الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر نبذة من غَزْوَة أحد)
وَاقع نَبِي الله -[صلى الله عليه وسلم]- فِي يَوْم السبت لإحدى عشرَة لَيْلَة مَضَت من شَوَّال سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة.
وَكَانَ من أمرهَا: أَن قُريْشًا اجْتَمعُوا فِي ثَلَاثَة آلَاف، مِنْهُم سَبْعمِائة دارع، وَفِيهِمْ مِائَتَا فَارس، وَقَائِدهمْ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب، وَمَعَهُ [زَوجته] هِنْد فِي نسَاء مَعَهُنَّ الدفوف يضربن بهَا وينحن على قَتْلَى بدر.
وَسَار إِلَيْهِم رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- فِي ألف رجل.
فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق رَجَعَ عبد الله بن أبي بن سلول - الْمُنَافِق - فِي ثلث النَّاس.
ثمَّ التقى الْفَرِيقَانِ، وَلم يكن مَعَ أَصْحَاب رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- سوى فرسين.
وَكَانَ على ميمنة الْمُشْركين خَالِد بن الْوَلِيد، وعَلى ميسرتهم عِكْرِمَة بن أبي جهل، ووقفت النِّسَاء خلفهن يضربن بِالدُّفُوفِ وينحن.
وَكَانَت راية النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- يَوْم أحد مِرْطًا أسود لعَائِشَة، وَرَايَة الْأَنْصَار يُقَال لَهَا الْعقَاب، وعَلى ميمنته عَليّ - كرم الله وَجهه -، وعَلى ميسرته الْمُنْذر بن عَمْرو السَّاعِدِيّ، وَالزُّبَيْر بن الْعَوام على الرِّجَال - وَيُقَال الْمِقْدَاد بن الْأسود -.
وَكَانَ حَمْزَة [رضي الله عنه] على الْقلب، واللواء مَعَ مُصعب بن عُمَيْر؛ فَقتل؛ فَأعْطَاهُ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- لعَلي.
وَأخذ رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- سَيْفا وَقَالَ: من يَأْخُذ مني هَذَا بِحقِّهِ؛ فبسطوا أَيْديهم، وَصَارَ كل مِنْهُم يَقُول: أَنا، أَنا؛ فَقَالَ: من يَأْخُذهُ؟ {فأحجم الْقَوْم؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو دُجَانَة [سماك] : أَنا آخذه بِحقِّهِ.
قَالَ: فَأَخذه ففلق هام الْمُشْركين بِهِ. أخرجه مُسلم.} !
وَانْهَزَمَ الْمُشْركُونَ؛ فطمع الْمُسلمُونَ فِي الْغَنِيمَة؛ فاختلوا عَن مواقفهم؛ فَأتى خَالِد بن الْوَلِيد من خلف الْمُسلمين، وَوَقع الصَّارِخ
بِأَن مُحَمَّدًا قد قتل؛ فانكشف الْمُسلمُونَ، وَأصَاب الْعَدو فيهم؛ فَكَانَت عدَّة الشُّهَدَاء من الْمُسلمين سَبْعُونَ رجلا، مِنْهُم: حَمْزَة عَم النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- وَمصْعَب بن عُمَيْر، وحَنْظَلَة بن [أبي] عَامر - غسيل الْمَلَائِكَة -، واليمان وَالِد حُذَيْفَة.
وَوصل الْعَدو إِلَى رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- وأصابته حجارتهم، وَأُصِيبَتْ رباعيته، وشج وَجهه -[صلى الله عليه وسلم]- فَكَانَ يمسحه وَيَقُول:((كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم)) ؛ فَنزل قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة.
وَشقت هِنْد بطن حَمْزَة ومضغت كبده. ثمَّ سَار الْمُشْركُونَ إِلَى مَكَّة. وَصلى رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- على عَمه حَمْزَة؛ فَكبر سبع تَكْبِيرَات، وأتى بالقتلى يوضعون إِلَى جَانِبه، فَيصَلي عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم، حَتَّى صلى عَلَيْهِ إثنين وَسبعين صَلَاة، ثمَّ أَمر بدفن حَمْزَة؛ فَدفن.
وَرجع رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- إِلَى الْمَدِينَة.
[إنتهى الْكَلَام فِي غَزْوَة أحد بِاخْتِصَار] .
وَفِي السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة - فِي صفر - كَانَت غَزْوَة بِئْر مَعُونَة، وَاسْتشْهدَ فِيهَا الْأَرْبَعُونَ من الْقُرَّاء مِنْهُم: عَامر بن فهَيْرَة، وَالْمُنْذر بن عَمْرو السَّاعِدِيّ - أَمِيرهمْ - والْحَارث بن الصمَّة، وَحرَام بن ملْحَان، وَنَافِع بن بديل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ.
