الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر مولد النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- على سَبِيل الإختصار:)
قيل: إِنَّه ولد -[صلى الله عليه وسلم]- عَام الْفِيل، وَمَات أَبوهُ عبد الله بن عبد الْمطلب - وَاسم عبد الْمطلب شيبَة الْحَمد - غَرِيبا بِالْمَدِينَةِ، قدمهَا ليمتار تَمرا. وَقيل: بل مر بهَا مَرِيضا رَاجعا من الشَّام.
ذكر الْحَافِظ [شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد] الذَّهَبِيّ فِي تَارِيخه، قَالَ:
روى مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيره، أَن عبد الله بن عبد الْمطلب خرج من الشَّام إِلَى غَزَّة فِي عير تحمل تِجَارَات. فَلَمَّا قَفَلُوا مروا بِالْمَدِينَةِ وَعبد الله مَرِيض؛ فَقَالَ: اتخلف عَن أخوالي بني عدي بن النجار: فَأَقَامَ عِنْدهم عدَّة مُدَّة شهر؛ فَبلغ ذَلِك عبد الْمطلب؛ فَبعث [إِلَيْهِ] الْحَارِث - وَهُوَ أكبر وَلَده - فَوَجَدَهُ قد مَاتَ وَدفن فِي دَار النَّابِغَة - أحد بني النجار -، وعمره خمْسا وَعِشْرُونَ سنة - على الْأَصَح - وَعمر النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ شهرا، وَقيل: وَهُوَ فِي بطن أمه - وَهُوَ الْأَصَح -. وَقيل: بعد مولده بِشَهْر.
وَولد -[صلى الله عليه وسلم]- عَام الْفِيل لإثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من شهر ربيع الأول لعشرين من نيسان.
وَقَالَ الْحَافِظ عَلَاء الدّين مغلطاى: ولد -[صلى الله عليه وسلم]- بِمَكَّة، وَتسَمى بكة؛ لِأَنَّهَا تبك أَعْنَاق الْجَبَابِرَة، أَو من الإزدحام، وَقيل: مَكَّة اسْم الْمَدِينَة، وبكة اسْم الْبَيْت.
وَتسَمى أَيْضا: الرَّأْس، وَصَلَاح، وَأم رحم، وكوثا، وَأم الْقرى، والحاطمة، وَالْعرش وطيبة.
وَذكر ابْن دحْيَة فِي بعض تصانيفه أَن لَهَا عشْرين اسْما: [مَكَّة و] بكة وَالْبَيْت الْعَتِيق، وَالْبَيْت الْحَرَام، والأمين، والمأمون، وَأم رحم، [وَأم][الْقرى] ، وَصَلَاح، وَالْعرش - على وزن برش - والقادس - لِأَنَّهَا تطهر من الذُّنُوب - والمقدسة، والناسة - بالنُّون - والنساسة، والباسة - بِالْبَاء -؛ لِأَنَّهَا تبس [أَي تحطم] الملحد فِيهَا. وَقيل: تخرجهم مِنْهَا، والحاطمة، وَالرَّأْس - مثل رَأس الْإِنْسَان - وكوثى - باسم بقْعَة فِيهَا
كَانَت منزل بني عبد الدَّار -، والبلدة - على [مَا ثَبت] فِي الصَّحِيحَيْنِ - وَالْبَيِّنَة - على مَا [ثَبت] أَيْضا - والكعبة؛ وَقيل: هُوَ الْبَيْت نَفسه لَا غير؛ لتكعبه وَهُوَ تربيعه، وكل بِنَاء مربع أَو مُرْتَفع كعبة. يُقَال: كَعْب ثدي الْجَارِيَة إِذا علا فِي صدرها.
وَهُوَ أول بَيت وضع للنَّاس على وَجه الأَرْض بِصَرِيح الْقُرْآن [الْعَظِيم] ، وَبعده الْأَقْصَى، ومدينة مصر، والحيرة، والأبلة أشهر، انْتهى.
ونعود إِلَى كَلَام الْحَافِظ مغلطاى، قَالَ: ومولده فِي الدَّار الَّتِي كَانَت لمُحَمد ابْن يُوسُف أخي الْحجَّاج. إنتهى [كَلَام مغلطاى] .
وَيُقَال: بِالشعبِ، وَيُقَال: بالردم، وَيُقَال: بعسفان.
وَفِي تِلْكَ السّنة انْشَقَّ إيوَان كسْرَى، وَسَقَطت مِنْهُ أَربع عشرَة شرفة، وخمدت نَار فَارس، وَلم تخمد قبل ذَلِك بِأَلف عَام، وغاضت بحيرة ساوة.
وَذكر يَعْقُوب عَن ابْن عَبَّاس: أَنه ولد -[صلى الله عليه وسلم]- يَوْم الأثنين، وَخرج من مَكَّة يَوْم الأثنين، [وَدخل الْمَدِينَة يَوْم الأثنين] .
وَولد لثمان عشرَة لَيْلَة من شهر ربيع الأول. وَقيل لسبع عشرَة [لَيْلَة] . وَقيل: لثمان بَقينَ مِنْهُ. وَقيل: فِي أَوله، [وَقيل] : لليلتين خلتا مِنْهُ حِين طلع الْفجْر [من] يَوْم أرسل الله الأبابيل [وَهِي الْجَمَاعَات - وَاحِدهَا إبول - وَقيل: لَا وَاحِد لَهَا] على أهل الْفِيل.
وَقيل فِي وِلَادَته غير ذَلِك من الْأَقْوَال الَّتِي يضيق هَذَا الْمُخْتَصر عَن ذكرهَا.
