الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عبد الْملك بن مَرْوَان)
ابْن الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس، الْأمَوِي الْقرشِي.
أمه عَائِشَة بنت مُعَاوِيَة.
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَبِيه - إِن كَانَ لِأَبِيهِ حق فِي الْخلَافَة -.
ولقب بالموفق لأمر الله. ومولده [فِي] سنة سِتّ وَعشْرين.
قَالَ ابْن سعد: وَكَانَ عابدا، ناسكا بِالْمَدِينَةِ قبل الْخلَافَة، وَشهد يَوْم الدَّار مَعَ أَبِيه وَهُوَ ابْن عشر سِنِين [وَاسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة على الْمَدِينَة وَهُوَ ابْن سِتَّة عشر سنة] .
قَالَ الذَّهَبِيّ: هَذَا لَا يُتَابع ابْن سعد عَلَيْهِ أحد من اسْتِعْمَال مُعَاوِيَة لَهُ على الْمَدِينَة.
قلت: أما ولَايَة أَبِيه على الْمَدِينَة؛ فبالإجماع.
قَالَ صَالح بن دحْيَة: قَرَأت فِي كتاب صفة الْخُلَفَاء - فِي خزانَة الْمَأْمُون -: كَانَ عبد الْملك [رجلا] طَويلا، أَبيض، مقرون الحاجبين، كَبِير الْعَينَيْنِ، مشرف الْأنف، رَقِيق الْوَجْه، حسن الْجِسْم، لَيْسَ بالقصيف وَلَا البادن، أَبيض الرَّأْس واللحية. إنتهى.
وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه كَانَ فَقِيها، دينا؛ فَلَمَّا أَتَتْهُ الْخلَافَة تغير عَن ذَلِك [كُله] .
يُقَال: إِنَّه أَتَتْهُ الْخلَافَة والمصحف فِي حجره؛ فأطبقه وَقَالَ: هَذَا آخر الْعَهْد مِنْك.
وَلما ولي الْخلَافَة استفتحها بِقِتَال مُصعب بن الزبير. والتقى مَعَه غير مرّة حَتَّى قَتله بعد سِنِين - كَمَا تقدم ذكره -.
ثمَّ أرسل الْحجَّاج إِلَى عبد الله بن الزبير بِمَكَّة؛ فَتوجه [الْحجَّاج] إِلَى مَكَّة وحاصر ابْن الزبير، وَرمى الْبَيْت الْحَرَام بالمنجنيق وَأحرقهُ بالنَّار؛ فَنزلت صَاعِقَة من السَّمَاء؛ فحرقت المنجنيق وَالَّذين كَانُوا يرْمونَ [بِهِ] ؛ فأحضر الْحجَّاج منجنيقا آخر ونصبه وَرمى بِهِ وَقَالَ: أَنا أخبر بصواعق أَرض تهَامَة.
ولازال على ذَلِك حَتَّى ظفر بِابْن الزبير وَقَتله - حَسْبَمَا تقدم ذكره -.
قيل: إِن الْحسن الْبَصْرِيّ رضي الله عنه سُئِلَ عَن عبد الْملك بن مَرْوَان؛ فَقَالَ: مَا أَقُول فِي رجل الْحجَّاج؟ ! سَيِّئَة من سيئاته.
ويحكى أَن عبد الْملك كَانَ إِذا دخل عَلَيْهِ رجل يَقُول لَهُ: اعفني من ثَلَاث وَقل مَا شِئْت بعْدهَا: لَا تكذبني فَإِن الكذوب لَا رَأْي لَهُ، وَلَا تجبني فِيمَا لَا أَسأَلك عَنهُ، وَلَا تطرني فَإِنِّي أعلم بنفسي مِنْك، وَلَا تحملنِي على الرّعية. وَكَانَ عبد الْملك كثيرا مَا يجلس مَعَ أم الدَّرْدَاء؛ فَقَالَت لَهُ مرّة: بَلغنِي أَنَّك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ شربت الطلا بعد [النّسك وَالْعِبَادَة] ! قَالَ: إِي وَالله، والدماء.
وَقيل: لما احْتضرَ عبد الْملك دخل [عَلَيْهِ] الْوَلِيد [وَلَده] يعودهُ، فتمثل عبد الْملك [فَقَالَ] :
(كم عَائِد رجلا وَلَيْسَ يعودهُ
…
أَلا ليعلم هَل يرَاهُ يَمُوت)
قيل: إِن عبد الْملك رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ بَال فِي محراب النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- أَربع بولات؛ فتأثر من ذَلِك، وَسَأَلَ أهل التَّعْبِير فعبروا لَهُ أَنه: يتَخَلَّف من أَوْلَاده لصلبه أَرْبَعَة؛ فَكَانَ كَذَلِك، وهم: الْوَلِيد، وَسليمَان، وَيزِيد، وَهِشَام الْآتِي ذكرهم - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -.
وَتُوفِّي عبد الْملك فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ من الْهِجْرَة. وَكَانَت خِلَافَته إِحْدَى وَعشْرين سنة وأشهرا.