الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الاصطلاحات وما تدل عليه، فبعضهم يرى أنها تدل على التحريم، ويرى آخرون أنها تدل على الكراهة، والبعض يرجع دلالتها بحسب القرائن، وفي هذه المسألة سوف أستعرض جميع هذه الآراء معززة بالأمثلة ما أمكن.
1 - قوله: هذا حرام ثم قال أكرهه أو لا يعجبني:
فإذا ورد في إجابته أن هذا حرام، ثم أتبعه بقول أكرهه، أو قال لا يعجبني فذلك يحتمل وجهين.
الأول: التحريم:
قال في الرعاية: وإن قال: «حرام» ثم قال: «أكرهه» أو «لا يعجبني» فحرام (1) وهذا القول الأول لابن حمدان.
الثاني: الكراهة:
وأما القول الثاني له فهو أن هذا اللفظ يدل على الكراهة، ولذلك قال: وقيل: بل مكروه (2).
وسياق الكلام يدلنا على أن الراجح عنده هو القول الأول، لأنه ذكر الثاني بصيغة التمريض حيث عبر بلفظ:«قيل» .
2 - لا ينبغي:
يرى بعض أصحاب أحمد أن هذا اللفظ يدل على التحريم، ذهب إلى ذلك ابن حامد وابن حمدان في صفة (3) الفتوى وآل تيمية (4) في المسودة، بل إن ابن حامد يرى أنها لا تدل إلا على التحريم قطعا، واستدل على
(1 - 2) نقلا عن المسودة لآل تيمية ص 473؛ الإنصاف للمرداوي 12/ 248 (القاعدة).
(3)
صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لنجم الدين أحمد بن حمدان بن شبيب النمر الحراني، الطبعة الثالثة، ص 90.
(4)
ص 472؛ وانظر: معونة أولى النهى شرح المنتهى، تصنيف تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار، دراسة وتحقيق د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش 9/ 575 (قاعدة في بيان معنى الروايات والأوجه).
ذلك من اللسان والسمع، ورد قول كل من يرى أن لها دلالة أخرى.
واستدل على صحة ما ذهب إليه من اللغة والشرع.
ومن الشرع قوله: «ثم أدل الأشياء أنا وجدنا الشرع بذلك ورد، ألا ترى إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه أهدي فروج (3) حرير فلبسه ثم نزعه نزعا عنيفا شديدا كالكاره له وقال: لا ينبغي هذا للمتقين» (4).
وفي جوابه على من يرى أن لهذا اللفظ وجه آخر يقول: «فإن تأول متأول من أصحابه أن هذا الجواب عنه يكسب التوقف والاحتياط لا غير
(1) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 110.
(2)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 111.
(3)
فروج هو: القباء الذي فيه شق من خلفه. النهاية في غريب الحديث والأثر، للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي، ومحمود محمد الطناجي، المكتبة الإسلامية 3/ 423.
(4)
تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 111 والحديث ما ورد من حديث قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ثم قال: لا ينبغي هذا للمتقين. رواه البخاري كتاب اللباس، باب القباء وفروج حرير 7/ 38 من حديث ابن قتيبة واللفظ له، ورواه مسلم كتاب اللباس والزينة كتاب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل، رقم الحديث (2075) 3/ 1646.
ذلك إذ صفة اللفظ لا تؤذن بالقطع، فالجواب أن هذا بعيد عن الصواب إذ الأجوبة بالأمر لها حد في اللسان متقاربة سمعا واستعمالا» (1).
وممن وافق أصحاب أحمد من المعاصرين على أن لفظ لا ينبغي تفيد التحريم الدكتور علي سليمان المهنا (2).
بينما يرى الدكتور سالم (3) الثقفي أن هذا اللفظ يفيد التحريم: تنزيها ومما ورد عن أحمد باستعمال هذا اللفظ وإفادته التحريم: أنه لما سأله ابنه عبد الله إذا وطىء الحرم ثم أصاب صيدا عليه جزاؤه؟ فقال: «الإحرام على هذا قائم لأنه يؤمر أن يتم الحج فلا ينبغي له أن يصيد صيدا ولا يحلق رأسه» (4).
ويرى فريق آخر أن لفظ لا ينبغي كما أنها تفيد التحريم، فإنها قد تفيد الكراهة أحيانا، وذكروا من الأمثلة ما يؤيد صحة ما ذهبوا إليه.
فالإمام ابن مفلح بعد أن ذكر أن لفظ لا ينبغي تفيد التحريم ساق أمثلة تدل على أن هذا اللفظ قد يأتي للكراهة أيضا فقال: «وقد ذكروا أنه يستحب فراق غير العفيفة واحتجوا بقول أحمد لا ينبغي أن يمسكها، وسأله أبو طالب، يصلي إلى القبر والحمام والحش قال: لا ينبغي أن يكون، لا يصلي إليه، قلت: فإن كان، قال: يجزئه، ونقل أبو طالب فيمن قرأ في الأربع كلها بالحمد وسورة: لا ينبغي أن يفعل.
وقال في رواية الحسين بن حسان في الإمام يقصر في الأولى ويطول في الأخيرة: لا ينبغي هذا، قال القاضي: كره ذلك لمخالفة السنة فدل على
(1) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص 111.
(2)
مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله-تحقيق ودراسة الدكتور علي سليمان المهنا، الطبعة الأولى (المدينة المنورة: مكتبة الدار 1406 هـ/1986 م) ص 120.
(3)
مصطلحات الفقه الحنبلي وطرق استفادة الأحكام من ألفاظه، تأليف الدكتور سالم علي الثقفي، الطبعة الأولى، (1398 هـ/1978 م) ص 16؛ مفاتيح الفقه الحنبلي تأليف الدكتور سالم علي الثقفي، الطبعة الأولى (1398 هـ/1978 م) 2/ 9.
(4)
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 810.