المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة السابعة والثلاثون - مع المشككين في السنة

[عبد الرحمن الخميسي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة مختصرة للمؤلف

- ‌أولاً: الاسم والمولد ومحل الإقامة والأولاد:

- ‌ثانيًا: النشأة العلمية:

- ‌ثالثًاً: العلماء الذين درس على أيديهم:

- ‌رابعًا: المؤهلات الأكاديمية:

- ‌خامسًا: الإجازات العلمية:

- ‌سادسًا: الوظائف التي يشغلها:

- ‌سابعًا: الإنتاج العلمي "البحوث والمؤلفات

- ‌ أولًا: المؤلفات المطبوعة:

- ‌ ثانيًا: المؤلفات المخطوطة "غير المطبوعة

- ‌ ثالثًا: مؤلفات الدكتور المنشورة على صفحته في الفيس بوك، ولم تطبع بعد:

- ‌ رابعًا: المشاركات العلمية للدكتور

- ‌المقدمة

- ‌سؤال لكل من يشكك في السنة النبوية:

- ‌سبب تأليف الكتاب

- ‌الفصل الأولخصائص السنة المطهرة

- ‌مقدمة

- ‌أولاًالخصائص المشتركة بين السنة والقرآن

- ‌المبحث الأولكون السنة وحيًا من الله تعالى

- ‌المبحث الثانيتسمية السنة بـ «الكتاب»

- ‌المبحث الثالثنقل السنة بالإسناد المتصل

- ‌المبحث الرابعوجوب العمل بالسنة

- ‌أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: الأدلة من السنة النبوية:

- ‌ثالثًا: الدليل من الإجماع:

- ‌المبحث الخامسكون منكر السنة كافرًا

- ‌المبحث السادسحفظ السنة في الجملة

- ‌طُرق حفظ السنة النبوية:

- ‌أولاً: الكتابة:

- ‌ثانيًا: الحفظ:

- ‌ أولاً: أشهر حفاظ الحديث من الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ ثانيًا: أشهر حفاظ الحديث من التابعين ومن بعدهم:

- ‌ثالثًا: التدوين:

- ‌رابعًا: التصنيف:

- ‌ أولًا: أشهر العلماء المصنفين في الحديث على الأبواب:

- ‌ ثانيًا: أشهر العلماء المصنفين في الحديث على الأسماء:

- ‌خامسًا: جرح وتعديل الرواة:

- ‌سادسًا: نقد متن الحديث:

- ‌المبحث السابعخطر التهاون بالسنة

- ‌أولاً: أمر الله - جل وعلا - باتباع السنة وتحذيره من التهاون بها:

- ‌ثانيًا: تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بالسنة:

- ‌ثانيًاخصائص السنة التي انفردت بها

- ‌المبحث الأولانفراد السنة بالتشريع

- ‌المبحث الثانيانفراد السنة ببيان القرآن الكريم

- ‌من أقوال السلف في كون السنة مبينة ومفسرة للقرآن الكريم:

- ‌أنواع بيان السنة للقرآن الكريم:

- ‌1 - تفصيلها لمجمل القرآن:

- ‌2 - تخصيصها لعامه:

- ‌3 - تقييدها لمطلقه:

- ‌4 - توضيحها لمبهمه ومشكله:

- ‌المبحث الثالثقواعد وشروط قبول السنة

- ‌1 - اتصال السند:

- ‌2 - عدالة الرواة:

- ‌3 - ضبط الرواة:

- ‌4 - عدم الشذوذ في الإسناد أو في المتن:

- ‌5 - عدم وجود علة في الإسناد أو المتن:

- ‌المبحث الرابعتسمية السنة بـ «الحكمة»

- ‌المبحث الخامسكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من المشتغل بالسنة

- ‌المبحث السادسدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن يتعلم السنة بالنضارة

- ‌الفصل الثانيالرد على شبهات منشور«صور من الضياع الفقهي للفقهاء»

- ‌مقدمة

- ‌توطئةسمات المنكرين للسنة النبوية

- ‌أولاًمن أصول المشككين بالسنة والرد عليها

- ‌الأصل الأولترك السنة القولية والأخذ بالسنة العملية فقط

- ‌الأصل الثانيتعارض السنة القولية مع القرآن الكريم

- ‌ثانيًاالرد على الشبهات الواردة في منشور«صور من الضياع الفقهي للفقهاء»

