الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عمر بن عبد الْعَزِيز)
ابْن مَرْوَان بن الحكم، الْأمَوِي الْقرشِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَبُو حَفْص.
بُويِعَ بالخلافة بعد موت بن عَمه سُلَيْمَان بن عبد الْملك بِعَهْد عَهده إِلَيْهِ. ولقب بالمعصوم بِاللَّه رضي الله عنه.
مولده بِالْمَدِينَةِ سنة سِتِّينَ - عَام توفّي مُعَاوِيَة أَو بعده بِسنة -.
وَأمه أم عَاصِم بنت عَاصِم بن عمر بن الْخطاب -[رضي الله عنه]-.
قَالَ إِسْمَاعِيل الخطبي: رَأَيْت صفته فِي كتاب: كَانَ أَبيض، رَقِيق الْوَجْه، جميلا، نحيف الْجِسْم، حسن اللِّحْيَة، غائر الْعَينَيْنِ، بجبهته أثر حافر دَابَّة؛ وَلذَلِك سمي أشج بني أُميَّة، قد وخطه الشيب.
قَالَ مولى عمر بن عبد الْعَزِيز: إِن [عمر] بن عبد الْعَزِيز دخل إِلَى اصطبل أَبِيه وَهُوَ غُلَام؛ فَضَربهُ فرسه فَشَجَّهُ؛ فَجعل أَبوهُ يمسح عَنهُ الدَّم وَيَقُول: إِن كنت أشج بني أُميَّة إِنَّك لسَعِيد.
وَقيل: إِن فتيانا أَتَوا عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فَقَالُوا: إِن أَبَانَا توفّي وَترك مَالا عِنْد عمنَا حميد الأصبحي؛ فَأحْضرهُ عمر وَقَالَ لَهُ: أَنْت الْقَائِل:
(حميد الَّذِي أمج دَاره
…
أَخُو الْخمر والشيبة الأصلع)
(أَتَاهُ المشيب على شربهَا
…
فَكَانَ كَرِيمًا فَلم ينزغ)
قَالَ: نعم.
قَالَ عمر: مَا أَرَانِي إِلَّا حادك، أَقرَرت بشربها، وَإنَّك لم تنْزع عَنْهَا.
قَالَ: أَيْن يذهب [بك]{؟ ألم تسمع قَوْله تَعَالَى: {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ ألم تَرَ أَنهم فِي كل وَاد يهيمون وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} . فَقَالَ عمر: مَا أَرَاك إِلَّا قد أقلت، وَيحك يَا حميد، كَانَ أَبوك رجلا صَالحا وَأَنت رجل سوء.
فَقَالَ: أصلحك الله، وَأَيْنَ شَبيه أَبَاهُ} كَانَ أَبوك رجل سوء وَأَنت رجل صَالح.
فَقَالَ عمر: إِن هَؤُلَاءِ زَعَمُوا أَن أباهم توفى وَترك مَالا عنْدك.
قَالَ: صدقُوا، وأحضره بِخَتْم أَبِيهِم. [ثمَّ] قَالَ: إِن أباهم [لَعَلَّه] مَاتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَكنت أنْفق عَلَيْهِم من مَالِي، وَهَذَا مَالهم.
قَالَ عمر: مَا أحد أَحَق أَن يكون عِنْده مِنْك؛ فَامْتنعَ وَدفع المَال. انْتهى.
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي تَارِيخه:
حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا عَفَّان بن عُثْمَان [بن الحميد بن لَاحق] عَن جوَيْرِية، عَن نَافِع: بلغنَا أَن عمر قَالَ: إِن من وَلَدي رجلا بِوَجْهِهِ شين يَلِي؛ فَيمْلَأ الأَرْض عدلا.
قَالَ نَافِع: فَلَا أَحْسبهُ إِلَّا عمر بن عبد الْعَزِيز.
وروى الذَّهَبِيّ بِإِسْنَاد فِي تَارِيخه عَن ريَاح بن عُبَيْدَة قَالَ: خرج علينا عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى الصَّلَاة وَشَيخ متوكئ على يَده؛ فَقلت فِي نَفسِي: إِن هَذَا الشَّيْخ جَاف. فَلَمَّا صلى وَدخل لحقته؛ فَقلت: أصلح الله الْأَمِير؛ من الشَّيْخ الَّذِي كَانَ يتكئ على يدك؟
قَالَ: رَأَيْته يَا ريَاح! ؟ قلت: نعم، قَالَ: مَا أحسبك إِلَّا رجلا صَالحا، ذَاك أخي الْخضر أَتَانِي فَأَعْلمنِي أَنِّي سألي أَمر هَذِه الْأمة وَأَنِّي سأعدل فِيهَا.
قلت: وَلما ولي الْخلَافَة أبطل سبّ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه فِي أثْنَاء الْخطب، وَجعل مَكَان ذَلِك:{إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} الْآيَة؛ فَقيل فِيهِ:
(وليت فَلم تَشْتُم عليا وَلم تخف
…
بريا وَلم تتبع سجية مجرم)
(وَقلت فصدقت الَّذِي قلت بِالَّذِي
…
فعلت فأضحى رَاضِيا كل مُسلم)
وَكَانَ عمر رضي الله عنه عَالما، صَالحا، ورعا، زاهدا، فَقِيها.
وَلما ولي الْخلَافَة أبطل جَمِيع مَا كَانَت أَهله تستأديه من بَيت المَال، وضيق على نَفسه وعَلى آله تضييقا كثيرا حَتَّى أَنه مرض مرّة؛ فَدخل عَلَيْهِ الْأُمَرَاء يعودونه؛ فوجدوا عَلَيْهِ قَمِيصًا وسخا لَا يُسَاوِي أَرْبَعَة دَرَاهِم؛ فَقَالُوا لزوجته: لم لَا تغسليه [لَهُ] ! ؟ فَقَالَت: وَالله مَاله غَيره، وأخشى أَن أقلعه يبْقى عُريَانا.
قلت: هَذَا، وخراج الأَرْض كلهَا يحمل إِلَيْهِ، مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ من الترف وَالْمَال قبل أَن يَلِي الْخلَافَة.
وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْجُمُعَة لخمس بَقينَ من رَجَب سنة إِحْدَى وَمِائَة بدير سمْعَان من أَعمال حمص.
وَصلى عَلَيْهِ ابْن عَمه يزِيد بن عبد الْملك الَّذِي تخلف بعده، وَهُوَ ابْن تسع وَثَلَاثِينَ سنة وَسِتَّة أشهر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الضَّرِير: [إِنَّه] توفى بدير سمْعَان لعشر بَقينَ من رَجَب. وَكَانَت خِلَافَته تِسْعَة وَعشْرين شهرا كَأبي بكر الصّديق رضي الله عنهما.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي تَارِيخه عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: بَينا نَحن نسوى التُّرَاب على [قبر عمر بن عبد الْعَزِيز] إِذْ سقط علينا كتاب رق من السَّمَاء، فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. أَمَان من الله لعمر بن عبد الْعَزِيز من النَّار -[رحمه الله وَرَضي عَنَّا بِهِ. آمين]-.