الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب جزاء الصيد
وهو ضربان:
(أحدهما) : ما له مثل من النَّعم، فيجب مثله. وهو نوعان:
أحدهما: ما قضت فيه الصحابة، ففيه ما قضت، وهو قول الأكثر. وقال أبو حنيفة: تجب القيمة، ويجوز صرفها إلى المثل، لأن الصيد ليس بمثليّ. ولنا: الآية، "وجعل النبي صلى الله عليه وسلم في الضبع كبشاً"، وأجمع الصحابة على المثل. فقال عمر وعلي وغيرهما:"في النعامة بدنة، وحكما في الظبي بشاة، وحكم عمر في حمار الوحش ببقرة، وحكموا في الحمامة بشاة"، وهي التي لا تبلغ قيمتها. وما قضت فيه الصحابة يجب فيه ما قضت به، وبه قال الشافعي. وقال مالك: يستأنف الحكم، لقوله:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} . 1 ولنا: حكم الصحابة، فالذي بلغنا عنهم في النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وعنه: بدنة.
وروي عن أبي عبيدة وابن عباس: "وفي بقرة الوحش بقرة، والأيل فيه بقرة، قاله ابن عباس. والأروى فيها بقرة، قاله ابن عمر. وفي الضبع كبش، وفي الغزال شاة، وفي الأرنب عناق، قضى بذلك عمر. واليربوع جفرة، وفي الضب جدي، قضى به عمر وزيد. وعنه: شاة، لأنه قول جابر وعطاء"، والأول أولى. وقال عمرو بن دينار:
1سورة المائدة آية: 95.
ما سمعنا أن الضب واليربوع يوديان، واتباع الآثار أولى. والجفرة: التي لها أربعة أشهر من المعز وقيل التي فطمت ورعت، وفي الحمام شاة.
الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة، فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة، يحكمان فيه بأشبه الأشياء به من النعم. ويجب في كل واحد من الصغير والكبير والصحيح والمعيب مثله. وقال مالك: لا يجزئ إلا كبيراً صحيحاً، لقوله:{هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} . 1 ولنا: أنه مقيد في الآية بالمثل، و"قد أجمع الصحابة على إيجاب ما لا يصلح هدياً، كالجفرة".
(الضرب الثاني) : ما لا مثل له، وهو سائر الطير، فيجب فيه قيمته، إلا ما كان أكبر من الحمام، فهل تجب القيمة أو شاة؟ ولا خلاف في وجوب ضمان الصيد من الطير، إلا ما حكى عن داود: ما كان أصغر من الحمام لا يضمن، لأن الله قال:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} . 2 ولنا: عموم قوله: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} الآية. 3 وقد قيل في قوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} : 4 يعني: الفرخ والبيض وما لا يقدر أن يفر، {وَرِمَاحُكُمْ} : 5 يعني: الكبار. و"حكم عمر في الجراد بجزاء"، ودلالة الآية على وجوب جزاء غيره لا يمنع من الجزاء في هذا بدليل آخر. وما كان أكبر من الحمام، فعن ابن عباس:"فيه شاة"، وقيل: قيمته، وهو مذهب الشافعي. وكلما قتل صيداً حكم عليه، وعنه:"لا يجب إلا في المرة الأولى". وروي عن ابن عباس، وبه قال الحسن
1سورة المائدة آية: 95.
2سورة المائدة آية: 95.
3سورة المائدة آية: 95.
4سورة المائدة آية: 94.
5سورة المائدة آية: 94.
وشريح وغيرهم. ولنا: أنها لا تمنع الوجوب، بدليل قوله:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} الآية. 1 وقد ثبت أن العائد لو انتهى كان له ما سلف، وأمره إلى الله. قال أحمد: إذا قتل القارن صيداً فعليه جزاء واحد، وهؤلاء يقولون: جزاءان، فيلزمهم أن يقولوا: في صيد الحرم ثلاثة.
1سورة البقرة آية: 275.