الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المستعين بِاللَّه)
أَبُو الْفضل، الْعَبَّاس بن المتَوَكل على الله، أَبُو عبد الله، مُحَمَّد - تقدم [بَقِيَّة] نسبه فِي تراجم كَثِيرَة - أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالسُّلْطَان.
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَبِيه فِي يَوْم الأثنين مستهل شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بِعَهْد مِنْهُ إِلَيْهِ. وَتمّ أمره وطالت أَيَّامه فِي الْخلَافَة، إِلَى أَن سَافر [الْملك] النَّاصِر فرج إِلَى الْبِلَاد الشامية فِي سنة أَربع عشرَة [وَثَمَانمِائَة] لقِتَال شيخ ونوروز - وَهِي السفرة الَّتِي قتل فِيهَا - كَانَ [الْخَلِيفَة] المستعين هَذَا صحبته.
فَلَمَّا انْكَسَرَ النَّاصِر من الأميرين الْمَذْكُورين وَدخل الشَّام - يَوْم مَاتَ الْوَالِد أَو قبله بِيَوْم؛ فولي عوض الْوَالِد فِي نِيَابَة دمشق الأتابك دمرداش المحمدي - وتجهز لِحَرْب أعدائه؛ فَلم ينْتج أمره، وانكسر ثَانِيًا وحوصر
بِدِمَشْق - وَقد استولت الْأُمَرَاء على الْخَلِيفَة المستعين هَذَا والقضاة - وَطَالَ الْأَمر بَين الْأُمَرَاء وَالسُّلْطَان [الْملك] النَّاصِر؛ فَلم يجد الْأُمَرَاء بدا من خلع [الْملك] النَّاصِر وسلطنة الْخَلِيفَة المستعين هَذَا؛ فتسلطن [المستعين الْمَذْكُور] بعد مدافعة كَثِيرَة على كره مِنْهُ.
وَقد سقنا ذَلِك مفصلا من أَوله إِلَى آخِره فِي تاريخنا ((النُّجُوم الزاهرة فِي مُلُوك مصر والقاهرة)) وَأَيْضًا فِي تَرْجَمَة المستعين فِي تاريخنا ((المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي)) ؛ فَمن أَرَادَ من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ بمطالعة التاريخين الْمَذْكُورين. إنتهى.
وَلما تسلطن المستعين عظم أمره، إِلَى أَن قتل [الْملك] النَّاصِر فرج.
وَعَاد الْأَمِير شيخ المحمودي بالمستعين إِلَى الديار المصرية، وَقد صَار نوروز الحافظي نَائِبا على دمشق.
أَخذ شيخ يسير مَعَ المستعين على قَاعِدَة الْخُلَفَاء، لَا على قَاعِدَة السلاطين؛ فَعظم ذَلِك على المستعين، وَكَانَ فِي ظَنّه أَنه يستبد بالأمور؛ فجَاء الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك؛ فَصَارَ بقلعة الْجَبَل كالمسجون بهَا وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء.
وَأخذ الْأَمِير شيخ فِي أَسبَاب السلطنة، إِلَى أَن تمّ لَهُ ذَلِك.
وتسلطن فِي يَوْم الأثنين مستهل شعْبَان من سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة على كره من المستعين.
وخلع المستعين من السلطنة بِغَيْر أَمر يُوجب ذَلِك؛ بل بِالشَّوْكَةِ.
فَكَانَت مُدَّة سلطنة المستعين سَبْعَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا إِلَّا مُجَرّد الأسم فَقَط.
وَاسْتمرّ فِي الْخلَافَة وَهُوَ محتفظ بِهِ بقلعة الْجَبَل إِلَى ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة خلعة الْملك الْمُؤَيد [شيخ] من الْخلَافَة أَيْضا بأَخيه المعتضد دَاوُد، وأرسله إِلَى سجن الأسكندرية؛ فسجن [بِهِ، إِلَى أَن أطلقهُ الْملك الْأَشْرَف برسباى، ورسم لَهُ بِالسُّكْنَى فِي الأسكندرية؛ فسكن] بهَا، إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الْعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالطاعون، وَلم يبلغ الْأَرْبَعين. وَدفن بالأسكندرية.
وعهد بالخلافة إِلَى وَلَده يحيى - يَعْنِي أَنه لم يخلع مِنْهَا (بطرِيق شَرْعِي رحمه الله [تَعَالَى -] .