الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب عقد الذمة
لا تجوز إلا من الإمام أو نائبه، لا نعلم فيه خلافاً، والأصل فيه وفي إخراج الجزية: الكتاب والسنة والإجماع، كقوله:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} الآية، 1 وقول المغيرة يوم نهاوند:"أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله، أو تؤدوا الجزية". 2 رواه البخاري. وحديث بريدة، مرفوعاً:"ادعُهم إلى إحدى ثلاث خصال". 3 رواه مسلم. وأجمعوا على جواز أخذ الجزية في الجملة. ولا يجوز عقدها إلا لأهل الكتاب، ومن له شبهة كتاب؛ فأهل الكتاب: اليهود والنصارى ومن دان بدينهم، كالسامرة يدينون بشريعة موسى وإنما خالفوهم في فروع دينه، وفِرَق النصارى من اليعقوبية والنسطورية والملكية والإفرنج والروم والأرمن وغيرهم ممن انتسب إلى شريعة عيسى، وما عداهم ليس أهل كتاب لقوله:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} الآية 4.
فأما أهل صحف إبراهيم وشيث وزبور داود، فلا تقبل منهم، لأنهم من غير الطائفتين، ولأن هذه الصحف ليس فيها شرائع، إنما هي مواعظ. وأما الذين لهم شبهة كتاب، فهم المجوس، هذا قول الأكثر. وعن أبي ثور: أنهم من أهل الكتاب، وتحل ذبائحهم ونساؤهم، وهو خلاف الإجماع. وما روي عن عليّ:"أن لهم كتاباً ورُفع، وأنّ ملِكهم قال: إن آدم أنكح بنيه بناته، فأنا على دينه"، فقال أبو عبيد: لا أحسبه محفوظاً.
1 سورة التوبة آية: 29.
2 البخاري: الجزية (3160) .
3 مسلم: الجهاد والسير (1731)، والترمذي: السير (1617)، وأبو داود: الجهاد (2612)، وابن ماجة: الجهاد (2858) ، وأحمد (5/352، 5/358)، والدارمي: السير (2442) .
4 سورة الأنعام آية: 156.
إذا ثبت هذا، فإن أخذها من أهل الكتاب والمجوس إذا لم يكونوا من العرب، ثابت بالإجماع؛ فإن الصحابة أجمعوا على ذلك. فإن كانوا من العرب، فحكمهم حكم العجم. وقال أبو يوسف: لا تؤخذ من العرب، لشرفهم بالنبي صلى الله عليه وسلم. ولنا: عموم الآية، و"بعْثه خالداً إلى أكيدر دومة، فصالحه على الجزية؛ وهو من العرب. وأخذَها من نصارى نجران؛ وهم من العرب"، ولأنه إجماع، فـ"إن عمر أخذها من بني تغلب"، فلم ينكر وكان إجماعاً. فأما غيرهم فلا يقبل منهم إلا الإسلام. وعنه: تقبل من جميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب، لحديث بريدة، وعن مالك: تقبل من الجميع، إلا مشركي قريش. وعن الأوزاعي: تقبل من جميعهم، لحديث بريدة. ولنا: قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية، 1وقوله: "أُمرت أن أقاتل الناس
…
" 2 الحديث، وهذا عام خص منه ما ذكرنا.
ولا يجوز عقد الذمة المؤبدة إلا بشرطين: أحدهما: التزام إعطاء الجزية في كل حول. الثاني: التزام أحكام الإسلام، وهو قبول ما يحكم به عليهم من أداء حق وترك محرم، لقوله تعالى:{وَهُمْ صَاغِرُونَ} . 3 والصابيء إذا انتسب إلى أحد الكتابين فهو من أهله، وإلا فلا. ولا نعلم خلافاً أنها لا تجب على الصبي والمرأة، ولا زائل العقل.
1 سورة التوبة آية: 5.
2 صحيح البخاري: كتاب الصلاة (393) وكتاب الزكاة (1400) وكتاب الجهاد والسير (2946) وكتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6924) وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (7285)، وصحيح مسلم: كتاب الإيمان (20، 21)، وسنن الترمذي: كتاب الإيمان (2606، 2607) وكتاب تفسير القرآن (3341)، وسنن النسائي: كتاب الزكاة (2443) وكتاب الجهاد (3090، 3091، 3092، 3093، 3095) وكتاب تحريم الدم (3970، 3971، 3972، 3973، 3974، 3975، 3976، 3977، 3979، 3982)، وسنن أبي داود: كتاب الزكاة (1556) وكتاب الجهاد (2640) وكتاب الجنائز (3194)، وسنن ابن ماجة: كتاب الفتن (3927، 3928، 3929) ، ومسند أحمد (1/11، 1/19 ،1/35، 1/47، 2/314، 2/377، 2/423، 2/439، 2/475، 2/482، 2/502، 2/527، 2/528، 3/295، 3/300، 3/332، 3/339 ، 3/394، 4/8)، وسنن الدارمي: كتاب السير (2446) .
3 سورة التوبة آية: 29.