- ‌الشبهة الأولى

- ‌الشبهة الثانية

- ‌الشبهة الثالثة

- ‌الشبهة الرابعة

- ‌الشبهة الخامسة

- ‌الشبهة السادسة

- ‌الشبهة السابعة

- ‌الشبهة الثامنة

- ‌الشبهة التاسعة

- ‌الشبهة العاشرة

- ‌الشبهة الحادية عشرة

- ‌الشبهة الثانية عشرة

- ‌الشبهة الثالثة عشرة

- ‌الشبهة الرابعة عشرة

- ‌الشبهة الخامسة عشرة

- ‌الشبهة السادسة عشرة

- ‌الشبهة السابعة عشرة

- ‌الشبهة الثامنة عشرة

- ‌الشبهة التاسعة عشرة

- ‌الشبهة العشرون

- ‌الشبهة الحادية والعشرون

- ‌الشبهة الثانية والعشرون

- ‌الشبهة الثالثة والعشرون

- ‌الشبهة الرابعة والعشرون

- ‌الشبهة الخامسة والعشرون

- ‌الشبهة السادسة والعشرون

- ‌الشبهة السابعة والعشرون

- ‌الشبهة الثامنة والعشرون

- ‌الشبهة التاسعة والعشرون

- ‌الشبهة الثلاثون

- ‌الشبهة الحادية والثلاثون

- ‌الشبهة الثانية والثلاثون

- ‌الشبهة الثالثة والثلاثون

- ‌الشبهة الرابعة والثلاثون

- ‌الشبهة الخامسة والثلاثون

- ‌الشبهة السادسة والثلاثون

- ‌الشبهة السابعة والثلاثون

- ‌الشبهة الثامنة والثلاثون

- ‌الشبهة التاسعة والثلاثون

- ‌الشبهة الأربعون

- ‌الفصل الثالثدحض مطاعن الأغبياءفي سنة سيد الأنبياء

- ‌مقدمة

- ‌منهج النقد عند العلماء الذين نقدوا بعض أحاديث الصحيحين:

- ‌أهم المؤاخذات على رسالة "تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" في نقد أحاديث الصحيحين:

- ‌أولاًحقائق مهمة متعلقة بالصحيحينواعتقاد أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم وآل البيت

- ‌مكانة صحيحي البخاري ومسلم في التاريخ العلمي الإسلامي

- ‌ثناء العلماء على الصحيحين وإجماعهم على صحتهما:

- ‌عقيدة أهل السُّنَّة في الصحابة وآل البيت

- ‌المسألة الأولىعقيدة أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم

- ‌كلام "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

- ‌المسألة الثانيةعقيدة أهل السنة في آل البيت

- ‌كلام "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًاالرد على شبهات«رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء»

- ‌مقدمة

- ‌توطئةعصمة الأنبياء عليهم السلام

- ‌المراجع التي اعتمدتها "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" لاتهام أهل السنة بالقول بعدم عصمة الأنبياء عليهم السلام

- ‌كلام الجُنيد فيما يُنزَّه عنه الأنبياء عليهم السلام

- ‌بيان جهل صاحب«رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء» في رسالته

- ‌الرد على الشبهات الواردة في«رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء»

- ‌الشبهة الأولىأحاديث بول النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا منافية لعصمته

- ‌الرد على أدلة صاحب الرسالة التي رد وأنكر بها الحديث:

- ‌الشبهة الثانيةاتهام الصحابة باللغط لما هَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب لهم كتابًا في مرض موته

- ‌الشبهة الثالثةحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم منافٍ لعصمته

- ‌الشبهة الرابعةإثبات الصوت لله عز وجل يقتضي التجسيم

- ‌الشبهة الخامسةأحاديث طواف النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه وغيرهاتصوِّره شغوفًا بالنساء ومشغولاً بالشهوات

- ‌الشبهة السادسةحديث وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة ينافي أحاديث موته في حجر علي

- ‌أدلة صاحب الرسالة على رد وإنكار الحديث:

- ‌الرد على مطاعن صاحب الرسالة في الحديث وإنكاره:

- ‌الرد على كلام صاحب الرسالة في الشعبي وعائشة رضي الله عنها

- ‌الخاتمة

- ‌المراجع

الفصل: ‌الشبهة السابعة والثلاثون

‌الشبهة السابعة والثلاثون

اتهام الفقهاء بمخالفة القرآن

في قولهم بوقوع طلاق الثلاث في مجلس واحد ثلاثًا

يقول المشكك:

«وبـ"صحيح مسلم" -حديث رقم (2689)، حسب ترقيم العالمية-: حدثنا

عن ابن عباس قال: (كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ)

(1)

.

