المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة الرابعةإثبات الصوت لله عز وجل يقتضي التجسيم - مع المشككين في السنة

[عبد الرحمن الخميسي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة مختصرة للمؤلف

- ‌أولاً: الاسم والمولد ومحل الإقامة والأولاد:

- ‌ثانيًا: النشأة العلمية:

- ‌ثالثًاً: العلماء الذين درس على أيديهم:

- ‌رابعًا: المؤهلات الأكاديمية:

- ‌خامسًا: الإجازات العلمية:

- ‌سادسًا: الوظائف التي يشغلها:

- ‌سابعًا: الإنتاج العلمي "البحوث والمؤلفات

- ‌ أولًا: المؤلفات المطبوعة:

- ‌ ثانيًا: المؤلفات المخطوطة "غير المطبوعة

- ‌ ثالثًا: مؤلفات الدكتور المنشورة على صفحته في الفيس بوك، ولم تطبع بعد:

- ‌ رابعًا: المشاركات العلمية للدكتور

- ‌المقدمة

- ‌سؤال لكل من يشكك في السنة النبوية:

- ‌سبب تأليف الكتاب

- ‌الفصل الأولخصائص السنة المطهرة

- ‌مقدمة

- ‌أولاًالخصائص المشتركة بين السنة والقرآن

- ‌المبحث الأولكون السنة وحيًا من الله تعالى

- ‌المبحث الثانيتسمية السنة بـ «الكتاب»

- ‌المبحث الثالثنقل السنة بالإسناد المتصل

- ‌المبحث الرابعوجوب العمل بالسنة

- ‌أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: الأدلة من السنة النبوية:

- ‌ثالثًا: الدليل من الإجماع:

- ‌المبحث الخامسكون منكر السنة كافرًا

- ‌المبحث السادسحفظ السنة في الجملة

- ‌طُرق حفظ السنة النبوية:

- ‌أولاً: الكتابة:

- ‌ثانيًا: الحفظ:

- ‌ أولاً: أشهر حفاظ الحديث من الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ ثانيًا: أشهر حفاظ الحديث من التابعين ومن بعدهم:

- ‌ثالثًا: التدوين:

- ‌رابعًا: التصنيف:

- ‌ أولًا: أشهر العلماء المصنفين في الحديث على الأبواب:

- ‌ ثانيًا: أشهر العلماء المصنفين في الحديث على الأسماء:

- ‌خامسًا: جرح وتعديل الرواة:

- ‌سادسًا: نقد متن الحديث:

- ‌المبحث السابعخطر التهاون بالسنة

- ‌أولاً: أمر الله - جل وعلا - باتباع السنة وتحذيره من التهاون بها:

- ‌ثانيًا: تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بالسنة:

- ‌ثانيًاخصائص السنة التي انفردت بها

- ‌المبحث الأولانفراد السنة بالتشريع

- ‌المبحث الثانيانفراد السنة ببيان القرآن الكريم

- ‌من أقوال السلف في كون السنة مبينة ومفسرة للقرآن الكريم:

- ‌أنواع بيان السنة للقرآن الكريم:

- ‌1 - تفصيلها لمجمل القرآن:

- ‌2 - تخصيصها لعامه:

- ‌3 - تقييدها لمطلقه:

- ‌4 - توضيحها لمبهمه ومشكله:

- ‌المبحث الثالثقواعد وشروط قبول السنة

- ‌1 - اتصال السند:

- ‌2 - عدالة الرواة:

- ‌3 - ضبط الرواة:

- ‌4 - عدم الشذوذ في الإسناد أو في المتن:

- ‌5 - عدم وجود علة في الإسناد أو المتن:

- ‌المبحث الرابعتسمية السنة بـ «الحكمة»

- ‌المبحث الخامسكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من المشتغل بالسنة

- ‌المبحث السادسدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن يتعلم السنة بالنضارة

- ‌الفصل الثانيالرد على شبهات منشور«صور من الضياع الفقهي للفقهاء»

