الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحوالة
الحوالة ثابتة بالسنة والإجماع، لقوله عليه السلام:"مطْل الغني ظلم، وإذا أُتبع أحدكم على مليء، فليتبع". 1 متفق عليه، وفي لفظ:"ومن أُحيل بحقه على مليء، فليحتل". 2 وإذا صحت برئت ذمة المحيل، وانتقل الحق إلى ذمة المحال عليه، في قول عامة أهل العلم. وعن الحسن: أنه كان لا يرى الحوالة براءة إلا أن يُبرئه. وعن زفر: أنه أجراها مجرى الضمان. ولنا: أنها مشتقة من تحويل الحق، فمتى رضي بها المحتال، ولم يشترط اليسار، لم يعد الحق أبداً؛ وبه قال الشافعي وأبو عبيد. وقال شريح: متى أفلس أو مات رجع على صاحبه. [وقال أبو يوسف: يرجع في حالين: إذا مات المحال عليه مفلساً، أو إذا جحده وحلف عليه عند الحاكم، وإذا حجر عليه لفلس،] لأنه روي عن عثمان أنه سئل عن: رجل أحيل بحقه، فمات المحال عليه مفلساً؟ فقال: يرجع بحقه، لأنه لا توى على مال امرئ مسلم. ولنا:"أن حزناً جد ابن المسيب كان له على عليّ (ديْن فأحاله به، فمات المحال عليه، فأخبره، فقال: اخترت علينا، أبعدك الله! ". فأبعده بمجرد احتياله ولم يخبره أن له الرجوع. وحديث عثمان لم يصح، يرويه معاوية بن قرة عن عثمان، ولم يصح سماعه منه، ولو صح لكان قول عليّ مخالفاًً له.
1 البخاري: الحوالات (2287، 2288) وفي الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (2400)، ومسلم: المساقاة (1564)، والترمذي: البيوع (1308)، والنسائي: البيوع (4691)، وأبو داود: البيوع (3345)، وابن ماجة: الأحكام (2403) ، وأحمد (2/376، 2/379، 2/463، 2/465)، ومالك: البيوع (1379)، والدارمي: البيوع (2586) .
2 البخاري: الحوالات (2287، 2288)، ومسلم: المساقاة (1564)، والترمذي: البيوع (1308)، والنسائي: البيوع (4688، 4691)، وأبو داود: البيوع (3345)، وابن ماجة: الأحكام (2403) ، وأحمد (2/463)، ومالك: البيوع (1379)، والدارمي: البيوع (2586) .
ولا تصح إلا بشروط ثلاثة:
(أحدها) : أن يحيل على ديْن مستقر، فإن أحال على مال الكتابة، أو السلَم، أو الصداق قبل الدخول، لم يصح.
(الثاني) : اتفاق الدينين في الجنس والصفة والحلول والتأجيل.
(الثالث) : أن يحيل برضاه، ولا خلاف في هذا.
ولا تصح فيما لا يصح السلَم فيه. فأما ما يثبت في الذمة سلماً غير المثليات، كالمعدود والمذروع، ففي صحتها به وجهان.
ولا يعتبر رضى المحال عليه، ولا رضى المحتال، إن كان المحال عليه مليئاً، والمليء: القادر على الوفاء غير المماطل. قال أحمد في تفسير المليء: أن يكون مليئاً بماله وقوله وبدنه. وقال أبو حنيفة: يعتبر رضاهما. وقال مالك: يعتبر رضى المحتال، وأما المحال عليه فقال مالك: لا يعتبر رضاه، إلا إن كان المحتال عدوه. ولنا: الحديث المتقدم. وإن شرط ملاءة المحال عليه فبان معسراً رجع. وقال بعض الشافعية: لا يرجع، لأنها لا ترد بالإعسار. ولنا: قوله عليه السلام: "المسلمون على شروطهم". 1 وإذا لم يرض المحتال، ثم بان المحال عليه مفلساً أو ميتاً، رجع بغير خلاف. وإن رضي بالحوالة لم يرجع، ويحتمل أن يرجع لأن الفلس عيب. وإن فسخ العقد بعيب أو إقالة، لم تبطل الحوالة.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
وظاهر ما قدمه في المحرر: صحة الحوالة على المهر قبل الدخول، وعلى الأجرة بالعقد، وقال الزركشي: لا يظهر لي منع الحوالة بالمسلَم فيه.
1 أبو داود: الأقضية (3594) .
وقال عن تفسير أحمد: الذي يظهر لي أن المليء بالمال أن يقدر على الوفاء، والقول: ألا يكون مماطلاً، والبدن يمكن حضوره إلى مجلس الحكم.
وقال الشيخ: الحوالة على ماله في الديون إذن في الاستيفاء فقط، وللمحتال الرجوع ومطالبة محيله. انتهى.
ونقل مهنا فيمن بعث رجلاً إلى رجل له عنده مال، فقال: خذ منه ديناراً، فأخذ منه أكثر، قال: الضمان على المرسل لتغريره، ويرجع هو على الرسول. والله سبحانه أعلم.