الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحي القلم
المؤلف/ المشرف:
مصطفى صادق الرافعي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار القلم – دمشق ̈الأولى
سنة الطبع:
1430هـ
تصنيف رئيس:
مجاميع
تصنيف فرعي:
مقالات
خاتمة البحث:
الحمد لله الذي منَّ علي بإتمام هذا البحث، والذي عشت معه قرابة خمس سنوات، جامعاً ودارساً لأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم التي وردت في تفسير كتاب الله تعالى وأوهم ظاهرها معنى مشكلاً، وقد خرجت بحمد الله تعالى بجملة من الفوائد والنتائج؛ رأيت أن أجملها في النقاط الآتية:
1 -
يُعدُّ موضوع الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم من الموضوعات المهمة التي لم تحظَ بعناية كبيرة في مجال الدراسات القرآنية؛ إذ لم يتطرق له الأوائل ولا الأواخر بتصنيف مستقل؛ على الرغم من عنايتهم واهتمامهم بمُشكِل القرآن ومُشكِل الحديث عامة، ومن خلال استقرائي لكتب مُشكِل القرآن ومُشكِل الحديث لاحظت أن المؤلفين في هذا المجال كان جل اهتمامهم هو التوفيق بين الآيات أو الأحاديث الموهمة الاختلاف فيما بينها، أو التي يوهِم ظاهرُها معنى مشكلاً، وأما الأحاديث المشكلة في التفسير بأنواعها الثلاثة فلم يتوسعوا في دراستها، بله إفرادها بالتصنيف؛ لذا فإن هذا البحث يُعدُّ نافذة جديدة في مجال الدراسات القرآنية، والذي أسأل الله تعالى بمنِّه وفضله أن ينفع به.
2 -
في هذا البحث إضافة جديدة في مجال الدراسات القرآنية المتخصصة في رد الشبهات التي تثار ضد القرآن الكريم والسنة النبوية، ونحن في هذا العصر بأمسِّ الحاجة للدراسات الأكاديمية المتخصصة التي تعتني بالتصدي لكل ما يثار حول ديننا وثقافتنا الإسلامية، خاصة المصدرين الأساسيين، وهما: الكتاب والسنة.
3 -
برز عدد من الصحابة في هذا الموضوع، وقد كان لبعضهم عناية كبيرة بأحاديث التفسير المُشكِلة، ومن أشهر هؤلاء: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها وعن الصحابة أجمعين، وقد كان لها إسهامات مميزة في معالجة النصوص التي يوهم ظاهرها معنى مُشكِلاً، خاصة في مجال أحاديث التفسير.
4 -
برز عدد من علماء التفسير والحديث في هذا الموضوع، وظهرت عنايتهم الكبيرة بدفع كل ما يوهم التعارض بين الكتاب والسنة، ومن أشهر من برز من المفسرين: الإمام الألوسي، وأبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير، والحافظ ابن كثير، والقاضي ابن عطية، ومن المحدثين: الحافظ ابن حجر، والقاضي عياض، والإمام النووي.
5 -
تميز هذا البحث بجدته وأصالته؛ حيث تناول غالب الأحاديث المشكلة في التفسير، وعمل على عرضها بطريقة علمية مؤصلة، وذلك بتحرير الإشكال فيها، وعرض مسالك ومذاهب العلماء في دفع الإشكال عنها، مع مناقشة تلك المذاهب بذكر الإيرادات والاعتراضات عليها، ومن ثم الترجيح وبيان الرأي الأقوى في دفع الإشكال، مع ذكر الحجة التي تسانده وتعضده.
6 -
تميز هذا البحث ببعض الإضافات العلمية التي لا تكاد توجد محررة في موطن آخر، ومن هذه الإضافات: دفع الإشكال الوارد على حديث: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل)، وقد أشار الشنقيطي رحمه الله إلى أنه لم يقف على تحرير شاف للإشكال الوارد في الحديث؛ بحيث يمكن الرجوع إليه، ولعل في دراستي لهذا الحديث تحريراً وحلاً للإشكال الوارد فيه، والله المستعان.
7 -
في أثناء دراستي لتعريف المشكل لم أقف على تعريف جامع مانع له؛ بحيث يمكن الرجوع إليه واعتماده في هذا الباب، وقد عملت – في محاولة متواضعة مني – على إيجاد تعريف جامع له، يشمل معناه في اصطلاح المفسرين والمحدِّثين والأصوليين.
