الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النقود وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية
المؤلف/ المشرف:
علاء الدين محمود زعتري
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار قتيبة ̈الأولى
سنة الطبع:
1417هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
نقود وعملات وأوراق تجارية
الخاتمة
تعد النقود الورقية من الأموال الممتازة في الوقت الحاضر، ولا يقل اكتشافها أهمية عن اكتشاف النقود بحد ذاتها، فقد سهلت على الناس أمور حياتهم وسبل معاشهم في مبادلاتهم وقياس قيم أشيائهم، ولقد أخذت مكانها، واحتلت مركز الصدارة بين النقود عامة، ونابت عن النقود الذهبية والفضية في الثمنية، وبالتالي فإن جميع الأحكام الشرعية التي اعتمدت لتلك النقود ينبغي اعتمادها للنقود الورقية، وهذه نتيجة عامة مستفادة من هذه الرسالة التخصصية.
ولقد توصلت إلى هذه النتيجة عبر دراسة النقود ضمن ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: وقد كان في دراسة النقود تاريخيا.
الاتجاه الثاني: وقد كان في دراسة النقود اقتصاديا، من خلال بيان طبيعتها، وإبراز وظائفها الأساسية.
الاتجاه الثالث: وقد كان في دراسة النقود من الناحية الشرعية.
1 -
هذا، وقد بدأت دراستي بفصل تمهيدي عرفت فيه بمفهوم المال واشتماله لكل أنواع السلع المادية والخدمات المعنوية، ثم استعرضت الآيات القرآنية المبينة وجهة نظر الإسلام إلى المال، فتبين أنها نظرة تتجاوب مع الفطرة السليمة للفرد، وتنسجم مع مصالح المجتمع لتحقيق سعادته.
2 -
وفي مبحث تعريف النقود بينت ضرورة إدخال عنصرين مهمين ليكون التعريف مقبولا من الناحية الشرعية، فتوصلت إلى أن النقود هي:[كل شيء طاهر منتفع به شرعا يحظى بقبول عام في تأدية الوظائف الأساسية للنقود].
3 -
ولدى استعراض النقود في الفكر الإسلامي، من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وعند بعض المفكرين الإسلاميين، تبين أن الاهتمام بالنقود سار بشكل متزايد، حيث بدأ بداية صغيرة ضمن إشارات لطيفة حتى وصل إلى درجة كتابة مؤلف خاص يتحدث عن النقود.
4 -
ومن نتائج البحث لدى استعراض تاريخ النقود في ظل الحضارة الإسلامية: أن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب كان أول من بدأ بجعل النقود إسلامية، من خلال التعديل الذي أجراه على النقود المتداولة بإضافة شعارات إسلامية عليها، وقد أكمل الخلفاء من بعده المسيرة، حتى وصل الأمر إلى زمن عبد الملك بن مروان الذي أحدث الثورة في النظام النقدي، وجعل النقود المتداولة عربية إسلامية.
5 -
وفي إطار الحديث عن الوظيفة الاقتصادية للنقود: النقود مقياس القيم، اتضح: أن النقود لا تقوم بهذه الوظيفة بشكل كامل إلا إذا حافظت على استقرار قيمتها، وبينت أن أسباب تذبذب قيمة النقود يرجع إلى أحد ثلاثة أسباب: ضعف ثقة الناس بالنقود، وتغير أسعار السلع التي تقوم بها النقود، والحالة العامة للبلاد.
وبينت أن من واجب الدولة أن تحافظ على استقرار قيمة النقود باتباع السياسة النقدية، وأشرت إلى أن الإسلام قد قدم الوسائل الكفيلة بتحقيق استقرار قيمة النقود، فقد حرم إغلاء الأسعار على المسلمين، وحضهم على الاعتدال في تقدير تكاليف منتوجاتهم ليتحقق التوازن بين عرض النقود والطلب عليها، كما أناط بولي الأمر مسؤولية التحكم بكمية النقود الواجب تداولها.
6 -
وفي بيان الوظائف الأساسية للنقود، أضفت وظيفة جديدة لم أُسبق إليها، وهي أن النقود أداة دفع، لا ينتظر دافعها أي مقابل مادي محسوس.
فالنقود في أدائها لهذه الوظيفة إما أن تدفع زكاة أو صدقة فطر ومثلها سائر الصدقات، وإما أن تدفع إيفاء للنذور، أو تكفيرا للذنوب.
7 -
وبعد عرض آراء العلماء في مشروعية النقود الورقية تبين أنها ليست بسندات دين، ولا عرضا من عروض التجارة، وأنها تغاير الفلوس النحاسية، وأنها غير متفرعة من الذهب أو الفضة، بل هي نقد قائم بذاته اكتسب ثمنيته من ثقة الناس بالتعامل به، ومن قوة الدولة المصدرة له، اعتمادا على أن مرد النقود إلى العرف والاصطلاح.
