الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة التاسعة
اتهام المحدثين بمخالفة القرآن
في تحليلهم وطء الإماء بملك اليمين
يقول المشكك:
«ويقول الله: "غير مسافحين ولا متخذين أخدان".
فحللوا
(1)
وطء الإماء بغير عقود نكاح».
والجواب:
أولًا: هكذا أورد الآية في المنشور: «ولا متخذين أخدان» . والصواب: {غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة:5].
وهذه اللفظة من الآية يقصد بها: الرجال، وليس النساء، كما يتوهم هذا المشكك. والمعنى: كما يشترط في النساء الإحصان -أي: العفة عن الزنا- فكذلك يشترط فيمن يُزَوج من الرجال أن يكون غير مسافح، أي: عفيفًا من الزنا والفواحش، وليس متخذًا للخليلات ولا العشيقات.
وقد أخطأ هذا الجاهل في الاستدلال بهذه الآية من وجهين:
الأول: استدلاله بما هو خطاب للرجال وشروط تزويجهم للاعتراض به على وطء الإماء بغير عقود نكاح، ولو كان المقصد الذي يقوله حقًا لكانت آية النساء:{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25] هي الدليل الواضح له. ولكن لجهله بهذه الآية ثم لوجه الاستدلال منها لم يهتد إليها.
الثاني: استدلاله بالآية على تحريم وطء الإماء بملك اليمين، وهي لا تدل عليها البتة.
ثانيًا: دلت الآيات الكثيرة في القرآن الكريم على إباحة وطء الأمة بملك اليمين وليس بالعقد، وهذا بلا خلاف بين علماء الأمة. وليس هذا تحليلًا منهم كما يقول هذا المفتري، بل من الله تعالى، فقد أحل ذلك في عدة آيات من كتابه، ومن ذلك:
1 -
قال جل شأنه: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3].
2 -
قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24].
3 -
قال تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} [المؤمنون:6، والمعارج:30].
(1)
كذا في المنشور.
4 -
قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حينما حرم عليه الزواج زيادة على ما عنده من الزوجات أو استبدالًا بواحدة منهن مستثنيًا ملك اليمين: {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب:52].
فهذه الآيات وغيرها تدل بمنطوقها وظاهرها وصريحها على جواز وطء ملك اليمين من سيدها بغير عقد نكاح. وهو محل إجماع بين العلماء. قال ابن حزم: «وأجمعوا أن للمرء الحر البالغ العاقل غير المحجور أن يتسرى من الإماء المسلمات ما أحب ويطأهن»
(1)
إلخ.
وكذلك ذكر الإجماع غير واحد من أهل العلم
(2)
.
ثالثًا: لا خلاف بين العلماء أنه إذا تزوج رجلٌ أمةً مملوكة لغيره وهي مؤمنة أنها لا تحل له إلا بعقد ومهر.
والله أعلم.
(1)
مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات لابن حزم (ص:63).
(2)
ومنهم:
1 -
الإمام البغوي، حيث قال:«وبالاتفاق يجوز وطؤها -يعني: الأمة الكتابية- بملك اليمين» . تفسير البغوي (1/ 599).
2 -
ابن رشد، حيث قال:«واتفقوا على إحلالها -يعني: الأمة الكتابية- بملك اليمين» . بداية المجتهد لابن رشد (3/ 67).
3 -
أبو الحسن ابن القطان، حيث قال:«وأجمعوا أن للمرء الحر العاقل البالغ المسلم غير المحجور أن يتسرى من الإماء المسلمات ما أحب ويطأهن» . الإقناع في مسائل الإجماع لأبي الحسن ابن القطان (2/ 12).
وقال أيضًا أبو الحسن بن القطان: «وجائز وطء إماء أهل الكتاب بملك اليمين بظاهر الكتاب والإجماع» . نفس المصدر السابق.