8 -
من خلال استقرائي لكتب مُشكِل القرآن ومُشكِل الحديث، ظهر لي أن الآيات أو الأحاديث التي يوهم ظاهرها معارضة أصل لغوي أو حقيقة علمية ثابتة أو حسن أو معقول لم تلقَ عناية كبيرة من العلماء، ولم يُفردْ من قبل بالتصنيف؛ لذا فإن هذا الموضوع يُعدُّ من الموضوعات الجديرة بالدراسة والتحقيق، وهو مكمل لما أُلِّف قديماً وحديثاً حول مشكل القرآن والحديث.
9 -
في أثناء الدراسة، تبين لي أن من الأسباب التي توهم الإشكال في الأحاديث هو وقوع الخطأ من الرواة في نقل لفظ الحديث؛ فتجد أحدهم ينقل الحديث بغير لفظه الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيوهم معنى مشكلاً، أو يروي حديثاً مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث من الغرابة والإشكال ما يستحيل معه أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وعند التحقيق يتبين خطأ رفعه، وأن أصل الحديث يعود لرواية إسرائيلية، أو غير ذلك.
10 -
معرفة سبب النزول وسبب ورود الحديث مهمَّان للغاية في دفع التعارض بين النصوص الشرعية؛ إذ معرفة السبب يعين على فهم الآية والحديث ومعرفة المراد منهما، وبالتالي يسهل التوفيق بينهما عند التعارض.
11 -
أن إنكار المجاز – والقول بوجوب حمل النصوص الشرعية على الحقيقة في كل الأحوال، وإن كان هناك قرينة على إرادة المجاز – رأي ينبغي إعادة النظر فيه؛ إذ القول بهذا الرأي ينشأ عنه تناقض بين النصوص الشرعية لا يمكن التخلص منه إلا بتكلُّف، والواجب هو التعامل مع النصوص الشرعية حسب الأساليب المتعارف عليها عند العرب، حيث كان القرآن ينزل بلغتهم ويخاطبهم وفق الأساليب التي تعارفوا عليها.
12 -
قد يتجاذب النصَّين دلالتان، وفي كل من الدلالتين ما يوهم معارضة الدلالة الأخرى؛ فيظن الناظر أنه ثمة تعارض بين النصوص الشرعية، لكن عند التحقيق يتبين ضعف إحدى الدلالتين؛ مما يؤكد أهمية معرفة دلالات النصوص الشرعية، وأهمية التفريق بينها.
13 -
اشتهرت عند عامة المفسرين والفقهاء قاعدة: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، وهذه القاعدة في نظري ينبغي تقييدها فيقال بالعموم إلى أن يأتي دليل على التخصيص؛ وقد قرر ذلك بعض الأئمة بأنه لا مانع من قصر اللفظ العام على سببه لدليل يوجب ذلك.
14 -
أن النص الشرعي قد يرد على سبب خاص، وقد يرد ابتداء من غير سبب، فإذا تعارضا في العموم؛ فإن عموم النص الوارد - ابتداءً من غير سبب - أقوى وأولى بالتقديم من عموم النص الوارد على سبب خاص.
15 -
أن قصر بعض أفراد العام على سببه أولى من قصر جميع أفراده على سبب النزول؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
16 -
أن دعوى الإجماع لابد وأن يكون لها مستند من كتاب أو سنة، وأن لا تخالف شيئاً من النصوص، وغالباً ما يُحكى الإجماع ولا تجد له أصلاً، أو يكون أصله مختَلفاً في حجيته، وتحقق ثبوت الإجماع عزيز وقلَّ أن يثبت.
17 -
أن الإمام مسلم قد يروي حديثاً في صحيحه، فيظن الناظر لأول وهلة أن الحديث صحيح؛ لكنه عند التحقيق يتبين أن الإمام مسلم رواه بالمتابعات لا في الأصول، وما رواه بالمتابعات ليس هو في درجة ما رواه في الأصول من حيث القوة؛ كما نص على ذلك الأئمة، وعليه فينبغي التفريق في العزو بين ما رواه في الأصول وما رواه بالمتابعات، ليتميز الحديث قوة وضعفاً.
