الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
المؤلف/ المشرف:
الأمين الحاج محمد أحمد
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار المطبوعات الحديثة - جدة ̈الأولى
سنة الطبع:
1410هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
فقه المرأة - أعمال منوعة
خاتمة
الحمد لله الكبير المتعال مكور الليل على النهار الفاعل لما يشاء ويختار القائل: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} والقائل: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} والقائل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} .
فسبحان من فضل بعض مخلوقاته على بعض وخص بعض الناس بما لم يخص به الآخرين، فلا معقب لأمره ولا راد لفعله:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} .
وبعد:
ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قوله: "كمل من الرجال كثير ولم يكمُل من النساء غير مريم بنت عمران وآسيا امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
الكمال المطلق لله سبحانه وتعالى، ولكن المراد هنا الكمال النسبي، فأكمل نوع الإنسان على الإطلاق الأنبياء ثم يليهم الأولياء من الصديقين والشهداء والصالحين مع هذا الكمال الذي أثبته صلى الله عليه وسلم لمريم بنت عمران وآسيا امرأة فرعون، وحصره صلى الله عليه وسلم للكمال فيهما، لم تكن واحدة منهن نبية، لأن أعلى مرتبة تصلها المرأة هي درجة الصديقية كما يقول العلماء المحققون وذلك لقوله عز وجل عن عيسى عليه السلام وأمه صديقة" فالنبوة مما خص الله به الرجال دون النساء لأن النبي قائد لأمته وإمام لها وداع، فهو يحتاج إلى مخاطبة النساء، وإلى الأسفار وإلى جهاد من عانده وكابره، وإلى عقد العهود والمواثيق، وكل هذا لا تصلح له امرأة: هذا مع علمنا أن النبي مؤيد بالوحي ومعصوم من الزلل والوقوع في الخطأ.
فإذا لم تصلح للإمامة الكبرى والقيادة العليا، أمثال مريم، وآسيا، وخديجة، وعائشة، وفاطمة، مع كمالهن وفضلهن فكيف تصلح لها غيرهن من النساء مع ما هن فيه من قلة العلم والدين والفضل والعقل؟.
وطالما أن نسبة الفضل والكمال النسبي في النساء بالنسبة للرجال لا تساوي شيئاً يذكر، فعلام يصر البعض على أن تكون إمامتهم امرأة مع وجود ملايين الرجال الأكفاء، الأخيار، العلماء، الذين يمتازون عليها بتوفر جميع شروط الإمامة الكبرى فيهم؟.
قل لي بربك ما الذي دفع الأعداد الهائلة من المسلمين في جمهورية باكستان الإسلامية – حرسها الله وحفظها من كل سوء – لاختيار "بنازير بوتو" مثلا لتكون إمامة أو رئيسة وزراء لدولة تعد من أكبر الدول الإسلامية؟ أليس في باكستان العديد من العلماء والقواد والسياسيين، الأكفاء، المقتدرين على إدارة دفة الحكم في البلاد؟ ألا يوجد رجل واحد ولو في حزبها يصلح لهذا المنصب، هل عقرت النساء في باكستان أن تلدن ما يقارب "بنازير بوتو" مثلا على كل رجالات باكستان العاملين في السياسة؟.
دعك عن محادة تولي المرأة للإمامة الكبرى لله ورسوله، ومخالفة هذا الأمر لصريح القرآن والسنة وهتكه للإجماع. أليس من واجب الإمام والحاكم أن يؤم الناس في الصلاة المكتوبة وفي العيدين والكسوف ونحو ذلك؟ هذا بجانب قيادة الجيش وكثرة الأسفار وعقد العهود والمواثيق وحضور المؤتمرات والاختلاط بالرجال الأجانب وغير ذلك، من الأمور التي لا يأبه بها كثير ممن لا خلاق لهم من الرجال والنساء، والتي يخالفون فيها النصوص الشرعية الصريحة الصحيحة، فكيف يحق لها مثلاً أن تصلي إمامة ولو للنساء ولم يجز الأحناف إمامة المرأة للنساء ولو وقفت وسطهن لا في فريضة ولا نافلة؟.
وكما قال العلامة ابن القيم فالعجب كل العجب لمن يمنع المرأة من أن تؤم النساء في الصلاة مع ورود النصوص بجواز ذلك، ويجوز لها تولي القضاء في الأموال مع ورود النهي عن ذلك، فأي الأمرين أكثر خطراً وضرراً؟ هذا بجانب المخالفة الصريحة للنصوص؟.
وأحسن ما يقال لهؤلاء ما قاله الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما لبعض من سأله من أهل العراق عن نجاسة دم البعوض!! فقال له عبدالله: عجبت لكم يا أهل العراق تقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتحرجون من دم البعوض؟!!.
والخلاصة فإن مسألة تولي المرأة للإمامة الكبرى والقضاء والحكم ليس لها مستند شرعي ولا عقلي ولا عرفي، ولكن مستندها الأول والأخير هو تقليد الكفار والتشبه بهم والسير على طريقهم، طريق المغضوب عليهم والضالين الموصل إلى سواء الجحيم.
وليتذكر المسلمون قبل غيرهم أن الله عز وجل لا تنفعه طاعة المؤمن كما لا تضره معصية الكافر كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "
…
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً .. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله عز وجل ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وأخيراً أرجو أن أكون قد وفقت لبيان حكم الشرع في مسألة تولي المرأة الإمامة الكبرى، والحكم، والقضاء، وذلك بذكر الأدلة الشرعية وأقوال أئمة الفتوى سلفاً وخلفاً وبدحض بعض الشبه التي تثار في هذا الأمر {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} والله أسأل أن يوفق جميع المسلمين لما فيه خيرهم وصلاحهم في دينهم وأن يجنبنا وإياهم الزلل وأن يلهمنا وإياهم الرشاد وصلى الله وسلم وبارك على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.