الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاية المرأة في الفقه الإسلامي
المؤلف/ المشرف:
حافظ محمد أنور
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار بلنسية - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1420هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
فقه المرأة - أعمال منوعة
خلاصة وأهم نتائج البحث
وفي نهاية هذه الرسالة العلمية التي تمت بتوفيق الله تعالى وفضله وكرمه - وله الحمد والشكر على ذلك - يجدر بي أن أقدم خلاصة هذا البحث، وألخص أهم ما وصلت إليه من نتائج، من خلال هذا الجهد العلمي المتواضع، وذلك كالتالي:
1 -
إن الإسلام دين كامل، ونظام شامل لكل ما يحتاجه الإنسان في حياته الانفرادية والاجتماعية، وهو يهتم بالفرد أولا ويشرع له من الأحكام ما يناسب فطرته ونفسيته، وينظم علاقته بالخالق والمخلوق، ليعيش سعيدا في الحياة الدنيا، وليفوز بالجنة في الآخرة، وبتطبيق الفرد وعمله بهذا النظام في حياته ينشأ مجتمع صالح، لأن الفرد لبنة أولى في المجتمع، ثم يهتم بالحياة الاجتماعية ثانيا، ويقرر للناس ما يجعلهم قوما واحدا، ويأمرهم بأن يولوا عليهم رجلا منهم، ويجعلوا إليه أمورهم، حتى لا تكون حياتهم فوضى، وبهذه الولاية يقترب بعضهم من بعض، ويتناصرون ويجتمعون، ويكونون يدا واحدة.
فالولاية - إذن - تطلق على القرابة والنصرة والخطة، والإمارة، والسلطان، والبلاد التي يتسلط عليها الوالي، وهذه الكلمة تشعر بالتدبير والقدرة والفعل وما لم يجتمع ذلك فيه لم ينطلق عليه اسم الوالي.
وهذه الولاية في الاصطلاح: سلطة شرعية تمكن صاحبها من التصرف الصحيح النافذ لنفسه، أو لغيره، جبرا أو اختيارا.
2 -
وتنقسم الولاية إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة:
أ - فهي تنقسم باعتبار قوة الولي في صلاحيته لمباشرة شئونه وشئون غيره إلى:
- ولاية قاصرة، وهي صلاحيته لمباشرة شئون نفسه وماله فقط.
- وولاية متعدية، وهي صلاحيته وسلطته الشرعية تمكنه من التصرف الصحيح النافذ في حق غيره.
ب - وهي تنقسم باعتبار سعة مجالها إلى:
- ولاية عامة، وذلك كالسلطان والحاكم، فإن له سلطة وصلاحية في التصرف الصحيح النافذ في شأن من شئون المجتمع العامة.
- وولاية خاصة، وهي التي يملك بها الولي التصرف في شأن من الشئون الخاصة للأشخاص المعينين، كالأب والجد على الصغار.
ج- وهي تنقسم باعتبار موضوعها إلى:
- ولاية على النفس، كولاية الحضانة، وولاية الكفالة، وولاية التزويج والنكاح.
- وولاية على المال، وهي حق التصرف في إنشاء العقود والتصرفات الخاصة بالمال وتنفيذها.
د- وهي تنقسم باعتبار مصدرها إلى:
- ولاية ذاتية، التي تثبت للشخص ابتداء ولا تكون مستمدة من الغير.
- وولاية مكتسبة، التي يستمدها صاحبها من الغير، بإقرار الشارع.
3 -
الإمامة العظمى: هي رياسة البلد العليا، وهي خلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، والقائم بها هو الإمام، ويطلق عليه لقب الخليفة، وأمير المؤمنين - كما يطلق عليه في العصور المتأخرة الملك والسلطان، والأمير ورئيس الجمهورية ونحو ذلك وهو أعلى منصب من مناصب الدولة. ويلحق به منصب رياسة الوزراء في بعض الأنظمة، لأن الرئيس يفوض جميع أمور الدولة، وقيادة الحكومة إلى رئيس الوزراء، فهو الذي يخطط ويدبر، ويعين الوزراء والقضاة ويعزلهم، ويوقع على المعاهدات وينقض وغير ذلك، فهو يعتبر حاكما للبلاد، فلذا يكون في حكم رئيس الجمهورية من حيث الشروط والصفات.
4 -
ويشترط في الإمام الأعظم أن يكون سميعا بصيرا ناطقا ابتداء ودواما، أما تمتمة اللسان مع فهم الكلام، وثقل السمع مع إدراك الصوت وفهمه ولو بآله السماعة فلا يؤثر.
