الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عبد الله بن المعتز)
ابْن المتَوَكل جَعْفَر بن المعتصم [مُحَمَّد، العباسي] الْهَاشِمِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَبُو الْعَبَّاس، الأديب، صَاحب الشّعْر الرَّائِق والنثر الْفَائِق، والتشابيه المخرعة.
ومولده فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ.
تقدم أَن الْحُسَيْن بن حمدَان قَامَ فِي أمره مَعَ جمَاعَة من القواد، وخلع المقتدر من الْخلَافَة، وَجمع الْقُضَاة والقواد، وَبَايع عبد الله هَذَا بالخلافة ولقبه بالغالب بِاللَّه. وَقيل: بالراضي [بِاللَّه] .
واستوزر مُحَمَّد بن دَاوُد الْجراح، وَجعل يمن الْخَادِم حَاجِبه؛ فَغَضب سوسن الْخَادِم، وَعَاد إِلَى دَار المقتدر وطاعته.
[وَتمّ أَمر] عبد الله بن المعتز فِي ذَلِك (الْيَوْم وَهُوَ الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، ونفذت الْكتب بخلافته إِلَى الأقطار.
وَقَالَ الْمعَافى [بن] زَكَرِيَّا الْجريرِي) : حدثت أَن المقتدر لما خلع وبويع ابْن المعتز دخلُوا على شَيخنَا مُحَمَّد بن جرير؛ فَقَالَ: مَا الْخَبَر؟
قيل: بُويِعَ ابْن المعتز. قَالَ: فَمن رشح للوزارة؟ قيل: مُحَمَّد بن دَاوُد. قَالَ: فَمن ذكر للْقَضَاء؟ قيل: الْحُسَيْن بن الْمثنى؛ فَأَطْرَقَ ابْن جرير، ثمَّ قَالَ: هَذَا أَمر لَا يتم، قيل: وَكَيف! ؟ قَالَ: كل وَاحِد مِمَّن سميتم مُتَقَدم فِي مَعْنَاهُ على الرُّتْبَة وَالزَّمَان، مُدبر وَالدُّنْيَا مولية، وَمَا أرى [هَذَا] إِلَّا إِلَى اضمحلال، وَمَا أرى لمدته طولا. إنتهى.
وَلما تخلف ابْن المعتز بعث إِلَى المقتدر يَأْمُرهُ بالإنصراف إِلَى دَار مُحَمَّد ابْن طَاهِر؛ لكَي ينْتَقل ابْن المعتز إِلَى دَار الْخلَافَة؛ فَأجَاب المقتدر، وَقد بَقِي عِنْده أنَاس قَليلَة وَبَاتُوا تِلْكَ اللَّيْلَة.
وَأصْبح الْحُسَيْن بن حمدَان باكرا إِلَى دَار الْخلَافَة، وَقَاتل أعوان المقتدر؛ فقاتلوه ودفعوه عَنْهَا، ثمَّ خَرجُوا بِالسِّلَاحِ وقصدوا مَكَان ابْن المعتز.
فَلَمَّا رَآهُمْ من حول ابْن المعتز أوقع الله فِي قُلُوبهم الرعب؛ فَانْهَزَمُوا بِغَيْر حَرْب؛ فَركب ابْن المعتز فرسا وَمَعَهُ وزيره ابْن دَاوُد وحاجبه يمن وَقد شهر سَيْفه؛ فَلم يتبعهُ أحد.
فَلَمَّا رأى أمره فِي إدبار نزل عَن دَابَّته، وَدخل دَار ابْن الْجَصَّاص، واختفى الْوَزير وَغَيره، ونهبت دُورهمْ.
وَخرج المقتدر، واستفحل أمره، وَأمْسك جمَاعَة ابْن المعتز وَمن قَامَ بنصرته وخلافته وحبسهم، ثمَّ قتل غالبهم.
واستقام أَمر المقتدر، وأعيد للخلافة، ثمَّ قبض على ابْن المعتز وَابْن الْجَصَّاص، وَحبس ابْن المعتز أَيَّامًا، ثمَّ أخرج مَيتا فِي شهر ربيع الآخر [سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ] .
وَكَانَ الَّذِي تولى هَلَاكه مؤنس الْخَادِم.
قيل: إِنَّه لما علم أَن مؤنسا يُرِيد هَلَاكه قَالَ أبياتا [تَقول] أَولهَا:
(يَا نفس صبرا لَعَلَّ الْخَيْر عقباك
…
خانتك من بعد طول الْأَمْن دنياك)
وَكَانَ ابْن المعتز رحمه الله إِمَامًا، شَاعِرًا، بليغا، فصيحا، مفوها.
وَكَانَت خِلَافَته يَوْمًا وَاحِدًا. وَقيل: نصف يَوْم. وَبَعْضهمْ لم يذكرهُ مَعَ الْخُلَفَاء، وَسَماهُ بالأمير، لَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
ومذهبي فِيهِ أَنه: أَمِير الْمُؤمنِينَ - وَلَو لم يل الْخلَافَة - فَإِنَّهُ كَانَ أَهلا للخلافة خليقا لَهَا رحمه الله.
وَمن شعره - وَفِيه لف وَنشر أَرْبَعَة بأَرْبعَة -:
(انْظُر إِلَى الْيَوْم مَا أحلى شمائله
…
صحو وغيم وإبراق وإرعاد)
(كَأَنَّهُ أَنْت يَا من لَا شَبيه لَهُ
…
وصل وهجر وتقريب وإبعاد)