وقال مالك والشافعي وابن المنذر: لا يحرم، لأن المحرم الجمع بينهما بالنكاح، لقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} ، 1 أي: نكاحهن، {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} 2 معطوف عليه، والبائن ليست في نكاحه.

(النوع الثاني) : محرمات لعارض يزول، كزوجة غيره، والمعتدة منه، والمستبرأة منه. وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها، وقال الثلاثة: لا تشترط التوبة. ولنا: قوله: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} . 3 والتوبة: الندم والاستغفار والإقلاع كسائر الذنوب. وعن ابن عمر: "أنه سئل: كيف تعرف توبتها؟ قال: يراودها، فإن أبت فقد تابت"، فصار أحمد إلى قوله. والصحيح: الأول، فإنه لا ينبغي لمسلم أن يدعو امرأة إلى الزنى. وتحل للزاني وغيره، في قول الأكثر، وعن ابن مسعود: لا تحل للزاني، ولعله أراد قبل التوبة، وإلا لم يصح، لقوله:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} . 4 فإن زنت امرأة رجل أو زنى زوجها، لم ينفسخ النكاح، في قول عامة أهل العلم. وعن جابر:"إذا زنت، فرّق بينهما". وعن علي: "أنه فرّق بين رجل وامرأته، زنى قبل أن يدخل بها". وإذا علم من امرأته الفجور، فقال أحمد لا يطؤها لعلها تلحق به ولداً ليس منه. وكان ابن المسيب ينهى أن يطأ الرجل امرأته وفيها جنين لغيره. قال ابن عبد البر: هذا مجمع على تحريمه. و"كان ابن عباس يرخص في وطء الأمة الفاجرة"، ولعل من كرهه كرهه قبل الاستبراء، أو إذا لم يحصنها ويمنعها من الفجور. ولا يحل نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب، نكاح

1 سورة النساء آية: 23.

2 سورة النساء آية: 23.

3 سورة النور آية: 3.

4 سورة النساء آية: 24.

ص: 656

الكتابيات حلال إجماعاً، قال ابن المنذر لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرمه. وأهل الكتاب أهل التوراة والإنجيل، فأما من سواهم من المتمسك بصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فليسوا أهل كتاب. وذكر القاضي وجهاً: أنهم أهل كتاب. ولنا: قوله تعالى {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} . 1 فأما المجوس فلا تحل ذبائحهم، ولا نكاح نسائهم، وهو قول عامة العلماء، إلا أبا ثور، فإنه أباح ذلك، لقوله:"سنّوا بهم سنة أهل الكتاب". 2 ولنا: قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} ، 3 {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} . 4 وقوله:"سنّوا بهم سنة أهل الكتاب" دليل على أنهم لا كتاب لهم، وإنما أراد في حقن دمائهم وإقرارهم بالجزية. وضعف أحمد رواية من روى عن حذيفة:"أنه تزوج مجوسية، وكان أبو وائل يقول: يهودية"، وهو أوثق. ولا يحل لحر نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف العنت، ولا يجد طولاً لنكاح حرة، ولا ثمن أمة؛ والصبر مع ذلك أفضل. وحكى ابن المنذر الإجماع على أن نكاح المرأة عبدها باطل.

ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":

النكاح: حقيقة في العقد، مجاز في الوطء، وقيل: حقيقة فيهما، فيحتمل أن هذا يراد به الاشتراك. الفرق بين الاشتراك والتواطؤ: أن الاشتراك يقال على كل واحد منهما بانفراده حقيقة مع اختلاف الحقائق، والتواطؤ

1 سورة الأنعام آية: 156.

2 مالك: الزكاة (617) .

3 سورة البقرة آية: 221.

4 سورة الممتحنة آية: 10.

ص: 657

يقال على كل واحد منهما حقيقة بانفراده مع اتفاق الحقائق. وقال الشيخ: هو في الإثبات لهما وفي النهي لكل منهما، بناء على أنه إذا نهي عن شيء نهي عن بعضه، والأمر به أمر بكل، في الكتاب والسنة والكلام. فإذا قيل مثلاً: انكح ابنة عمك، فالمراد العقد والوطء. وإذا قيل: لا تنكحها، تناول كل واحد منهما.

والمعقود عليه في النكاح: المنفعة، وقيل بل: الازدواج كالمشاركة؛ ولهذا فرق الله سبحانه بين الأزواج وملك اليمين، وإليه ميل الشيخ. وهل يكتفى عنه بالتسري؟ فيه وجهان، ويشهد لسقوطه به، قوله تعالى:{فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 1.

