الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الديات
أجمعوا على أن دية العمد في مال القاتل، وإن كان شبه عمد أو خطأ أو ما جرى مجراه، فعلى العاقلة.
وأما الكفارة، ففي مال القاتل لا يدخلها تحمل. ولا يلزم القاتل شيء من دية الخطإ. ولو شهر سيفاً في وجه إنسان، أو أدلاه من شاهق فمات روعة أو ذهب عقله، فعليه ديته. وإن صاح بصبي أو مجنون صيحة شديدة فخرّ من سطح أو نحوه فمات أو ذهب عقله، أو تغفل عاقل فصاح به، فعليه ديته تحملها العاقلة. ومن اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات، ضمنه. ومن أدّب ولده أو امرأته، أو المعلم صبيه، أو السلطان رعيته، ولم يسرف فتلف، لم يضمن. وإن أمر إنساناً أن يصعد شجرة أو ينزل بئراً فهلك، لم يضمنه.
ولا خلاف أن الإبل أصول في الدية، وأن دية الحر المسلم: مائة. ولا يختلف المذهب أن أصولها: الإبل والذهب والورق والبقر والغنم. فمن الإبل: مائة، ومن البقر: مائتان، ومن الغنم: ألفا شاة، أو ألف مثقال، أو اثنا عشر ألف درهم.
فإن كان القتل عمداً وشبهه، وجبت أرباعاً: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون
جذعة. وعنه: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها. وإن كانت خطأ وجبت أخماساً.
وأجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل، ودية الجنين الحر المسلم إذا سقط ميتاً من الضربة غرة عبد أو أمة قيمته: خمس من الإبل. وإن سقط حياً ثم مات فديته دية حر إذا كان لستة أشهر، فإن كان لدونها فغرة. وإن شربت الحامل دواء فألقت جنيناً، فعليها غرة لا ترث منها، بغير خلاف. وإن جنى على بهيمة فألقت جنينها، ففيه ما في نقصها. وإن جنى العبد خطأ، خيّر سيده بين فدائه بالأقل من قيمته، أو أرش جنايته، أو تسليمه ليباع في الجناية.
والشجاج عشر: خمس لا توقيت فيها: أولها: الحارصة وهي: التي تشق الجلد قليلاً ولا تظهر دماً. ثم البازلة: التي يسيل منها الدم. ثم الباضعة: التي تشق اللحم بعد الجلد. ثم المتلاحمة: التي تأخذ في اللحم دخولاً كثيراً. ثم السمحاق: التي تصل إلى قشرة رقيقة فوق العظم. فلم يرد فيها توقيت، فالواجب الحكومة كجراحات البدن.
وخمس فيها مقدر: أولها: الموضحة: التي توضح العظم أي: تبرزه، ففيها: خمس من الإبل. ثم الهاشمة: التي تهشم العظم، ففيها: عشر من الإبل. ثم المنقلة وهي: التي توضح وتهشم وتزيل العظام عن مواضعها، فتحتاج إلى نقل العظم ليلتئم، ففيها: خمسة عشر. ثم المأمومة: التي تصل إلى جلدة الدماغ، ففيها: ثلث الدية. وفي الجائفة: ثلث الدية، وهي: التي تصل إلى باطن الجوف.
والحكومة: أن يقوّم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثمَّ يقوّم وهي به قد برئت، فما نقص منه فله مثله من الدية؛ ولا نعلم خلافاً أن هذا تفسير
الحكومة. ولا يقوّم إلا بعد برء الجرح، فإن لم ينقص في تلك الحال قوّم حال جريان الدم.
والعاقلة: العصبات من النسب، قريبهم وبعيدهم إلا عمودي نسبه. وعنه: أنهم منهم، سموا:"العاقلة"، لأنهم يمنعون عنه، والعقل: المنع. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة والذي لم يبلغ لا يعقلان، وأن الفقير لا يلزمه شيء. وخطأ الإمام والحاكم في أحكامه في بيت المال، وعنه: على عاقلته، لحديث عمر. ومن لا عاقلة له، فهل تجب في بيت المال؟ على روايتين.
"ولا تحمل العاقلة عمداً، ولا عبداً، ولا صلحاً، ولا اعترافاً"، قاله ابن عباس، ولم يعرف له مخالف من الصحابة. ولا تحمل ما دون ثلث الدية. وما يحمله كل واحد منهم غير مقدر، فيرجع إلى اجتهاد الحاكم، فيحمل كل إنسان ما يسهل. وعمد الصبي والمجنون تحمله العاقلة، وعنه: أن الصبي العاقل عمده في ماله.