- ‌مقدمة

- ‌توطئةسمات المنكرين للسنة النبوية

- ‌أولاًمن أصول المشككين بالسنة والرد عليها

- ‌الأصل الأولترك السنة القولية والأخذ بالسنة العملية فقط

- ‌الأصل الثانيتعارض السنة القولية مع القرآن الكريم

- ‌ثانيًاالرد على الشبهات الواردة في منشور«صور من الضياع الفقهي للفقهاء»

- ‌الشبهة الأولى

- ‌الشبهة الثانية

- ‌الشبهة الثالثة

- ‌الشبهة الرابعة

- ‌الشبهة الخامسة

- ‌الشبهة السادسة

- ‌الشبهة السابعة

- ‌الشبهة الثامنة

- ‌الشبهة التاسعة

- ‌الشبهة العاشرة

- ‌الشبهة الحادية عشرة

- ‌الشبهة الثانية عشرة

- ‌الشبهة الثالثة عشرة

- ‌الشبهة الرابعة عشرة

- ‌الشبهة الخامسة عشرة

- ‌الشبهة السادسة عشرة

- ‌الشبهة السابعة عشرة

- ‌الشبهة الثامنة عشرة

- ‌الشبهة التاسعة عشرة

- ‌الشبهة العشرون

- ‌الشبهة الحادية والعشرون

- ‌الشبهة الثانية والعشرون

- ‌الشبهة الثالثة والعشرون

- ‌الشبهة الرابعة والعشرون

- ‌الشبهة الخامسة والعشرون

- ‌الشبهة السادسة والعشرون

- ‌الشبهة السابعة والعشرون

- ‌الشبهة الثامنة والعشرون

- ‌الشبهة التاسعة والعشرون

- ‌الشبهة الثلاثون

- ‌الشبهة الحادية والثلاثون

- ‌الشبهة الثانية والثلاثون

- ‌الشبهة الثالثة والثلاثون

- ‌الشبهة الرابعة والثلاثون

- ‌الشبهة الخامسة والثلاثون

- ‌الشبهة السادسة والثلاثون

- ‌الشبهة السابعة والثلاثون

- ‌الشبهة الثامنة والثلاثون

- ‌الشبهة التاسعة والثلاثون

- ‌الشبهة الأربعون

- ‌الفصل الثالثدحض مطاعن الأغبياءفي سنة سيد الأنبياء

- ‌مقدمة

- ‌منهج النقد عند العلماء الذين نقدوا بعض أحاديث الصحيحين:

- ‌أهم المؤاخذات على رسالة "تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" في نقد أحاديث الصحيحين:

- ‌أولاًحقائق مهمة متعلقة بالصحيحينواعتقاد أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم وآل البيت

- ‌مكانة صحيحي البخاري ومسلم في التاريخ العلمي الإسلامي

- ‌ثناء العلماء على الصحيحين وإجماعهم على صحتهما:

- ‌عقيدة أهل السُّنَّة في الصحابة وآل البيت

- ‌المسألة الأولىعقيدة أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم

- ‌كلام "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

- ‌المسألة الثانيةعقيدة أهل السنة في آل البيت

- ‌كلام "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًاالرد على شبهات«رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء»

- ‌مقدمة

- ‌توطئةعصمة الأنبياء عليهم السلام

- ‌المراجع التي اعتمدتها "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء" لاتهام أهل السنة بالقول بعدم عصمة الأنبياء عليهم السلام

- ‌كلام الجُنيد فيما يُنزَّه عنه الأنبياء عليهم السلام

- ‌بيان جهل صاحب«رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء» في رسالته

- ‌الرد على الشبهات الواردة في«رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء»

- ‌الشبهة الأولىأحاديث بول النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا منافية لعصمته

- ‌الرد على أدلة صاحب الرسالة التي رد وأنكر بها الحديث:

- ‌الشبهة الثانيةاتهام الصحابة باللغط لما هَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب لهم كتابًا في مرض موته

- ‌الشبهة الثالثةحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم منافٍ لعصمته