وقال الشيخ: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ روي عن أحمد: يكره ولا يحرم، وهو مذهب الشافعي، وقال: من كرر النظر إلى الأمرد وقال: إني لا أنظر لشهوة، فقد كذب. فإن خاف ثوران الشهوة، فاختار الشيخ التحريم.

قوله: ولا يجوز النظر إلى أحد ممن ذكرنا بشهوة، بلا نزاع، قال الشيخ: من استحله كفر إجماعاً. ولمس من تقدم ذكره كالنظر إليه، بل هو أولى بالمنع، قاله الشيخ.

وقال: ينعقد بما عدّه الناس نكاحاً، بأي لغة ولفظ وفعل، قال: ومثله كل عقد، وقال: والشرط بين الناس ماعدوه شرطاً؛ فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع، وتارة باللغة، وتارة بالعرف، وكذلك العقود. ولم ينقل عن أحمد أنه خص بلفظ إنكاح أو تزويج. وأول من قاله من أصحابه فيما علمت: ابن حامد وتبعه عليه القاضي ومن جاء بعده بسبب انتشار كتبه وكثرة أصحابه وأتباعه.

والبكر البالغة للأب إجبارها، وعنه: لا، اختاره الشيخ، واختار أن الجد

1 سورة النساء آية: 3.

ص: 658

يجبر كالأب. وليس لغير الأب من الأولياء تزويج صغيرة، وعنه: لهم ذلك، ولها الخيار إذا بلغت ولو قبل تسع سنين؛ فعليها، يفيد الحل والإرث وبقية أحكام النكاح.

واشترط في المحرر: الرشد في الولي، قال الشيخ: الرشد هنا: المعرفة بالكفء، ومصالح النكاح، ليس هو حفظ المال؛ فإِن رشد كل مقام بحسبه. وإن عضل الأقرب زوّج الأبعد، قال: الشيخ مِن صور العضل: إذا امتنع الخطاب من خطبتها لشدة الولي، وإن غاب غيبة لا تقطع إلا بكلفة، وقيل: ما تستضر به الزوجة، قلت: وهو الصواب. وقيل: ما يفوت به كفء راغب.

ومن تعذر مراجعته كالمحبوس فكغائب. ولو لم يعلم أقريب الولي أم بعيد، فقال في المغني: يزوج الأبعد، وكذلك إذا علم أنه قريب ولكن لا يعلم مكانه، قال الشيخ: وكذلك لو كان مجهولاً لا يعلم أنه عصبة ثم عرف بعد العقد.

واختار أن النسب لا اعتبار به في الكفاءة، واستدل بقوله:{يَا أَيُّهَا {النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الآية. 1 وقال: من قال إن الهاشمية لا تزوج بغير هاشمي، بمعنى: أنه لا يجوز ذلك فهذا مارق من دين الإسلام، إذ "قصة تزويج الهاشميات من بنات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن بغير الهاشميين ثابت في السنة ثبوتاً لا يخفى"، فلا يجوز أن يحكى هذا خلافاً في مذهب أحمد، وليس في لفظه ما يدل عليه.

ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. واختار الشيخ أنه لا يثبت تحريم المصاهرة، فلا يحرم نكاح أم زوجته وابنتها من الرضاع، ولا على المرأة نكاح أبي زوجها وابنه من الرضاع، وقال: لا أعلم نزاعاً أنها لا تحرم زوجة

1 سورة الحجرات آية: 13.

ص: 659

ربيبه.

وقال: الوطء الحرام لا ينشر تحريم المصاهرة، واعتبر في موضع آخر التوبة حتى في اللواط. وقال: إن وطئ بنته غلطاً لا ينشر، لكونه لم يتخذها زوجة ولم يعلن نكاحاً.

وقال: إن قتله ليتزوج امرأته لم تحل له أبداً. وقال: من خبّب امرأة على زوجها حتى طُلقت ثم تزوجها، يعاقب عقوبة بليغة، والنكاح باطل في أحد قولي العلماء ويجب التفريق فيه.

ولم يحرم الجمع بين الأختين من الرضاع. واختار جواز وطء إماء غير أهل الكتاب، وذكره ابن أبي شيبة عن ابن المسيب وعطاء وغيرهما، فلا يصح ادعاء الإجماع.

ص: 660