وتشترط فيه سلامة الأعضاء التي يؤثر فقدها في الرأي والعمل، ويعتبر نقصا يؤدي إلى العجز عن القيام بما يلزمه من حقوق، كاليدين والرجلين، وكذلك قطع الأذن أو الأنف ونحو ذلك مما يشين المنظر فيذهب بهيبته، هذا في ابتداء عقد الإمامة، أما لو انعقدت له وهو سليم ثم طرأ عليه شيء من ذلك فيمكن أن تشكل اللجنة الخاصة تنظر في أمره مع مراعاة التطور في الطب المعاصر، فإن رأت أنه يمكنه القيام بمهامه مع هذا الطارئ لاستخدام وسائل الطب المتطورة، ورأت عدم ضرورة عزله لم يعزل، وإن رأت عزله للنقص في مهامه عزل.
ويشترط أن يكون قرشي النسب إن تيسر ذلك مع توفر الشروط الأخرى فيه. وأن يكون حرا، ذكرا، مكلفا، أي عاقلا بالغا، مسلما، مجتهدا ذا ثقافة عالية في علوم الدين والدنيا، وذا خبرة سياسية، إن أمكن، وإلا فأمثل الموجودين يقدم، وان يكون عدلا مرضيا عند قومه، ورعا أمينا، كما يشترط فيه الكفاية بأن يكون ذا الرأي والبصيرة والشجاعة والنجدة، وينبغي أن يكون أفضلهم.
5 -
لا يجوز أن تسند إلى المرأة الولاية العامة، فلا يجوز أن تتولى الإمامة العظمى والخلافة، أو الرياسة، وعلى ذلك أجمع الأئمة والفقهاء والعلماء من السلف والخلف، لم يجز أحد للمرأة أن تتولى هذا المنصب، ولم يحصل تولي أية امرأة الولاية العامة في عصر النبوة والخلافة الراشدة، والعصور الأولى لهذه الأمة، وذلك للأدلة الصحيحة الظاهرة على منع تولي المرأة شيئا من الولاية العامة، ولا سيما منصب الإمامة العظمى، كقوله تعالى:(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة).
والحديث صحيح من حيث الثبوت، صريح من حيث الدلالة، ويكفي في صحته وروده في صحيح الإمام البخاري، وقد أجمعت الأمة على صحة ما جاء فيه مرفوعا متصلا، كما شرط الإمام البخاري أنه لا يروي فيه إلا صحيحا، فلا شك في صحة هذا الحديث، وهو مروي أيضا في كتب الحديث الأخرى. فالاعتراض عليه بالوضع أو الضعف من دسائس المستشرقين في التشكيك في السنة النبوية المصدر الثاني للشريعة الإسلامية والنيل من شرفها، وإبعاد المسلمين عن دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
والحديث صريح واضح في دلالته على منع تولي المرأة منصب الولاية العامة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بعدم فلاح قوم الذين يولون أمرهم امرأة، وعدم الفلاح ضرر، بل أعظم الضرر، يجب على الأمة اجتناب هذا الضرر، وذلك باجتناب ولاية المرأة، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثم الحديث عام في كل قوم وكل امرأة في أي زمن وفي أي مكان، والقول بأنه خاص بقوم فارس الذين ملكوا بنت كسرى - هذا قول ضعيف لا حجة فيه لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وينطبق هذا الحكم على رياسة الوزراء، فلا يجوز أن تتولاها المرأة، لأن مهام رئيس الوزراء كمهام رئيس الجمهورية.
ولم يخالف في هذه المسألة أحد من العلماء السابقين، وإنما خالف فيها بعض المعاصرين فأجازوا أن تكون المرأة رئيسة الجمهورية أو رئيسة الوزراء، ومستندهم في ذلك: أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة، وهذه المساواة تقتضي أن يكون للمرأة حق الولاية العامة وغيرها مثل الرجل.
ولكن مستندهم غير صحيح لأن المساواة بين الجنسين في الإنسانية، وفي الثواب والعقاب لا تقتضي أن تعمل المرأة نفس الأعمال التي يعملها الرجل، لأن كلا منهما يختلف عن الآخر في خلقته ووضعه ونفسيته، فلذا شرع للرجل من الأعمال ما ليس بمشروع للمرأة كإمامة الصلاة للرجال، وخطبة الجمعة ونحو ذلك.
6 -
ولا يجوز للمرأة أن تتولى إمارة جزء من البلد، كإمارة منطقة من المناطق أو إقليم من الأقاليم، لأن هذه الإمارة ولاية عامة، وهي ممنوعة على المرأة ولأنها صورة مصغرة للإمامة العظمى، لأن الأمير يتصرف في تلك المنطقة في أمور أهلها كتصرف الإمام في أمور جميع أهل البلد، وإن كان مراقبا من قبل الإمام.