وَفِي شهر ربيع الأول مِنْهَا كَانَت غَزْوَة بني النَّضِير.
[و] فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا أَيْضا كَانَت غَزْوَة ذَات الرّقاع.
السّنة الْخَامِسَة: فِي شَوَّال مِنْهَا كَانَت غَزْوَة الخَنْدَق وحصار الْأَحْزَاب للْمُسلمين.
وَفِي ذِي الْحجَّة كَانَ موت سعد بن معَاذ - سيد الْأَوْس -.
وفيهَا أَيْضا كَانَت غَزْوَة دومة الجندل.
وفيهَا أَيْضا كَانَت غَزْوَة بني قُرَيْظَة.
السّنة السَّادِسَة: فِي شعْبَان مِنْهَا كَانَت غَزْوَة بني المصطلق، الْتَقَوْا [عِنْد الْمُريْسِيع] وَأصَاب مِنْهُم رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- أم الْمُؤمنِينَ جوَيْرِية بنت الْحَارِث.
وَفِي الرُّجُوع مِنْهَا حَدِيث الْإِفْك.
السّنة السَّابِعَة: فِي الْمحرم، سَار النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- وافتتح خَيْبَر فِي صفر.
وَفِي وسط السّنة كَانَت غَزْوَة ذَات السلَاسِل، وأميرهم عَمْرو ابْن الْعَاصِ.
وَفِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا كَانَت عمْرَة الْقَضَاء.
وفيهَا تزوج النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- بصفية بنت حييّ، وَبعدهَا بِأم حَبِيبَة، ثمَّ بميمونة بنت الْحَارِث بسرف، وَهُوَ رَاجع من الْعمرَة.
السّنة الثَّامِنَة: فِيهَا كَانَت وقْعَة مُؤْتَة بالكرك فِي جُمَادَى الأولى، وَاسْتشْهدَ [فِيهَا] الْأُمَرَاء الثَّلَاثَة، وهم: زيد بن حَارِثَة - حب رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- ومولاه، وجعفر بن أبي طَالب - ذُو الجناحين -، وَعبد الله بن رَوَاحَة - أَبُو عَمْرو - أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة.
وَفِي شهر رَمَضَان مِنْهَا كَانَ فتح مَكَّة؛ وَأمر الْفَتْح: أَن رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- كَانَ قد تهادن مَعَ قُرَيْش؛ فَسَار [رَسُول الله]-[صلى الله عليه وسلم]- إِلَيْهِم فِي عشرَة آلَاف من الْمُسلمين، لعشر بَقينَ من شهر رَمَضَان من السّنة. وَقيل: سنة تسع.
فَلَمَّا نزل قَرِيبا من مَكَّة ركب الْعَبَّاس بغلة النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- وَجَاء ليعلم قُريْشًا؛ لِئَلَّا يهْلكُوا تَحت السَّيْف؛ فلقي أَبَا سُفْيَان؛ فَقَالَ لَهُ: مَا وَرَاءَك؟ قَالَ: أَتَاكُم النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فِي عشرَة آلَاف؛ فَقَالَ: وَمَا تَأْمُرنِي أفعل؟ قَالَ: أركب
خَلْفي، لأستأمن لَك رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- لِئَلَّا تهْلك؛ فَركب خَلفه، وَجَاء إِلَى النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-: وَيحك يَا أَبَا سُفْيَان {، أما آن [لَك] ، أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله؟} فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَنَّك رَسُول الله، فَقَالَ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- للْعَبَّاس: أمض بِهِ إِلَى ضيق الْوَادي؛ فأره جنود الله؛ فَذهب بِهِ إِلَى ضيق الْوَادي.
وَمَرَّتْ بِهِ الْقَبَائِل، وَهُوَ يسْأَل عَنْهَا قَبيلَة قَبيلَة، وَالْعَبَّاس يُخبرهُ حَتَّى مر النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- فِي كتيبته الخضراء من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار لَا يبين مِنْهُم إِلَّا حماليق الحدق؛ فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ؟ {؛ فَقَالَ: هَذَا رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-[فِي الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار] فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: لقد أُوتِيَ ابْن أَخِيك ملكا عَظِيما} {فَقَالَ: وَيحك} إِنَّهَا النبوه. قَالَ: صدقت.
وَدخلت أُمَرَاء الْمُسلمين بِلَا قتال؛ لِأَن النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- نهى عَن الْقِتَال؛ فَدخل الزبير من نَاحيَة، وَسعد بن عبَادَة من نَاحيَة، وَعلي بن أبي طَالب من نَاحيَة، وَكلهمْ لم يقاتلوا، إِلَّا خَالِد بن الْوَلِيد؛ فَإِن الْمُشْركين قَاتلُوهُ قَاتلهم.