فالأئمة الأربعة ذهبوا بما

(2)

يناقض مضمون هذا الحديث، ولذلك فالذي يقول عندهم لامرأته:"أنت طالق ثلاثًا" تبين منه بينونة كبرى.

وقد خالفهم ابن حزم الظاهري وجعفر الصادق وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم.

إن مما يضع العقل في الكف: أن هذا الحديث الذي لم يأخذ بمضمونه الفقهاء هو حديث يوافق تمامًا حيثيات الصياغة القرآنية الخاصة بهذه المسألة.

وفي هذا دليل على: أن أحكام القرآن الكريم وأدلته لم تكن المعيار الأول في تحديد مصداقية الحديث ومرجعية الأحكام.

لماذا لم يتم الانتباه إلى قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:229]، وبالتحديد إلى كلمة:{مَرَّتَانِ} التي لا يمكنها أن تعني تكرار عبارة الطلاق في مجلس واحد؟

فلو كان الأمر كما ذهب الأئمة إليه لكانت هذه العبارة القرآنية على الشكل: "الطلاق اثنتان". وقد بينت في كتاب

الفارق الكبير بين الصياغتين، وذلك حين

(3)

شرح قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر:11]. وبينت الفارق بين هذه الصياغة القرآنية المطلقة وبين احتمال ورود هذه الصياغة على الشكل: "قالو ربنا أمتنا مرتين وأحييتنا مرتين".

فعلى أي أساس تم رد هذا الحديث والعمل بخلافه؟ وهل الذين ذهبوا إلى أن طلاق الثلاث في مجلس واحد يعد طلقة واحدة كجعفر الصادق وابن تيمية ليسوا من علماء الأمة»؟

(1)

صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث (2/ 1099)، رقم (1472).

(2)

كذا في المنشور.

(3)

كذا في المنشور.

ص: 194

والجواب:

أولًا: استدل هذا المشكك بحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق على عدم وقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد ثلاثًا. وهو من تناقضاته الكثيرة؛ إذ كيف يستدل علينا بما لا يؤمن به وما يعتقده مكذوبًا على النبي صلى الله عليه وسلم؟! هذا لا يقبل في العقل ولا في الشرع.

والعجب من هذا المشكك أن يتحول منافحًا عن الحديث لأنه يوافق فهمه فقط، في الوقت الذي يشن فيه حملة شعواء على الصحيحين وغيرهما من كتب السنة، ويتهمها بالدجل والكذب، وغير ذلك من عبارات الحط والتشكيك!

ثانيًا: أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد كان معروفًا في الجاهلية وعلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك:

1 -

في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في قصة ملاعنة عويمر العجلاني زوجته عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال سهل رضي الله عنه:(فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)

(1)

.

مما يدل على: أن هذا الطلاق كان متداولًا بينهم، وكان تبين به الزوجة، ولذلك فعله عُويمر رضي الله عنه، ولم يستشر النبي صلى الله عليه وسلم فيه.

2 -

فعل ركانة رضي الله عنه، فعن عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده:(أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَا أَرَدْتَ بِهَا؟ قَالَ: وَاحِدَةً، قَالَ: آللَّهِ مَا أَرَدْتَ بِهَا إِلَّا وَاحِدَةً؟ قَالَ: آللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِهَا إِلَّا وَاحِدَةً، قَالَ: فَرَدَّهَا عَلَيْهِ)

(2)

.

ووقوع الطلاق بذلك ثلاثًا وبينونة المرأة به بينونة كبرى هو قول أكثر السلف والخلف، حتى ادعى بعضهم الإجماع عليه. قال القرطبي في تفسيره: «واتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة. وهو قول جمهور السلف.

وشذ طاوس وبعض أهل الظاهر إلى: أن طلاق الثلاث في كلمة واحدة يقع واحدة»

(3)

.

(1)

صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب من أجاز طلاق الثلاث (7/ 42)، رقم (5259)، وصحيح مسلم، كتاب اللعان، ولم يذكر له بابًا (2/ 1129)، رقم (1492).

(2)

مسند أحمد (39/ 532)، رقم (92)، وسنن الدارمي، كتاب الطلاق، باب في طلاق البتة (3/ 1459)، رقم (2318)، وسنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق البتة (1/ 661)، رقم (2051)، وسنن أبي داود، كتاب الطلاق، باب في البتة (2/ 263)، رقم (2206)، وسنن الترمذي، أبواب الطلاق واللعان، باب ما جاء في الرجل يطلق امرأته البتة (3/ 472)، رقم (1177). وقال الألباني:«ضعيف» . ضعيف سنن ابن ماجة للألباني (ص:157)، رقم (397).

