الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعبير عن الرأي – ضوابطه ومجالاته في الشريعة الإسلامية
المؤلف/ المشرف:
خالد بن عبدالله الشمراني
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مركز التأصيل للدراسات والبحوث- جده ̈الأولى
سنة الطبع:
1430هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
دراسات فقهية
الخاتمة:
وبعد العرض السابق في مسائل هذا البحث ومواضيعه، يحسن بنا أن نختمه بخلاصة لنتائجه، وهي على سبيل الاختصار كما يلي:
1 -
أن الإسلام قد أولى حقوق الإنسان على سبيل العموم، والتعبير عن الرأي المشروع على سبيل الخصوص عناية كبيرة، ويتجلى ذلك في تكريمه للإنسان وصيانته لحقوقه وحرياته، باعتبارها منحاً إلهية ليس من حق أحد من الناس مصادرتها، ولا الحرمان منها.
2 -
أن الرأي الصادر عن الإنسان والذي هو نتاج تأمله وتفكيره، منه ما هو مشروع، ومنه ما هو غير مشروع، ومنه ما يسوغ عند الضرورة، فالرأي المشروع قد يكون واجباً وقد يكون مندوباً وقد يكون مباحاً، كما أن الرأي غير المشروع قد يكون محرماً وقد يكون مكروهاً.
3 -
أن الرأي المشروع أنواع خمسة هي: آراء الصحابة رضوان الله عليهم، والرأي الذي يفسر النصوص، والإجماع المستند إلى الاجتهاد الجماعي، والاجتهاد في استنباط حكم الواقعة بعد البحث عن حكمها في الكتاب والسنة وآراء الصحابة، والرأي في مجال الأمور الدنيوية لأصحاب الخبرة والتجربة.
4 -
كما أن الرأي غير المشروع أنواع خمسة هي: الرأي المخالف للنص، والكلام في الدين بالخرص والظن، والرأي المتضمن تعطيل أسماء الله وصفاته بالمقاييس الباطلة، والرأي الذي أحدثت به البدع، والقول في شرائع الدين بالاستحسان والظنون.
5 -
أن هناك جملة من الضوابط التي لابد اجتماعها حتى يكون التعبير عن الرأي مشروعاً وهي: أولاً: مشروعية الرأي، ثانياً: مراعاة ما يؤول إليه التعبير عن الرأي من مصلحة أو مفسدة، ثالثاً: مشروعية الوسيلة.
6 -
أن التعبير عن الرأي المشروع يستند على جملة من الأصول الشرعية وهي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والشورى، وكون التعبير عن الرأي من المصالح الحاجية.
7 -
أن التعبير عن الرأي في المسائل الشرعية لا يسوغ إلا لمن توفرت فيه جملة من الشروط هي: الإسلام، والتكليف، والعدالة، والاجتهاد، وجودة القريحة.
8 -
كما أن التعبير عن الرأي في الأمور الدنيوية لا يسوغ إلا لأصحاب الخبرة والتجربة.
9 -
أن الخلاف في المسائل الشرعية الفقهية من الأمور الطبيعية، وله أسباب علمية أدت إليه، أما الخلاف في المذاهب الاعتقادية فهو شر وبلاء ويجب على الأمة الإسلامية أن تجتمع على مذهب أهل السنة والجماعة.
10 -
أن قاعدة (لا إنكار في مسائل الخلاف) ليست على إطلاقها، بل من المسائل ما يكون الخلاف فيها ضعيفاً، فهنا يتوجه الإنكار، ومن المسائل ما يكون الخلاف فيها قوياً، وهذه لا إنكار فيها.
11 -
أن الشريعة الإسلامية جاءت بجلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.
12 -
أن مراعاة مآلات الأفعال معتبر في الشريعة، بوجه عام، وفي التعبير عن الرأي بوجه خاص.
13 -
أن الوسائل لها أهمية بالغة في الشريعة الإسلامية، ولها ارتباط وثيق بالمقاصد.
14 -
أن الوسائل لها أحكام المقاصد، كما أن الوسائل تسقط بسقوط المقاصد، أو بحصولها.
15 -
أن المقاصد أشرف رتبة من الوسائل، ولذلك فإن مراعاة المقاصد أولى من مراعاة الوسائل.
16 -
أن الأصل في العبادات التوقيف والحظر، وبالتالي فإن التقرب إلى الله بما لم يشرع بدعة.
17 -
أن الأصل في العادات الإباحة، وليس للبدعة مدخل فيها إلا إذا قصد المكلف التقرب بذاتها لله تعالى.
18 -
أن توظيف الوسائل العادية للتعبير عن الرأي المشروع أمر سائغ، وليس ببدعة مدخل في هذا الباب كما تقدم، بشرط أن تكون هذه الوسائل مشروعة في ذاتها، وألا يقصد المكلف التقرب بذاتها لله تعالى.