ثمَّ طَاف النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- بِالْبَيْتِ سبعا، وَجعل لَا يُشِير إِلَى صنم إِلَّا سقط.
وفيهَا أَيْضا كَانَت غَزْوَة حنين، [وَكَانَت] فِي شَوَّال.
وَلما فتحت مَكَّة تجمعت هوَازن وَأهل الطَّائِف فِي مائَة وَعشْرين ألفا؛ فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- فِي اثْنَتَيْ عشرَة ألفا بعد أَن اسْتعْمل النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- على مَكَّة عتاب بن أسيد بن الْعيص بن أُميَّة.
قَالَ الْحَافِظ [أَبُو عبد الله] الذَّهَبِيّ: قَالَ شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق: سَمِعت الْبَراء قَالَ لَهُ رجل: يَا أَبَا عمَارَة، أَفَرَرْتُم عَن رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-؟ ! قَالَ: لَكِن رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- لم يفر؛ وَذَلِكَ أَن هوَازن كَانُوا رُمَاة؛ فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ وحملنا عَلَيْهِم انْهَزمُوا؛ فَأقبل النَّاس على الْغَنَائِم؛ فَاسْتَقْبلُوا بِالسِّهَامِ؛ فَانْهَزَمَ النَّاس؛ فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- وَأَبُو سُفْيَان آخذ بلجام بغلته، وَالنَّبِيّ -[صلى الله عليه وسلم]- يَقُول:
(أَنا النَّبِي لَا كذب
…
أَنا ابْن عبد الْمطلب)
مُتَّفق عَلَيْهِ. من حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق.
ثمَّ تراجعت الْمُسلمُونَ، وَنصر الله نبيه، وغنم الْمُسلمُونَ مِنْهُم أَمْوَالًا عَظِيمَة، قسمهَا رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]-[على الْمُسلمين] وَرجع إِلَى مَكَّة، فَاعْتَمَرَ وَرجع إِلَى الْمَدِينَة.
وفيهَا توفيت زَيْنَب الْكُبْرَى -[من بَنَاته] وكنيتها: أم إِمَامَة.
السّنة التَّاسِعَة: فِي [شهر] رَجَب مِنْهَا صلى رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- على النَّجَاشِيّ -[رضي الله عنه]-.
وَفِي شعْبَان مِنْهَا توفيت أم كُلْثُوم بنت النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-، وَزَوْجَة عُثْمَان بن عَفَّان -[رضي الله عنه]-.
وَفِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا توفّي عبد الله بن أبي [بن] سلول الْمُنَافِق.
وفيهَا كَانَت غَزْوَة تَبُوك، ومسير خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى دومة الجندل؛ فَأسر صَاحبهَا أكيدر - وَكَانَ نَصْرَانِيّا -.
وفيهَا أَقَامَ الْحَج أَبُو بكر [الصّديق رضي الله عنه]-.
وفيهَا قتلت فَارس ملكهم شهر برَاز بن شيرويه، وملكوا عَلَيْهِم بوزان بنت كسْرَى.
السّنة الْعَاشِرَة من الْهِجْرَة: فِي شهر ربيع الأول مِنْهَا توفّي إِبْرَاهِيم إِبْنِ النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- وَله سنة وَنصف، وَأمه مَارِيَة الْقبْطِيَّة.
وفيهَا قدمت وُفُود الْعَرَب، وَدخل النَّاس فِي الْإِسْلَام أَفْوَاجًا.
وفيهَا كَانَت حجَّة الْوَدَاع،
وفيهَا كَانَ ظُهُور الْأسود الْعَنسِي المتنبئ بِالْيمن، وَغلب على صنعاء وَغَيرهَا، ثمَّ قَتله الله [تَعَالَى][فِي أول] السّنة الْآتِيَة.
سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة: فِيهَا كَانَت وَفَاة النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-.
وَلما رَجَعَ رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- من حجَّة الْوَدَاع، أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَوَاخِر صفر؛ فَمَرض -[صلى الله عليه وسلم]-.
فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض أَمر مناديا؛ فَنَادَى فِي الْمَدِينَة: أَن اجْتَمعُوا لوَصِيَّة النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]-؛ فَاجْتمع كل من فِي الْمَدِينَة فِي ذكر وَأُنْثَى، وكبير وصغير، وَتركُوا أَبْوَابهم مفتحة ودكاكينهم.
وَخرج -[صلى الله عليه وسلم]- وَهُوَ متوعك؛ فخطبهم خطْبَة وصاهم فِيهَا وَصَايَا كَثِيرَة، ثمَّ دخل بَيته -[صلى الله عليه وسلم]- فَأَقَامَ بِهِ إِلَى أَن توفّي يَوْم الأثنين ثَانِي عشر ربيع الأول حِين زاغت الشَّمْس لِاثْنَتَيْ عشرَة، لَيْلَة خلت من [شهر] ربيع الأول.