7 -
الوزارة في العصر الحاضر تطورت، فهي وزارة تفويض من جهة، ووزارة تنفيذ من جهة أخرى، لأن الوزير ينفذ ما يأمر به رئيسه، وله حق التصرف في بعض الشئون المتعلقة بهذه الوزارة، فيكون أصل الفكرة من رئيس الحكومة، والتخطيط المفصل من الوزير، وهو يتجول في البلاد للتعرف على أحوال الشعب وحل مشاكلهم في الشئون المتعلقة بهذه الوزارة، كما يحضر مجلس الوزراء، والمؤتمرات، وقد يخلو برئيس الحكومة، وهذا كله ممنوع على المرأة، فلذا لا يجوز أن تكون وزيرة، ولأن الوزارة من ولاية عامة، وليست للمرأة الولاية العامة.
8 -
لو كانت الوزارة تتعلق بشئون النساء خاصة، بحيث لا تحتاج المرأة الوزيرة إلى الخروج إلى الرجال، والتكلم معهم، بل يكون تصرفها في بنات جنسها، وهي تلتزم بالأحكام الشرعية والآداب الإسلامية، فيمكن أن يسمح لها بتولي هذه الوزارة كمديرة مدرسة للبنات، حتى لا تضطر النساء إلى الاختلاط بالرجال الأجانب، وهذا النوع من عمل المرأة ما تقوم به المملكة العربية السعودية ممثلا في رياسة مدارس البنات، حيث يقوم بإدارة الكليات والثانويات والمتوسطة والابتدائي نساء. وكذلك وجود أسواق خاصة بالنساء في معظم مدن المملكة، ووجود فروع بنكية خاصة بهن.
وأنا اقترح في هذا المقام وأدعو من خلال هذه الأسطر إلى توسيع هذه الدائرة بأن يوجد عيادة نسائية، ومستوصف نسائي، ومستشفى نسائي، ويكون جميع العاملات فيه نساء، وهكذا ينبغي أن ينجر الأمر إلى كل ما فيه مصلحة للمرأة ويمكن استقلالها عن الرجل، كالبنك والسوق ونحو ذلك، فإن الحاجة داعية في هذا الزمن إلى وجود مثل هذه المصالح، واستقلال المرأة بها.
9 -
أذان المرأة وإقامتها: لا يشرع للمرأة الأذان والإقامة كما يشرعان للرجال، ولكن لو أذنت وأقامت فلها ثلاث أحوال:
ا- أذانها وإقامتها لجماعة الرجال فقط أو للرجال والنساء معا، ولا يشرعان ولا يجوزان لها في هذه الحالة، ولا يجزئ أذانها أو إقامتها لجماعة الرجال.
ب - لجماعة النساء وحدهن.
ج-أو لنفسها منفردة، فيجوز لها أن تؤذن لجماعة النساء أو لنفسها، لكن ليس كالرجال، لأنه في حقهم آكد، والنساء لو أذن فجائز، ولو تركن فجائز، ولو أذنت المرأة وجب خفض الصوت، فلا ترفع فوق ما تسمع صواحبها.
أما إقامتها لنفسها أو لجماعة النساء فإنها أولى وأقرب إلى الاستحباب ولكن لو لم تقم لصحت الصلاة.
10 -
الإمامة الصغرى وهي إمامة الصلاة، ولتولي المرأة إمامة الصلاة صورتان من حيث الحكم:
ا- إمامة المرأة للرجال، أو للرجال والنساء معا: فلا تصح إمامة المرأة للرجال في الصلاة مطلقا، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا.
ب - إمامة المرأة للنساء: فيستحب أن تصلي النساء جماعة إذا اجتمعن في مكان وتؤمهن امرأة منهن، ولكن تقف معهن في وسط الصف، فإمامة المرأة للنساء جائزة وصحيحة.
11 -
القضاء والحسبة والإفتاء ثلاثة مناصب، يتولى صاحب كل منها بيان الحكم الشرعي وإظهاره، ولكن تختلف نوعية بيان كل من الآخر، فيبين القاضي الحكم مع الإلزام بتنفيذه على المقضي عليه، بينما المفتي يبين بدون إلزام، والفتوى حكم عام للمستفتي وغيره، أما القضاء فهو خاص بمن حكم عليه، كما أن الفتوى أكثر شمولا من القضاء فإن الفتوى تدخل في العبادات والجنايات والمعاملات، بينما القضاء لا يدخل في العبادات.
والفرق بين القضاء والحسبة: هو أن المحتسب يسمع الدعاوي المتعلقة بظواهر المنكرات وليس له سماع الدعاوي الخارجة عن ظواهر المنكرات كالدعاوي المتعلقة بالعقود والمعاملات والمطالبات، بينما القاضي له سماع هذه الدعاوي.
وكذلك الدعاوي التي أبيح للمحتسب سماعها تقتصر على الحقوق المعترف بها، أو سبق بها الحكم، أما ما يدخله التجاحد والتناكر فلا يجوز له النظر فيه، بينما القاضي ينظر في هذه القضايا كلها.
كما أن المحتسب لا يحتاج إلى متظلم أو رفع شكوى، بل له أن ينظر في أحوال الناس فيأمر بالمعروف المتروك، وينهى عن المنكر المعمول به، بينما القاضي لا يحكم ولا ينظر إلا بعد رفع الشكوى إليه.
