الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المستظهر بِاللَّه)
أَبُو الْعَبَّاس، أَحْمد بن الْمُقْتَدِي بِاللَّه عبد الله.
- قد مر [نسب هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء] فِي مَوَاطِن كَثِيرَة، فَلَا حَاجَة إِلَى ذكرهَا هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي إِلَّا لضَرُورَة -.
بُويِعَ المستظهر بالخلافة يَوْم مَاتَ أَبوهُ فِي محرم سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة.
وَأمه أم ولد، تركية تسمى: الطن.
قَالَ ابْن الْأَثِير: كَانَ المستظهر لين الْجَانِب، كريم الْأَخْلَاق، يُسَارع إِلَى أَعمال الْبر، وَكَانَت أَيَّامه أَيَّام سرُور للرعية، وَكَانَ حسن الْخط، جيد التوقيعات، لَا يُقَارِبه فِيهَا أحد، يدل على فضل غزير وَعلم وَاسع. إنتهى.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ، محبا للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ.
وَقَالَ غَيره: كَانَ فَاضلا، أديبا شَاعِرًا.
وَمن شعره [من] قصيدة:
(يَوْمًا مددت إِلَى رسم الْوَدَاع يدا
…
)
وَهَذِه قصيدة طَوِيلَة طنانة.
قَالَ: وَفِي أَيَّامه اجْتمع الْحجَّاج بخراسان وَالْعراق والسند والهند وَمَا وَرَاء النَّهر، وَسَارُوا إِلَى الْحَج؛ فَلَمَّا وصلوا قَرِيبا من الرّيّ أَتَاهُم الباطنية وَقت السحر وقاتلوهم وَوَضَعُوا فيهم السَّيْف؛ فَقَتَلُوهُمْ عَن آخِرهم، وَأخذُوا جَمِيع أَمْوَالهم؛ فَعظم ذَلِك على المستظهر، وَلم ينْهض بشئ لضعف شوكته ولتحكم غَيره من مُلُوك السلجوقية فِي الممالك.
ثمَّ فِي أَيَّامه فِي سنة إثنتين وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة ملكت الفرنج بَيت الْمُقَدّس من بني عبيد خلفاء مصر، وَأَقَامُوا يقتلُون فِي الْمُسلمين سَبْعَة أَيَّام، وَقتلُوا فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى مَا يزِيد عَن سبعين ألف [نفس] من الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ - قَالَه غير وَاحِد - وغنموا مَالا يَقع عَلَيْهِ (الإحصاء.
[قلت: كَانَ أَخذ [بَيت] ) الْمُقَدّس من سوء تَدْبِير المستعلي بِاللَّه [أَحْمد - أحد الْخُلَفَاء الفاطميين بِمصْر - فَإِنَّهُ كَانَ ضع) ف أمره، وَخَربَتْ غَالب أَعمال مصر فِي أَيَّامه وَأَيَّام غَيره من الفاطميين.
وَاسْتولى الفرنج على غَالب السواحل الشامية؛ لِأَنَّهُ كَانَ من مَدِينَة حلب إِلَى أقْصَى صَعِيد مصر مُتَعَلق بخلفاء مصر مَعَ الْحَرَمَيْنِ الشريفين، وَمَا عدا ذَلِك من بِلَاد الشرق كَانَ مَعَ خلفاء بني الْعَبَّاس هَؤُلَاءِ.
وَأما خلفاء مصر؛ فَيَأْتِي ذكرهم فِي هَذَا الْكتاب بعد فرَاغ تراجم بني الْعَبَّاس على حدتهم، من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -.
وَمَات المستظهر فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر سنة إثنتي عشرَة وَخَمْسمِائة.
وخلافته أَربع وَعِشْرُونَ سنة وَثَلَاثَة أشهر.
وتخلف بعده وَلَده [المسترشد بِاللَّه الْفضل] .