الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلاف في حكم تارك الصلاة
المؤلف/ المشرف:
عبدالله بن إبراهيم الزاحم
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار الفضيلة - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1423هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
صلاة - حكم تركها
الخاتمة: وبعد هذا التطواف بأقوال العلماء، والتعرف على آرائهم في هذه المسألة المهمة، وما استدلوا به من أدلة على تلك الأقوال، وما استندوا إليه من حجج تقوي مذاهبهم، وتدعم أقوالهم، سواء في ذلك تلك الأقوال المشهورة في المسألة، أم من رام التوفيق بين الأدلة وسعى إلى الجمع بينها، وما كان من مناقشتها.
يمكن إبراز أهم تلك النتائج في الأمور التالية:
1 -
إن الله جل وعلا وصف تارك الصلاة بأنه من المجرمين والخاسرين، والمكذبين، والكافرين، والمشركين، وهو وصف معرف بـ "ال" الدالة على الاستغراق والشمول، وأنه بلغ في ذلك الأمر غايته، وهو لا يكون إلا لمن استحق الخلود في النار.
2 -
إن الله سبحانه وتعالى بين أن من أهم ما استحق به الكافرون العقوبة في الآخرة هو ترك الصلاة.
3 -
إن أهم صفات المؤمنين هي الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فمن ترك الصلاة، لم يحقق هذه الاستجابة، بل شابه الكافرين في الإعراض والتولي والاستكبار عن الطاعة.
4 -
إن الله توعد تارك الصلاة بما توعد به الكافرين، من عظيم عقابه، وشديد عذابه.
5 -
إن الله جل وعلا علق أخوة الدين على إقامة الصلاة، فلا يكون الإنسان مسلماً إلا بها.
6 -
إن الله سبحانه وتعالى أوضح في كتابه العزيز أن أهم صفات المؤمنين التي يتميزون بها عن غيرهم هي: إقامة الصلاة، فمن لم يقمها فليس منهم، بل هو من المشركين الكافرين.
7 -
إن السنة المطهرة جاءت منها نصوص صحيحة، صريحة في كفر تارك الصلاة، إذ جعلها عليه الصلاة والسلام هي الحد الفاصل بين الإيمان والإسلام، والشرك والكفر. فلا يقيمها بإخلاص إلا المسلم، ولا يتركها – من غير عذر – إلا الكافر. فهي أهم الشعائر الظاهرة التي يتميز بها المسلمون عن غيرهم.
8 -
علقت السنة الصحيحة الصريحة، الكفر على مجرد ترك الصلاة، "فمن تركها فقد كفر" فتأويل ذلك بالجحود أو غير ذلك من التأويلات، صرف للنصوص عن ظواهرها، وتكلف في تأويلها، وهو مدعاة على ردها.
9 -
أبطلت السنة تلك التأويلات، التي زعمت بأن مجرد الترك، ليس كفراً مخرجاً من الملة، مؤكدة بأن هذا الترك مخرج من الملة، وأن تارك الصلاة لا ذمة له. فهل بعد هذا يقال: بأنه كفر دون كفر؟!!.
10 -
أكدت السنة أن الصلاة هي آخر ما يبقى من الدين، فإذا ترك العبد الصلاة، كان ذلك أكبر دليل على كفره، وذهاب ما بقي معه من إيمان، وأنه قد سقط بناء الإسلام لديه كسقوط الفسطاط بذهاب عموده.
11 -
أوضحت السنة بأن الصلاة أهم الأعمال، وأول ما يسأل عنه الإنسان يوم القيامة، فإن صلحت وقبلت، فقد أفلح وأنجح، لأنه تجاوز مرحلة الخطورة العظمى، وهي الخلود في النار مع الكافرين ثم نظر بعد ذلك في سائر عمله. فهي رأس ماله، ومفتاح ديوانه، فهل يصح ربح إذا هلك رأس المال؟!.
