الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقتدر بِاللَّه
أَبُو الْفضل، جَعْفَر.
أُعِيد إِلَى الْخلَافَة [فِي صَبِيحَة] يَوْم خلعه بِعَبْد الله بن المعتز، وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي تَرْجَمَة عبد الله بن المعتز، وَكَيْفِيَّة عوده إِلَى الْخلَافَة وظفره بِابْن المعتز وَقَتله لَهُ؛ فَكَانَ خلعه من الْخلَافَة بِابْن المعتز يَوْمًا وَاحِدًا، وَلم ينْتَقل من دَار الْخلَافَة، بل امْتنع بهَا عِنْد خلعه ومبايعة عبد الله بن المعتز، ثمَّ أصبح يمن مَعَه وَقَاتل أعوان ابْن المعتز وَهَزَمَهُمْ، وظفر بِابْن المعتز وأعيد للخلافة وَلم يُغير لقبه.
وَاسْتمرّ فِي الْخلَافَة، وظفر بأعدائه وَاحِدًا بعد وَاحِد.
واستوزر أَبَا الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفُرَات؛ فَسَار ابْن الْفُرَات فِي النَّاس أحسن سيرة، وكشف الْمَظَالِم، وفوض إِلَيْهِ المقتدر جَمِيع الْأُمُور؛ لصِغَر سنه.
واشتغل المقتدر باللعب مَعَ الندماء والمغنين، وعاشر النِّسَاء، وَغلب أَمر الْحرم والخدم على الدولة، وأتلف الخزائن.
وَمَعَ هَذَا كَانَ عِنْده بَقِيَّة، وعسكر هائل.
قيل: إِنَّه لما بعث ملك الرّوم رسله إِلَيْهِ عبأ لَهُم المقتدر العساكر، وصفت الدَّار بالأسلحة وأنواع الزِّينَة.
وَكَانَت جملَة الْعَسْكَر [المصفوف] حِينَئِذٍ مائَة ألف وَسِتِّينَ ألفا. ووقفت الغلمان الحجرية بالزينة والمناطق الذَّهَب، ووقف الخدم الخصيان
كَذَلِك، ووقفت الْحجاب - وَكَانُوا سَبْعمِائة [حَاجِب]-. وألقيت المراكب فِي دجلة بالنفط والدبادب، ولعبوا فِي الْبَحْر.
وزينت دَار الْخلَافَة بالستور والبسط؛ فَكَانَت جملَة الستور الْمُعَلقَة ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ ألف ستر، مِنْهَا ديباج مَذْهَب إثني عشر ألف [ستر] وَخَمْسمِائة. وَجُمْلَة الْبسط إثنين وَعشْرين ألف بِسَاط.
وَكَانَ بدار الْخلَافَة يَوْم ذَاك مائَة سبع مَعَ مائَة سِبَاع.
وَكَانَ فِي جملَة الزِّينَة شَجَرَة من ذهب وَفِضة، تشْتَمل على ثَمَانِيَة عشر غصنا، وأوراقها أَيْضا من ذهب وَفِضة، وَأَغْصَانهَا تتمايل بحركات مَوْضُوعَة، وعَلى الأغصان طيور من ذهب وَفِضة، تنفخ فِيهَا الرّيح؛ فيصفر كل طير بلغَة، وَأَشْيَاء غير ذَلِك.
قلت: هَذَا بعد أَن ضعف أَمر الْخلَافَة؛ فَمَا بالك بأيام الرشيد وَمن قبله إِلَى من بعده إِلَى أَيَّام المعتضد.
وَفِي أَيَّام المقتدر هَذَا قتل الحلاج: ((الْحُسَيْن بن مَنْصُور)) على الزندقة فِي سنة تسع وثلثمائة. وَكَانَ الحلاج [رجلا] صوفيا وَفِيه زهد وَله كرامات.
وَاسْتمرّ المقتدر فِي الْخلَافَة إِلَى سنة سبع عشرَة وثلثمائة، ثمَّ خلع ثَانِيًا بأَخيه القاهر، [ثمَّ أُعِيد] ثَالِثا إِلَى الْخلَافَة بعد ثَلَاثَة أَيَّام.