الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب عشرة النساء
يلزم كلاً منهما معاشرة الآخر بالمعروف، ولا يمطله بحقه، ولا يظهر الكراهة لبذله، لقوله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ، 1 وقوله:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} . 2 وقال بعضهم: التماثل هنا في تأدية كل منهما ما عليه لصاحبه، ولا يمطله به، ولا يظهر الكراهة، بل ببشاشة وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة، لأن هذا من المعروف الذي أمر الله به.
ويستحب لكل منهما الرفق بصاحبه، واحتمال أذاه، لقوله:"استوصوا بالنساء خيراً" 3 الحديث رواه مسلم. وحق الزوج أعظم، لقوله تعالى:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} . 4 وله الاستمتاع بها ما لم يشغلها عن الفرائض، من غير إضرار بها. ولا يعزل عن الحرة إلا بإذنها، ويكره من غير حاجة. ولها عليه: أن يبيت عندها ليلة من أربع إن كانت حرة، وله الانفراد بنفسه فيما بقي. فإن سافر أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه، لزمه إن لم يكن له عذر.
ويقول عند الجماع: "بسم الله. اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا"، 5 لحديث ابن عباس.
1 سورة النساء آية: 19.
2 سورة البقرة آية: 228.
3 البخاري: النكاح (5186)، ومسلم: الرضاع (1468) .
4 سورة البقرة آية: 228.
5 البخاري: الوضوء (141)، ومسلم: النكاح (1434)، والترمذي: النكاح (1092)، وأبو داود: النكاح (2161)، وابن ماجة: النكاح (1919) ، وأحمد (1/216، 1/220، 1/243، 1/283، 1/286)، والدارمي: النكاح (2212) .
ويكره التجرد عنده. ولا يجامع بحيث يسمع حسهما أحد. ولا يقبّلها ويباشرها عند الناس. قال أحمد: كانوا يكرهون الوحس، وهو الصوت الخفي. ولا يتحدث بما بينه وبينها. ولا يكثر الكلام حال الوطء، قيل: إن منه الخرس والفأفأة. وليس له أن يجمع بين امرأتيه في مسكن واحد إلا برضاهما.
ولا نعلم خلافاً في وجوب التسوية بين الزوجات في القسم، وعماده الليل، إلا لمن عيشته بالليل كالحارس، والنهار يدخل تبعاً "لأن سودة وهبت يومها لعائشة". ولا يجب التسوية بينهن في الجماع، لا نعلم فيه خلافاً، فإن أمكن فهو مستحب، لقوله:"فلا تلمني فيما لا أملك". 1 وليس عليه التسوية في النفقة والكسوة إذا قام بواجب كل واحدة. وإن امتنعت من سفر معه، أو من المبيت عنده، أو سافرت بغير إذنه، سقط حقها من القسم، لا نعلم فيه خلافاً. فإذا تزوج بكراً أقام عندها سبعاً، وثلاثاً إن كانت ثيباً، وقيل غير ذلك. قال ابن عبد البر: الأحاديث المرفوعة في هذا على ما قلنا، وليس مع من خالف حديث مرفوع، والحجة مع من أدلى بالسنة.
وإن ظهرت منها أمارات النشوز، بأن لا تجيبه إلى الاستمتاع، أو تجيبه متكرهة، وعظها. فإن أصرت هجرها. فإن أصرت ضربها [ضَرْباً] 2 غير مبرِّح، أي: غير شديد، لقوله تعالى:{وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} الآية. 3 وإن خافت نشوز زوجها لرغبته عنها، فلا بأس أن تضع عنه بعض
1 الترمذي: النكاح (1140)، والنسائي: عشرة النساء (3943)، وأبو داود: النكاح (2134)، وابن ماجة: النكاح (1971) ، وأحمد (6/144)، والدارمي: النكاح (2207) .
2 من المخطوطة.
3 سورة النساء آية: 34.
حقها، لقوله تعالى:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً} الآية. 1 وروى البخاري عن عائشة في الآية: "هي المرأة تكون عند الرجل فيريد طلاقها، فتقول: أمسكني، وأنت في حل من النفقة والقسمة لي". فإن خرجا إلى الشقاق، بعث الحاكم حكمين، فعن أحمد: أنهما وكيلان، وعنه: أنهما حاكمان يفعلان ما يريان من جمع أو تفريق، وبه قال مالك وإسحاق وابن المنذر.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
وعليه وطؤها في كل أربعة أشهر، واختار الشيخ: بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه، أو يشغله عن معيشته، من غير تقدير بمدة. وليس عليها طبخ ولا عجن. وأوجب الشيخ: المعروف من مثلها لمثله. وأوجب التسوية بين الزوجات في الكسوة والنفقة. واختار أن الحكمين في قوله: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} 2 أنهما حكمان لا وكيلان.
1 سورة النساء آية: 128.
2 سورة النساء آية: 35.