الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالعلاقة بين الإجزاء والصحة أن بينهما عموما وخصوصا وجهيا، فقد تكون الصحة أعم من وجه، وقد يكون الإجزاء أعم من وجه آخر كما وضحنا من الأمثلة السابقة.
رابعا-العلاقة بين الإجزاء والقبول:
لمعرفة العلاقة بين الإجزاء والقبول لا بد أن نعرف العلاقة بين الصحة والقبول.
فالقبول هو: حصول الثواب من الله سبحانه وتعالى، وقد وردت أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تنفي القبول أحيانا عن الفعل الصحيح، وتدل على أن الصحة أعم من القبول، كقوله صلى الله عليه وسلم:«من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين صباحا» (1).
فالصلاة صحيحة إلا أنها غير مقبولة.
وجاءت أحاديث أخرى تنفي القبول الذي هو بمعنى الصحة كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول» (2)، ومعنى هذا الحديث أن القبول مرادف للصحة.
وللجمع بين الحديثين يقول ابن العراقي: «ظهر لي في الأحاديث التي نفى فيها القبول ولم تنف معه الصحة-كصلاة شارب الخمر ونحوه-أنا ننظر فيما نفى فإن قارنت ذلك الفعل معصية
(1) رواه مسلم-كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان رقم الحديث (2230)، 4/ 1751.
(2)
رواه مسلم-كتاب الطهارة باب وجوب الطهارة للصلاة رقم الحديث (224)،1/ 204 واللفظ له. ورواه أبو داود في سننه كتاب الطهارة باب فرض الوضوء رقم الحديث (59)،1/ 63. ورواه الترمذي في سننه باب (1) ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور من أبواب الصلاة 1/ 13 رقم الحديث (1). ورواه النسائي في سننه كتاب الطهارة باب فرض الوضوء رقم الحديث (139)،1/ 87.
انتفى القبول أي الثواب لأن المعصية أحبطته» (1).
وقد تقرر في المسألة السابقة أن الصحة بمعنى الإجزاء في بعض المواطن، وكذلك تكون مرادفة للقبول كحديث الصلاة بغير طهور.
يقول الفتوحي معلقا على الأحاديث التي تنفي القبول مع وجود الصحة، والأحاديث التي جعلت الصحة بمعنى القبول:«وقد حكى القولين في الواضح ورجح أن الصحيح لا يكون إلا مقبولا ولا يكون مردودا إلا وهو باطل» (2). وإذا تحقق ذلك فإن الفعل المجزىء يكون مقبولا أيضا وهذا ما عناه الفتوحي بقوله: «وكصحة قبوله ونفيه كنفي إجزاء، يعني أن القبول مثل الصحة» (3).
أما القرافي فإنه يرى رأيا آخر وهو: أن القبول ليس من أوصاف العبادة ولا يعني ذلك بقاء الذمة مشغولة به، رغم إيقاعه على الوجه المطلوب من الشارع، وإنما قصد أن القبول هو ترتب الثواب على العمل وهو غير سقوط الخطاب وعدم المعاقبة عند امتثال الأمر، فعنده أن القبول لا علاقة له بالإجزاء والصحة، وهو ليس من مباحث الأصول لأنه لا تدخله أحكامنا حسب الضوابط المعلومة أو المظنونة بل هو أمر مغيب.
ويقول أيضا: «ولما كان القبول أمرا مغيبا عنا لا تدخله أحكامنا تركه الأصوليون من أوصاف العبادة» (5).
(1) شرح الكوكب المنير 1/ 472.
(2)
- (3) شرح الكوكب المنير 1/ 471،472.
(4)
مممم-
(5)
نفائس الأصول للقرافي 1/ 329،320.