الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
اعتنى فقهاء الحنابلة بالمذهب عناية فائقة، وخدموه خدمة جليلة، وكما ذكرنا إنه لم يكن للإمام أحمد مؤلفا متكاملا في الأبواب الفقهية، إلا أن مذهبه قد وصل إلينا بفضل أعمال أصحابه المخلصين، وذلك بطريقين:
الأول: من خلال ما أثر عن الإمام من قول أو فعل أو سكوت وإقرار أو توقف.
والثاني: من خلال جهود أصحابه الفكرية استنباطا وتخريجا، ولسنا هنا بصدد الحديث عن طرق نقل المذهب فقد تتبعها الدكتور بكر أبو زيد في كتابه المدخل المفصل والدكتور سالم علي الثقفي في كتابه مفاتيح المذهب الحنبلي.
وقد تواضع أصحاب أحمد كغيرهم من فقهاء المذاهب الأخرى على اصطلاحات أثناء استنباطهم للأحكام وتخريجاتهم، وقد استعرضت في المطلب الأول الاصطلاحات الخاصة بألفاظ أحمد، وفي هذا المطلب سوف أقوم بتفسير اصطلاحات أصحابه الواردة أثناء نقلهم لمذهب الإمام.
ولأصحاب أحمد أسلوبان في نقل المذهب:
الأول: معرفة مذهبه من خلال دلالة ألفاظه الصريحة، وهو ما نقل عنه بطريق الرواية لأقواله، ويعبرون عنه بقولهم: الروايات المطلقة، النص، المنصوص عليه، نصا، نص عليه، المنصوص عنه، رواه الجماعة.
والرواية تعني: «الحكم المروي عن الإمام أحمد في مسألة ما نصا عن الإمام أو إيماء، وقد تكون تخريجا من الأصحاب على نصوص أحمد فتكون رواية مخرجة» (1).
وأما قولهم رواه الجماعة (2): فيراد به القول عن الإمام أحمد يرويه عنه الكبار من تلامذته وهم سبعة:
ولداه: عبد الله وصالح وحنبل ابن عم الإمام-إسحاق-وأبو بكر المروذي (3) وإبراهيم الحربي (4)، وأبو طالب (5)، والميموني (6).
الثاني: معرفة المذهب من خلال عبارات الإمام التي لا تدل دلالة صريحة ويعبرون عنها بالتنبيهات وألفاظهم في ذلك: أومأ إليه أحمد، أشار إليه، دل كلامه عليه، توقف فيه، سكت عنه.
أما نقلهم للمذهب بطريق الاستنباط ويقال: لازم المذهب من قول
(1) المسودة لآل تيمية ص 474؛ الإنصاف للمرداوي 12/ 266؛ مغني ذوي الأفهام لابن عبد الهادي ص 78.
(2)
المدخل المفصل لبكر أبو زيد 1/ 174.
(3)
أبو بكر المروذي هو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد الله المروذي كان هو المقدم من أصحاب أحمد روى عنه مسائل جمة، توفي سنة 275 هـ. المقصد الأرشد لابن مفلح 1/ 156.
(4)
إبراهيم الحربي هو: إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشر بن عبد الله بن ديسم أبو إسحاق الحربي، سمع أبا نعيم الفضيل بن دكين وعفان بن مسلم وأحمد بن حنبل، له مصنفات منها: غريب الحديث ودلائل النبوة وسجود القرآن، توفي سنة 285 هـ. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 86.
(5)
وأبو طالب هو: عصمة بن أبي عصمة أبو طالب العكبري، روى عن الإمام أحمد أشياء كثيرة وصحبه إلى أن مات، روى عن جماعة منهم عمر بن رجاء، توفي سنة 244 هـ. المنهج الأحمد للعليمي 1/ 178.
(6)
والميموني هو: عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الميموني أبو الحسن، سمع من ابن علية وأبي معاوية ويزيد بن هارون والإمام أحمد وغيرهم، كان الإمام أحمد يكرمه، لازم الإمام وعنده عنه مسائل في ستة عشر جزءا، توفي سنة 274 هـ. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 212.
الإمام أو التخريج في المذهب، فقد وردت ألفاظ كقولهم: قياس المذهب، الوجه، الاحتمال، التخريج، النقل، القول، الاتجاه أو التوجيه، وألفاظ لحكاية الخلاف كقولهم على روايتين، على وجهين، فيه أوجه وغيرها، وأخرى للتصحيح والتضعيف وهناك صيغ للخلاف وصيغ للتمريض، وفي هذا المطلب سأقوم بتفسير ما تيسر لي الوقوف عليه من هذه الاصطلاحات حسب ما تدل عليه عباراتهم مسترشدة بكتب أعلام المذهب.
…