- ‌الشبهة الرابعةإثبات الصوت لله عز وجل يقتضي التجسيم

- ‌الشبهة الخامسةأحاديث طواف النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه وغيرهاتصوِّره شغوفًا بالنساء ومشغولاً بالشهوات

- ‌الشبهة السادسةحديث وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة ينافي أحاديث موته في حجر علي

- ‌أدلة صاحب الرسالة على رد وإنكار الحديث:

- ‌الرد على مطاعن صاحب الرسالة في الحديث وإنكاره:

- ‌الرد على كلام صاحب الرسالة في الشعبي وعائشة رضي الله عنها

- ‌الخاتمة

- ‌المراجع

الفصل: ‌الشبهة الرابعةإثبات الصوت لله عز وجل يقتضي التجسيم

‌الشبهة الرابعة

إثبات الصوت لله عز وجل يقتضي التجسيم

الحديث الرابع الذي رده صاحب الرسالة: حديث: نفي الصوت لله عز وجل.

يقول صاحب الرسالة:

«روى البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد معلقًا بصيغة التمريض -حيث قال-: ويُذكر عن جابر عن عبد الله بن أُنيس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يَحْشُرُ اللَّهُ العِبَادَ، فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا المَلِكُ .. أَنَا الدَّيَّانُ)»

(1)

.

ثم قال: «قال المحققون الأفاضل: هذا حديث ضعيف الإسناد، في سنده: عبد الله بن محمد بن عقيل، ضعيف جدًا، والقاسم بن عبد الواحد، وهو صاحب مناكير» .

وقال أيضًا: «ونجد أن المجسمة أثبتوا أن لله صوتًا من هذا الحديث، تعالى الله عما يقولون.

أضف إلى ذلك: أن علماء أصول الحديث قالوا بأن المعلق إذا جاء بصيغة الجزم -كـ: قال، وذَكَر، وحَكَى- فهو حكم بصحته عن المضاف إليه. هذا عند بعض العلماء. أما إذا جاء بصيغة التمريض -كـ: قيل، وذُكر، وحُكي- فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه

(2)

.

من هنا نعلم: أن هذا الحديث شاذ مردود. فكيف يقولون: إن كتاب البخاري كله صحيح؟ ونحن نقول: فيه المقبول وفيه المردود»؟ اهـ.

والجواب:

أقول: لقد اشتمل كلامه هذا على جهل وكذب وتجهّم، وبيان ذلك والرد عليه أوجزه فيما يلي:

أولًا: أن هذا الحديث ذكره البخاري في صحيحه معلقًا في موضعين:

الموضع الأول: بصيغة الجزم. وقد ذكره في كتاب العلم في باب الخروج في طلب العلم

(3)

.

والموضع الثاني: بصيغة التمريض. وذكره في كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)} [سبأ:23].

(1)

صحيح البخاري تعليقًا، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)} [سبأ:23]، ولم يقل:"ماذا خلق ربكم"(9/ 141)، بدون رقم.

(2)

انظر: مقدمة ابن الصلاح (ص:24 - 25).

(3)

فقد قال البخاري: (وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ). صحيح البخاري، كتاب العلم، باب الخروج في طلب العلم (1/ 26)، بدون رقم.

ص: 259

فاقتصار صاحب الرسالة على تخريج الموضع الثاني دون الإشارة إلى الموضع الأول يدلُّ على قصوره أو عدم أمانته.

ثم إن إيراد البخاري له في الموضع الثاني بصيغة التمريض لا يدلُّ على ضعفه عنده مطلقًا؛ لأن هذه الصيغة لا تدلُّ على ضعف الحديث المعلق باطراد، خاصة وأنه قد جزم به في الموضع الأول، وكذلك «فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارًا يُؤنس به ويرُكن إليه» ، كما قال ابن الصلاح

(1)

.