وَذكر أَن أَبْرَهَة الأشرم كَانَ بنى بِالْيمن كَنِيسَة يُقَال لَهَا الْقليس، وَأَرَادَ أَن يصرف حج النَّاس إِلَيْهَا؛ فَخرج رجل من كنَانَة فأحدث فِيهَا؛ فَغَضب أَبْرَهَة وَحلف ليسيرن إِلَى بَيت الْعَرَب فيهدمه؛ فقدموا مَكَّة يَوْم الْأَحَد لخمس لَيَال خلون من الْمحرم، وَقيل: لثلاث عشرَة.
فَلَمَّا وجهوا الْفِيل للكعبة، امْتنع من ذَلِك حَتَّى وخزوه بالأسنة، وَهُوَ لَا يَتَحَرَّك من مَكَانَهُ إِلَّا إِلَى جِهَة غير الْبَيْت؛ فَأرْسل الله عَلَيْهِم طيرا من الْبَحْر - أَمْثَال الخطاطيف والبلسان، وَقيل فِي صفتهَا غير ذَلِك - مَعَ كل طَائِر ثَلَاثَة أَحْجَار: حجر فِي منقاره، وحجران فِي رجلَيْهِ مِثَال الحمص والعدس، لَا تصيب أحدا مِنْهُم إِلَّا هلك، وَلَيْسَ كلهم أَصَابَت.
وَقيل: ولد بعد الْفِيل بِشَهْر، وَقيل: بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقيل: بشهرين وَسِتَّة أَيَّام، وَقيل: بِعشْرين [سنة]، وَقيل: بِثَلَاثِينَ [سنة]، وَقيل: بِأَرْبَعِينَ [سنة]، وَقيل: بسبعين [سنة] ، وَقيل غير ذَلِك، مختونا، مَسْرُورا، مَقْبُوضَة أَصَابِع يَده، مُشِيرا بالسبابة كالمسبح بهَا.
وَقيل: إِن جده ختنه [يَوْم سابعه، وَقيل: جِبْرَائِيل، وَسَماهُ مُحَمَّدًا - قالته أمه - وَقيل: إِن جده سَمَّاهُ] .
وَاخْتلف فِي مُدَّة الْحمل بِهِ؛ فَقيل: تِسْعَة أشهر، وَقيل: ثَمَانِيَة، وَقيل: سَبْعَة، وَقيل: سِتَّة.
وَلما شاع قبل وِلَادَته أَن نَبيا اسْمه مُحَمَّد - هَذَا إبان ظُهُوره - سمى جمَاعَة أَبْنَاءَهُم مُحَمَّدًا؛ رَجَاء أَن يكون هُوَ.
مِنْهُم: مُحَمَّد بن سُفْيَان بن مجاشع، مُحَمَّد بن أحيحة بن الجلاح، مُحَمَّد بن حمْرَان، وَمُحَمّد بن مسلمة الْأنْصَارِيّ - وَفِيه نظر - مُحَمَّد بن الْبكْرِيّ، مُحَمَّد بن الْخُزَاعِيّ السّلمِيّ، مُحَمَّد بن عدي بن [ربيعَة بن سعد] الْمنْقري، مُحَمَّد الأسيدي، مُحَمَّد العقيمي، مُحَمَّد بن عتوارة اللَّيْثِيّ، مُحَمَّد بن حرماز الْعمريّ، مُحَمَّد بن خولي الْهَمدَانِي، مُحَمَّد بن يزِيد بن ربيعَة، مُحَمَّد بن أُسَامَة بن مَالك.
وَأول من أَرْضَعَتْه بعد أمه ثويبة - مولاة عَمه أبي لَهب - وأرضعت مَعَه عَمه حَمْزَة، ثمَّ أَرْضَعَتْه بعْدهَا حليمة السعدية.
وَلما ترعرع أحضرته إِلَى أمه.
وَلما بلغ من الْعُمر سِتّ سِنِين مَاتَت أمه [آمِنَة] وَبَقِي فِي حجر جده عبد الْمطلب.
وَلما بلغ ثَمَان سِنِين وشهرين وَعشرَة أَيَّام توفّي جده عبد الْمطلب، وَقَامَ بكفالته عَمه أَبُو طَالب.
وَلما بلغ ثَلَاثَة عشر سنة خرج مَعَ عَمه إِلَى الشَّام. فَلَمَّا رَآهُ بحيرا الراهب قل: هَذَا رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- أرْسلهُ رَحْمَة للْعَالمين. ثمَّ قَالَ لِعَمِّهِ: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَارْجِع بِهِ لِئَلَّا يقْتله الْيَهُود؛ فَرجع بِهِ.
ثمَّ تزوج بخديجة وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة وشهرين وَعشرَة أَيَّام. وَلما بلغ أَرْبَعِينَ سنة بَعثه الله [تَعَالَى] إِلَى الْأسود والأحمر، نَاسِخا بِشَرِيعَتِهِ سَائِر الشَّرَائِع.
وَلما بلغ خمسين سنة توفّي عَمه أَبُو طَالب، ثمَّ توفيت زَوجته خَدِيجَة بعد عَمه أبي طَالب بِثَلَاثَة أَيَّام. وَوجد النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-[عَلَيْهِمَا] كثيرا.
ثمَّ هَاجر -[صلى الله عليه وسلم]-[إِلَى الْمَدِينَة] من مَكَّة وعمره ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة، لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى.
وَأقَام بِالْمَدِينَةِ سَبْعَة عشر شهرا يصلونَ إِلَى جِهَة بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ تحولت الصَّلَاة إِلَى الْكَعْبَة يَوْم الثُّلَاثَاء منتصف شعْبَان، فِي صَلَاة الظّهْر، وَفرض صَوْم [شهر] رَمَضَان.