الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عبد الله: سألت أبي عن المرأة الفقيرة تجيء إلى اليهودي أو النصراني تتصدق منه؟ قال: أخشى أن يكون ذلك ذلا (1).
ولما سئل عن رجل بيده سكين فصاح به رجل فرمي بها فعقرت رجلا، هل على من صاح به شيء؟ قال: هذا أخشى عليه، قد صاح به (2).
المسألة الرابعة:
الألفاظ المختلف فيها بين الوجوب والندب
1 -
أحب إليّ.
2 -
أحب كذا.
3 -
أستحسنه، هو حسن، أحسن.
4 -
يعجبني أو أعجب إليّ.
5 -
يفعل السائل كذا احتياطا.
اختلف أصحاب أحمد في دلالة هذه الألفاظ بين الوجوب والندب، إلا أن عامتهم يرجحون أن الألفاظ الأربعة الأولى تدل على الندب، وأن دلالتها على الوجوب مرجوحة، يقول ابن تيمية وقوله:«أحب كذا أو استحبه أو استحسنه أو هو أحسن أو حسن أو يعجبني أو هو الأعجب للندب، وقيل: للوجوب» (3).
ومن استعمالات هذه الألفاظ:
يقول ابن هاني: كنت أقرأ على أبي عبد الله الحديث وأنا أنظر في
(1) مسائل عبد الله 3/ 1348.
(2)
المبدع في شرح المقنع لابن مفلح، (المكتب الإسلامي 1394 هـ/1974 م)، 8/ 250.
(3)
المسودة لآل تيمية ص 472.
كتابه وهو ينظر معي فقال لي: «هذا أحب إليّ من أن أقرأ أنا عليك» (1).
وسئل عن الرجل إن أدخل الماء فمه ولم يمضمض، قال:«أعجب إليّ أن يمضمض» (2).
وسئل عن الرجل يجيء إلى الرجل فيقول: بعني متاعا إلى أجل، فيقول له: ليس عندي ولكن أشتري فيشتري له، قال أبو عبد الله:
إذا تواطآ على ربحه وعليه فلا أراه قيل له: فربحه قال: يعجبني أن يرد عليه ربحه (3).
وسئل عن قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة قال ابن هاني: «قلت لأبي عبد الله: تأمرني أن أقرأ كما قرأ أبو بكر الصديق رضي الله عنه، قال: نعم، افعل فهو حسن فأمرني به» (4).
وعمن صلى المغرب أربعا وجلس في الثالثة قليلا أيسجد للسهو قال: «ذاك حسن» (5).
تدل هذه الأمثلة على أن الألفاظ المستعملة فيها تحمل على الاستحباب.
أما ابن حامد فإنه يرجح الوجوب فيما تدل عليه هذه الألفاظ بل إنه أنكر على من قال إنها تدل على الاستحباب ورد أقوالهم؛ يقول: «إن أجوبته إذا وردت وسؤالات عن الجواب بالحدود والفروض وكانت واردة بلفظ الأحب إليّ فذلك علم للإيجاب» (6).
وعن رأي مخالفيه قال: ذكر أبو عبد الله مواضع التثبت من بعض أصحابنا شبهة، حتى يجعلوا كل جواباته بالأحب مفصلا واستحبابا، وهذا كله فلا وجه (7).
(1) مسائل ابن هانىء 2/ 224.
(2)
المرجع السابق 1/ 130.
(3)
مسائل ابن هانىء 2/ 13،1/ 55،76.
(4)
- (5) مسائل ابن هانىء 2/ 13،1/ 55،76.
(6)
- (7) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 123،126.
وعن جوابه بالاستحسان يقول: «إذا ثبت عنه الجواب ففيه وجهان أحدهما: أن ذلك لا يثبت إيجابا بل هو إباحة للفعل لا غير ذلك، والوجه الثاني أن ذلك إذن بالبيان عن الحكم في الشيء إيجابا وأمرا، وهذا الأشبه عندي بالمذهب، فمن ذهب من أصحابنا إلى نفي الإيجاب، والدليل أن ذلك نفس جوابه بأن هذا حسن ليس فيه أكثر من استحسان الشيء، وقد يحسن ما هو غير لازم فبطل أن ينسب إليه ذلك استحقاق جواب (1).
وعن دلالة لفظ أعجب إليّ أو لا يعجبني قال: «فكل ما ورد من هذا النحو فكله عندي مستحق به الواجب وعلم للتحريم، كأنه قال لا يفعل أو قال يفعل هذا، يرجح الاستحباب قال: «وقالت طائفة من أصحابنا يخالفون في ذلك ويجعلون ذلك علما، للاستحباب لا غير. . . هذا كله فلا تأثير له» (2).
أما لفظ يفعل السائل كذا احتياطيا، هذا اللفظ أيضا مما اختلف في دلالته أهو للوجوب أم للندب، فابن حامد وابن تيمية يرجحان الوجوب، يقول ابن حامد:«ونظائر هذا كله عندي على أصل واحد وأن جوابه إذا وجد بهذا القول فإنه علم للإيجاب حتم وهذا غالب مذهب أصحابنا» (3).
بل إنه يقصر دلالته على الوجوب فقط، ويعارض رأي من يرى أنه يدل على الاستحباب فيقول:«فأما الجواب عن الذي قالوه من أن لفظ الإيجاب الحتم والاحتياط علما للاستحباب فذلك لا يؤثر شيئا، إذ لا ينكر أن تكون علة الإيجاب الاحتياط» (4).
أما ابن تيمية فإنه يرى أنه يدل على الوجوب، وهو الراجح عنده، وقد يدل على الندب، «فإن قال يفعل السائل كذا احتياطيا فهو واجب، وقيل: بل مندوب» (5).
(1) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 179.
(2)
تهذيب الأجوبة ص 173.
(3)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 137.
(4)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 138.
(5)
المسودة لآل تيمية ص 474.
ويرى ابن حمدان وابن مفلح والمرداوي أن الأولى النظر في القرائن فيحمل اللفظ حسب ما ترشد إليه القرينة.
يقول ابن حمدان: «وإن قال يفعل السائل كذا وكذا احتياطيا فهو واجب في أحد الوجهين. . . والثاني أنه مندوب، والأولى النظر في الحكم، فإن كان الوجوب فيه أحوط أو اقتضاه دليل أو قرينة تعين وإلا فلا» (1).
أما الدكتور سالم الثقفي فإنه لا يراه إلا للندب فقط فبعد أن عدد ألفاظ الندب قال ومما يلحق بذلك قوله: ينبغي، أو يفعل السائل كذا احتياطيا (2).
ووجود الاختلاف في دلالة هذا الاصطلاح يجعل الاسترشاد بالقرينة أحوط لمعرفة الحكم.
ومن الأمثلة على ذلك:
قال عبد الله: سألت عن الرجل يعتق العبد، فقال أبي: أعجب إليّ أن يعتق عبدا عاملا بيده ويكتسب، أحب إليّ من أن يسأل الناس (3).
سئل عن الرجل المجوسي يتعامل بالربا ثم أسلم يخرج ما كان أربى قال: «لا. . .، قلت لأبي: فإن أخرج هو، قال: فإن فعل فحسن» (4).
(1) صفة الفتوى ص 101؛ وانظر: الفروع لابن مفلح 1/ 68؛ والإنصاف للمرداوي 12/ 248.
(2)
مصطلحات الفقه الحنبلي لسالم الثقفي ص 29.
(3)
مسائل عبد الله 3/ 1196.
(4)
مسائل عبد الله 3/ 941.