الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب نكاح الكفار
تتعلق بأنكحتهم أحكام النكاج الصحيح، من وقوع الطلاق والظهار والإباحة للزوج الأول والإحصان وغير ذلك. ولم يجوّز مالك طلاق الكفار، ويقرّون على الأنكحة المحرمة ما اعتقدوا حلها ولم يرتفعوا إلينا، "لأنه صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر، ولم يتعرض لهم في أنكحتهم". وعن أحمد في مجوسي تزوج كتابية أو اشترى نصرانية قال: يحال بينه وبينها، فيخرج منه، أنهم لا يقرون على نكاح المحارم. فـ"إن عمر كتب أن فرّقوا بين كل ذي رحم من المجوس". وإن أسلموا وترافعوا إلينا في ابتداء العقد لم نمضه إلا على الوجه الصحيح، وإن كان في أثنائه لم نتعرض لكيفية عقدهم.
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن الزوجين إذا أسلما معاً في حال واحدة، أن لهما المقام على نكاحهما ما لم يكن بينهما نسب أو رضاع. وإن كان المهر مسمى صحيحاً أو فاسداً أو قبضته استقر، وإن كان فاسداً لم تقبضه فمهر المثل. وإن أسلمت الكتابية قبله وقبل الدخول، تعجلت الفرقة سواء، كان زوجها كتابياً أو غير كتابي، حكاه ابن المنذر إجماعاً. وإن أسلم أحدهما بعد الدخول، وقف الأمر إلى انقضاء العدة، فإن أسلم الثاني قبل انقضائها فهما على نكاحهما، وإلا تبيّنّا أن الفرقة وقعت من حين أسلم الأول؛
فلا تستأنف عدة. وعن الحسن وغيره: تتعجل الفرقة كما قبل الدخول، ونصره ابن المنذر. ولنا:"أن امرأة صفوان وامرأة عكرمة أسلمتا قبلهما، فبقوا على النكاح الأول. وأسلم أبو سفيان قبل هند، وأسلم أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية بالأبواء، ولم يعلم أنه فرّق بين أحد وبين امرأته". فإن لم يسلم أحدهما حتى انقضت العدة، انفسخ النكاح. قال ابن عبد البر: لم يختلفوا فيه إلا شيء روي فيه عن النخعي شذّ فيه، وزعم أنها تردّ إلى زوجها وإن طالت المدة، "لأنه صلى الله عليه وسلم ردَّ زينب على أبي العاص بالنكاح الأول". رواه أبو داود، واحتج به أحمد. قيل له: أليس يروى أنه ردَّها بنكاح مستأنف؟ قال: ليس لذلك أصل، قيل: إن بين إسلامها وردِّها إليه ثمان سنين. وفي حديث عمرو بن شعيب: "أنه ردها بنكاح جديد"، قال يزيد بن هارون: حديث ابن عباس أجود إسناداً، والعمل على حديث عمرو بن شعيب.
وإن ارتد أحدهما قبل الدخول، انفسخ النكاح، ولا مهر لها إن كانت المرتدة، وإن كان هو فلها نصفه. وحكي عن داود: لا ينفسخ النكاح بالردة، فإن كانت بعد الدخول فهل تعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة؟ على روايتين. وإن ارتدا معاً فكما لو ارتد أحدهما. وإن أسلم وتحته أكثر من أربع، اختار منهن أربعاً.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
قال الشيخ: الصواب أن أنكحتهم المحرمة في دين الإسلام حرام مطلقاً، فإذا لم يسلموا عوقبوا عليها، وإن أسلموا عفي عنها لعدم اعتقادهم تحريمه. وأما الصحة والفساد فالصواب: أنها صحيحة من وجه، فاسدة من وجه. فإن
أريد بالصحة: إباحة التصرف، فإنما يباح لهم بشرط الإسلام. وإن أريد: نفوذه وترتب أحكام الزوجية عليه من حصول الحل به للمطلق ثلاثاً ووقوع الطلاق وحصول الإحصان به، فصحيح. وهذا مما يقوي طريقة من فرّق بين التحريم لعين المرأة أو لوصف، لأن ترتيب هذه الأحكام على نكاح المحارم بعيد.
وإن أسلم أحدهما بعد الدخول، وقف الأمر على انقضاء العدة، واختار الشيخ فيما إذا أسلمت قبله: بقاء نكاحه قبل الدخول وبعده، ما لم تنكح غيره؛ والأمر إليها ولا حكم له عليها ولا حق عليه. وكذا إن أسلم قبلها، وليس له حبسها. وأنها متى أسلمت ولو قبل الدخول وبعد العدة، فهي امرأته إن اختار، وقال فيما إذا ارتد أحدهما.