الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
انفراد السنة ببيان القرآن الكريم
لم يختلف العلماء في أن السنة جاءت مفسرة للقرآن ومبينة وشارحة له؛ لقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} [النحل:44].
من أقوال السلف في كون السنة مبينة ومفسرة للقرآن الكريم:
مما ورد عن العلماء في أن السنة جاءت مفسرة للقرآن ومبينة وشارحة له:
1 -
عن أبي نضرة عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال لرجل: (إِنَّكَ امْرُؤٌ أَحْمَقُ، أَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، لَا تَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ؟ ثُمَّ عَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَنَحْوَ هَذَا. ثُمَّ قَالَ: أَتَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مُفَسَّرًا؟ إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَبْهَمَ هَذَا، وَإِنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ ذَلِكَ)
(1)
.
(1)
الزهد لنعيم بن حماد "مطبوع في: نهاية الزهد والرقائق لابن المبارك، وهو الجزء الثاني من الكتاب"، باب في لزوم السنة (2/ 23)، والشريعة للآجري، باب التحذير من طوائف يعارضون سنن النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله تعالى وشدة الإنكار على هذه الطبقة (1/ 417)، رقم (98)، والإبانة الكبرى لابن بطة، باب ذكر ما جاءت به السنة من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحذير من طوائف يعارضون سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن (1/ 236)، رقم (67)، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له (2/ 1192)، رقم (2348)، وذم الكلام وأهله للهروي، باب إقامة الدليل على بطلان قول من زعم أن القرآن يُستغنى به عن السنة (2/ 81)، رقم (242)، و (2/ 82)، رقم (244)، وأدب الإملاء والاستملاء للسمعاني (ص:4). وقد أخرجه كل من: الآجري وابن بطة وابن عبد البر والهروي والسمعاني من طريق ابن المبارك المذكورة في كتاب الزهد لنعيم بن حماد.
قلت: ومدار الحديث على: علي بن زيد بن جدعان، وهو سيِّء الحفظ. فيكون الأثر ضعيفًا لأجله. والله أعلم.
وجاء في رواية: عن الحسن: (أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ كَانَ جَالِسًا وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَا تُحَدِّثُونَا إِلَّا بِالْقُرْآنِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: ادْنُهْ، فَدَنَا، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ وُكِّلْتَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ إِلَى الْقُرْآنِ أَكُنْتَ تَجِدُ فِيهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَصَلَاةَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا، وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا تَقْرَأُ فِي اثْنَتَيْنِ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ وُكِّلْتَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ إِلَى الْقُرْآنِ أَكُنْتَ تَجِدُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَالطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ ثُمَّ قَالَ: أَيْ قَوْمُ خُذُوا عَنَّا، فَإِنَّكُمْ وَاللَّهِ إِلَّا تَفْعَلُوا لَتَضِلُّنَّ). الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي، باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان (ص:15).
قلت: وفي سنده أيضًا: علي بن زيد بن جدعان أيضًا، وهو سيِّء الحفظ. فيكون الأثر ضعيفًا لأجله. والله أعلم.
وكان هذا الرجل قد اعترض على عمران رضي الله عنه وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يقتصر على القرآن، فلذلك غضب رضي الله عنه، فعن الحسن قال:(بَيْنَمَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ! حَدَّثَنَا بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، أَكُنْتَ مُحَدِّثِي عَنِ الصَّلَاةِ وَمَا فِيهَا وَحُدُودِهَا؟ أَكُنْتَ مُحَدِّثِي عَنِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَأَصْنَافِ الْمَالِ؟ وَلَكِنْ قَدْ شَهِدْتُ وَغِبْتَ أَنْتَ. ثُمَّ قَالَ: فَرَضَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الزَّكَاةِ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ الرَّجُلُ: أَحْيَيْتَنِي أَحْيَاكَ اللَّهُ. قَالَ الْحَسَنُ: فَمَا مَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى صَارَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ)
(1)
.
2 -
(2)
.
3 -
قال مكحول: «الْقُرْآنُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْقُرْآنِ»
(3)
.