12 -
لا يجوز أن تتولى المرأة منصب القضاء، ولا يصح قضاؤها، ولو قضت لم ينفذ، لأن القضاء من أعظم المناصب وأخطرها، وهو من الولايات العامة، بل هو أعلى من كل منصب، لأن القاضي يحكم على الإمام أيضا، والمرأة لا تصلح للإمامة ولا للقضاء لأنها ناقصة العقل والدين، وهي مأمورة بالقرار في البيت، وعدم الاختلاط، والخلوة بالأجانب، والقاضي يحضره الخصوم من كل فئة، وفيهم صالح وطالح، وقد يفتتن بها بعض الخصوم أو تفتتن به، وقد يكون بعض الخصوم ألحن من الآخر في حجته، وعنده حيل لا ينتبه لها كثير من الرجال، فلذا ينبغي أن يكون القاضي فطنا ذا رأي وخبرة، والمرأة قليلة الخبرة بحكم عدم مخالطتها الرجال فلذا لا يجوز كونها قاضية، وعليه تدل الأدلة الصحيحة، وهو مذهب الجمهور، حتى وافقهم الأحناف، فهم لا يجيزون تولية المرأة منصب القضاء، ويقولون: لو وليت يأثم المولي، ولكن يخالفون الجمهور في أنها لو قضت في حكم ينفذ حكمها مع أثم المولي، بينما الجمهور يقولون: لا ينفذ.
وكذلك لم يثبت ما نسب إلى ابن جرير الطبري وغيره من جواز ذلك، إلا ما قال به ابن حزم في المحلى، فله رأي خاص في هذا، فلذا قال بعض العلماء بأن عدم جواز تولي المرأة القضاء أمر مجمع عليه.
13 -
من متعلقات القضاء الشهادة: والمرأة أهل للشهادة في الجملة، وهي تقبل منفردة في أمور، وتقبل مع الرجال في أمور، ولا تقبل مطلقا في أمور:
فتقبل شهادة المرأة المنفردة في أمور خاصة بالنساء التي لا يطلع عليها الرجال كعيوب النساء والبكارة والثيوبة ونحو ذلك وتقبل شهادتها في الديون المؤجلة والمعاملات المالية مع الرجل وتكون شهادة المرأة الواحدة مثل نصف شهادة الرجل ولا تقبل شهادة النساء مطلقا _ لا منفردات ولا مع الرجال _ في غير الأموال وأمور النساء فلا تقبل في الحدود والقصاص والنكاح والطلاق والرجعة ونحو ذلك مما ليس بحد ولا قو د، ولا مال ويطلع عليه الرجال غالبا.
ومن هنا يتبين أن المرأة فضلت على الرجل في أمور، وفضل الرجل عليها في أمور، وكل ذلك من شرع الله الحكيم، فقد جاء موافقا لطبيعة كل من الرجل والمرأة، ومعتبرا لتخصص كل منهما في مجاله، فالمرأة ناقصة العقل والدين، يطرأ عليها النسيان والغفلة وهي لا تعي ما ليس مناسبا لفطرتها، فهي لا تستطيع مشاهدة المواقف المخيفة من القتال والجدال والمضاربة، ولا تحضر مجالس النكاح ونحوها لأجل حيائها، فلا تدرك ولا تعيي ما يجري في مثل هذه المواقف فكيف تشهد، وتعتبر شهادتها في الأموال نصف شهادة الرجل لنسيانها حتى لو نسيت ذكرتها الأخرى، ولكن قبلت امرأة واحدة منفردة في أمور النساء لأنها أعرف لهذه الأمور وأحفظ لها من الرجل، فلكل مجال تخصصه.
14 -
الحسبة نوعان: حسبة تطوع، وحسبة رسمية، ولا يشترط للمحتسب المتطوع أن يكون ذكرا، بل المرأة مطالبة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين الناس، ولكن تكون حسبتها في مجالات مناسبة لها.
أما الحسبة الرسمية التي تتولاها المحتسب من قبل ولي الأمر ففيها قولان: المشهور عدم جواز تولي المرأة الحسبة مطلقا، والثاني جواز توليها هذه الحسبة، ولكن الذي يظهر من حقيقة أعمال الحسبة والأدلة والمناقشة أن المرأة لا تتولى أمر الحسبة من قبل الوالي في أمر السوق الذي يتعلق بالرجال، حتى لا يؤدي ذلك إلى محظور، ولكن يجوز لها أن تتولى أمر الحسبة فيما يتعلق بأمور النساء، ولا سيما في العصر الحاضر أصبحت المرافق النسائية وغيرها من أمر الجمارك ونقطة التفتيش للنساء، فإنه يجب تولي الحسبة في مثل هذا للمرأة.
