الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زكاة الحقوق المعنوية (ندوات قضايا الزكاة المعاصرة)
المؤلف/ المشرف:
عبدالحميد البعلي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بيت الزكاة - الكويت ̈الأولى
سنة الطبع:
1415هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
زكاة - حقوق معنوية
خلائص البحث
في الفصل التمهيدي تناولنا:
الزكاة في الاقتصاد الإسلامي ركن في منهج الإصلاح الاقتصادي بخصائصها ودورها في تحريك مكونات العملية الاقتصادية، بل إن الإنسان جزء من معناها وهو أساس وهدف عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ولذلك نقول: أما آن الأوان لأن تأخذ موقعها الصحيح في ظل ظروف إعادة هيكلة النظم الاقتصادية التي يعيشها العالم العربي والإسلامي وتمويل برامجها.
وفي زكاة عروض التجارة:
فإن المتأمل لتعريفات الفقهاء للتجارة يجد أن منهم من غلب ربطها بالشخص التاجر وقال: التجارة محاولة الكسب ومن ثم قصد الاتجار عند اكتساب الملك، وتبع ذلك تفصيل القول في التاجر المدير والتاجر المحتكر كما ذهب المالكية، ولذا قيل: هي في الأصل مصدر دال على المهنة.
ومنهم من غلب موضوع التجارة ونظراً إلى مال التجارة وقال: إن التجارة تقليب المال؛ أي البيع والشراء وما يعد لذلك من أجل الربح وقصد الاتجار به معاوضة.
وكلا النظرين مهم في تأصيل نظريات الأعمال التجارية والتاجر والمتجر في النظم التجارية، والمالية المعاصرة.
متي يصير المال من عروض التجارة؟
ويصير المال من عروض التجارة بثلاثة ضوابط فقهية مجتمعة هي:
الأول: الإعداد للبيع بقصد التجارة والربح ومن ثم يتحقق في المال وصف النماء كشرط لخضوعه لزكاة التجارة، فالسلعة إذا مورس فيها النشاط لا بقصد الربح وإنما بقصد الاقتناء لا تعتبر من عروض التجارة.
والأمر في هذا مداره إلى ظواهر عرفية، والبيع من الأضداد يقال باعه الشيء، وباعه منه، وبعت الشيء اشتريته وبعته، وشريت الشيء اشتريته وبعته.
والإعداد للبيع وكينونته للتجارة فيما له قيمة مالية يثبته العرف التجاري أيضاً.
والثاني: تشترط نية التجارة مما يصح فيه نية التجارة.
والثالث: ولابد من اقتران عمل التجارة – (أي يملكها بفعله) – بنيتها (عند الشراء وحال التملك) حتى تعمل نيته لأن مجرد النية لا تعمل، فالأصل في العروض القنية لذا وجبت نية التجارة فيها، وإذا ثبت حكم التجارة فلا تحتاج كل معاملة إلى نية جديدة ويكفيه استصحاب حكمها بأن لا ينويها للقنية.
وفي الفصل الثاني تناولنا: الحقوق المعنوية والزكاة: وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: المقصود بالحقوق المعنوية وأنواعها:
مصطلح الحقوق المعنوية سليل القانون الوضعي والدراسات القانونية لقيام النظام القانوني على التفريق بين الأشياء والأموال.
وقد غدت الحقوق المعنوية تتمتع بتنظيم قانوني وحماية إقليمية وعالمية منذ ما يزيد على قرن من الزمن واستقرت في العرف الخاص والعام العالمي والإقليمي، بل واستقرت في النفوس من جهة العقول وتلقتها الطباع السليمة بالقبول.
فالحق المعنوي عند الأصوليين ليس بخال منه حكم شرعي بامتثال أوامر الله ونواهيه، والامتثال أمر معنوي باطني غير محسوس أخص من الفعل.
وعند الفقهاء وعلى الأصح فهو علاقة شرعية تؤدي إلى الاختصاص بشيء مع امتثال شخص آخر وتخول صاحبه سلطة المطالبة به ومنعه من غيره والتنازل عنه، ومن ثم يطلق على المصالح والمنافع الاعتبارية الشرعية التي لا اعتبار لها إلا باعتبار الشارع والمنافع تدخل في زمن الحقوق المختلف في ماليتها.
ومن ثم تندرج الحقوق المعنوية تحت طائفة الحقوق المالية وعلى الأخص المنافع.
الحقوق المعنوية والمنافع:
والمنافع فيما نحن بصدده تشمل ما يقابل الأعيان وهو الأعراض وثمرات الأعيان سواء كانت متولدة منها أو غير متولدة منها والمنافع المختلف فيها هي المقابلة للأعيان، والمال عند المالكية يشمل المنافع والحقوق.
والمنافع بحد ذاتها تعتبر أموالاً عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأنها تحاز بحيازة أصلها ومصدرها.
