الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توطئة
من يطالع كتب الشافعية يلحظ صيغا وألفاظا لها دلالاتها الخاصة عند علماء المذهب، ولا يمكن فهم العبارة إلا بمعرفة المعنى الذي يشير إليه هذا اللفظ، وقد أصبحت تلك الرموز اصطلاحا معتمدا لديهم، تناولت جوانب متعددة في مباحثهم.
فهناك اصطلاحات تدل على أعلام المذهب وكتبه المعتمدة ومنها اصطلاحات حرفية وأخرى كلمية مختصرة من اسم العلم أو الكتاب، ولمعرفة ما تشير إليه تلك الرموز أهمية كبيرة من أجل إسناد القول إلى قائله، ومعرفة المراجع الأصيلة للفتاوى.
وهناك أيضا صيغ معينة للآراء والمذاهب والترجيحات؛ ميزت فقهاء الشافعية عن غيرهم في كتاباتهم، فعند نسبة القول إلى المتقدمين يعبرون بألفاظ خاصة كقولهم:«أصل الروضة، كذا في الروضة، كأصلها» فرغم أنها متقاربة في اللفظ إلا أنها متفاوتة في المعنى، ولهم في نسبة القول إلى أنفسهم صيغ أخرى كقولهم:«والذي يظهر، والظاهر، ويحتمل، ويتجه» ولكل منها معناه الخاص به، وقد درج فقهاء الشافعية على أنه إذا كان لبعضهم رأي خاص فإنه يناقشه ويفترض أسئلة يصيغها على لسان معارضيه، ويجيب عليها، والرأي الآخر يتدرج من حيث قوة المعارضة وضعفها، ولكل ذلك ألفاظه الخاصة أيضا كقولهم:«وقد يجاب، وإلا أن يجاب، ولك أن تجيب، وأقول، ولقائل، فإن قلت،. . .» . ونلحظ الدقة في استعمال الألفاظ خاصة عندما يعبرون عن قبولهم لرأي الآخرين، ودرجة
قبولهم له، كقولهم:«نقله فلان عن فلان، وحكاه فلان عن فلان، أقره فلان» فالنقل ليس كالحكاية أو الإقرار.
وفي مجال البحث والنظر وإعمال الفكر يظهر انتقاؤهم للألفاظ المعبرة فقولهم: «تأمل، فتأمل، فليتأمل، فيه بحث، فيه نظر، فتدبر، حاصله، محصله، تحريره، تنقيحه. . .» بين هذه الكلمات فروق يسيرة، لا يعرفها إلا من كان له إلمام جيد باللغة وتمرّس في قراءة كتب المذهب.
وللمعنى الاحتمالي، للعبارة ألفاظهم الخاصة، كقولهم:«لا يبعد كذا، تنزل منزلته، أنيب منابه، أقيم مقامه، محتمل، محتمل. . .» .
وإذا أرادوا الحكم على الفتوى ترجيحا أو تضعيفا اعتمدوا ألفاظا تبين درجة صحته أو ضعفه، وقد يتبرءون من الفتوى فلا ينسبونها إلى أحد؛ وهذا دليل على أمانة النقل التي تحلى بها الأوائل رضي الله عنهم، كقولهم:
«كذا قالوه، كذا قاله فلان على ما اقتضاه كلامهم. . .» .
وإذا اعترضوا على رأي أو ردوه عبروا عن ذلك بصيغ تدل على الضعف والتمريض، كقولهم:«في قول، في نص، في رواية، قيل، حكي، فيه تعسف، فيه تساهل، فيرد، ولك رده، يمكن رده» وبين هذه الألفاظ تفاوت دقيق في المعنى من حيث درجة الرد والقبول.
والآن لقد سما بنا الشوق لمعرفة دلالات تلك الألفاظ حسب ما أراد فقهاء المذهب من أجل التعرف على الحكم الشرعي الصحيح، فإن من الأهمية بمكان أن نتعرف على ما اصطلح عليه أهل كل فن إذا أردنا قراءة كتبهم، إلا أن الأمر يتحتم إذا كان ذلك في مجال العلم الشرعي عامة، والفقه بشكل خاص.
وسأقف بإذن الله تعالى وقفات متأنية على معاني تلك الألفاظ؛ التي غالبا ما تذيّل بها العبارة، مسترشدة بكتب المذهب المعتمدة، التي تناولتها بالشرح والبيان، ككتاب المجموع والتحقيق للنووي، ومغني المحتاج للشربيني، والفوائد المكية للسقاف، والوسيط للغزالي، وغيرها من أمهات الكتب.
وأسأل الله التوفيق والسداد