وأدعو من خلال هذه الأسطر من يتولى أمر المسلمين إلى أن يخصص فئة من النساء يقمن بالحسبة في مرافق النساء، فيأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، ويدعون إلى الخير، لأن ترك أمر الحسبة في النساء يهدد المرأة بالوقوع في المنكرات وانتشار الفساد.
15 -
يجوز للمرأة أن تكون مفتية إذا توفرت فيها شروط المفتي، ولا محذور في ذلك وذلك باتفاق العلماء، لما ثبت من إفتاء أمهات المؤمنين ونساء الصحابة وغيرهن، ولكن يراعي في ذلك آداب الإسلام، حيث لا يحصل الاختلاط المحرم، والخلوة بأجنبي ونحو ذلك.
16 -
الشورى أساس من أسس نظام الحكم الإسلامي، فالإسلام نظام شوري، لا استبداد برأي أحد- ولقد أمر الله تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه ووصف المؤمنين بأن أمرهم شورى، ولقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم نظام الشورى واستشار أصحابه في قضايا عديدة، كما طبق الصحابة رضي الله عنهم نظام الشورى في حياتهم في أمور لم يرد في حكمها نص في الكتاب أو السنة.
17 -
أهل الشورى هم أهل الحل والعقد وأهل الاختيار، وقادة الأمة من العلماء والفقهاء، وأصحاب الفكر والرأي والبصيرة، ورجال التخصص والفن، ورؤساء الجيش وزعماء الناس، ولا يعتبر رجل عامي جاهل من أهل الشورى لمالها من أهمية وخطورة، ولا يستشار إلا من لديه علم ومعرفة وخبرة حتى تكون مشورته مجدية، وعامة الناس لا يقدمون شيئاً في المشورة لقلة علمهم وذكائهم وعدم خبرتهم.
18 -
أهل الحل والعقد ويطلق عليهم أيضاً أهل الاجتهاد والمراد من هذه التسمية في كتب الفقه هم الذين يرشحون الإمام ويختارونه، وبيعتهم للإمام توجب على الأمة الانقياد لهذا الإمام. وعرفهم العلماء بأنهم: العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس، والمراد بهم في كتب أصول الفقه هم أهل الإجماع من علماء المسلمين، ويكونون على درجة لاجتهاد، وهؤلاء يدخلون في أهل الشورى دخولا أوليا.
19 -
ويطلق في النظم السياسية الحديثة الوضعية على مجلس الشورى أسماء أخرى كمجلس الشعب ومجلس النواب، ومجلس الشيوخ ن وهم يقولون أن هذه المجالس تقوم بنفس الأعمال التي يقوم بها مجالس الشورى أو مجلس أهل الحل والعقد من سن القوانين ومراقبه السلطة التنفيذية ونحو ذلك، ولكن الحقيقة أن هذه المجالس تختلف في وضعها من مجلس الشورى ومجلس أهل الحل والعقد، من حيث اختيار الأعضاء وصفاتهم، ثم مهمة مجلس الشورى أو العلماء: الاجتهاد والاستنباط للأحكام الطارئة من النصوص الشرعية، فلذا ينبغي الرجوع إلى مصطلحات إسلامية.
1 -
ويشترط في أهل الحل والعقد وأهل الشورى، العقل والبلوغ والإسلام، والحرية والعلم الذي يجعله صالحا لتقديم المشورة، سواء كان العلم بالشريعة الإسلامية بالتخصص أو لفن من الفنون، كما تشترط العدالة، الرأي والتجربة والمواطنة والإقامة في دار الإسلام والذكورة.
2 -
لا يجوز خوض المرأة في السياسية ودخولها في مجلس لشورى أو البرلمان كعضوه من أعضاءه، لأنه الولايات العامة، فلا تكون عضواً لمجلس الشورى، أو مجلس البرلمان، ولا تنتخب لذلك. نعم لا يرد رأي المرأة ومشورتها لكونها أنثى، بل يؤخذ رأيها إذا كان صوابا وللمرأة أن تقدم النصح والمشورة والرأي عن طريق ولي أمرها، أو بالكتابة أو نحو ذلك من وسائل الاتصال، دون أن تحضر مجالس الشورى أو تكون ركنا فيها.
3 -
إن الإسلام يقرر المساواة بين الرجل والمرأة ويشرع لكل واحد من حقوق وواجبات، ولكنها مساواة في أصل الإنسانية، ثم تختلف نوعية الحقوق والواجبات، فالمرأة تساوي الرجل في أصل الخلقة، والقيم الإنسانية، ولها الحق بمطالبة ما تستحق، ولها أن ترفع حاجتها إلى الحاكم والقاضي كما يرفعها الرجل، ولها أجر ما عملت مثل ما للرجل، وعليها العقاب كالرجل، ولكن يختلف اختصاص كل منهما في وظائف الحياة، فالحمل والإرضاع وتربية النشء ونحو ذلك من خصائص المرأة، والتكسب والإنفاق من خصائص الرجل، وعلى حسب ذلك هيئ كل منهما في جسده وفطرته ونفسيته.
