الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(هِشَام بن عبد الْملك)
بن مَرْوَان بن الحكم، الْأمَوِي الْقرشِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَبُو الْوَلِيد.
أمه فَاطِمَة بنت [هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن هِشَام بن] الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المخزومية.
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَخِيه يزِيد فِي شعْبَان سنة خمس وَمِائَة.
ولد سنة نَيف وَسبعين، واستخلف وعمره أَربع وَثَلَاثُونَ سنة.
وَكَانَت دَاره عِنْد بَاب الخواصين بِدِمَشْق - الَّتِي بَعْضهَا الْآن الْمدرسَة النورية -.
وَقَالَ سعيد بن عفير: كَانَ هِشَام جميلا، أَبيض، مسمنا، أحولا، يخضب بِالسَّوَادِ. إنتهى.
وَقَالَ أَبُو عُمَيْر بن النّحاس: حَدثنِي أبي قَالَ: كَانَ لَا يدْخل بَيت مَال هِشَام [مَال] حَتَّى يشْهد أَرْبَعُونَ قسَامَة: لقد أَخذ من حَقه وَلَقَد أعْطى لكل ذِي حق حَقه.
[قلت] : كَانَ حَلِيمًا، لين الْجَانِب للرعية، محببا لَهُم.
قَالَ الْأَصْمَعِي: أسمع رجل مرّة هِشَام بن عبد الْملك كلَاما؛ فَقَالَ - يَعْنِي هِشَام -: يَا هَذَا {لَيْسَ لَك أَن تسمع خليفتك} وَلم يزده على ذَلِك.
قَالَ: وَغَضب مرّة على رجل؛ فَقَالَ: وَالله لقد هَمَمْت أَن أضربك سَوْطًا.
وَقَالَ ابْن سعد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر، حَدثنَا سحيل بن مُحَمَّد قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا من الْخُلَفَاء أكره إِلَيْهِ الدِّمَاء وَلَا أَشد عَلَيْهِ من هِشَام، وَلَقَد دَاخله من مقتل زيد بن عَليّ وَيحيى بن زيد العلويين أَمر شَدِيد، وَقَالَ: وددت أَنِّي كنت أفتديهما. قلت: كَانَا خرجا [عَلَيْهِ فقتلا] . وصلب زيد بواقعة جرت لَهُ طَوِيلَة.
وَلما ظَهرت دَعْوَة العباسيين عمد عبد الله بن عَليّ بن عَبَّاس فنبش هشاما من قَبره وصلبه؛ فعد ذَلِك من غلطات عبد الله بن عَليّ. إنتهى.
وَقَالَ [ابْن] عَائِشَة: قَالَ هِشَام بن عبد الْملك: مَا بَقِي عَليّ شَيْء من لذات الدُّنْيَا إِلَّا وَقد نلته، إِلَّا شَيْئا وَاحِدًا: أَخ أرفع مُؤنَة التحفظ [فِيمَا] بيني وَبَينه.
وَقيل: إِن هَذَا الْبَيْت لَهُ، وَلم يحفظ لَهُ غَيره:
(إِذا أَنْت لم تعص الْهوى قادك الْهوى
…
إِلَى بعض مَا فِيهِ عَلَيْك مقَال)
قَالَ حَمَّاد الراوية: لما ولي هِشَام الْخلَافَة طلبني؛ فأحضرت إِلَيْهِ، فَوَجَدته جَالِسا فِي فرش قد غرق فِيهِ وَبَين يَدَيْهِ صَحْفَة من ذهب مَمْلُوءَة مسكا مذوبا بِمَاء ورد، وَهُوَ يقلبه بِيَدِهِ؛ فتفوح روائحه؛ فَسلمت عَلَيْهِ؛ فَرد عَليّ السَّلَام وَقَالَ: يَا حَمَّاد، إِنِّي ذكرت بَيْتا من الشّعْر فَمَا عرفت قَائِله [وَهُوَ هَذَا] :
(ودعوا بالصبوح يَوْمًا فَجَاءَت
…
قينة فِي يَمِينهَا إبريق)
فَقلت: هُوَ لعدي بن زيد.
قَالَ: فأنشدني القصيدة؛ فَأَنْشَدته إِيَّاهَا؛ فَقَالَ: سل حَاجَتك.
وَكَانَ على رَأسه جاريتان كَأَنَّهُمَا قمران، فِي أذن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا جوهرتان يضئ مِنْهُمَا الْمنزل؛ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، جَارِيَة من هَاتين. فَقَالَ: هما الإثنتان لَك. وَأمر لي بِمِائَة ألف دِرْهَم؛ فأخذتهما وَالدَّرَاهِم وانصرفت.
وَقَالَ حَرْمَلَة: حَدثنَا الشَّافِعِي قَالَ: لما بنى هِشَام قصره بِقِنِّسْرِينَ أحب أَن يَخْلُو [يَوْمًا] بِهِ لَا يَأْتِيهِ فِيهِ غم، فَمَا انتصف النَّهَار حَتَّى أَتَتْهُ ريشة بِدَم من بعض الثغور؛ فأوصلت إِلَيْهِ؛ فَقَالَ: وَلَا يَوْمًا وَاحِدًا {}
وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كَانَ هِشَام [لَا يكْتب] إِلَيْهِ بِكِتَاب فِيهِ ذكر الْمَوْت.
قلت: وَلذَلِك تنغص لما أَتَتْهُ الريشة بِالدَّمِ. إنتهى.
قَالَ الْهَيْثَم بن عمرَان: مَاتَ هِشَام من ورم أَخذه فِي حلقه - يُقَال لَهُ: الحردون - بالرصافة.
وَقَالَ غير وَاحِد: إِنَّه مَاتَ فِي شهر ربيع الآخر سنة خمس وَعشْرين، وَله أَربع وَخَمْسُونَ سنة.
وَكَانَت خِلَافَته تسع عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وأياما. وتخلف بعده [ابْن] أَخِيه [الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك] .