الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْمُنْتَصر مُحَمَّد)
ابْن المتَوَكل جَعْفَر بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد هَارُون بن الْمهْدي مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور. العباسي، الْهَاشِمِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَبُو جَعْفَر، وَقيل: أَبُو عبد الله.
وبويع بالخلافة بعد قتل أَبِيه المتَوَكل.
وَأمه أم وَلَده، رُومِية، أسمها: حبشية.
وَكَانَ صفة الْبيعَة لَهُ أَنه: لما واطأ على قتل أَبِيه وَقتل، [وَقتل] مَعَه وزيره الْفَتْح بن خاقَان، دخل على الْمُنْتَصر قَاضِي الْقُضَاة جَعْفَر بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي؛ فَقَالَ لَهُ الْمُنْتَصر: بَايع؛ فَقَالَ: وَأَيْنَ أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل على الله؟ ! فَقَالَ: قَتله الْفَتْح بن خاقَان. قَالَ: فَمَا فعل بِالْفَتْح؟ قَالَ: قَتله بغا. قَالَ القَاضِي: فَأَنت ولي الدَّم وَصَاحب الثأر؛ فَبَايعهُ وَبَايَعَهُ الْوَزير.
وَكَانَ الْمُنْتَصر وافر الْعقل، رَاغِبًا فِي الْخَيْر، قَلِيل الظُّلم، محسنا للعلويين. وَقيل إِنَّه كَانَ يَقُول: يَا بغا أَيْن أبي، من قتل أبي؟ ، ويسب الأتراك وَيَقُول: هَؤُلَاءِ قتلة الْخُلَفَاء.
[قلت] : وعَلى هَذَا لَا يكون الْمُنْتَصر تواطأ على قتل أَبِيه. إنتهى.
وَلما سمع بغا الصَّغِير ذَلِك من الْمُنْتَصر قَالَ للَّذين قتلوا المتَوَكل: مالكم عِنْد هَذَا رزق؛ فعملوا عَلَيْهِ، وهموا بِهِ فعجزوا عَنهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مهابا، شجاعا، فطنا؛ محترزا؛ فتحيلوا عِنْد ذَلِك -[الأتراك]- إِلَى أَن دسوا إِلَى طبيبه ابْن طيفور ثَلَاثِينَ ألف دِينَار عِنْد مَرضه؛ فَأَشَارَ بفصده؛ ففصد بريشة مَسْمُومَة؛ فَمَاتَ.
فَيُقَال: إِن ابْن طيفور [الْمَذْكُور] نسي وَمرض؛ فَأمر غُلَامه بفصده؛ ففصده بِتِلْكَ الريشة؛ فَمَاتَ [أَيْضا. وَقَالَ بَعضهم: بل حصل للمنتصر مرض فِي أنثييه فَمَاتَ] بعد ثَلَاثَة أَيَّام.
وَقيل: مَاتَ بالخوانيق، وَقيل: بل سم فِي كمثرائه بإبرة.
وَكَانَ الْمُنْتَصر يتهم [بقتل] أَبِيه.
[و] يحْكى أَنه نَام يَوْمًا ثمَّ إنتبه وَهُوَ يبكي؛ فَجَاءَتْهُ أمه فَقَالَت: مَا أبكاك يَا بني؛ لَا أبكى الله لَك عينا؟ {فَقَالَ: اذهبي عني ذهبت عني الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، رَأَيْت السَّاعَة أبي فِي النّوم وَهُوَ يَقُول: وَيحك يَا مُحَمَّد} قتلتني لأجل الْخلَافَة، وَالله لَا تمتعت بهَا إِلَّا أَيَّامًا يسيرَة، ثمَّ مصيرك إِلَى النَّار. فَلم يَعش بعد ذَلِك إِلَّا أَيَّامًا قَليلَة.
وَذكر عَليّ بن يحيى المنجم: أَن الْمُنْتَصر جلس مجْلِس اللَّهْو؛ فَرَأى فِي بعض الْبسط دَائِرَة فِيهَا رَأس عَلَيْهِ تَاج وَحَوله كِتَابَة فارسية؛ فَطلب الْمُنْتَصر من يقْرَأ ذَلِك؛ فأحضر رجل؛ فَنظر فِيهَا ثمَّ قطب. فَقَالَ لَهُ الْمُنْتَصر: مَا هَذِه؟ فَقَالَ: لَا معنى لَهَا. فألح عَلَيْهِ؛ فَقَالَ فِيهَا: أَنا شيرويه بن كسْرَى بن هُرْمُز قتلت أبي: فَلم أتمتع بِالْملكِ إِلَّا سِتَّة أشهر؛ فَتغير [لذَلِك] وَجه الْمُنْتَصر وَقَامَ من جلسه.
وَحَاصِل الْأَمر: أَن الْمُنْتَصر لم يتمتع بالخلافة، وَمَات بعد سِتَّة أشهر أَو دونهَا، فَإِنَّهُ تخلف فِي شَوَّال وَمَات فِي شهر ربيع الآخر.
[وَمَات] وعمره سِتا وَعِشْرُونَ سنة.
وَكَانَ الْمُنْتَصر أعين، أقنى، أسمر، مليح الْوَجْه، ربعَة، كَبِير الْبَطن، مليحا، مهيبا، منصفا فِي الرّعية، مَالَتْ إِلَيْهِ الْقُلُوب مَعَ شدَّة هيبتهم لَهُ رحمه الله [تَعَالَى]-.
وتخلف بعده عَمه [المستعين بِاللَّه أَحْمد] .