الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثالثة عشرة
اتهام المحدثين بمخالفة القرآن
في إخباره بكونه كاملاً
يقول المشكك:
«ويقول تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3].
فيقول أهل الحديث: بل يكمله البخاري ومسلم»!
والجواب:
هذا من افترائه على أهل الحديث، فهم لم يقولوا: إن البخاري ومسلمًا يكملان الدين، وإنما قالوا: إن الدين يؤخذ من الكتاب والسنة الثابتة في الصحيحين وغيرهما.
وهذه الآية - {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]- نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعرفة، وهو واقف على راحلته، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3]. قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ)
(1)
.
وهذه الآية تتحدث عن إكمال الله تعالى لدينه الإسلام الذي شرَّعه الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان آخر فرائض الإسلام التي بينها صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله هي: فريضة الحج. ولم يمكث صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا شهرين ثم توفي.
ومما بينه صلى الله عليه وسلم لهذه الفريضة التي امتن الله على عباده بإكمالها:
1 -
أن أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
2 -
مواقيت الحج المكانية.
3 -
الإحرام وصفته، والتلبية.
4 -
غالب محظورات الحج.
5 -
الأنساك الثلاثة في الحج: الإفراد، والقران، والتمتع.
(1)
صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه (1/ 18)، رقم (45)، وصحيح مسلم، كتاب التفسير، ولم يذكر له بابًا (4/ 2312)، رقم (3017).
6 -
الذهاب إلى منى يوم التروية.
7 -
الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة، وهو ركن الحج الأعظم الذي من فاته فقد فاته الحج كله بإجماع المسلمين
(1)
بمن فيهم أهل البدع، وهو مذكور في السنة فقط في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من كتب الحديث
(2)
.
(1)
وممن نقل الإجماع على ذلك:
1 -
ابن المنذر، حيث قال:«وأجمعوا على أن الوقوف بعرفة فرض، ولا حج لمن فاته الوقوف بها» . الإجماع لابن المنذر (ص:57).
2 -
الماوردي، حيث قال:«أما الوقوف بعرفة فركن من أركان الحج واجب، لا نعرف فيه خلافًا بين العلماء» . الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي للماوردي (4/ 171).
3 -
القاضي عياض، حيث قال:«والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا خلاف فيه» . إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (4/ 280).
4 -
ابن رشد، حيث قال:«أما حكم الوقوف بعرفة فإنهم أجمعوا على أنه ركن من أركان الحج» . بداية المجتهد لابن رشد (2/ 112).
5 -
الرازي، حيث قال:«واتفقوا على أن الحج لا يحصل إلا بالوقوف بعرفة» . مفاتيح الغيب "أو: التفسير الكبير" للرازي "المشهور بـ: تفسير الرازي"(5/ 328).
6 -
أبو الحسن ابن القطان، حيث قال:«وأجمعوا أن لا حج لمن فاته الوقوف بعرفة» . الإقناع في مسائل الإجماع لأبي الحسن ابن القطان (1/ 277).
7 -
أبو العباس القرطبي، حيث قال:«لا خلاف في أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج» . المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم لأبي القرطبي (3/ 337).
8 -
شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة، حيث قال:«والوقوف بعرفة ركن لا يتم الحج إلا به إجماعًا» . الشرح الكبير لشمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة "مطبوع مع: المقنع والإنصاف"(9/ 161)، و (9/ 289).
(2)
جاء في ذلك عدة أحاديث عن عدة صحابة رضي الله عنهم، منها: عن عبد الله بن يعمر الديلي رضي الله عنه قال: (شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ الْحَجُّ؟ قَالَ: الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّه). مسند أحمد (31/ 64)، رقم (18774)، وسنن ابن ماجة، كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع (2/ 1003)، رقم (3015)، وسنن أبي داود، كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة (2/ 196)، رقم (1949)، وسنن الترمذي، أبواب الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج (3/ 228)، رقم (889)، وسنن النسائي، كتاب مناسك الحج، فرض الوقوف بعرفة (5/ 256)، رقم (3016). وقال الألباني:«صحيح» . صحيح سنن ابن ماجة للألباني (3/ 44)، رقم (2459). ولفظ الترمذي:(مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ).
فماذا عسى أن يقول هذا المبتدع في هذا؟
إن قال: "إن السنة لا تكمل القرآن" فليخبرنا أين نجد الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة في القرآن؟
وإن قال: "إن الوقوف هو يوم التاسع" فقد قال بما يقول به أهل الحديث. وحينئذ يقال له: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:32]؟
ويقال له كذلك: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج:46].
ومما بينته السنة أيضًا في فريضة الحج:
1 -
المبيت بمنى أيام التشريق.
2 -
رمي الجمار الثلاث، وصفته.
3 -
طواف الوداع، وهو آخر أعمال فريضة الحج.
وكل هذه المناسك هي في السنة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما التي ينفي هذا المبتدع أخذ الدين منها.
والله أعلم.