19 -
المظاهرات أمر مباح بالنظر إلى ذاته، وحكمها الشرعي يتبع مقصدها، وما يمكن أن تؤول إليه من مصلحة أو مفسدة.
20 -
أن طاعة ولاة الأمر واجبة إذا أمروا بطاعة، ومحرمة إذا أمروا بمعصية، كما تجب طاعتهم في تقييدهم للمباح إذا كان هذا التقييد مستنداً للمصلحة.
21 -
أن إضراب الموظفين عن العمل لا يجوز شرعاً، إذا كان رب العمل ملتزماً بمقتضى العقد وشروطه.
22 -
أن إضراب التجار وأصحاب الحرف عن العمل جائز بشرطين: الأول: أن يكون المقصد من الإضراب عن العمل؛ مشروعاً. والثاني: ألا يترتب على الإضراب عن العمل مفسدة راجحة تلحق الضرر بمصالح الناس الضرورية أو الحاجية.
23 -
أن الإضراب الكلي عن الطعام، والذي يفضي إلى الموت محرم، وهو ضرب من ضروب الانتحار.
24 -
أن الإضراب الرمزي عن الطعام، سائغ بشرط أن يكون المقصد منه مشروعاً.
25 -
أن للرد على أصحاب الآراء غير المشروعة جملة من المقاصد الجليلة منها: إعلاء كلمة الحق وإزهاق كلمة الباطل، وهداية المخالف، وإقامة الحجة، وكف عدوان المبطلين.
27 -
أن للرد على أصحاب الآراء غير المشروعة جملة من الشروط والآداب منها: الإخلاص والمتابعة، والأهلية، والإنصاف والعدل، وكشف شبهة المخالف وبيان زيفها.
28 -
أن مجادلة أصحاب الآراء غير المشروعة منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم، فإذا كانت المجادلة مستوفية لشروطها كانت محمودة، أما إذا تخلف شرط من الشروط السابقة فإنها تكون مذمومة.
29 -
أن العقوبة شرعت في الإسلام، من أجل استصلاح الجاني وردعه وتأديبه، وزجر غيره عن سلوك سبيله.
30 -
أن معاقبة أصحاب الآراء غير المشروعة الذين يجاهرون بها ويدعون الناس إليها أصل من أصول مذهب أهل السنة والجماعة.
31 -
أن البدع والآراء غير المشروعة ليست على درجة واحدة من القبح والشناعة، بل منها بدع وآراء مكفرة وأخرى مفسقة، وهذه الأخيرة منها المغلظ ومنها ما هو دون ذلك.
32 -
جاءت الشريعة الإسلامية بجملة من العقوبات والزواجر لمجابهة أصحاب الآراء المشروعة، وهذه العقوبات منها ما هو تعزيري؛ كالتوبيخ، والهجر، والتشهير، والنفي، والحبس، والجلد، والقتل. ومنها ما هو من قبيل الحدود؛ كحد الردة وذلك في حق من اعتقد شيئاً من الآراء الكفرية.
33 -
من انتحل رأياً أو بدعة مفسقة مغلظة؛ كبدع الخوارج وغلاة الروافض، وكان داعية إلى بدعته ولم ينكف شره إلا بقتله، فإنه يقتل، وذلك بعد استتابته، مع ضرورة مراعاة ما يترتب على قتله من مصلحة أو مفسدة، وبشرط أن يكون الإمام الأعظم أو من يقوم مقامه عدلاً، حتى لا يتخذ حكام الجور هذا الأمر ذريعة لتصفية مخالفيهم والتنكيل بهم.
34 -
الردة قد تكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد أو الشك، فمن ارتكب موجباً من موجبات الردة وكان عاقلاً بالغاً مختاراً، وثبت عليه ارتكاب هذا الفعل الكفري بإقراره أو بشهادة عدلين، بحيث تكون هذه الشهادة مفصلة، ولم يرجع من قارف هذا الفعل الكفري بعد استتابته، فإنه يقتل كفراً.
35 -
أن أحكام الشريعة الإسلامية تنقسم إلى قسمين: أحكام تفصيلية مبنية على التوقيف والاتباع ولا مجال للرأي فيها؛ كالأحكام المتعلقة بالعقيدة والعبادات، وأحكام على شكل قواعد ومبادئ عامة؛ كمبدأ الشورى والعدل، وهذا النوع من الأحكام ترك الشارع كيفية تطبيقه لرأي الأفراد واجتهادهم.
36 -
أن سلطة التشريع في الإسلام حق خالص لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم باعتباره مبلغاً عن الله، فلا شرع إلا ما شرعه الله ولا حلال إلا ما حلله ولا حرام إلا ما حرمه، ومن حاد عن ذلك أو نازع الله في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين.
37 -
أن الشورى واجبة على الحاكم، على الصحيح من قولي العلماء.