4 -
ولا علاقة لدخول المرأة في السياسية ومجالس الشورى بكرامتها أو إنسانيتها، ولأن الإسلام أعلى من شأن المرأة، وأكرمها، وأخرجها من ظلم الجاهلية إلى نور الهداية، وأعطاها من الحقوق ما لم يعطها غيره من الديانات والحضارات حتى يومنا هذا، وكل مسلم مطالب بالحفاظ على الحق الثابت في الإسلام للمرأة، فلا تحتاج إلى دخول البرلمان لمطالبة حقها، ولكن الذي ليس بحق في الإسلام لا يعترف به المسلمون مهما طالبت به امرأة.
5 -
الإسلام صان المرأة من كل شر وفساد، فشرع لها من الأحكام ما يحفظ عرضها وشرفها ويصون عصمتها، فأمرها بالحجاب، وحرم عليها الاختلاط والخلوة بالأجانب، وسفرها بدون محرم، ومنعها من التبرج والسفور وإظهار الزينة مما يؤدي إلى فساد عظيم في المجتمع.
6 -
البيت هو مملكة المرأة المسلمة، وهي ملكته، وأمرها الله تعالى بالقرار في بيتها، فالمجال الأساسي لنشاطها في بيتها هو الأمومة وتربية الأجيال تلبية لفطرتها وسعادتها في القيام بحقوق الزوج والأسرة.
7 -
قد ثبت أن تكوين المرأة يختلف عن تكوين الرجل، وهي ضعيفة من ناحية جسمية وعقلية لا تتحمل المشاق الكبيرة التي يتحملها الرجل بسهولة.
8 -
أن المرأة لم تشارك في الحياة السياسية ولم تحضر المجالس الشورية مع الرجال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين مع توفر دواعي اشتراكها في مثل هذه المجالس وقد حدثت الأحداث العظام، وكانت فيهن نساء مثقفات فضليات حتى لم يحصل ذلك فترة طويلة وعصورا عديدة من تاريخ الأمة الإسلامية ولم يأت أمر سياسة المرأة في الأمة الإسلامية إلا بعد الغزو الفكري والاستعمار الأوروبي لبلاد المسلمين، حيث أردوا إفساد الأمة ودمارها.
9 -
إن مهمة المجالس الشورية - المجالس النيابية - مهمة عظيمة، فهي التي تسير دفة سياسة البلاد، وتخطط وتدبر، وتناقش القضايا، فأهل هذا المجلس يجلسون في قاعة المجلس ساعات طويلة جنبا إلى جنب، يتحدثون، ويتصافحون وغير ذلك من الأمور التي لا يجوز للمرأة أن ترتكبها مع الرجال الأجانب.
10 -
الانتخاب طريقة حديثة لاختيار شخص من الأشخاص لرياسة الجمهورية، أو عضو للمجلس النيابي، ولكن الطريق السائدة للانتخاب ليست بصحيحة، وهي تخالف الشريعة الإسلامية لأن المرشح يظهر نفسه بأنه هو الأصلح، وفي ذلك يكذب، وله في سبيل ذلك دعايات ونعرات باطلة، ويتهم المرشح الآخر الذي ينافسه، وهذا الأمر يجعل الناخبين في حيرة فلا يستطيعون الوصول إلى الأصلح والأكفأ.
والانتخاب ليس بوكالة ولا شهادة، وإنما هو أقرب إلى تزكية شخص وتعديله، فالناخب يزكي المرشح ويعدله على أن أصلح لمهمة مجلس البرلمان، وأقدر على أداء واجبه، والتزكية تكون من رجل عايش صاحب وجالسه وعامله فكان يعرف سره وعلانيته، ولذا لم يجز الجمهور تزكية المرأة، لأن المرأة لم تخالط الرجال ولم تجالسهم فلم تكن لديها معرفة وخبرة باطنية عن هذا الرجل، فعلى هذا لا يجوز اشتراك المرأة في الانتخاب كناخبة.
نعم إذا كانت هناك امرأة أو نسوة يعرفن صلاحية شخص وكفايته، ولهن رأي في ذلك فيبدينه بصورة مسموحة لهن لاختيار هذا الشخص، فيكون كالترشيح منهن ثم ينتخبه الرجال، وذلك كاختيار المرأة للقاضي.
30 -
الجهاد بالسيف والأسلحة ليس بواجب على المرأة، لأن الرجال مسئولون عن الدفاع عن النساء، فلذا تجنيدهن وتوظفهن في الجيش كالرجال غير جائز، لما يترتب على ذلك من محاذير، وعواقب وخيمة، وواقع البلاد التي سمحت بذلك دليل واضح على هذه المحاذير. إلا إذا احتاج الجيش إلى التمريض والتضميد ونحو ذلك وكان من النساء من يحسن ذلك فيمكن استخدامهن في هذا مع مراعاة الآداب الإسلامية.
