الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن يتعلم السنة بالنضارة
والمقصود بالنضارة هي: الحُسْن في الوجه والبهجة والبهاء
(1)
. وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ)
(2)
.
وعن حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ)
(3)
.
وقد عد جمع من أهل العلم هذا الحديث من الأحاديث المتواترة، منهم: ابن منده والسيوطي
(4)
والكتاني
(5)
، وغيرهم.
قال الكتاني: «وذكر ابن منده في تذكرته: أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون صحابيًا، ثم سرد أسماءهم. نقله ابن حجر في "أماليه المخرجة على مختصر ابن الحاجب الأصلي"
(6)
.
(1)
المصباح المنير للفيومي، مادة:"نضر"(2/ 610)، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري (1/ 306).
(2)
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخرجه في: سنن ابن ماجة، المقدمة، باب من بلغ علمًا (1/ 85)، رقم (232)، وسنن الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع (5/ 34)، رقم (2657، و 2658)، وصحيح ابن حبان، كتاب العلم، باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها (1/ 268)، رقم (66)، والمعجم الأوسط للطبراني (2/ 78)، رقم (1304)، وشعب الإيمان للبيهقي، فصل في فضل العلم وشرف مقداره (3/ 248)، رقم (1607). وقال الترمذي:«حديث حسن صحيح» . وقال الألباني: «صحيح» . صحيح سنن ابن ماجة للألباني (1/ 95)، رقم (190)، وصحيح سنن الترمذي للألباني (3/ 61)، رقم (2657، و 2658).
(3)
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أخرجه في: مسند أحمد (35/ 467)، رقم (21590)، وسنن الدارمي، المقدمة، باب الاقتداء بالعلماء (1/ 302)، رقم (235)، وسنن ابن ماجة، المقدمة، باب من بلغ علمًا (1/ 84)، رقم (230)، وسنن أبي داود، كتاب العلم، باب فضل نشر العلم (3/ 322)، رقم (3660)، وسنن الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع (5/ 34)، رقم (2656). وقال الترمذي:«حديث حسن» . وقال الألباني: «صحيح» . صحيح سنن ابن ماجة للألباني (1/ 94)، رقم (188).
(4)
انظر: قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي (ص:28)، رقم (2).
(5)
انظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني (ص:33)، رقم (3).
(6)
قال الحافظ ابن حجر: «وذكر أبو القاسم ابن منده في تذكرته: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون صحابيًا، ثم سرد أسماءهم. وقد تتبعت طرقه فوقع لي أكثرها وزيادة ستة» . موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر لابن حجر (1/ 363). ثم أورد القوي منها.
وفي "شرح المواهب اللدنية": قال الحافظ: إنه مشهور، وعده بعضهم من المتواتر؛ لأنه ورد عن أربعة وعشرين صحابيًا، وسردهم
(1)
. اهـ.
وفي "شرح التقريب" للسيوطي -كما تقدم عنه-: إنه وارد عن نحو ثلاثين منهم
(2)
»
(3)
.
قال أبو سليمان الخطابي عن معنى الحديث: «قوله: (نَضَّرَ اللَّهُ) معناه: الدعاء له بالنضارة، وهي: النعمة والبهجة. يقال بتخفيف الضاد وتثقيلها، وأجودهما التخفيف»
(4)
.
قال البغوي: «وقيل: ليس هذا من حسن الوجه، إنما معناه: حسن الجاه والقدر في الخلق»
(5)
.
قلت: وفي الحديث دلالة على: فضل حفظ السنة واستظهارها، والاشتغال بها واستنباط معانيها وفقهها، ونشرها وتبليغها.
وفيه كذلك: الإشارة إلى تكرار الحديث للحفظ، والمحافظة على لفظ الحديث في الرواية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ). وألا يعمد إلى اختصاره أو روايته بالمعنى دون حاجة إلى ذلك.
وفيه أيضًا: فضل التفقه، وأن من الرواة من يفتح له في فهم الحديث واستخراج أسراره وفقهه ومنهم من ينغلق عليه فهمه فلا يصل إلى شيء من معانيه البتة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
(1)
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (7/ 311).
(2)
تدريب الراوي للسيوطي (2/ 630).
(3)
نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني (ص:34).
(4)
معالم السنن للخطابي (4/ 187).
(5)
شرح السنة للبغوي (1/ 236).