وقد اعترض ابن حجر على ابن الصلاح في قوله: "إن المعلق الذي يورده البخاري في صحيحه مما لم يكن في لفظه جزْم وحُكْم أنه ليس في شيء منه حكم من البخاري بصحة ذلك عمن ذكره عنه"

(2)

: "بأن من هذه المعلقات مواضع يسيرة تلتحق بشرطه، ومنها «ما هو صحيح وإن تقاعد عن شرطه إما لكونه لم يخرج لرجاله أو لوجود علة فيه عنده، ومنه

(3)

ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف، وهو على قسمين: أحدهما: ما ينجبر بأمر آخر -أي: يتقوَّى-. وثانيهما: ما لا يرتقي عن مرتبة الضعيف، وحيث يكون بهذه المثابة فإنه يُبيِّن ضعفه ويصرِّح به حيث يورده في كتابه» "

(4)

.

وإذًا: فاختيار صاحب الرسالة لقول ابن الصلاح -وإن لم يصرح به- في صيغة التمريض على إطلاقه غير صحيح؛ لأن ابن حجر أعرف بـ"صحيح البخاري" منه ومن غيره، وقد جاء حكمه هذا عن علم واستقراء، يشهد به كتابه الذي ألَّفه في معلقات البخاري، وسمّاه:"تغليق التعليق".

وإذا قالت حذام فصدِّقوها

فإن القول ما قالت حذام

بل أبلغ منه. {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)} [فاطر:14].

ثانيًا: أن الحديث الذي حكم عليه الشيخان -البخاري ومسلم- بالصحة وتلقته الأمة عنهما بالقبول هو: ما روياه في أصول كتابيهما بالإسناد المتصل. فهذا هو الذي حكما بصحته بلا إشكال، دون ما ذكراه بغير إسناد متصل، سواء في الشواهد والمتابعات أو في غيرها. وقد نصَّ على ذلك ابن الصلاح وغيره من الأئمة

(5)

.

وعليه: فإن هذا الحديث المعلق ليس هو على شرط البخاري، وبالتالي فإنه لا يدخل في مسمّى الصحيح عند الأئمة.

(1)

مقدمة ابن الصلاح (ص:25).

(2)

نفس المصدر السابق.

(3)

كذا في النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر، ولعل الصواب: ومنها.

(4)

النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (1/ 326).

(5)

مقدمة ابن الصلاح (ص:24).

ص: 260

وأمَّا إدخال صاحب الرسالة له ضمن أحاديث الصحيح التي أخل فيها البخاري بشرطه ثم استنكاره على من يقول: "إن كتاب البخاري كله صحيح" فجهل ما بعده جهل، ورزيَّة يجل عنها كل رزيَّة. والموفق من وفَّقه الله.

ثالثًا: أن هذا الحديث بالإسناد الذي فيه عبد الله بن محمد بن عقيل ضعيف، كما قال صاحب الرسالة، ولكنْ له طرق أخرى يرتقي بها إلى درجة الحسن، منها:

1 و 2 - أخرج الطبراني في "مسند الشاميين" وتمَّام في "فوائده" من طريق الحجاج بن دينار عن محمد المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وساق الحديث بطوله، وفيه:(فَقَالَ -يعني: عبد الله بن أُنَيْس رضي الله عنه: نَعَمْ يَا جَابِرُ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً بُهْمًا، يُنَادِي بِصَوْتٍ رَفِيعٍ غَيْرِ فَظِيعٍ، يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَنْ قَرُبَ، فَيَقُولُ: أَنَا الدَّيَّانُ، لَا تَظَالُمَ الْيَوْمَ، وَعِزَّتِي لَا يُجَاوِزُنِي الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ وَلَوْ لَطْمَةَ كَفٍّ بِكَفٍّ أَوْ يَدٍ عَلَى يَدٍ)

(1)

، الحديث.

3 -

أخرج الخطيب البغدادي في "الرحلة في طلب الحديث" من طريق أبي جارود العبسي -وقيل: العنسي- عن جابر رضي الله عنه، بنحوه

(2)

.

فهذه الطرق الثلاث يقوِّي بعضها بعضًا.

وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ليس كما قال صاحب الرسالة: إنه «ضعيف جدًا» . وإنما ضعفه يسير على الراجح من أقوال العلماء، وهو كما قال الترمذي فيه:«صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه»

(3)

. قال: «وسمعت محمد بن إسماعيل -يعني: البخاري- يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحُميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد -يعني: ابن إسماعيل البخاري-: وهو مقارب الحديث»

(4)

.