38 -
أن أهل الشورى أصناف ثلاثة وهم: أهل الحل والعقد، ومن يحيط برئيس الدولة وكبار أهل السلطة والحكم، وأبناء الأمة من ذوي الأهلية والرشد، وكل صنف من الأصناف الثلاثة السابقة يستشار فيما يحسنه من أمور.
39 -
أن الشورى تكون في كل ما لا نص فيه من الأمور الدينية والدنيوية.
40 -
أن الشورى لها دور كبير في سن الأنظمة المرعية، بما لا يتصادم مع النصوص الشرعية، وبما يتفق مع قواعد الشريعة ومقاصدها العامة.
41 -
الشورى ملزمة للحاكم في القرارات المهمة والأمور الخطيرة، وذلك حفظاً لمصالح الأمة ورعاية لها، ولا بأس بتفويض الحاكم في بعض المجالات الثانوية ليبت فيها بصورة نهائية، ويكون فيها صاحب قرار وسلطة.
42 -
أن الديمقراطية لها جانبان: جانب تأباه الشريعة وتعتبره باباً من أبواب الشرك، وهي جعل السيادة وحق التشريع للشعب.
وجانب يقره الإسلام ويزكيه، بل يحض عليه ويوجبه وهو: تمكين الأمة من تولية حكامها، والرقابة عليهم، وعزلهم عند الاقتضاء.
43 -
أن المشاركة في عضوية المجالس التشريعية في ظل الأنظمة الديمقراطية الأصل فيه المنع، ولكن يتوجه القول بحله كوسيلة من وسائل التغيير، إذا غلب على ظن المتصدين لهذا الأمر أن هذه المشاركة تجلب مصلحة راجحة أو تدرأ مفسدة راجحة.
44 -
هناك ارتباط قوي بين الفتيا والاجتهاد، حيث إن الفتيا ثمرة الاجتهاد ونتيجته.
45 -
أن الفتيا يختلف حكمها التكليفي باختلاف متعلقها، وبالتالي فإنها تدور عليها الأحكام التكليفية الخمسة.
46 -
أن هناك مجالين للاجتهاد بالرأي الأول: الاجتهاد في النص تفهماً واستنباطاً وتطبيقاً، والثاني الاجتهاد عند عدم النص استناداً إلى القياس أو الاستصحاب وما إلى ذلك من مصادر الفقه التبعية.
47 -
أن للولاية السياسية الكبرى – كغيرها من الولايات – ركنين: الأول: القوة، والثاني: الأمانة، فلابد من توفر هذين الركنين في كل متول، هذا في حال السعة والاختيار، أما في حال الضيق والاضطرار فإنه يولي غير الأهل إذا كان أصلح الموجود، مع وجوب السعي في إصلاح الأحوال حتى يكمل في الناس ما لابد لهم منه من أمور الولايات والأمارات ونحوها.
48 -
أن المقصد العام من الولاية السياسية الكبرى في الإسلام هو: إقامة الدين وسياسة الدنيا به.
49 -
أن المراد بأهل الحل والعقد: أهل الشوكة من العلماء والرؤساء ووجوه الناس، الذين يحصل بهم مقصود الولاية وهو القدرة والتمكن.
50 -
أن لأهل الحل والعقد جملة من الوظائف السياسية منها: تولية الخليفة، والاحتساب عليه، وعزله عند الضرورة.
51 -
أن الأصل في مناصحة الحكام السرية، إلا إذا كان في إعلان النصيحة مصلحة راجحة فيسوغ إعلانها حينئذ.
52 -
أن إقامة الأحزاب السياسية من أجل النصيحة والاحتساب على السلطة الحاكمة ضرب من ضروب التحالف المشروع، بشرط ألا يكون الاجتماع والتحزب على أصل بدعي يخالف أصول أهل السنة والجماعة، وألا يقصد من هذا التحزب منازعة السلطان المسلم إن وجد، وأن يكون معقد الولاء والبراء على أساس الكتاب والسنة على رسم منهاج النبوة، وأن يراعى في ذلك كله فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد.
53 -
أن التعددية السياسية كصورة من صور تداول السلطة، غير سائغة على الراجح نظراً لما يترتب عليها من مفاسد تربوا على مصالحها.
54 -
لما كانت المعارضة السياسية فرعاً للتعددية السياسية، فإنها غير سائغة كذلك لأنه إذا بطل الأصل بطل فرعه.
55 -
أن جميع تصرفات الحاكم منوطة بمصلحة الأمة، ولذلك أثر كبير في ضمان حرية التعبير عن الرأي.
56 -
أن العدل قيمة مطلقة ولا رخصة فيه أبداً، وهذا يعتبر ضمانة كبرى لحرية التعبير عن الرأي.
57 -
أن لولاية الحسبة والمظالم والقضاء أثراً فعالاً في الرقابة على أعوان الحاكم ومحاسبتهم، مما يترتب عليه أثر كبير في حفظ الحريات العامة ومنها حرية التعبير عن الرأي.