الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضائل الجمعة أحكامها - خصائصها دراسة فقهية مقارنة في المذاهب الأربعة
المؤلف/ المشرف:
محمد ظاهر أسد الله
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة ̈الأولى
سنة الطبع:
1419هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
صلاة الجمعة
الخاتمة
وفي ختام هذا البحث – بعد أن من الله علي بإتمامه، أسجل القول الراجح في أهم مواضع الخلاف بين العلماء، وذلك بعد أن تبين لي رجحانه في ضوء الأدلة الصحيحة الصريحة من الكتاب والسنة المطهرة، واعتبر ذلك أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث، وهي:
أولا: أجمعت الأمة على أن صلاة الجمعة فريضة محكمة بالكتاب والسنة، تجب إقامتها – على كل مكلف توفرت فيه شروط الوجوب – يوم الجمعة وقت الظهر، وأنها فرضت على القول الراجح في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة إليها، وأنها من آكد فرائض الإسلام وأعظم شعائره.
ثانيا: إن صلاة الجمعة تجب على جميع من توفرت فيه شروط الوجوب من أهل البلد، ولا يشترط سماع النداء لها عند الجمهور، وأما من كان خارج البلد فالعبرة بالنسبة له بسماع النداء؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص (الجمعة على من سمع النداء)، ويؤخذ في الاعتبار سماع النداء من مكبرات الصوت في الوقت الحاضر لإنعدام الهدوء، بسبب وجود وسائل الحياة الحاضرة من مواصلات ومصانع وغيرهما.
ثالثا: وقت وجوب صلاة الجمعة هو وقت الظهر، أي بعد زوال الشمس وهو قول الجمهور، إلا أنها تصح قبل الزوال، لما صح من إقامتها قبل الزوال في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومن بعده وهو مذهب الحنابلة.
رابعا: تبين لي من عرض أقوال العلماء في شرطية الخطبة أنها ليست شرطا لصلاة الجمعة خلافا للجمهور، إلا أن مواظبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لها مع إرادة الخطبة من الذكر في الآية تفيد وجوبها فقط.
خامسا: أن اللغة العربية غير شرط في الخطبة خلافا للجمهور، إلا أن بعض أركانها وهو حمد وصلاة وقراءة القرآن يجب أن تكون باللغة العربية عند القدرة تأسيا واتباعا بالرسول – صلى الله عليه وسلم – ومن بعده من السلف الصالح، وأما موعظة الناس والوصية فيختار لها الخطيب اللغة التي يفهمها القوم.
سادسا: ترجح لدى القول بمشروعية تحية المسجد للداخل أثناء الخطبة، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، خلافا للحنفية والمالكية، وذلك لظهور الأدلة القاضية بتحية المسجد، لاسيما الزيادة الصحيحة عند مسلم من رواية جابر بن عبد الله أنه قال:(إن النبي – صلى الله عليه وسلم – خطب فقال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام، فليصل ركعتين).
سابعا: أن العدد المعين غير شرط في جماعة الجمعة، لأنه لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص، كما قال السيوطي، فالمشروط هو مطلق الجماعة؛ للإجماع، ولحديث طارق بن شهاب عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:(الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة .. ) الخ. وأقل الجماعة اثنان أحدهما الإمام في سائر الصلوات، ولا فرق بين جماعة الجمعة وغيرها، قال السيوطي: ودليل هذا القول قوي لا ينقضه إلا نص صريح، وهو شيء لا سبيل إليه.
ثامنا: إن تعدد الجمع في بلد واحد جائز، إلا أن الأولى أن يختصر التعدد على الحاجة ولا يكون تابعا لهوى الناس؛ ذلك لأن جماعة الجمعة مهما تكبر وتزيد فهي أقرب إلى تحقيق حكمة مشروعية صلاة الجمعة؛ هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة التي لو عني بها لكانت سببا في إنقاذ الأمة لاسيما شبابها من السقوط في هاوية المبادئ الهدامة من الشيوعية والقومية والعلمانية وغيرها.
