الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكل، فإن دلت القرينة على وجوب أو ندب أو تحريم أو كراهة أو إباحة حمل قوله عليه، سواء تقدمت أو تأخرت أو توسطت» (1)، وهو الذي ذهب إليه الدكتور سالم الثقفي حيث قال: والتحقيق أن الألفاظ الثلاثة-يعني أستقبحه أو هو قبيح أو لا أراه مصروفة إذا استعملت إلى ما تدل عليه القرائن» (2).
4 - أكره كذا لا يعجبني لا أحبه لا أستحسنه:
هذه الألفاظ اختلف الحنابلة في دلالتها، فابن حامد يحملها على التحريم إذا وردت مطلقة، إلا أن تقاربها قرينة تبين المراد منها، ويستدل على رأيه من الشرع بالكتاب والسنة فالثابت في الكتاب قوله تعالى:{وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ اِنْبِعاثَهُمْ} (3).
ومن الأخبار ما ورد عن أبي سفيان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله ينهاكم عن كل ذي ناب من السباع» (4)، ثم يعلق بعد ذكر الآية والحديث بقوله:«فأبان عن التحريم بلفظ الكراهية» (5)، ويؤكد رأيه في موضع آخر فيقول:«فأما الكلام في موجب جوابه بالكراهية أيوجب التحريم أم الاستحباب فالمذهب عندي أن ذلك يقتضي الإيجاب إلا أن يقاربه بيان يكشف به عن المراد، وما ورد مطلقا لا بيان فيه فإنه يقتضي التحريم لا غير» (6).
(1) صفة الفتوى ص 93.
(2)
مصطلحات الفقه الحنبلي لسالم الثقفي ص 16.
(3)
التوبة:46.
(4)
أخرجه البخاري باب آكل كل ذي ناب من السباع من حديث أبي ثعلبة بلفظ: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل ذي ناب من السباع» 6/ 230؛ رواه مسلم باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير رقم الحديث (1932) 3/ 1533.
(5)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 168،171.
(6)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 168،171.
وساق أمثلة من أجوبة أحمد حمل لفظ الكراهة فيها على التحريم ومن ذلك لما سئل عن النفخ في الصلاة قال: «يروى عن ابن عباس من نفخ فقد تكلم وأكره النفخ في الصلاة شديدا ولا أقول يقطع الصلاة» (1).
والمثال الآخر: لما سئل عن رد اليمين قال: «أكرهه» (2) ثم ختم حديثه بعد الأمثلة بقوله: «كل ذلك عندي مؤذن بالتحريم» (3)، وهذا أيضا ما اختاره الخلال وعبد العزيز غلام الخلال (4)، ورأت طائفة أخرى أن دلالة هذه الألفاظ حسب ما ترشد إليه القرينة، ومن هؤلاء ابن حمدان والمرداوي وابن مفلح وابن تيمية، وينقل المرداوي عن ابن حمدان في الرعايتين والحاوي الكبير وآداب المفتي قوله:«الأولى النظر في القرائن في الكل» (5)، ثم يعقب بقوله:«وهو الصواب وكلام أحمد يدل على ذلك» (6).
إلا أن ابن حامد ذكر خلافا في المسألة ورد أدلة مخالفيه وناقشها، والذي أراه أن حجة ابن حامد ضعيفة وأدلته لا تقوى على مواجهة أدلة الخصم حيث إن الأمثلة التي ساقها وحملها على التحريم تدل على الكراهة؛ كقول أحمد: أكره النفخ في الصلاة شديدا ولا أقول يقطع الصلاة، فقوله:
لا يقطع الصلاة دليل على تفسير لفظ أكره الوارد في هذا المثال بالكراهية
(1) - (2) - (3) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 172.
(4)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 174؛ صفة الفتوى لابن حمدان 93. والخلال هو: أحمد بن هارون أبو بكر الخلال من كبار علماء المذهب، قال الذهبي: جامع علم أحمد ومرتبة، سمع من الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر ومحمد بن عوف الحمصي وصحب أبا بكر المروذي، سمع مسائل الإمام من صالح وعبد الله أبناء أحمد وإبراهيم الحربي، حدث عن جماعة منهم أبو بكر عبد العزيز ومحمد بن المظفر والحسن بن يوسف الصيرفي، له تآليف منها: الجامع والعلل والسنة والطبقات وغيرها، توفي سنة 311 هـ. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2/ 12 - 15؛ تذكرة الحفاظ ص 3،7.
(5)
- (6) تصحيح الفروع للمرداوي 1/ 68.