الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْمُهْتَدي بِاللَّه [مُحَمَّد] )
ابْن الواثق هَارُون بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد هَارُون بن الْمهْدي مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور. الْهَاشِمِي، العباسي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، الْخَلِيفَة الصَّالح، الدّين، أَبُو إِسْحَاق، وَقيل: أَبُو عبد الله.
وَأمه أم ولد، رُومِية تسمى: قرب.
ولد فِي خلَافَة جده سنة بضع عشرَة وَمِائَتَيْنِ.
بُويِعَ بالخلافة بعد ابْن عَمه المعتز بِاللَّه فِي [الْيَوْم التَّاسِع وَالْعِشْرين][من][شهر] رَجَب سنة خمس وَخمسين، وَله بضع وَثَلَاثُونَ سنة.
وَلما طلب لم يقبل بيعَة أحد حَتَّى أُتِي بالمعتز [بِاللَّه] ؛ فَلَمَّا رَآهُ الْمُهْتَدي [هَذَا] قَامَ لَهُ وَسلم عَلَيْهِ بالخلافة، وَجلسَ بَين يَدَيْهِ، وجئ بالشهود؛ فَشَهِدُوا على المعتز أَنه عَاجز عَن الْخلَافَة؛ فاعترف بذلك وَمد يَده وَبَايع الْمُهْتَدي [بِاللَّه هَذَا] ؛ فارتفع حِينَئِذٍ الْمُهْتَدي إِلَى صدر الْمجْلس.
وَقَالَ [الْمُهْتَدي] : لَا يجْتَمع سيفان فِي غمد. وَهَذَا من قَول أبي ذُؤَيْب:
(تريدين كَيْمَا تجمعيني وخالدا
…
وَهل تجمع السيفان وَيحك فِي غمد)
وَكَانَ الْمُهْتَدي دينا، صَالحا، ورعا، متعبدا، عادلا، قَوِيا فِي أَمر الله، بطلا، شجاعا. لكنه لم يجد ناصرا وَلَا معينا على الْخَيْر، وَلَو وجد ناصرا لَكَانَ أَحْيَا سنة عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فَإِنَّهُ سَار كثيرا فِي خِلَافَته على سيرته.
قَالَ الْخَطِيب: لم يزل صَائِما مُنْذُ ولي الْخلَافَة، إِلَى أَن قتل.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس هَاشم بن الْقَاسِم: كنت بِحَضْرَة الْمُهْتَدي عَشِيَّة رَمَضَان؛ فَوَثَبت لأنصرف فَقَالَ: اجْلِسْ. ثمَّ أحضر بعد الصَّلَاة طبقًا وَفِيه أرغفة من الْخبز وَبَعض ملح وخل وزيت، فَقَالَ: كل؛ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ {قد أَسْبغ الله نعمه عَلَيْك} قَالَ: صدقت، وَلَكِنِّي فَكرت فِي أَنه كَانَ فِي بني أُميَّة عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فغرت على بني هَاشم؛ فَأخذت نَفسِي على مَا رَأَيْت.
قلت: كَانَ قَصده أَن يقتفي سيرة عمر بن عبد الْعَزِيز، وَكَانَ يَقُول وَيفْعل؛ فَلم يجد معينا على ذَلِك.
وَقَالَ ابْن عَرَفَة النَّحْوِيّ: حَدثنِي بعض الهاشميين أَنه وجد للمهتدي سفطا فِيهِ جُبَّة صوف وَكسَاء كَانَ يلْبسهُ فِي اللَّيْل وَيُصلي فِيهِ. وَكَانَ قد أطرح الملاهي، وَحرم الْغناء، وحسم أَصْحَاب السُّلْطَان عَن الظُّلم.
وَكَانَ شَدِيد الإشراف على أَمر الدَّوَاوِين، يجلس بِنَفسِهِ وتجلس الْكتاب بَين يَدَيْهِ؛ فيعملون الْحساب؛ فسامته الظلمَة والأتراك، وَاتَّفَقُوا على خلعه وركبوا عَلَيْهِ وحاربوه، وَكَانَ بطلا شجاعا؛ فحاربهم أَشد محاربة بأناس قَليلَة، وفر عَنهُ أَصْحَابه بعد أُمُور وَقعت بَينهم؛ فانكسر وَأسر وخلع، ثمَّ قتل شَهِيدا فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. وَكَانَت خِلَافَته سنة إِلَّا خَمْسَة عشرَة يَوْمًا.
وَكَانَ الْمُهْتَدي أسمرا، رَقِيقا، مليح الْوَجْه. وتخلف بعده ابْن عَمه [الْمُعْتَمد أَحْمد - رَحمَه الله تَعَالَى -] .