الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقضها إلا بعد العشاء فإن فعلها بعد العشاء يسمى قضاء ولا نقول قضاء القضاء.
ثالثا-الدليل الموجب للقضاء:
أعرض في هذه المسألة آراء العلماء في الدليل الموجب للقضاء، وهل يجب القضاء بما وجب به الأداء بحيث يبقى الأمر منسجما مع القضاء ومنسحبا عليه أم أن القضاء يجب بأمر جديد؟ في الحقيقة أن العلماء ذهبوا في ذلك مذهبين، مذهب الجمهور، وهو أن القضاء يجب بأمر جديد «لأن الأمر بالفعل في وقت معين لا يكون إلا لمصلحة تختص بذلك الوقت» (1)، ويقصدون بالأمر الجديد الدليل المنفصل كخطاب جلي أو الإجماع أو القياس بحيث يدل الأمر على قضاء الفوائت.
أما الحنفية فبعضهم يرى أن القضاء يجب بأمر جديد ومنهم العراقيون كما ذكر السرخسي وكذلك الشافعية والمالكية والمعتزلة فإنهم يرون أن القضاء يجب بأمر جديد.
يقول السبكي: «وقد تكلم الفقهاء في إعادة صلاة الجنازة ولا أداء فيها إذ لا وقت بتعيين ولا يسمى القضاء الأول إعادة لأن القضاء بأمر جديد فهو غير المأمور به في الوقت» (3).
(1) إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر د. عبد الكريم النملة 5/ 330،331.
(2)
أصول السرخسي للإمام أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، حقق أصوله وعلق عليه الدكتور رفيق العجم، الطبعة الأولى، (لبنان: بيروت، دار المعرفة، 1418 هـ/1997 م)،1/ 62،63.
(3)
الإبهاج شرح المنهاج 1/ 78.
وأبو الوليد الباجي من المالكية ذهب مذهب الجمهور فيرى أنه: «لا يجب قضاء الفوائت إلا بأمر ثان. . . والدليل على ما نقوله أن الأمر المؤقت مخصوص بإيقاع مثله في غير ذلك الوقت ولا تخيير بينه وبين مثله» (1).
وأبو الحسين البصري من المعتزلة يقول: «ويحتاج فعله فيما بعد الوقت إلى دلالة أخرى» (2).
أما الرأي الثاني، وهو مذهب أكثر الحنفية والحنابلة والقاضي عبد الجبار (3) من المعتزلة فإنهم يرون أن القضاء يجب بما وجب به الأداء، فإن المكلف إذا لم يمتثل الأمر حتى فات الوقت فإن ذمته تبقى مشغولة ولا تبرأ حتى يقضي ما فاته في وقت آخر، وهؤلاء يرون «أن الأمر بالمركب أمر بأجزائه» (4)، أي أن الأمر يقتضي شيئين فعل الشيء في وقته المحدد، فإن لم يتمكن المكلف بإيقاع الفعل في وقته المحدد وهو الجزء الأول من الأمر يبقى الجزء الثاني من الأمر وهو فعل الشيء خارج الوقت.
يقول ابن قدامة من الحنابلة: «الواجب المؤقت لا يسقط بفوات وقته ولا يفتقر القضاء إلى أمر جديد» (5).
وكذلك السرخسي ينقل رأي مشايخ الحنفية فيقول: «وأكثر مشايخنا رحمهم الله على أن القضاء يجب بالسبب الذي به وجب الأداء عند فواته وهو الأصح» (6).
(1) إحكام الفصول 1/ 223.
(2)
المعتمد لأبي الحسين البصري، تحقيق محمد حميد الله وأحمد بكير وحسن حنفي، الطبعة الأولى (دمشق: المعهد العالمي الفرنسي للدراسات العربية 1385 هـ/1965 م)، 1/ 144.
(3)
شرح اللمع للشيرازي 1/ 230؛ إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر، د. عبد الكريم النملة 5/ 324.
(4)
إتحاف ذوي البصائر للدكتور عبد الكريم النملة 5/ 330.
(5)
إتحاف ذوي البصائر د. عبد الكريم النملة 5/ 324.
(6)
أصول السرخسي 1/ 63.