12 -
أكد إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – ما دلت عليه ظواهر النصوص وأم المراد بالكافر، الكفر الأكبر المخرج من الملة. وهو إجماع صريح، لا يحتمل التأويل، نطق به الصحابة فيما بينهم ونقله التابعون عنهم وهو أقوى دليل في الرد على كل من أراد تأويل تلك النصوص، أو صرفها عن ظاهرها.
13 -
أن هذا الإجماع أصرح دليل في المسألة، وهو أقوى دليل في رد كل قو مخالف له.
14 -
أن هذا الإجماع يؤكد أن القول: بعدم كفر تارك الصلاة، قول حادث وأن من قال به من علماء، وإن كان مأجوراً على اجتهاده، فقد جانبه الحق والصواب، ولا يجوز لمن استبان له الحق، تقليده في ذلك. ورحم الله الشافعي إذ يقول:"لا يحل لمسلم علم كتاباً، ولا سنة، أن يقول بخلاف واحد منهما".
ثانياً: خاتمة الفصل الثاني:
15 -
إن تارك الصلاة إن كان جاحداً لوجوبها، فالإجماع على كفره، ما لم يكن معذوراً بالجهل لحداثة إسلامه، أو كونه في مكان ناءٍ بعيد عن المسلمين.
16 -
إن على المسلم العاقل، المحافظة على الصلاة، وأداؤها في أوقاتها على الهيأة التي يستطيعها، وأنه لا يجوز له تركها أو تأخيرها عن وقتها، إلا بعذر من نوم، أو نسيان أو نحو ذلك.
17 -
أن تارك الصلاة بغير عذر، وإنما كسلاً وتهاوناً، كافر على الصحيح من أقوال العلماء وهو الذي عليه أكثر السلف، بل إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
18 -
إن القائلين بعدم كفر تارك الصلاة بغير عذر. لم يتفقوا على ما يستحقه من عقوبة فذهب بعضهم إلى وجوب قتله حداً، وذهب آخرون إلى تعزيره.
19 -
إن من العلماء من لم يستطع دفع النصوص الصريحة، الصحيحة الدالة على كفر تارك الصلاة بغير عذر، فرام الجمع بينها وبين النصوص الأخرى، فقد كفر بأمور، وأحوال، وأزمان.
20 -
إن من قيد كفر تارك الصلاة بغير عذر، بأمور، أو أحوال، أو أزمان فقد خالف ما عليه أكثر السلف، وإجماع الصحابة من القول بكفر تارك الصلاة، وإن اتفق معهم في الظاهر. 21 - إن تلك الأقوال على اختلافها، كان رائد أصحابها الحق، فاجتهدوا في إصابته، بما معهم من أدلة من الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول تدل في ظاهرها إلى ما ذهبوا إليه. 22 - إن الاختلاف بين العلماء في المسائل، قد يكون مع توفر النصوص، وثبوت الأدلة فيكون سببه الاجتهاد في الاستنباط، والترجيح بينها. 23 - إن العلماء – رحمهم الله – قد اجتهدوا جميعاً في إصابة الحق، ولم يقصدوا رد النصوص، أو دفعها، فهم مأجورون على اجتهادهم، ومعذورون في خطأهم.
24 -
إن تلك الأقوال على اختلافها، وما استدل به أصحابها من أدلة سواء كانت من الكتاب، أم السنة، أم الإجماع، أم المعقول، قد أمكن مناقشتها دليلاً دليلاً، وبيان شبهة أصحابها في استدلالهم بها على أقوالهم ولا حاجة إلى ذكر ذلك مفصلاً هنا.
25 -
إن إمكانية مناقشة تلك الأقوال، وما استدل به أصحابه، يؤكد أن القول الراجح في هذه المسألة، هو القول: بكفر تارك الصلاة، بغير عذر.