وسبب اختلاف الحنفية مع سائر الفقهاء في تعريف المال ثم في مالية المنافع اختلاف الأعراف فيما يعد مالاً وما لا يعد، فالمال ليس له حد في اللغة ولا في الشرع، فرجع في تحديده للعرف.
ولا شك في ترجيح مذهب الجمهور لأنه هو المتفق مع عرف الناس والمتسق مع أغراضهم ومعاملاتهم؛ فاسم المال كما يقول السيوطي: "لا يقع إلا على ما له قيمة وما لا يطرحه الناس".
والمنافع عند الحنفية لضرورة الحاجة أعطيت حكم الموجود وجوزوا أن تكون محلاً للعقد فأقاموا العين مقام المنفعة في العقود، وعلى ذلك تعتبر عندهم مالاً بورود العقد عليها مراعاة للمصلحة وإن لم تكن مالاً عندهم بحسب الأصل.
بل إن المنافع المتوقعة يصح أن تكون محلاً للبيع كما يقول الرملي، وصرح بالتجارة في المنافع.
وفي هذا يقول الدسوقي: المنافع المتمولة يعاوض عليها.
والحقوق المعنوية بما ترد عليه من أشياء غير مادية لها قيمة مالية ومتمولة بتمول الناس لها وجريان أعرافهم العامة والخاصة بذلك لحاجة الانتفاع بها وحمايتها، ومن هنا تماثل المنافع في الاصطلاح الفقهي ومن ثم تجري فيها – أي الحقوق المعنوية – الحيازة الخاصة بها والمتمثلة في نسبتها إلى صاحبها وصدورها عنه.
وأنها كذلك – أي الحقوق المعنوية – تكون محلاً للملك بمعنى الاختصاص والاستئثار ومن ثم الاستغلال المالي.
وعلى هذا فالحقوق المعنوية تمثل منفعة معتبرة أو هي من قبيل المنافع المعتبرة في نظر الشارع، وليست في ذلك أقل شأناً من هبة الثواب على ما ذهب إليه بعض الفقهاء كالشاطبي من ماليتها وقابليتها للملك والتصرف ولا أقل شأناً من بيع حق التعلي عند المالكية حيث جاز فيه بيع الهواء.
وقد أجاز الفقهاء إطلاق الحق على المنافع والمصالح سواء كان الحق مجرداً أو غير مجرد، أي مقرراً، وإذا أطلق الحق على المنافع فهو من المال عند جمهور الفقهاء عدا الحنفية إذا أريد به منفعة أو مصلحة مالية.
والحقوق المعنوية تجمع بين صفتي الحق المجرد والمقرر معاً:
فالجانب الأدبي المعنوي فيها متعلق برغبة ومشيئة صاحبها مملوكة له ومنسوبة إليه وصادرة عنه، إن رأى الخير في الانتفاع بها انتفع وإن رأى غير ذلك ترك.
التعامل التجاري بيعاً وشراء، والحقوق المعنوية مناطها الفكر الابتكاري والجديد وهي أمور ذهنية لصيقة بالشخصية الطبيعية إن لم تكن منها، وهذا الشق لا ينفك عنه أي من الحقوق المعنوية بما يستطيعه صاحبه فيه من التغيير أو الإلغاء أو التجديد.
ومن هذا الجانب أو الشق يصعب القول بأن الحق المعنوي يمكن إدخاله في "كينونة الإعداد للبيع" التي هي جوهر ضوابط عروض التجارة التي تخضع للزكاة، ومن ثم يصعب القول بأن هذه الحقوق أصبحت بمثابة السلع المعدة للبيع؛ فالشق المعنوي أو الأدبي كامن فيها يتمتع فيه صاحبه بإرادته وما يترتب على ذلك من سلطات حقوقية مالية له فيها.
ولهذا يدخلها أهل المحاسبة ضمن الأصول الثابتة في المشاريع الاستثمارية المعاصرة لأنها لم تتخذ بقصد بيعها وإنما بقصد استغلالها في زيادة معدلات الربح للمشروع.
هل الجانب المالي في الحقوق المعنوية من قبيل المستغلات؟
إذا اتخذ الحق المعنوي للاستغلال ومن ثم تتجدد منفعته فهو يدر على صاحبه كسباً ودخلاً، ولكن "عينه قد لا تبقى" فهي تدور مع رغبة صاحبه وتعديله أو تحسينه أو العدول عنه.
والمستغلات تتفق مع الحق المعنوي من وجهة إدراره على صاحبه كسباً ودخلاً، وتختلف عنه في بقاء عينها ما أعدت للنماء أي في أصلها المادي البحث، فضلاً عن أن زكاة المستغلات إنما تجب على رأي الموسعين في إيجاب الزكاة لعموم الأدلة وقياس المال المستغل على المال المتجر فيه؛ وفي أن يصبح المقيس أي الفرع أصلاً أو في اعتبار المقيس أصلاً كلام ليس هنا بحاله.
وعلى ذلك تزكى زكاة النقدية بشروطها، هذا والله أعلم.