8 -
واستنادا إلى مشروعية النقود الورقية، فإنه يجوز أن تُبادل بالسلع والخدمات، وأن تبادل بمثلها أو بغيرها من الأثمان، وأن تكون أحد عناصر الإنتاج في عملية الاستثمار.
فأما تبادل السلع بالنقود الورقية فإنه يقع ضمن ثلاثة أشكال:
أ -وجود المبيع مع تقديم النقود الورقية أو تأجيلها، وهذا هو عقد البيع.
ب -تأجيل تسليم المبيع – لعدم وجوده – مع اشتراط تقديم النقود الورقية، وهذا هو عقد السلم.
جـ - تأجيل تسليم المبيع - لعدم وجوده أيضا – مع جواز تقديم النقود الورقية أو تأخيرها، وهذا هو عقد الاستصناع.
وأما مبادلة المنافع بالنقود الورقية، فإنه يكون بعقد الإجارة والإيجار، وبعقد الجعالة وهو الوعد بالجائزة.
وأما مبادلة الأثمان – والنقود الورقية منها – بمثلها حالا، فقد تبين أن نقود كل دولة جنس واحد تحته أنواع، وأن عملات الدول المختلفة أجناس مختلفة، وبالتالي فإنه:
أ -يجب التماثل والتقابض في حال اتحاد الجنس.
ب -يجب التقابض ولا يشترط التماثل في حال اختلال الجنس.
وأما في مبادلة النقود الورقية بمثلها أو بغيرها من الأثمان آجلا، وهو القرض فإنها ترد بمثلها، وإن أي زيادة أو نقصان يعد ربا، كما أن:
-الإيداع في المصارف التي تعطي فوائد على الودائع،
-والإيداع في صندوق توفير البريد،
-وشراء شهادات الاستثمار،
يعد من القروض غير المشروعة، لعدم تحقق شرط رد النقود كما هي دون زيادة أو نقصان.
واتضح من خلال بيان جواز الاستثمار أن النقود الورقية قادرة على أن تكون رأس المال في الشركات، وذلك جائز شرعا، وقد أوضحت أن شركة المضاربة هي البديل عن المصارف الربوية في عميلة الإقراض، وهي التي تنقل المصارف من التعامل بالحرام إلى التعامل بالحلال.
9 -
وفي بيان كيفية تقدير الأجور والنفقات، توصلت إلى أن من الواجب ربطها بقائمة الأسعار، إنصافا للعامل والمنفق عليه، وتقليلا من المشاكل والاضطرابات والمرافعات للقضاء.
أما في بيان كيفية تقدير الديون، فقد اتضح أن ربطها بقائمة الأسعار لا يجوز، وأن من الخطأ استخدام سعر الفائدة تعويضا عن انخفاض قيمة النقود، لأن من الواجب في الديون أن ترد بمثلها عددا وإن اختلفت القيمة.
وأشرت إلى جواز ربط الديون بسلعة ما عند إنشاء العقد، أما بعد ذلك فلا.
هذه هي أهم نتائج البحث، أما على صعيد التوصيات، فإني أوصي بما يلي:
1 -
ضرورة تدريس مادة الاقتصاد الإسلامي في كلية الدعوة الإسلامية وفي كل كليات الشريعة والاقتصاد والحقوق، وذلك لما لها من أهمية في حياة الداعية لمعرفة بيئته، وتعريف المسلمين بنظام الإسلام المتكامل.
2 -
ضرورة إقامة ندوة عالمية لمناقشة الفوضى النقدية، والخروج بمشروع نظام نقدي جديد يحقق الرفاء والازدهار، وهذه الندوة المقترحة مطلوبة من المنظمات الإسلامية لتقديم تصور عن نظام الإسلام الاقتصادي وشرحه للعالم من أجل اعتماده.
وأشير أخيرا إلى أن المسلمين لو عرفوا إسلامهم حق المعرفة، وطبقوا دينهم حق التطبيق لتحققت لهم سعادة الدنيا، وسيادة العالم، فلا يوجد تشريع شمولي كتشريع الإسلام، ولا يوجد نظام متكامل كنظام الإسلام، إذ إنه قد أرسى القواعد الكلية لكل شؤون الحياة، وأهاب بالناس أن يدركوها ويترجموها سلوكا في واقع معاشهم ودنياهم. يقول الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ} [المائدة:3].
هذا ما وفقني الله إليه من إبراز جانب من جوانب الاقتصاد الإسلامي، فإن كان ما توصلت إليه صوابا فذلك بفضل الله، وإن كان خطأ فأستغفر الله منه.
والله أسأل أن يوفقني لخدمة الإسلام والمسلمين، وأن يجعل عملي ذخرا لي ولوالدي يوم الدين.
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].
طرابلس
1 محرم الحرام 1414هـ
21 حزيران 1993م