الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر دولة بني الْعَبَّاس)
وأولهم السفاح: عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب، أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَبُو الْعَبَّاس، الْقرشِي [العباسي] .
أمه رائطة الحارثية. ومولده بالحميمة من نَاحيَة البلقاء سنة ثَمَان وَمِائَة، وَنَشَأ بهَا.
وبويع بِالْكُوفَةِ بعد موت أَبِيه مُحَمَّد. وَكَانَ أَبوهُ بُويِعَ بالخلافة وَلم يتم أمره.
وَكَانَ السفاح هَذَا أَصْغَر من أَخِيه أبي جَعْفَر الْمَنْصُور.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ: روى عُثْمَان بن أبي شيبَة وقتيبة عَن جرير عَن الْأَعْمَش عَن عَطِيَّة - وَهُوَ ضَعِيف - عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- قَالَ: ((يخرج رجل من أهل بَيْتِي عِنْد انْقِطَاع من الزَّمَان وَظُهُور من الْفِتَن يُقَال لَهُ: السفاح؛ فَيكون إِعْطَاؤُهُ المَال حثيا)) .
وَرَوَاهُ العطاردي عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش. أخرجه [الإِمَام] أَحْمد فِي مُسْنده.
وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا: كَانَ السفاح أَبيض، طوَالًا، أقنى، ذَا شَعْرَة جعدة، حسن اللِّحْيَة.
قلت: [وَكَانَ أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي قد أَقَامَ لَهُم بالدعوة، ومهد] لَهُم الْبِلَاد وَقطع جاذرة بني أُميَّة حَتَّى [أَن السفاح كَانَ] قد أَمن من بني أُميَّة جمَاعَة تَقْدِير مائَة نفس؛ فَعظم ذَلِك على أبي مُسلم [الْخُرَاسَانِي] ؛ فَتكلم مَعَ سديف الشَّاعِر فِي أَمرهم ووعده؛ فَدخل سديف على السفاح وهم بَين يَدَيْهِ وَأنْشد:
(لَا يغرنك مَا ترى من رجال
…
إِن تَحت الضلوع دَاء دويا)
(فضع السَّيْف وارفع الصَّوْت حَتَّى
…
[لَا ترى] فَوق ظهرهَا أمويا)
فَلَمَّا سمع السفاح ذَلِك تغير وَجهه وَصَاح بالخراسانية: وَيْلكُمْ، خذوهم؛ فضربوهم الخراسانية بالدبابيس إِلَى أَن سقطوا وَقد فارقوا الْحَيَاة، وفرشت النطوع عَلَيْهِم؛ ثمَّ مد السماط فَوْقهم، فَأَكَلُوا وهم يسمعُونَ أنينهم حَتَّى مَاتَ الْجَمِيع.
ثمَّ رفعوا السماط وسحبوهم بأرجلهم؛ فألقوهم فِي الطَّرِيق فأكلتهم الْكلاب؛ فَقَالَ للسفاح بعض أخصائه: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هَذَا هُوَ جهد الْبلَاء. قَالَ: لَا جهد الْبلَاء غنى قوم افْتقر وعزيز قوم ذل، وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ مَاتُوا كراما.
وَقَالَ الصولي: حَدثنَا الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا أَحْمد بن سعيد بن سَالم الْبَاهِلِيّ عَن أَبِيه قَالَ: حَدثنِي من حضر مجْلِس السفاح - وَهُوَ أحشد مَا يكون ببني هَاشم والشيعة ووجوه النَّاس - فَدخل عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ وَمَعَهُ مصحف؛ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أعطنا حَقنا الَّذِي جعله الله لنا فِي هَذَا الْمُصحف؛ فأشفق النَّاس من أَن يعجل السفاح [إِلَيْهِ] بشئ، فَلَا يُرِيدُونَ ذَلِك فِي شيخ بني هَاشم، أَو يَعْنِي بجوابه؛ فَيكون ذَلِك نقصا وعارا عَلَيْهِ؛ فَأقبل غير منزعج فَقَالَ: إِن جدك عليا كَانَ خيرا مني وَأَعْدل، ولي هَذَا الْأَمر فَأعْطى جديك الْحسن وَالْحُسَيْن - وَكَانَا خيرا مِنْك - شَيْئا، وَكَانَ الْوَاجِب أَن أُعْطِيك مثله؛ فَإِن كنت فعلت؛ فقد أنصفتك، وَإِن كنت زدتك، فَمَا هَذَا جزائي مِنْك.
قَالَ: فَمَا رد عَلَيْهِ جَوَابا وَانْصَرف. وَعجب النَّاس من جَوَابه لَهُ.
قَالَ الْهَيْثَم بن عدي وَهِشَام بن الْكَلْبِيّ، وَجَمَاعَة: عَاشَ السفاح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ [سنة]، وَمَات سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. وَزَاد غَيرهمَا؛ فَقَالَ: بالجدري فِي ذِي الْحجَّة.
وَقَالَ خَليفَة: توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَهُوَ إِبْنِ ثَمَان وَعشْرين سنة.
قلت: الأول أشهر وَأَصَح. وَوَافَقَ على القَوْل الأول أَبُو أَحْمد الْحَاكِم وَزَاد: فِي ذِي الْحجَّة. إنتهى.
وَكَانَت خِلَافَته أَربع سِنِين تخمينا. وَتَوَلَّى الْخلَافَة [من] بعده أَخُوهُ [الْمَنْصُور] .