(3)

تفسير القرطبي (3/ 129).

ص: 195

ثالثًا: أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قد اختلف العلماء فيه:

1 -

منهم من غلّطه ووهمه، كالقرطبي وابن عبد البر. فقد نقل القرطبي عن ابن عبد البر قوله:«ورواية طاوس وهم وغلط، لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق والمشرق والمغرب. وقد قيل: إن أبا الصهباء لا يُعرف في موالي ابن عباس»

(1)

.

2 -

منهم من صحح الرواية عنه ولكنه تأولها، كالقاضي أبي الوليد الباجي، حيث قال:«وعندي أن الرواية عن ابن طاوس بذلك صحيحة، فقد رواه عنه الأئمة معمر وابن جريج وغيرهما. وابن طاوس إمام»

(2)

.

وقال: «ومعنى الحديث: أنهم كانوا يوقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الناس ثلاث تطليقات.

ويدل على صحة هذا التأويل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ). فأنكر عليهم أن أحدثوا في الطلاق استعجال أمر كانت لهم فيه أناة»

(3)

.

وقال: «ويدل على صحة هذا التأويل: ما روي عن ابن عباس من غير طريق: أنه أفتى بلزوم الطلاق الثلاث لمن أوقعها مجتمعة»

(4)

.

ووافق القاضي الباجي في تأويله هذا: الكيا الطبري وعلماء الحديث وغيرهم. قاله القرطبي في تفسيره

(5)

.

(1)

نفس المصدر السابق. وانظر: الاستذكار لابن عبد البر (6/ 6).

(2)

المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي (4/ 4).

(3)

نفس المصدر السابق.

(4)

نفس المصدر السابق.

(5)

قال القرطبي: «ما تأوله الباجي هو الذي ذكر معناه الكيا الطبري عن علماء الحديث» . تفسير القرطبي (3/ 130).

ص: 196

قلت: وفتوى ابن عباس رضي الله عنهما هذه رواها عنه -كما قال أبو داود والطحاوي-: سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير والنعمان بن أبي عياش

(1)

أنه قال رضي الله عنهما فيمن طلق امرأته ثلاثًا: (عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ)

(2)

، وأنها (لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

(3)

.

(1)

قال الطحاوي: «وروى سعيد بن جبير ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكر والنعمان بن أبي عياش كلهم عن ابن عباس فيمن طلق امرأته ثلاثًا: (أنه قد عصى ربه وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته)» . مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (2/ 463 - 464).

وذكر أبو داود: "أنه روى هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما: مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء ومالك بن الحارث وعمرو بن دينار كلهم قالوا في الطلاق الثلاث: إنه أجازها رضي الله عنه، قال:(وَبَانَتْ مِنْكَ).

ورواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (إذا قال: أنت طالق ثلاثًا بفم واحد فهي واحدة). وجعله بعضهم من قول عكرمة ". سنن أبي داود (2/ 260).

(2)

عن مجاهد قال: (كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيَرْكَبُ الْحُمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)} [الطلاق:2]. وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ فَلَمْ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجًا، عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق:1] فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ). سنن أبي داود، كتاب الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث (2/ 260)، رقم (2197). وقال الألباني:«صحيح» . صحيح سنن أبي داود للألباني (2/ 11)، رقم (2179).

(3)

عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230] يقول: (إِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة:230]، يَقُولُ: إِذَا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَدَخَلَ بِهَا الْآخَرُ فَلَا حَرَجَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِذَا طَلَّقَهَا الْآخَرُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا). تفسير ابن جرير الطبري (4/ 597)، رقم (4905)، والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الرجعة، باب نكاح المطلقة ثلاثًا (7/ 616)، رقم (15202).

ص: 197

رابعًا: قول المشكك: "إن كلمة: {مَرَّتَانِ} لا تعني تكرار عبارة الطلاق في مجلس واحد" غير صحيح لغةً ولا شرعًا، فإن المرة الواحدة قد تشتمل على أقوال وأفعال كثيرة بمجموعها، ومن هذا:

1 -

قال تعالى عن بني إسرائيل: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)} [الإسراء:4].

ولا شك أن المرة الواحدة من هذا الإفساد قد تشتمل على أقوال وأفعال كثيرة من الإفسادات.

2 -

قال تعالى عن المنافقين: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة:101]. وقد حصل لهم من العذاب في المرة الواحدة ألوان منه، كالقتل والجوع والفضيحة وغير ذلك.

والله أعلم.

ص: 197