31 -
وكذلك توظيف المرأة في الشرطة والجهات الأمنية الأخرى ليس بجائز إذا كانت هذه الجهات تتعلق بالرجال، أما إذا كانت متعلقة بالنساء مثل قسم النساء في الشرطة للإشراف عليهن، والقيام بالتفتيش معهن في
سجون النساء، أو التفتيش معهن في المطارات ونحو ذلك فهو جائز، بل قد تكون ضرورة، يجب توظيفهن في مثل هذه الحالة حتى لا تضطر النساء إلى الاختلاط بالرجال والكشف أمامهم.
32 -
تولي المرأة الوظائف في الدوائر الحكومية وغير الحكومية ليس بعمل أساسي لها، ولا يجوز ذلك على الإطلاق، وإنما الوظيفة الأولى هي عملها في خدمة البيت ورعاية الزوج وتربية الأولاد، فلا تشتغل بما يعوقها عن أداء هذا الواجب، ولكن إذا دعت الضرورة أو الحاجة العامة أو الخاصة إلى الخروج للعمل جاز توليها الوظيفة، بشرط أن تكون مناسبة لطبيعتها وقدراتها الجسمية والعقلية، ذات المسئوليات المحدودة، كالعمل في المجالات النسائية من تعليم البنات وتمريض النساء وتطبيبهن، أو إرضاع الأطفال وتربيتهم، أو تولي الإدارة في هذه المجالات، مع الالتزام بالأحكام الشرعية أثناء العمل، فتكون في وقار وحشمة، بعيدة عن مظان الفتنة، وعن الاختلاط والخلوة ونحو ذلك.
33 -
لأنه يطرأ على المرأة أحوال من الحيض والحمل والوحم والولادة والنفاس والإرضاع وتربية الطفل وغيرها، وهي تكون في هذه الحالات مريضة لا تستطيع أن تؤدي وظيفتها.
34 -
ويترتب على اشتغالها في الوظائف العامة آثار ضارة في نفسيتها، وفي أسرتها وضياع أولادها، وخراب بيتها، وفوق هذا كله تتعرض للابتزاز الجنسي ممن يخالطها في العمل من الرجال.
35 -
للمرأة أن تتعلم أمور دينها وما ينفعها في حياتها، ويعدها كزوجة سعيدة وأم مربية، ثم بعد ذلك لو وجدت في نفسها قدرة وكانت الظروف مهيأة فلها أن تتعلم العلوم الأخرى، ولا مانع أن تختار لنفسها مهنة التدريس، سواء في المدارس النسائية أو في بيتها.
36 -
وللمرأة أن تتعلم الطب والتمريض ولا سيما في الأمراض النسائية، فتكون طبيبة نسائية، أو ممرضة نسائية حتى لا تضطر النساء الذهاب إلى الأطباء الرجال، ويجوز أن تعالج رجلا إذا دعت إليه الضرورة من غير أن تتعدى موضع الضرورة، كما كانت نساء الصحابة يمرضن المرضى ويداوين الجرحى.
37 -
يجوز للمرأة أن تكون وكيلة عن غيرها في قضية ما، وعلى هذا يجوز أن تكون محامية، لأن المحاماة وكالة بالخصومة، وهي تجوز للمرأة، ولكن مهنة المحاماة في العصر الحاضر أخذت طريقا غير سديد، ثم يحتاج المحامي إلى الاختلاط بالخصوم، والحضور في مجلس القضاء ونحو ذلك من الأمور، والمرأة ممنوعة عن ذلك كله فلذا لا ينبغي أن تتخذ لها مهنة المحاماة ما دامت على هذه الصورة.
38 -
أسباب ولاية النكاح خمسة: الملك والقرابة، والولاء، والإمامة، والوصاية.
39 -
الولي شرط في صحة النكاح، ولا يجوز للمرأة أن تتولى نكاح نفسها أو غيرها بسبب من الأسباب، لا أصالة ولا نيابة ولا وكالة، لو باشرت العقد كان النكاح باطلا.
40 -
للمرأة البالغة العاقلة الرشيدة أن تتولى مالها، وتتصرف فيه كما تشاء بعوض أو بغير عوض كبيع أو شراء، أو إجارة، أو قراض، أو تصدق أو هبة كله أو جزء منه، وليس لأحد أن يمنعها من ذلك، ولا تحتاج إلى إذن أحد، سواء كانت بكر ذات أب، أو غير ذات أب، أو ذات زوج.
41 -
يجوز للمرأة أن تتصرف في مال أولادها من أكل وغيره، كما هو مسموح للرجل في مال أولاده، ويجوز لها أن تتصرف وتأكل من مال أبويها بما هو مباح لها.
وللأم ولاية مال أولادها الصغار والمجنون، لأنها أشفق على ولدها من غيرها.