ثالثاً: خاتمة الفصل الثالث:
26 -
إن الألباني رتب النجاة من النار، وعدم الخلود فيها، على مجرد الشهادة، ودون قيد، أو شرط. فلو مات المسلم تاركاً لأركان الإسلام كلها – عدا الشهادة – لا يسجد لله سجدة واحدة، فإنه داخل تحت المشيئة: إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. ثم مصيره إلى الجنة، وهذا القول يلتقي مع لازم قول المرجئة.
27 -
إنه حصر كفر تارك الصلاة في صورة واحدة، وهي إذا دعي إلى فعلها، وهدد بالقتل إن لم يستجب، فاختار القتل. وأن كفره في هذه الصورة ليس للترك، ولا للإصرار على الترك، وإنما للجحود، الذي دل عليه اختياره للقتل على الفعل.
28 -
إن هذه الصورة التي أراد الألباني حصر الكفر فيها، وأن الأقوال والأدلة تجتمع عليها، هي عين الصورة التي أوردها الفقهاء، وذكروا الخلاف فيها!!.
29 -
إن الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة، إنما ترتب الكفر على مجرد الترك، فتقييدها بغير مقيد، أو حملها على صورة مفترضة، تكلف ظاهر في رد النصوص، وعدم إعمالها.
30 -
إن حصر الكفر في تلك الصورة وحدها، يقتضي ترتب الكفر على فعل الغير، وليس على فعل تارك الصلاة.!!
31 -
إن حديث حذيفة بن اليمان المرفوع، ليس فيه دلالة على الموضوع، لا من قريب، ولا من بعيد. فالاستدلال به، فيه نوع من الإيهام.
32 -
إن قول حذيفة إنما قاله في زمن خاص، دل الحديث عليه، فتعميم ذلك في كل زمان، والتكلف في صرف النصوص عن ظواهرها مجانب للصواب.
33 -
إن المستقر عند عامة الصحابة، والتابعين، أن الشهادة وحدها، لا تغني صاحبها، إن لم يكن معها شيء من أعمال الجوارح.
34 -
إن استدلال الألباني بحديث أبي سعيد الخدري، على عدم كفر تارك الصلاة دون النظر إلى الأحاديث الأخرى في بابه، خلاف المنهج العلمي. لأن نصوص الشرع ينبغي أن يحمل بعضها على بعض، وإلا أوقع ذلك في التناقض والتعارض. 35 - إن حديث أبي سعيد، لم يغفله العلماء، أو يغفلوا عنه، كما ظنه الألباني بل استغنوا عنه بأمثاله من الأحاديث الأخرى، إذ لا مزيد فيه على غيره، عند التحقيق.
36 -
إن القول: بأن ابن القيم لا يرى كفر تارك الصلاة كسلا، إلا إذا اقترن مع تركه ما يدل على جحوده. مجانب للصواب جملة، وتفصيلاً، وكتابة أكبر شاهد على ذلك.
37 -
إن وصف الألباني من قال: "إن الصلاة شرط لصحة الإيمان، وإن تاركها مخلد في النار" بأنه التقى مع الخوارج في بعضهم قولهم، خطأ فادح وزلة من عالم.
38 -
إن دعوى الألباني بأن ابن تيمية من الموافقين له في الرأي، غير صحيحة، إذ ظهر الفرق بين القولين، والبعد بين الرأيين.
39 -
إن محاولة الألباني لنسف قول الحنابلة المشهور في المسألة من أساسه، بأن الرواية عن الإمام أحمد فيها مضطربة
…
، قد تم إبطالها، وإظهار أنها الرواية الصحيحة. وأن الرواية الثانية إن لم توصف بالشذوذ، فلا أقل من وصفها بالضعف، وعدم الصحة في المذهب.
40 -
إن دعوى الألباني بأن المرداوي والشيخ سليمان من علماء الحنابلة المحققين الموافقين له في الرأي، قد تبين بطلانها.
41 -
إن ما أورده الألباني من نقولات مختلفة، قد تبين أنه في كثير منها حملها ما لا تحتمل.
إلى غير ذلك من الفوائد والنتائج التي تم التوصل إليها من هذا البحث.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.