الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يكره ويستحب، وحكم القضاء
يكره للصائم أن يجمع ريقه فيبتلعه، وإذا بلع ريق غيره أفطر؛ فإن قيل:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل عائشة وهو صائم، ويمص لسانها"، قيل: قال أبو داود: ليس إسناده صحيحاً، ويجوز أن يقبلها في الصوم، ويمص لسانها في غيره.
وإذا ابتلع النخامة، فنقل حنبل: يفطر، ونقل المروذي: لا يفطر. قال أحمد: أحب إلي أن يجتنب ذوق الطعام، فإن فعل لم يضره، لقول ابن عباس:"لا بأس بذوق الطعام والخل، والشيء يريد شراءه"، والحسن كان يمضغ الجوز لابن ابنه وهو صائم. والمنقول عن أحمد: كراهة مضغ العلك. "ورخصت فيه عائشة".
وتكره القبلة إلا لمن لا تحرك شهوته. و"إن شُتم استحب أن يقول: "إني صائم""، للحديث.
ويستحب تعجيل الإفطار وتأخير السحور، ولا نعلم خلافاً في استحباب السحور.
ويستحب أن يفطر على رطبات، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم يكن فعلى الماء. ولا نعلم خلافاً في استحباب التتابع في قضاء صوم رمضان، وحكي وجوبه عن النخعي والشعبي. وإذا تأخر القضاء حتى أدركه رمضان آخر، فليس عليه إلا القضاء، لعموم الآية. و"إن كان لغير عذر، فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم"، يروى عن ابن عباس وابن عمر، وقال الحسن:
لا فدية عليه. ولنا: أنه قول مَن سمّينا من الصحابة، ولم يرو عن غيرهم خلافهم.
ومن مات وعليه صيام قبل إمكان الصيام، إما لضيق وقت أو مرض أو سفر، فلا شيء عليه، في قول أكثر أهل العلم. و"إن أخّره لغير عذر مع إمكان القضاء فمات، أطعم عنه لكل يوم مسكيناً"؛ وهذا قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن عائشة وابن عباس، وبه قال مالك والأوزاعي والثوري والشافعي. وقال أبو ثور: يصام عنه، وهو قول الشافعي، لحديث:"من مات وعليه صيام، صام عنه وليّه". 1 ولنا: أنه قول ابن عمر وابن عباس وعائشة، وهي راوية الحديث، والحديث في النذر.
واختلفت الرواية في جواز التطوع بالصوم ممن عليه صوم فرض، وفي كراهة القضاء في عشر ذي الحجة، ومن مات وعليه صوم منذور أو حج أو اعتكاف فعله عنه وليه، وإن كان صلاة منذورة فعلى روايتين. وقال مالك والثوري: يطعم عنه وليه. ولنا: الأحاديث وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بالاتباع، وفيها غنى عن كل قول. ولا يختص بالولي، بل كل من قضى عنه أو صام عنه أجزأه.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
قوله: فإن شُتم استحب أن يقول: "إني صائم"، يحتمل أن يقوله مع نفسه، ويحتمل أن يكون جهراً، اختاره الشيخ. ومن فطر صائماً، فله مثل أجره، قال الشيخ: المراد إشباعه.
واختار أن من أفطر متعمداً بلا عذر لا يقضي، وكذلك الصلاة، وقال: وليس في الأدلة ما يخالف هذا. وقال في المستوعب: يصح أن يفعل عنه كل ما عليه من نذر طاعة، إلا الصلاة فعلى روايتين. وقال المجد: قصة سعد تدل على أن كل نذر يقضى، وترجم عليه في المنتقى: يقضى كل المنذورات عن الميت، ولا كفارة مع الصوم عنه أو الإطعام. واختار الشيخ أن الصوم بدل مجزئ بلا كفارة.
1 البخاري: الصوم (1952)، ومسلم: الصيام (1147)، وأبو داود: الصوم (2400) والأيمان والنذور (3311) ، وأحمد (6/69) .