18 -
يُعدُّ موضوع فقه الخلاف ومنهج التعامل مع المخالف من الموضوعات التي لم تحظَ بعناية كبيرة من قِبَل العلماء من حيث الدراسة والتقعيد والتنظير، وهو جدير بالدراسة والتأصيل، وفي أثناء دراستي لبعض نقاشات الصحابة وتعقُّب بعضهم البعض رأيت دقة فهمهم، وسلامة صدورهم، واحترامهم للرأي الآخر .. فهذه عائشة رضي الله عنها حينما ذُكر عندها أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الميت يعذَّب في قبره ببكاء أهله) قالت: وَهَلَ؛ إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليُعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن)، قالت: وذاك مثل قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب - وفيه قتلى بدر من المشركين - فقال لهم ما قال: (إنهم ليسمعون ما أقول)، إنما قال:(إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق)، ثم قرأتْ:{إنك لا تسمع الموتى} [النمل: 80] و: {وما أنت بمسمع من في القبور} [فاطر: 22].
فهذه عائشة قد أنكرت على ابن عمر قوله على علم ومسمع من الصحابة، ومع علمهم وسماعهم لحديث ابن عمر، ولم نجد أحداً منهم شنَّع على عائشة أو رماها بسوء، مما يؤكد تحلِّي الصحابة رضوان الله عليهم بالأدب الجم في التعامل مع المخالف، وسلامة صدورهم، واحترام بعضهم البعض، وإن مما بُليت به الأمة في هذه الأزمنة ضيق العَطَن وعدم قبول رأي الآخر، والتشنيع على المخالف وإن كان له مستند من دليل شرعي؛ مما أوغر الصدور، وزاد في الفرقة .. والله المستعان.
19 -
من خلال الدراسة، لم أقف بحمد الله على نصين متعارضين استحال الجمع بينهما، أو نص مُشكِل استحال حل إشكاله، وهذا مما يؤكد قطعية النصوص الشرعية، وأنها حق من عند الله تعالى، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وإن رام الأعداء هدم هذا الدين، والنيل منه، إلا أن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
20 -
أن معرفة مقاصد الشريعة يُعدُّ من الأهمية بمكان؛ بل هو الفقه الحقيقي، وأما النظر المجرد في النصوص الشرعية دون إلمام بمقاصدها ففيه قصور يوقع الفقيه في حيرة وتناقضات، وربما قاده فهمه الخاطئ إلى انحراف في السلوك أو الاعتقاد.
21 -
من خلال الدراسة، تبيّنت أهمية معرفة الأدوات والأساليب اللغوية التي كان العرب يتخاطبون بها، وقد نزل القرآن بلغتهم، وخاطبهم بالأساليب التي تعارفوا عليها، فيجب على الناظر في تفسير آيات القرآن الكريم أن يكون ملمّاً بهذه الأساليب حتى لا يعتقد معنى غير مراد في النص؛ فينشأ عنده إشكال بسبب فهمه لا بسبب النص.
22 -
دخول الإسرائيليات في علم التفسير أثَّر سلباً على هذا العلم، فكان من نتائجه وقوع الغلط من بعض الرواة والمفسرين، حيث أدخلوا بعض الروايات الإسرائيلية في التفسير ظناً منهم أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون في بعض هذه الروايات من الغرابة والإشكال ما يستحيل معه أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مما يؤكد أهمية دراسة المَرويِّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير دراسة علمية تختص بنقد المتون أكثر منها في نقد الأسانيد؛ إذ الثاني قد أخذ حظه من الدراسة والتحقيق بخلاف الأول.
23 -
يُعدُّ جمع روايات الحديث وألفاظه من أهم العوامل المساعدة في الكشف عن علل الحديث، وفي أثناء دراستي لعلل بعض أحاديث التفسير المشكلة تبين لي أن هذا اللون من التحقيق لم يلقَ عناية كبيرة من العلماء رحمهم الله تعالى، وقد تميَّز هذا البحث بالاستطراد في شرح علل الحديث وبيان مخارجه، ومن ثم معرفة الخلل ومنشأ الإشكال، والذي غالباً ما يكون بسبب وَهَم من أحد الرواة.
24 -
بلغ مجموع الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم – التي تمت دراستها – ستة وسبعين حديثاً، وهذه الأحاديث وقفتُ عليها - بعد طول استقراء - في كتب التفسير والحديث وغيرها، وقد اقتصرتُ على دراسة ما روي في الكتب التسعة فقط.
25 -
بلغ مجموع أحاديث التفسير المشكلة الواردة في الصحيحين – التي تمت دراستها – سبعة وأربعين حديثاً.
26 -
وبلغ مجموع أحاديث التفسير التي كان منشأ الإشكال فيها وَهَم من بعض الرواة أحد عشر حديثاً؛ عشرة منها جاءت في الصحيحين.
27 -
وبلغ مجموع الأحاديث المشكلة – التي ثبت بعد الدراسة والتحقيق أنها ضعيفة – خمسة عشر حديثاً.