الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمهور الأصوليين (1) والفقهاء عليه وبه يكون الإجزاء هو امتثال الأمر وأدائه على الوجه الذي أمر به.
وعلى هذا فلا علاقة بين الإجزاء وسقوط القضاء حيث أن القضاء لم يجب بالأمر الأول فكيف يسقط ولا يجب إلا بأمر جديد.
ثالثا-العلاقة بين الإجزاء والصحة:
لمعرفة العلاقة بين الإجزاء والصحة لا بد من المقارنة بين تعريفي الإجزاء والصحة في الاصطلاح.
فالإجزاء يعني: امتثال الأمر أو سقوط القضاء.
والصحة عند الفقهاء: عبارة عما أجزأ وأسقط القضاء.
وعند المتكلمين: عبارة عما وافق الشرع، أسقط القضاء أم لم يسقط.
نلاحظ أن هناك قواسم مشتركة بين تعريفي الاصطلاحين تجعلهما يتداخلان فيما بينهما، وربما يكونان بمعنى واحد، فعند المقارنة بين تعريفي الإجزاء والصحة عند الفقهاء يكونان شيئا واحدا، الصحة هي الإجزاء أما إذا كانت المقارنة بين التعريفين عند الأصوليين فنرى أن الإجزاء قسم من الصحة، وهي أشمل وأعم.
ولذا فإن المحققين من الأصوليين يرون أن بينهما عموما وخصوصا وجهيا فقد تكون أعم من وجه وقد يكون الإجزاء أعم من وجه آخر.
وقد يقال إن الصحة أعم من الإجزاء لأنها تشمل العقود والعبادة بينما يقتصر الإجزاء على العبادة التي تقع مجزئة أحيانا وغير مجزئة أحيانا أما ما لا يقع إلا مجزئا فلا يوصف بذلك كمعرفة الله.
(1) انظر: شرح القاضي العضد لمختصر المنتهى الأصولي لابن الحاجب؛ مراجعة وتصحيح الدكتور شعبان محمد إسماعيل (مكتبة الكليات الأزهرية-محمد أمبابي) 1/ 232؛ والمستصفى للغزالي 1/ 320؛ والإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 196؛ وشرح اللمع للشيرازي 1/ 235؛ والمحصول للرازي 1/ 117.
أما إذا قصرنا المقارنة بينهما على العبادة كوصف لها، فإنهما في الغالب يكونان بمعنى واحد، إلا في بعض المواطن يكون لأحدهما صفة العموم عن الآخر، وفي مواطن أخرى يكون العكس، ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن دينار في جذع الماعز:«تجزئك ولا تجزىء أحدا من بعدك» (1) أن الإجزاء أعم من الصحة، وفي المتيمم في الحضر فإنه يصلي ثم يعيد على مذهب الشافعي وليست الإعادة لعدم الصحة وإنما لعدم الإجزاء وهنا تكون الصحة أعم من الإجزاء.
يقول القرافي في هذا المعنى: «أما الفرق بين إجزاء العبادة وصحتها فصعب لأن كل عبادة صحيحة عند الفقهاء مجزئة وكل عبادة مجزئة صحيحة فيعسر الفرق. . .، غير أني قد استروحت من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة-الحديث المتقدم-أن الإجزاء أعم ويمكن أن يقال: «الإجزاء والصحة كل واحد أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه» (2).
يقول محمد الفتوحي: «وبصحة عبادة يترتب إجزاؤها وهو-أي إجزاؤها-كفايتها في أسقاط التعبد ويختص الإجزاء بها-أي بالعبادة سواء كانت واجبة أو مستحبة» (3).
(1) أخرجه البخاري في الجامع الصحيح-كتاب التبكير إلى العيد-حديث (968) - 2/ 456؛ ومسلم في الصحيح 3/ 1155، كتاب الأضاحي باب وقتها 7/ 1961.
(2)
نفائس الأصول 1/ 314،315.
(3)
- (4) شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير أو المختصر المبتكر شرح المختصر للعلامة محمد ابن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي-تحقيق الدكتور محمد الزحيلي والدكتور نزيه حمادة (1413 هـ/1993 م)،1/ 468 - 469.