وقال عنه ابن حجر: «صدوق، في حديثه لين، ويقال: تغير بآخرة»

(5)

.

(1)

مسند الشاميين للطبراني (1/ 104)، رقم (156)، والفوائد لتمَّام "المشهور بـ: فوائد تمَّام" (1/ 364 - 365)، رقم (928). وقال ابن حجر:«إسناده صالح» . فتح الباري لابن حجر (1/ 174).

(2)

الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي، ذكر من رحل في حديث واحد من الصحابة الأكرمين رضي الله عنهم أجمعين (ص:117)، رقم (33). وقال ابن حجر:«في إسناده ضعف» . فتح الباري لابن حجر (1/ 174).

(3)

سنن الترمذي (1/ 8).

(4)

نفس المصدر السابق.

(5)

تقريب التهذيب لابن حجر (ص:321).

ص: 261

وأما القاسم بن عبد الواحد فهو ابن أيمن المكي، قال أبو حاتم: «يُكتب حديثه، قلت

(1)

: يحتجُّ بحديثه؟ قال: يحتجُّ بحديث سفيان وشعبة»

(2)

.

وذكره ابن حبان في "الثقات"

(3)

.

وقال الذهبي: «وُثِّق» . ثم ساق له حديثًا من مناكيره

(4)

.

وقال ابن حجر: «مقبول»

(5)

.

ولأجل هذا فقد صحح الحديث الحاكم في مستدركه

(6)

، ووافقه الذهبي.

وحسَّنه ابن القيم، حيث قال: «هذا حديث حسن جليل، وعبد الله بن محمد بن عقيل صدوق حسن الحديث، وقد احتج به غير واحد من الأئمة، وتَكَلَّمَ فيه من قِبَلِ حفظه. وهذا الضرب ينتفي من حديثهم ما خالفوا فيه الثقات ورووا ما يخالف روايات الحفاظ وشذوا عنهم، وأما إذا روى أحدهم ما شواهده أكثر من أن تُحصر -مثل هذا الحديث- فلا ريب في قبول حديثه.

أما

(7)

القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي فحسن الحديث أيضًا، وقد احتج به النسائي مع تشدده في الرجال، وأن له فيهم شرطًا أشد من شرط مسلم، وحَسَّن الترمذي حديثه، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات"»

(8)

.

رابعًا: أن نبز أهل السُّنَّة والجماعة بالألقاب السيئة والألفاظ النابية ليس بضائرهم شيئًا، ولا يضر الرامي لهم بذلك إلا نفسه. ومن يتأمل في هذه الألقاب يجد أنها ليست وليدة اليوم، وإنما وُلدت يوم وُجدت فرق أهل الزيغ والضلالة من الجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم من المبتدعة. فهؤلاء ما فتئوا في إلصاق التهم بأهل السُّنَّة، ومن هذه التهم التي يصفونهم بها:

1 -

تارة يصفونهم بـ"المجسّمة"، كصاحب الرسالة، أي: أنهم يشبِّهون الخالق بالمخلوق، ويجعلونه جسمًا مثله.

(1)

يعني: ابن أبي حاتم يسأل أبيه أبي حاتم.

(2)

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 114).

(3)

الثقات لابن حبان (7/ 337).

(4)

ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 375)، ترجمة: القاسم بن عبد الواحد، رقم الترجمة (6823).

(5)

تقريب التهذيب لابن حجر (ص:450).

(6)

ذكره الحاكم في مستدركه في موضعين، وقال عنه في الموضع الأول:«صحيح الإسناد ولم يخرجاه» . المستدرك للحاكم، كتاب التفسير، تفسير سورة حم المؤمن (2/ 245)، رقم (3638).

وقال عنه في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» . المستدرك للحاكم، كتاب الأهوال (4/ 618).

ووافقه الذهبي، فقال في كلا الموضعين:«صحيح» .

(7)

كذا في مختصر الصواعق المرسلة، ولعل الصواب: وأما.

