الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الحمد لله أولًا وآخرًا، والشكر له سبحانه باطنًا وظاهرًا، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وأزكى عباده، محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالتشكيك في السنة المطهرة -سواء من حيث ورودها أو من حيث حجيتها والعمل بها- ليس وليد هذا العصر، ولا بدعة هذا الدهر، بل هو قديم، وقد وُجد يوم أن وجدت الفرق الضالة والمنحرفة فكريًا وعقديًا، وهي كثيرة جدًا، ويأتي في مقدمتها الزنادقة والرافضة، فالأولى أنكرت السنة النبوية وجحدتها تمامًا، والثانية أنكرت ما كان مرويًا من طريق أهل السنة، وأثبتت ما كان مرويًا من طريق أهل البيت فقط مما يتوافق مع أصولهم ومعتقداتهم.
وقد انبرى العلماء عبر العصور للرد عليهم وإبطال شبهاتهم وتشكيكاتهم، واستمرت عجلة السنة والعمل بها في السير لم تتأثر بذلك الإنكار، ولم يأبه المسلمون بها، وكأنها لم تكن.
غير أن إخوان الشياطين موجودون في كل زمان ومكان، فالعلمانيون -وهم زنادقة العصر وامتداد للزنادقة الأولين- والرافضة المنتشرون في أصقاع الأرض هم سليل أولئك الأقدمين، وقد حمل هؤلاء جميعًا على عاتقهم إكمال مسيرة إخوانهم، والسير على طريقهم في الإنكار والتشكيك في السنة النبوية في مؤلفاتهم وقنواتهم ومحاضراتهم وخطبهم.
ومن هؤلاء المشككين محام ومستشار مصري يدعى: "أحمد عبده ماهر" في منشور له سماه: "صور من الضياع الفقهي للفقهاء"، وآخر يمني من أهل تعز يدعى "عدنان الجُنيد" في منشور له سماه:"رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء".
فأما الجُنيد هذا فقد رددت عليه قديمًا، ونُشرت بعضًا من ردودي عليه في ذلك الوقت في عدة حلقات في إحدى الجرائد المحلية، تحت مُسمى:"دحض مطاعن الأغبياء في سنة سيد الأنبياء".
وأما المستشار المصري فقد رددت عليه في منشور يحمل اسم هذا الكتاب
-"مع المشككين في السنة"-، ونشرته في صفحتي في الفيس بوك، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد اقترح عليَّ بعض الإخوة إخراج هذه الردود في كتاب، فلقي اقتراحه هذا قبولًا عندي، وعهدت بهذا الأمر إلى الأخ "فاروق يحيى محمد الحاج"، فقام وفقه الله بتنسيق هذا الكتاب وتحقيقه وتخريج أحاديثه، مع إضافة فصل لي عن خصائص السنة المطهرة، كنت قد نشرته في إحدى المجلات المحكَّمَة، جعلته كالتمهيد للكتاب، يُعرِف بالسنة والعمل بها، وحجيتها، وحكم منكرها، في مباحث عدة.
وقد جاء هذا الكتاب بحمد الله يرد على جميع الشبه حول السنة إجمالًا، ويرد على معظمها تفصيلًا. وقد خلصت فيه إلى ما يلي:
1 -
أن السنة هي وحي من الله تعالى، تنزل بها جبريل عليه السلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما تنزل عليه بالقرآن الكريم، غير أنه تنزل بها بمعناها دون لفظها، بخلاف القرآن الكريم فقد تنزل به من الله تعالى بمعناه ولفظه.
2 -
أن منكر السنة مطلقًا كافر زنديق بإجماع العلماء، أما من ينكر بعضها دون بعض دون تأويل سائغ فهو ضال مبتدع.
3 -
أن إثارة الشبه حول السنة هو مسلك أهل الزيغ والضلال ومن في قلوبهم مرض، وليس مسلك المتبعين الصادقين؛ وذلك لأن من السهل جدًا إثارة الشبهة حتى حول الأصول الثابتة التي لا تقبل الشك، وليس من السهل الرد عليها أو قبول الرد إلا لمن رزقه الله تعالى قلبًا سليمًا مخبتًا وعقلًا صحيحًا متزنًا.
4 -
أن الردود على أصحاب هذه الشبه لا تُجْدِ معهم ولا تزيدهم إلا غيًا وضلالًا وإنكارًا؛ لأمرين اثنين:
الأول: خلفيتهم الفكرية والعقدية التي جعلت من هذه الشُبه عندهم أصولًا وقطعيات لا مرية ولا شك فيها.
والثاني: مواقفهم الثابتة من السنة في كونها من وضع المؤلفين والحكام الأمويين، وليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وكون هذه الردود لا تُجْدِ عند هؤلاء إلا أنها تجدي عند الجمهور الأعظم من المسلمين؛ لأمرين اثنين كذلك:
الأول: الدفاع عن الحق وأهله الذي أوجبه الله تعالى على العلماء.
والثاني: تفنيد هذه الشُبه وإبطالها عن الجهلاء من أهل السنة؛ حتى لا تعلق بعقولهم وتتمكن من فطرهم السليمة.
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف في (25/ صفر/ 1442 هـ)
الموافق (12/ 10/2020 م)