الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر دُخُول الْمعز إِلَى الديار المصرية - على سَبِيل الإختصار
-
قيل: إِنَّه دَخلهَا وَمَعَهُ ألف وَخَمْسمِائة جمل [موسوقة] ذهب عين.
وَكَانَ دُخُوله إِلَيْهَا فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وثلثمائة.
وَكَانَ قد أرسل قبل ذَلِك مَمْلُوكه الْخَادِم جَوْهَر الصّقليّ بجيوش عَظِيمَة إِلَى مصر؛ فملكها جَوْهَر بعد أُمُور، وَبنى الْقَاهِرَة فِي سنة سِتِّينَ وثلثمائة.
وجوهر الْمَذْكُور هُوَ صَاحب الْجَامِع الْأَزْهَر، وَهُوَ من كبار الرافضة الشِّيعَة.
وَلما فرغت الْقَاهِرَة أرسل جَوْهَر إِلَى الْمعز؛ فجَاء وسكنها وملكها هِيَ وَالشَّام فِي رَمَضَان فِي سنة إثنتين وَسِتِّينَ وثلثمائة. وَكَانَ يَوْم ذَاك الْخَلِيفَة بِبَغْدَاد من بني الْعَبَّاس [أَمِير الْمُؤمنِينَ] الْمُطِيع بِأَمْر الله.
فَمن حِينَئِذٍ صَار بِبَغْدَاد وَسَائِر ممالك الشرق إِلَى أَعمال الْفُرَات وحلب يخْطب فِيهَا باسم [الْخُلَفَاء من] بني الْعَبَّاس. وَمن حلب إِلَى بِلَاد الْمغرب يخْطب [فِيهَا] باسم الْخُلَفَاء الفاطميين - وداخل ذَلِك الحرمان الشريفان -.
وَكَانَ الْمعز رَافِضِيًّا سبابا خبيثا، إِلَّا أَنه كَانَ فَاضلا، عَاقِلا، أديبا، حازما، جوادا، ممدحا، وَفِيه عدل للرعية.
قيل: إِن زَوْجَة الأخشيد لما زَالَت دولتهم أودعت عِنْد يَهُودِيّ بغلطاقا كُله جَوْهَر، ثمَّ طالبته فَأنْكر؛ فَقَالَت لَهُ: خُذ الْكمّ الْوَاحِد وَأَعْطِنِي مَا بَقِي؛ فَلم يفعل؛ فَلم تزل تدرجه، وَهُوَ لايرضى، حَتَّى سَأَلته أَن يُعْطِيهَا [كَمَا وَاحِدًا] وَيَأْخُذ مَا بَقِي، وَهُوَ لَا يرضى؛ فتوجهت إِلَى قصر الْمعز وأخبرته بِمَا وَقع؛ فَأرْسل أحضر الْيَهُودِيّ وَسَأَلَهُ فَأنْكر، ثمَّ أعترف وأحضر البغلطاق. فَلَمَّا رَآهُ الْمعز تحير مِمَّا فِيهِ من الْجَوَاهِر، وَقد أَخذ الْيَهُود من صَدره درتين واعترف أَنه باعهما بِأَلف وسِتمِائَة دِينَار. فَأَخذه الْمعز وَدفعه بكامله لَهَا؛ فاجتهدت أَن يَأْخُذهُ هَدِيَّة مِنْهَا، أَو بِثمن؛ فَلم يفعل، وأخذته وانصرفت.
وَكَانَ الْمعز عَارِفًا بالنجامة وَيُحب المنجمين.
حكى أَن المنجمين [أخبروا الْمعز] بِأَن عَلَيْهِ قطعا، وأشاروا عَلَيْهِ بِأَن يتَّخذ سردابا ويتوارى فِيهِ [سنة] ؛ فَفعل ذَلِك.
فَلَمَّا طَالَتْ مدَّته فِي السرداب ظنت جنده المغاربة أَنه رفع إِلَى السَّمَاء؛ فَكَانَ الْفَارِس مِنْهُم ينظر إِلَى الْغَمَام؛ فيترجل وَيَقُول: السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! .
ثمَّ خرج الْمعز من السرداب بعد سنة.
وَتُوفِّي بعد ذَلِك بِيَسِير، فِي شهر ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ وثلثمائة، (وَله سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة، وتخلف بعده ابْنه)[الْعَزِيز] .