تاسعا: القول بصلاة أربع ركعات بعد الجمعة للاحتياط – الذي قال به متأخرو فقهاء الشافعية والحنفية – لا أصل له، بل هو من باب البدع المحدثات في الدين، نسأل الله الاستقامة على الحق وعلى هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – آمين.
عاشرا: المصر الجامع غير شرط لصحة صلاة الجمعة خلافا للحنفية، بل تصح إقامتها في القرى، إلا أن الأولى والأنسب بروح هذه الشعيرة أن تقام في أكبر مساجد القرية الذي يسعهم جميعا، وهو القول المختار عند الحنفية، باعتبار تعريف المصر الجامع بموضوع إذا اجتمع أهله، في أكبر مساجدهم لم يسعهم.
الحادي عشر: أن الأذان الثالث – الذي يرفع قبل صعود الإمام المنبر يوم الجمعة – من سنة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولم يكن في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وعمر، وقد أمر به عثمان على الزوراء حين كثر الناس، فوافقه الصحابة بالسكوت وعدم الإنكار، فأصبح أذان عثمان للإعلام، والأذان الثاني – الذي يرفع عند صعود الإمام المنبر – للإنصات، كما قال الحافظ في الفتح. فأمر عثمان بذلك كان ناشئا عن حاجة إليه، وما دامت تلك الحاجة قائمة، فالأذان الثالث سنة، وبانتفائها تنتفى سنيته، والذي يلاحظ هو أن تلك الحاجة منتفية في بعض كبار المساجد في هذا العصر، لكن القائمين بها مازالوا متمسكين بأذان عثمان، فما أدري ما هو المبرر لهم مع العلم بأن أذانهم الأول لا تفصله عن الأذان الثاني إلا دقائق معدودة لا تتسع ولا لصلاة ركعتين.
الثاني عشر: إذا اجتمع يوم الجمعة بيوم العيد تسقط صلاة الجمعة عمن صلى العيد مع الجماعة، سواء كان من أهل البلد أو ضواحيه في الراجح.
الثالث عشر: اتضح لي من خلال عرض ودراسة الأقوال حول السنة قبل الجمعة، أنه لا سنة قبلها غير تحية المسجد للداخل؛ ذلك لأن السنة – كما هو معلوم – ما ثبت بقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – أو فعله، ولم يصح في السنة قبل الجمعة شيء من ذلك.
الرابع عشر: أن الغسل يوم الجمعة مستحب عند الجمهور وهو أقرب إلى روح التشريع، إلا عند وجود رائحة كريهة.
الخامس عشر: يوم الجمعة يمتاز بخصائص عظيمة عن غيره من أيام الأسبوع، ومن أعظم تلك الخصائص ساعة الإجابة فيه، حيث قال النبي – صلى الله عليه وسلم –:(إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل فيها خيرا إلا أعطاه إياه، قال: وهي ساعة خفيفة). الحديث رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة.
وتلك الساعة باقية – في الراجح – إلى يوم القيامة وتكون في كل جمعة، ووقتها في اليوم من حين صعود الإمام إلى فراغ الصلاة؛ لما صح من حديث مسلم عن أبي موسى في ذلك، وآخر ساعة بعد العصر لحديث عبد الله بن سلام وقد صححه العلماء، هذا إذا قلنا بالتنقل، وأما إن نفينا تنقلها في اليوم، فهي آخر ساعة بعد العصر في الراجح عند العلماء.
وبعد هذا العرض الموجز – للقول الراجح في أهم نقاط الخلاف الذي يدور بين العلماء حول صلاة الجمعة وأحكامها – أتضرع إلى الله عز وجل أن يعفو عني زلاتي، وما لم يحالفني فيه الصواب، وأن يقبل عني هذا الجهد المتواضع قبولا حسنا وأن يريني الحق حقا ويرزقني اتباعه، والباطل باطلا ويرزقني اجتنابه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
آمين.