(8)

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم للبعلي (ص:489 - 490).

ص: 262

2 -

وتارة يصفونهم بـ"الحشوية"، أي: أنهم يقولون بوجود الحشو في كلام المعصوم.

وكل هذا من الافتراءات والأكاذيب عليهم، فإنهم بحمد لله ليسوا بمجسِّمة ولا حشوية ولا مُعطّلة، بل هم وسط في باب الأسماء والصفات بين هذه الفرق كلها، حيث يثبتون لله ما أثبته لنفسه في كتابه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، على حدِّ قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى:11].

ومن هذه الصفات التي أثبتوها له - جل وعلا - على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تشبيه بالمخلوق: صفة الصوت. ومن أقوالهم في ذلك:

1 -

قال عبد الله ابن الإمام أحمد: «سألت أبي رحمه الله عن قوم يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت، فقال أبي: «بَلَى إِنَّ رَبَّكَ عز وجل تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ. هَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ» . وقال أبي رحمه الله: «حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ عز وجل سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ)

(1)

»»

(2)

.

2 -

قال الإمام ابن تيمية: «والله تكلم بالقرآن بحروفه ومعانيه بصوت نفسه، ونادى موسى بصوت نفسه، كما ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف. وصوت العبد ليس هو صوت الرب ولا مثل صوته؛ فإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. وقد نصَّ أئمة الإسلام -أحمد ومن قبله من الأئمة- على ما نطق به الكتاب والسنة من أن الله ينادي بصوت، وأن القرآن كلامه، تكلَّم به بحرف وصوت، ليس منه شيء كلامًا لغيره، لا جبريل ولا غيره»

(3)

.

(1)

علق البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: (إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ شَيْئًا، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أَنَّهُ الحَقُّ وَنَادَوْا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} [سبأ:23]). صحيح البخاري تعليقًا، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)} [سبأ:23]، ولم يقل:"ماذا خلق ربكم"(9/ 141)، بدون رقم.

وجاء مسندًا عنه في سنن أبي داود، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا، فَيُصْعَقُونَ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ، حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ. قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيلُ! مَاذَا قَالَ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: الْحَقَّ، فَيَقُولُونَ: الْحَقَّ الْحَقَّ). سنن أبي داود، كتاب السنة، باب في القرآن (4/ 235)، رقم (4738). وقال الألباني:«صحيح» . صحيح سنن أبي داود للألباني (3/ 160)، رقم (4738).

وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ -قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ-، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ). صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله:{إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} [الحجر:18](6/ 80)، رقم (4701).

(2)

السنة لعبد الله بن الإمام أحمد (1/ 280 - 281).

(3)

مجموع الفتاوى لابن تيمية (12/ 584).

ص: 263

3 -

قال الإمام ابن القيم: «مما يظن أنه مجاز وليس بمجاز: لفظ "النداء الإلهي". وقد تكرر في الكتاب والسنة تكرارًا مطردًا في محاله، متنوعًا يمنع حمله على المجاز، فأخبر تعالى: أنه نادى الأبوين في الجنة، ونادى كليمه، وأنه ينادي عباده يوم القيامة. وقد ذكر سبحانه النداء في تسعة مواضع في القرآن، أخبر فيها عن ندائه بنفسه، ولا حاجة إلى أن يقيد النداء بالصوت؛ فإنه بمعناه وحقيقته باتفاق أهل اللغة، فإذا انتفى الصوت انتفى النداء قطعًا، ولهذا جاء إيضاحه في الحديث الصحيح الذي بلغناه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وسائر الأمة تلقته بالقبول. وتقييده بالصوت إيضاحًا وتأكيدًا، كما قيد التكليم بالمصدر في قوله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء:164].

قال البخاري في صحيحه: حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَقُولُ اللَّهُ عز وجل يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَمُ! فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ)

(1)

»

(2)

.

{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:32]؟ وأيضًا: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج:46].

والحمد لله رب العالمين.

(1)

صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج:2] (6/ 97)، رقم (4741).

(2)

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم للبعلي (ص:487).

ص: 264