قَالَ السُّهيْلي: لَا يَصح أَن تكون وَفَاته يَوْم الأثنين إِلَّا فِي ثَانِي الشَّهْر، أَو ثَالِث عشره أَو رَابِع عشره، أَو خَامِس عشره؛ لإِجْمَاع
الْمُسلمين على أَن وَقْفَة عَرَفَة كَانَت يَوْم الْجُمُعَة، وَهُوَ تَاسِع ذِي الْحجَّة؛ [فَدخل ذُو الْحجَّة يَوْم الْخَمِيس] ؛ فَكَانَ الْمحرم إِمَّا الْجُمُعَة وَإِمَّا السبت [فَإِن كَانَ الْجُمُعَة؛ فقد كَانَ إِمَّا السبت وَإِمَّا الْأَحَد] ، [فَإِن كَانَ السبت] فقد كَانَ ربيع الْأَحَد أَو الأثنين] ؛ فَيكون أول صفر إِمَّا [السبت أَو] الْأَحَد أَو الأثنين؛ فعلى هَذَا لَا يكون الثَّانِي عشر من شهر ربيع الأول [يَوْم الأثنين] بِوَجْه.
وَذكر [الطَّبَرِيّ عَن ابْن] الْكَلْبِيّ وَأبي مخنف أَنه توفّي فِي الثَّامِن من شهر ربيع الأول.
قَالَ الطَّبَرِيّ: (وَهَذَا الْقَوْم [وَإِن كَانَ) خلاف] الْجُمْهُور؛ فَلَا يبعد أَن كَانَت الثَّلَاثَة أشهر الَّتِي قبله كلهَا كَانَت تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا. وَفِيمَا قَالَه نظر؛ لمتابعة أنس بن مَالك فِيمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ والواقدي.
وَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ: [توفّي] أول شهر ربيع [الأول]، وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء. وَقيل: لَيْلَة الثُّلَاثَاء. وَقيل: يَوْم الأثنين عِنْد الزَّوَال. قَالَه الْحَاكِم وَصَححهُ.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ: إِذا تقرر أَن كمل الدّور فِي ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة، كَانَ فِي سِتّمائَة وَسِتِّينَ عَاما وَعِشْرُونَ دورا؛ فَإلَى سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة من وَقت مَوته إِحْدَى وَعِشْرُونَ دورا؛ فَفِي ربيع الأول مِنْهَا كَانَ وُقُوع تشرين الأول، وَكَانَ [بعض] أيلول فِي صفر، وَكَانَ آب فِي الْمحرم، وَكَانَ [أَكثر] تموز فِي ذِي الْحجَّة؛ فحجة الْوَدَاع [كَانَت] فِي تموز.
ثمَّ ذكر أَيْضا خلافًا يضيق [عَنهُ هَذَا الْمُخْتَصر] .
وَكَانَت مُدَّة علته -[صلى الله عليه وسلم]- اثْنَتَيْ عشرَة يَوْمًا، وَقيل: أَرْبَعَة عشر يَوْمًا، وَقيل: ثَلَاثَة عشر [يَوْمًا]، وَقيل: عشرَة أَيَّام.
وغسله عَليّ، وَالْعَبَّاس وإبنه الْفضل [يعينانه] ، وَقثم
وَأُسَامَة وشقران يصبون المَاء وأعينهم معصوبة من وَرَاء السّتْر،
لحَدِيث عَليّ: لَا يغسلني أحد إِلَّا أَنْت؛ فَإِنَّهُ لَا يرى عورتي أحد إِلَّا طمست عَيناهُ. وَغسل -[صلى الله عليه وسلم]- وقميصه عَلَيْهِ.
وَدفن - بعد أَن صلى عَلَيْهِ النَّاس أَفْوَاجًا أَفْوَاجًا - فِي بَيت عَائِشَة -[رضي الله عنها]-.
قَالَ الذَّهَبِيّ: وَصفَة قَبره -[صلى الله عليه وسلم]-[وصاحبيه أَبَا بكر وَعمر] قَالَ عَمْرو بن عُثْمَان بن هَانِئ، عَن الْقَاسِم قَالَ: قلت لعَائِشَة: اكشفي لي عَن قبر رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- وصاحبيه؛ فَكشفت [لي] عَن ثَلَاثَة قُبُور، لَا مشرفة وَلَا لاطئة - مبطوحة ببطحاء الساحة الْحَمْرَاء:
رَسُول الله.
أَبُو بكر
عمر.
[أخرجه أَبُو دَاوُد هَكَذَا. وَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن سُفْيَان التمار: أَنه حَدثهُ أَنه رأى قبر النَّبِي -[صلى الله عليه وسلم]- مسنما] . أخرجه البُخَارِيّ.