الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المستكفي بِاللَّه)
أَبُو الرّبيع، سُلَيْمَان بن الْحَاكِم بِأَمْر الله، أَبُو الْعَبَّاس، أَحْمد، أَمِير الْمُؤمنِينَ. العباسي [الْهَاشِمِي] ثَانِي خلفاء مصر.
- تقدم بَقِيَّة نسبه فِي تَرْجَمَة أَبِيه الْحَاكِم -.
بُويِعَ بالخلافة بِعَهْد من أَبِيه فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة، وعمره عشرُون سنة.
وخطب لَهُ على المنابر على الْعَادة. وَسكن بمَكَان وَالِده.
وَأقَام فِي الْخلَافَة، إِلَى أَن سَافر صُحْبَة السُّلْطَان [الْملك] النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون إِلَى الْبِلَاد الشامية فِي نوبَة غازان.
ثمَّ رَجَعَ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ على عَادَته إِلَى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، تغير عَلَيْهِ الْملك النَّاصِر بِسَبَب ذَكرْنَاهُ فِي تَرْجَمَة النَّاصِر فِي تاريخنا ((النُّجُوم الزاهرة)) . وَأمره بسكنى القلعة؛ فسكن المستكفي بقلعة الْجَبَل أَرْبَعَة أشهر وَسَبْعَة عشر يَوْمًا.
ثمَّ أمره النَّاصِر بالنزول إِلَى دَاره بالكبش؛ فَنزل إِلَيْهَا، وسكنها على عَادَته مُدَّة، إِلَى أَن بلغ السُّلْطَان عَنهُ مَا غَيره عَلَيْهِ؛ فرسم لَهُ [فِي] يَوْم السبت
ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة من سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ [الْمَذْكُورَة] بالتوجه إِلَى قوص بِالْوَجْهِ القبلي والسكن بهَا؛ فسافر وَأقَام بقوص، إِلَى أَن مَاتَ [بهَا] فِي مستهل شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة.
[و] ورد الْخَبَر على السُّلْطَان بِمَوْتِهِ، وَأَنه عهد لوَلَده أَحْمد بِشَهَادَة أَرْبَعِينَ عدلا، وَأثبت قَاضِي قوص ذَلِك؛ فَلم يمض [الْملك] النَّاصِر عَهده لما كَانَ فِي نَفسه من المستكفي، وَطلب إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد المستمسك بن الْحَاكِم بِأَمْر الله أَحْمد فِي يَوْم الأثنين ثَالِث شهر رَمَضَان، وَاجْتمعَ الْقُضَاة بدار الْعدْل على الْعَادة، فعرفهم السُّلْطَان بِمَا أَرَادَ من إِقَامَة إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور فِي الْخلَافَة، وَأمرهمْ بمبايعته؛ فَأَجَابُوا بِعَدَمِ أَهْلِيَّته، وَأَن المستكفي قد عهد إِلَى وَلَده أَحْمد، وَاحْتَجُّوا بِمَا حكم بِهِ قَاضِي قوص؛ فَكتب السُّلْطَان بقدوم أَحْمد [الْمَذْكُور] إِلَى الْقَاهِرَة.
وَأقَام الخطباء بِمصْر وَغَيرهَا نَحْو أَرْبَعَة أشهر لَا يذكرُونَ [اسْم الْخَلِيفَة فِي الْخطْبَة] .
فَلَمَّا قدم أَحْمد الْمَذْكُور من قوص لم يمض السُّلْطَان عَهده، وَطلب إِبْرَاهِيم ثَانِيًا، وعرفه قبح سيرته وَمَا تشيع النَّاس عَنهُ؛ فأظهر التَّوْبَة مِنْهَا، وَالْتزم بسلوك طَرِيق الْخَيْر؛ فاستدعى السُّلْطَان الْقُضَاة وعرفهم أَنه قد أَقَامَ إِبْرَاهِيم فِي الْخلَافَة؛ فَأخذ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين بن جمَاعَة يعرفهُ عدم أَهْلِيَّته؛ فَلم يلْتَفت السُّلْطَان إِلَى كَلَامه وَقَالَ: إِنَّه قد تَابَ والتائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ؛ فَبَايعُوهُ، ولقب بالواثق.
وَكَانَت الْعَامَّة تسميه: المستعطي؛ فَإِنَّهُ كَانَ قبل ذَلِك يستعطي من النَّاس مَا يُنْفِقهُ.
وَاسْتمرّ إِبْرَاهِيم فِي الْخلَافَة على رغم [الْملك] النَّاصِر، إِلَى أَن مَاتَ النَّاصِر وتسلطن وَلَده [الْملك] الْمَنْصُور أَبُو بكر فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشْرين من ذِي الْحجَّة من سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة.
فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت سلخ ذِي الْحجَّة [الْمَذْكُور] طلب الْملك الْمَنْصُور الْقُضَاة والأعيان، واجتمعوا بِجَامِع القلعة للنَّظَر فِي أَمر أَحْمد [بن] المستكفي وَحضر مَعَهم الْأَمِير طاجار الدوادار؛ فاتفق الْأَمر على خلَافَة أَحْمد الْمَذْكُور لعهد أَبِيه إِلَيْهِ بِمُقْتَضى الْمَكْتُوب الثَّابِت على قَاضِي قوص؛ فبويع ولقب بالحاكم بِأَمْر الله - على لقب جده - وَكَانَ لقب بِهِ فِي حَيَاة أَبِيه رحمه الله [تَعَالَى]-.
وَقد اخْتلف المؤرخون فِي خلَافَة إِبْرَاهِيم هَذَا؛ فَمنهمْ من عده [فِي الْخُلَفَاء] ؛ لكَون السُّلْطَان أَقَامَهُ وَبَايَعَهُ، وَمِنْهُم من لَا عده، لكَون المستكفي كَانَ عهد لوَلَده أَحْمد الْآتِي ذكره.
والناظر فِي أمره هُوَ بِالْخِيَارِ لما عَرفته من أمره؛ إِن شَاءَ أثبت، وَإِن شَاءَ نفى.