الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشهادات
الأصل فيها: الكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} الآية، 1وغيرها، وقوله:"شاهداك أو يمينه"2.
تحمُّل الشهادة وأداؤها فرض كفاية، وهل يأثم بالامتناع إذا دعي مع وجود غيره؟ قيل: يأثم، لقوله:{وَلا يَأْبَ {الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} ، 3 وقيل: لا.
ولا يجوز لمن تعينت عليه أخذ الأجرة، وكذا من لم تتعين عليه، في الأصح. ومن عنده شهادة في حد، أبيح إقامتها ولم يستحب. وللحاكم أن يعرض له بالوقوف عنها، لقصة عمر. ومن كانت عنده شهادة لإنسان، لم يقمها قبل سؤاله. فإن لم يعلم، استحب إعلامه، وله إقامتها قبل ذلك.
وتجوز الشهادة لمن عرف المشهود عليه يقيناً، وقد يحصل بالسماع؛ ولهذا قبلت رواية الأعمى، ورواية من روى عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من غير محارمهن. فإن لم يعرف المشهود عليه وعرفه إياه من يعرفه، فعنه: لا يشهد، وحمل على الاستحباب، لتجويزه الشهادة بالاستفاضة. وقال: لا تشهد على امرأة إلا بإذن زوجها، وهذا يحتمل ألا يدخل عليها بيتها إلا بإذنه لِـ"نهيه صلى الله عليه وسلم أن يستأذن على النساء إلا بإذن أزواجهن". رواه أحمد.
1 سورة البقرة آية: 282.
2 البخاري: الرهن (2516)، ومسلم: الإيمان (138)، والترمذي: البيوع (1269) وتفسير القرآن (2996)، وأبو داود: الأيمان والنذور (3243)، وابن ماجة: الأحكام (2323) ، وأحمد (1/377، 1/379، 1/416، 1/426، 1/442، 1/460) .
3 سورة البقرة آية: 282.
وإذا عرف خطه ولم يذكرها، فهل يجوز له أن يشهد؟ على روايتين.
وأجمعوا على صحة الشهادة بالاستفاضة على النسب، واختلفوا فيما سواه، فقال أصحابنا: تجوز في تسعة أشياء: النكاح، والملك المطلق، والوقف، ومصرفه، والموت، والعتق، والولاء، والولاية، والعزل. وقال أبو حنيفة: لا تقبل إلا في النكاح والموت. ولنا: أن هذه تتعذر الشهادة عليها غالباً لمشاهدتها أو مشاهدة أسبابها، فجازت كالنسب. قال مالك: ليس عندنا من يشهد على أحباس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالسماع.
وقال: السماع في الأجناس والولاء جائز. قيل لأحمد: أتشهد أن فلانة امرأة فلان، ولم يُشهد؟ قال: نعم، إذا كان مستفيضاً. فأشهد أن فاطمة بنت رسول الله، وأن خديجة وعائشة زوجتاه، وكل أحد يشهد بذلك من غير مشاهدة.
ولا تقبل الاستفاضة إلا من عدد يقع العلم بخبرهم، وقيل: تسمع من عدلين، وهو قول المتأخرين من الشافعية. وإذا مات رجل فادعى آخر أنه وارثه، فشهد شاهدان أنه وارثه، لا يعلمان له وارثاً غيره، سلّم المال إليه ولو لم يكونا من أهل الخبرة. فإن قالا: لا نعلم له غيره في هذه البلد، احتمل أن يسلّم المال إليه، واحتمل ألا يسلّم. فالأول قول أبي حنيفة، والاحتمال الثاني قول مالك والشافعي.
وتجوز شهادة المستخفي، وهو قول الشافعي، وعنه: لا. وقال مالك: إن كان المشهود عليه ضعيفاً يخدع لم يقبل عليه، وإلا قبلت. ومن سمع من يقر بحق، أو سمع حاكماً يحكم، أو يشهد على حكمه، جاز
أن يشهد، وعنه: لا حتى يشهده. وعنه: إن سمعه يقر بقرض لا يشهد، وإن سمعه يقر بديْن شهد، لأن المقترض يجوز أن يكون أوفاه.
وحق الآدمي المعيّن لا تسمع الشهادة به إلا بعد الدعوى، والذي على غير معيّن كالوقف أو حق خالص لله كالحدود الخالصة والزكاة أو الكفارة، فلا يفتقر إلى تقدم الدعوى، كما "شهد أبو بكرة وأصحابه وأبو هريرة على قدامة".