(1)
المعجم الكبير للطبراني (18/ 165)، رقم (369)، والمستدرك للحاكم، كتاب العلم (1/ 192)، رقم (372)، وذم الكلام وأهله للهروي، باب إقامة الدليل على بطلان قول من زعم أن القرآن يُستغنى به عن السنة (2/ 80)، رقم (241). وقال في تحقيق المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني -حققه: مجموعة من الباحثين في (17) رسالة جامعية، تنسيق: د. سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشَّثري-: «الأثر بمجموع طرقه صحيح» . المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني (12/ 735)، رقم (3098). وجاء الأثر بألفاظ وروايات أخرى، لكنها بنفس المعنى.
(2)
المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، باب ما ورد عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة من تثبيت خبر الواحد وقبوله والعمل به (1/ 178)، رقم (310)، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له (2/ 1193)، رقم (2349). وقال محقق جامع بيان العلم وفضله -أبو الأشبال الزهيري-:«إسناده صحيح» . جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/ 1193)، حاشية رقم (1).
(3)
شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن لابن شاهين، باب مختصر من معاني العلماء فضل من أحيا السنن (ص:46)، تحت رقم (48)، والإبانة الكبرى لابن بطة، باب ذكر ما جاءت به السنة من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحذير من طوائف يعارضون سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن (1/ 253)، رقم (88)، والمدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، باب مثال الاستدلال بالسنة على نسخ إحدى الآيتين بالأخرى (2/ 485)، رقم (1043)، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له (2/ 1194)، رقم (2352)، والكفاية إلى علم الرواية للخطيب البغدادي، باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان (ص:14).
4 -
قال حماد بن زيد: «إِنَّمَا هُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْكِتَابُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْكِتَابِ»
(1)
.
5 -
قال يحيى بن أبي كثير: «السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ بِقَاضٍ عَلَى السُّنَّةِ»
(2)
.
وسئل الإمام أحمد ابن حنبل عن الحديث الذي روى أن: «السُّنَّةَ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ» فقال: «مَا أَجْسُرُ عَلَى هَذَا أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ»
(3)
.
قال أبو عمر يوسف ابن عبد البر: «والبيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين:
بيان المجمل في الكتاب، كـ: بيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها، وكبيانه لمقدار الزكاة وحدها ووقتها، وما الذي يؤخذ منه من الأموال، وبيانه لمناسك الحج،
(1)
الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي، باب القول في العموم والخصوص العموم (1/ 231).
ونسب الشطر الثاني منه ابن عبد البر إلى الأوزاعي بنصه: «الْكِتَابُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْكِتَابِ» . جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر معلقًا، باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له (2/ 1193)، رقم (2351).
(2)
سنن الدارمي، المقدمة، باب السنة قاضية على كتاب الله تعالى (1/ 474)، رقم (607)، وشرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين، باب مختصر من معاني العلماء فضل من أحيا السنن (ص:46)، رقم (48)، والإبانة الكبرى لابن بطة، باب ذكر ما جاءت به السنة من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحذير من طوائف يعارضون سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن (1/ 253)، رقم (88)، والمدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، باب مثال الاستدلال بالسنة على نسخ إحدى الآيتين بالأخرى (2/ 485)، رقم (1044) وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له (2/ 1194)، رقم (2353)، والكفاية إلى علم الرواية للخطيب البغدادي، باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان (ص:14). وقال محقق سنن الدارمي -حسين سليم أسد الداراني-: «إسناده جيد» . سنن الدارمي (1/ 474).
وقال البيهقي مبينًا معنى كلام يحيى بن أبي كثير: «وإنما أراد والله أعلم أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله عز وجل أُقيمت مُقام البيان عن الله عز وجل، كما قال الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} [النحل:44]، لا أن شيئًا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف كتاب الله عز وجل» . المدخل إلى السن الكبرى للبيهقي (2/ 485 - 486).
(3)
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له (2/ 1194)، رقم (2354)، والكفاية إلى علم الرواية للخطيب البغدادي، باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان (ص:15)، وذم الكلام للهروي، باب إقامة الدليل على بطلان قول من زعم أن القرآن يُستغنى به عن السنة (2/ 58)، رقم (211).