الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مُوسَى الْهَادِي)
ابْن الْمهْدي مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، الْهَاشِمِي، الْقرشِي، العباسي. الرَّابِع من خلفاء بني الْعَبَّاس، أَبُو مُحَمَّد، أَمِير الْمُؤمنِينَ.
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَبِيه، وَكَانَ بجرجان؛ فَأخذ لَهُ الْبيعَة أَخُوهُ ((الرشيد هَارُون)) .
ومولده بِالريِّ سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَة.
أمه أم ولد تسمى الخيزران وَهِي أم الرشيد أَيْضا.
وَكَانَ الْهَادِي طَويلا، جسيما، أَبيض، بشفته تقلص.
وَكَانَ أَبوهُ قد وكل خَادِمًا فِي الصِّبَا كلما رَآهُ مَفْتُوح الْفَم يَقُول لَهُ: مُوسَى أطبق؛ فيفيق على نَفسه وَيضم شفته.
وَكَانَ فصيحا، أديبا، قَادِرًا على الْكَلَام، تعلوه هَيْبَة، وَله سطوة وشهامة.
على أَنه كَانَ يتَنَاوَل الْمُسكر وَيُحب اللَّهْو والطرب.
وَكَانَ يركب حمارا فارها، وَلَا يُقيم أبهة الْخلَافَة. وَكَانَ يُجِيز على الشّعْر الجوائز السّنيَّة.
قَالَ نفطويه: قيل: إِن مُوسَى الْهَادِي قَالَ لإِبْرَاهِيم الْموصِلِي: إِن أطربتني فاحتكم [مَا شِئْت]، فغناه: أزمعت بَيْتا فَأَيْنَ لقاؤنا. الأبيات؛ فَأعْطَاهُ سَبْعمِائة ألف دِرْهَم.
وَحكى مُصعب الزبيرِي عَن أَبِيه قَالَ: دخل مَرْوَان بن أبي حَفْصَة شَاعِر وقته على الْهَادِي فأنشده قصيدة مِنْهَا.
(تشابه يَوْمًا بأسه ونواله
…
فَمَا أحد يدْرِي لأيهما الْفضل)
فَقَالَ لَهُ الْهَادِي: أَيّمَا أحب إِلَيْك؟ ثَلَاثُونَ ألفا مُعجلَة أَو مائَة ألف [دِرْهَم] تَدور فِي الدَّوَاوِين؟ فَقَالَ: تعجل الثَّلَاثُونَ وتدور الْمِائَة. قَالَ: بل تعجلان ذَلِك جَمِيعًا.
وَحكى ابْن الأقيشر الشَّاعِر [أَنه] دخل عَلَيْهِ فَقَالَ [لَهُ] : أَنْشدني فِي الْخمر؛ فَقَالَ:
(كميت إِذا فضت وَفِي الكاس وردة
…
لَهَا فِي عِظَام الشاربين دَبِيب)
فَقَالَ الْهَادِي: وَالله لأحدنك حد الْخمر؛ فَقَالَ: وَلم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ {قَالَ: لِأَنَّك وصفتها وصف عَالم بهَا؛ فَقَالَ: أمني حَتَّى أَلحن بحجتي؛ فَقَالَ: تكلم وَأَنت آمن؛ فَقَالَ: أَجدت وصفهَا أم لم أجد؟} قَالَ: بل أَجدت. قَالَ: وَمَا يدْريك أَنِّي أَجدت؟ {إِن كنت مدحتها بطبعي دون معرفتي فقد شاركتني فِيهَا بطبعك دون معرفتك، وَإِن كنت مدحتها بالمعرفة فقد شاركتني بالمعرفة. فَضَحِك الْهَادِي وَقَالَ: نجوت مني بحيلتك، قَاتلك الله.
قلت: وَلم تطل مدَّته فِي الْخلَافَة، وَمَات بقرحة أَصَابَته فِي جَوْفه.
وَقيل: سمته أمه [الخيزران] لما أجمع [الْهَادِي] على قتل أَخِيه الرشيد.
وَقيل: إِنَّهَا سمته بِسَبَب آخر؛ وَهُوَ أَنَّهَا كَانَت حاكمة مستبدة بالأمور الْكِبَار، وَكَانَت المواكب تَغْدُو إِلَى بَابهَا؛ فزجرهم الْهَادِي عَن ذَلِك، وكلمها بِكَلَام فج وَقَالَ: إِن وقف ببابك أَمِير لَأَضرِبَن عُنُقه، أما لَك مغزل يشغلك أَو مصحف يذكرك أَو سبْحَة؟} فَقَامَتْ من عِنْده وَهِي لَا تعقل من الْغَضَب؛ فَقيل: إِنَّه بعث إِلَيْهَا [بعد ذَلِك] بِطَعَام مَسْمُوم، فأطعمت مِنْهُ كَلْبا فانتثر لَحْمه؛ فَعمِلت على قَتله لما وعك بِأَن غموا وَجهه ببساط جَلَسُوا على جوانبه.
وَكَانَ قَصده هَلَاك الرشيد ليولي الْعَهْد لولد لَهُ صَغِير عمره عشر سِنِين.
[وَقيل: إِنَّه مَاتَ بعيساباذ فِي نصف ربيع الآخر سنة سبعين][وَمِائَة] .
وَكَانَت خِلَافَته سنة وَاحِدَة وَثَلَاثَة أشهر. وعاش سِتا وَعشْرين سنة. وَخلف سبع بَنِينَ. وَتَوَلَّى [الْخلَافَة][من] بعده [أَخُوهُ][الرشيد] هَارُون.