42 -
ليس للمرأة أن تتصرف وتتصدق من مال زوجها إلا بإذنه، سواء كان الإذن صريحا أو مفهوما من العادة والعرف.
1 -
ويجوز لها أن تكون وصية، فلها ولاية المال بالوصاية إذا توفر فيها شروط الوصي، سواء كانت أم الأطفال، أو أجنبية عنهم.
2 -
يجوز للمرأة أن تكون ناظرة وقف، وتكون لها ولاية النظر على الوقف والتصرف فيه باتفاق.
3 -
النساء أحق بحضانة الطفل من الرجال، وهن الأصل في ذلك، لأنهن أشفق وأرفق وأهدى إلى تربية الصغار، وأصبر على تحمل المشاق في هذا المجال، وأن الأم أحق بحضانة ولدها - ذكرا كان أو أنثى - مالم تنكح وتوفرت فيها شروط الحاضنة باتفاق.
4 -
يشترط في الحاضن: التكليف، والحرية، والعدالة، والإسلام، إذا كان المحضون مسلما، والقدرة على القيام بواجبات المحضون، وأن لا تكون متزوجة بأجنبي من المحضون، وإذا فقد شرط من الشروط وطرأ المانع كالجنون أو الزواج ونحو ذلك سقط حق الحضانة، ثم إذا زال المانع رجع الحاضن في حقه، ولكن الأولى مراعاة مصلحة المحضون، لأن حقه مقدم.
5 -
مدة الحضانة إلى سن التمييز والاستغناء، أي تستمر الحضانة إلى أن يميز المحضون ويستغني، بمعنى أن يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده، ويستنجي وحده ونحو ذلك، وإذا بلغ هذا الحد انتهت مدة الحضانة ذكرا كان أو أنثى، وذلك سن سبع سنين أو ثمان سنين.
6 -
أثر السفر في انتقال الحضانة: إذا افترق الأبوان واختلفا في حضانة الولد فيكون لسفرهما صور:
ا- إذا أراد أحد الأبوين السفر غير نقلة، بأنه يريد أن يرجع فالمقيم أحق بالولد.
ب - وإذا أراد أحدهما سفرا لقصد الاستيطان والإقامة وكان البلد أو الطريق مخوفا فالمقيم أحق به.
ج- وإذا أراد أحدهما سفرا للانتقال والإقامة في البلد، وكان البلد والطريق آمنين فالأب أولى به من الأم، سواء كان المنتقل أبا أو أما.
د- وإذا أراد الأبوان السفر جميعا إلى بلدة واحدة فالأم باقية على حضانتها.
هـ- لو كان السفر قريبا بحيث يراهم الأب ويرونه كل يوم فتكون الأم على حضانتها.
7 -
عند بلوغ الولد حد الاستغناء تنتهي مدة الحضانة، وتبدأ مدة كفالة الصغار إلى أن يبلغ الحلم أو تحيض الجارية، فتنتهي مدة الكفالة، ويكون الولد حرا في تصرفه.
8 -
حق المرأة في كفالة الصغار: يظهر من مذاهب الفقهاء أن للنساء حقا في كفالة الولد في الجملة، ولا سيما الأم والجدة، إلا أن الخلاف واقع بينهم فيمن هو أحق بالكفالة إذا تنازع الأبوان، وكانا أهلا للكفالة فيرى المالكية والظاهرية أن الأم أحق بكفالة الولد ذكرا أو أنثى، ويرى الشافعية، أنه ليس أحدهما أحق به، بل يخير سواء كان ذكرا أو أنثى، ويرى الحنابلة التخيير في الذكر، وأما الأنثى فالأب أحق بها، ويرى الحنفية أن الأب أحق بالغلام، والأم أحق بالجارية، ولعل الراجح هو: التخيير إذا تنازعا وتوفرت فيهما شروط الكفالة.
9 -
وهكذا نرى أن الشريعة الإسلامية اهتمت بجميع جوانب الحياة، وجاءت بأعدل الأحكام، فلا يجوز الاتهام بأن الإسلام لم يلب حاجات الناس، أو أعطى الجنس حقوقا أكثر من الجنس الآخر، وإنما هو تقسيم الله العليم الخبير في وظائف الحياة، فلذا أدعو المسلمين إلى الرجوع إلى دينهم، وتعلم ما جاء في الكتاب والسنة، لأن العلم والبصيرة في دين الله يقيهم شر الأعداء وفساد المناهج الهدامة.
كما أقترح أن يقوم المسلمون عامة، وأولياء الأمور خاصة بنشر الثقافة الإسلامية، وبالأخص في المجال النسائي، حتى تعرف النساء ما هي حقوقهن وما هي واجباتهن في الإسلام، فلا يخدعهن قول الزور المزين بالعبارات البراقة، ولا يطالبن ما لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأخيرا أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل، وينفع به الكاتب والقارئ والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.