الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْمُطِيع لله)
أَبُو الْقَاسِم، الْفضل بن المقتدر جَعْفَر [بن المعتضد أَحْمد بن ولي الْعَهْد الْمُوفق طَلْحَة بن المتَوَكل جَعْفَر] . الْهَاشِمِي، العباسي، الْبَغْدَادِيّ، أَمِير الْمُؤمنِينَ.
بُويِعَ بالخلافة [فِي] سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلثمائة بعد خلع المستكفي وسمله.
وَأمه أم ولد تسمى: شغلة.
ومولده فِي أول سنة إِحْدَى وثلثمائة.
وَتمّ أمره وطالت أَيَّامه.
وَفِي أَيَّامه كَانَت بِمصْر زلازل عَظِيمَة، عاودت النَّاس أشهرا، وَخرب بِسَبَبِهَا عدَّة بِلَاد، وسكنت النَّاس الصَّحرَاء.
وَفِي أَيَّامه أمْطرت بَغْدَاد حَصى، زنة كل حَصَاة رَطْل؛ فقتلت خلقا كثيرا من النَّاس وَالدَّوَاب وَالطير.
وَفِي أَيَّامه أَيْضا وَردت محَاضِر شَرْعِيَّة عَلَيْهِ أَنه: خسف بِمِائَة وَخمسين قَرْيَة من أَرض الرّيّ وَأَرْض الطالقان وَصَارَت كلهَا نَارا، وتقطعت الأَرْض، فطلع مِنْهَا دُخان عَظِيم، وقذفت الأَرْض جَمِيع مَا فِي بَطنهَا حَتَّى عِظَام الْمَوْتَى من الْقُبُور. قَالَه ابْن الْجَوْزِيّ، ثمَّ قَالَ: وَوَقع حريق [عَظِيم] بِمصْر احترقت فِيهِ: قيسارية الْعَسَل، وسوق الزياتين، وَألف وَسَبْعمائة دَار.
ونادى كافور الأخشيدي: من جَاءَ بجرة مَاء فَلهُ دِرْهَم؛ فَكَانَ جملَة مَا صرف على المَاء أَرْبَعَة عشر ألف دِينَار.
(وَفِي أَيَّامه حاصر الرّوم [حلب] ، وفتحوها بِالسَّيْفِ، واستولوا عَلَيْهَا، وَوَضَعُوا فِي أَهلهَا السَّيْف تِسْعَة أَيَّام، وَأخذُوا من أَهلهَا تِسْعَة عشر ألف صبي وصبية، وَأخذُوا من دَار سيف الدولة بن حمدَان ثَلَاثَة آلَاف ألف دِرْهَم، وحملوا جَمِيع مَا كَانَ فِيهَا من الْأَمْوَال، وَمَا عجزوا عَن حمله أحرقوه) .
وَفِي أَيَّامه - فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وثلثمائة - أسلم من التّرْك مِائَتَا ألف خركاة، وحضروا إِلَى دَار الْإِسْلَام بأهلهم وَأَمْوَالهمْ.
ثمَّ فِي سنة إثنتين وَخمسين وثلثمائة أرسل بطارقة الأرمن إِلَى نَاصِر الدولة بن حمدَان رجلَيْنِ ملتصقين من تَحت إبطهما، وَلَهُمَا بطْنَان وسرتان وفرجان، ومقعدان، وكل مِنْهُمَا كَامِل الْأَطْرَاف؛ فَأَرَادَ نَاصِر الدولة افصالهما؛ فأحضر الْأَطِبَّاء فسألوهما: هَل تجوعان وتعطشان مَعًا؟ قَالَا: نعم. فَقَالَ الْأَطِبَّاء: مَتى فصلناهما مَاتَا.
وَذكر أَبوهُمَا أَنَّهُمَا يختصمان فِي بعض الْأَوْقَات ويقيمان مُدَّة لَا يتكلمان، ثمَّ يصطلحان. وَزَاد بَعضهم فَقَالَ: إِنَّه كَانَ أَحدهمَا يمِيل إِلَى النِّسَاء وَالْآخر إِلَى الصّبيان.
ثمَّ مَاتَ الْوَاحِد؛ فربطوه بِحَبل حَتَّى انْقَطع، وَبَقِي الآخر مُدَّة [بعده] ، ثمَّ مَاتَ.
وَفِي أَيَّام الْمُطِيع هَذَا دخل الْمعز أَبُو تَمِيم الْعلوِي المغربي إِلَى مصر وملكها، وَبَطل إسم الْمُطِيع من الْخطْبَة مِنْهَا وَمن أَعمالهَا.
وَاسْتمرّ الْمُطِيع فِي الْخلَافَة إِلَى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ [وثلثمائة] أظهر مَا كَانَ يستره من مَرضه وَتعذر الْحَرَكَة، وَثقل لِسَانه من الفالج الَّذِي اعتراه؛ فَدَعَاهُ الْحَاجِب عز الدولة سبكتكين إِلَى خلع نَفسه من الْخلَافَة، وَيسلم الْأَمر إِلَى وَلَده الطائع؛ فَفعل ذَلِك.
وَعقد للطائع فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشر ذِي الْحجَّة [من] سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ [الْمَذْكُورَة] .
وَاسْتمرّ الطائع فِي الْخلَافَة؛ فَكَانَت مُدَّة خلَافَة الْمُطِيع [هَذَا] تسعا وَعشْرين سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا.
وَصَارَ الْمُطِيع بعد أَن خلع من الْخلَافَة يُسمى: الشَّيْخ الْفَاضِل، وَصَارَ فِي خلَافَة وَلَده مكرما، إِلَى أَن مَاتَ بعد أشهر فِي محرم سنة أَربع وَسِتِّينَ [وثلثمائة] . وَكَانَ هُوَ وَابْنه مستضعفين [مَعَ] بني بويه.