المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي - نتائج البحوث وخواتيم الكتب - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الجامع في أصول الربا

- ‌الجنسية والتجنس وأحكامهما في الفقه الإسلامي

- ‌الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته

- ‌الجوهر في عدد درجات المنبر

- ‌الحجاب

- ‌الحدود في الإسلام ومقارنتها بالقوانين الوضعية

- ‌الحصانات الدبلوماسية والقنصلية والمعاهدات في الفقه الإسلامي والقانون الدولي - دراسة مقارنة

- ‌الحقوق المتعلقة بمتعة المطلقة

- ‌الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌الحيض والنفاس رواية ودراية دراسة حديثة فقهية مقارنة

- ‌الخط المشير إلى الحجر الاسود في صحن المطاف ومدى مشروعيته

- ‌الخلاف بين أبي حنيفة وأصحابه وموقف الأئمة الآخرين من هذا الخلاف

- ‌الخلاف في حكم تارك الصلاة

- ‌الدبلوماسية بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي

- ‌الدعاء في خطبة الجمعة - حكمه وصوره

- ‌الدعاء وأحكامه الفقهية

- ‌الدفع بالتقسيط عن طريق البطاقات الائتمانية دراسة فقهية مقارنة

- ‌الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها والتأمين التعاوني عليها

- ‌الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية

- ‌الرسالة الفاصلة في تقدير غالب الموازين والمكاييل

- ‌الرضاع المحرم وبنك اللبن

- ‌الرهن في الفقه الإسلامي

- ‌الزواج بنية الطلاق

- ‌الزواج بنية الطلاق حقيقته وحكمه وآثاره

- ‌الزينة مفهومها وأحكامها الدنيوية في القرآن

- ‌السفر الذي يثبت به القصر

- ‌الشروط في النكاح

- ‌الشريعة الإسلامية والفنون (التصوير - الموسيقى 000)

- ‌الشك في عدد الركعات في الصلاة حكمه - أسبابه - علاجه

- ‌الضوابط التي تحكم عقد صيانة الأعيان المؤجرة وتبعية ذلك على المؤجر والمستاجر (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌الطهارة لقراءة القرآن الكريم والطواف بالبيت الحرام

- ‌الطهر في أداء فرض الظهر

- ‌التأخير وأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌الترجيح في مسائل الصوم والزكاة

- ‌الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة

- ‌الظروف المشددة المحققة في عقوبة التعزير في الفقه الإسلامي

- ‌التسبيح في الكتاب والسنة والرد على المفاهيم الخاطئة فيه

- ‌التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي

- ‌التعبير عن الرأي – ضوابطه ومجالاته في الشريعة الإسلامية

- ‌التعزية حقيقتها والمسائل المتعلقة بها

- ‌التعزية وأحكامها في ضوء الكتاب والسنة

- ‌التعويض عن تفويت منفعة انعقد سبب وجودها

- ‌التقويم في الفقه الإسلامي

- ‌التمثيل حقيقته - تاريخه - حكمه

- ‌العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة

- ‌العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي

- ‌العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي

- ‌العمولات المصرفية حقيقتها وأحكامها الفقهية

- ‌العولمة وخصائص دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة

- ‌الفصل المبين في مسألة الهجرة ومفارقة المشركين

- ‌القديم والجديد في فقه الشافعي

- ‌القضاء ونظامه في الكتاب والسنة

- ‌القمار حقيقته وأحكامه

- ‌القول الأخير في الحج والعمرة عن الغير

- ‌القول الصائب في حكم صلاة الغائب

- ‌القول المعتبر في جمع الصلاتين للمطر

- ‌القول المنعوت بتفصيل البسملة والقنوت

- ‌اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية

- ‌المال المأخوذ ظلماً وما يجب فيه في الفقه الإسلامي

- ‌المحاماة تاريخها في النظم وموقف الشريعة الإسلامية

- ‌المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية

- ‌المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس

- ‌المذهب عند الشافعية وذكر بعض علمائهم وكتبهم واصطلاحاتهم

- ‌المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة

- ‌المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية - دراسة فقهية أصولية

- ‌المساجد السبعة تاريخاً وأحكاماً

- ‌المساجد بين الاتباع والابتداع

- ‌المسعى وحكم زياداته الشرعية

- ‌المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي

- ‌المغامرة بالنفس في القتال وحكمها في الإسلام (العمليات الاستشهادية)

- ‌المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي – واقعها والمأمول لها

- ‌المنفعة في القرض دراسة تأصيلية تطبيقية

- ‌الموسوعة الشاملة في أعمال المصارف

- ‌النجاسات وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته - دراسة فقهية تحليلية

- ‌النقود وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية

- ‌النوازل في الحج

- ‌النيابة في العبادات

- ‌النية وأثرها في الأحكام الشرعية

- ‌الهجرة إلى بلاد غير المسلمين حكمها، ضوابطها وتطبيقاتها

- ‌الوساطة التجارية في المعاملات المالية

- ‌الوفاة وعلاماتها بين الفقهاء والأطباء

- ‌اليمين المشروعة واليمين الممنوعة

- ‌اليمين والآثار المترتبة عليه

- ‌انتفاع الأموات من سعي الأحياء

- ‌بدع القبور أنواعها وأحكامها

- ‌بدل الخلو (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌بطاقة التخفيض حقيقتها التجارية وأحكامها الشرعية

- ‌بعض الأحكام المتعلقة بالحياة الزوجية

- ‌بهجة الأسماع في أحكام السماع في الفقه الإسلامي

- ‌بيان الحجة في حكم استعمال الذهب والفضة

- ‌بيع التقسيط تحليل فقهي واقتصادي

- ‌بيع التقسيط وأحكامه

- ‌بيع العينة أو (الأنموذج) في الشريعة والقانون

- ‌بيع العينة مع دراسة مداينات الأسواق

- ‌بيع الكالئ بالكالئ (بيع الدين بالدين)

- ‌بيع المرابحة للواعد الملزم بالشراء والدور التنموي

- ‌بيع المزاد

- ‌بيع المزايدة المزاد العلني أحكامه وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية معاصرة

- ‌ثلاث مسائل فقهية في الصلاة

- ‌جامع المسائل في أحكام قنوت النوازل

- ‌جدة داخل المواقيت ولن تكون ميقاتا لغير أهلها

- ‌جزء في مسح الوجه باليدين بعد رفعهما للدعاء

- ‌جمع الدرر في أحكام التصوير والصور

- ‌جمعية الموظفين (القرض التعاوني)

- ‌حجر الكعبة المشرفة – تاريخه – فضائله – أحكامه الفقهية

- ‌حجية القرائن في الشريعة الإسلامية -البصمات / القيافة

- ‌حد الإقامة الذي تنتهي به أحكام السفر

- ‌حدود الصفا والمروة (التوسعة الحديثة) دراسة تاريخية فقهية

- ‌حقيقة الجندر وموقف الإسلام منه

- ‌حكم الأرجل في الوضوء

- ‌حكم الإضراب عن الطعام في الفقه الإسلامي

- ‌حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد

- ‌حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد الإسلامي

- ‌حكم البسملة في الصلاة

- ‌حكم الشرع في لعب الورق "الشدة

- ‌حكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين

- ‌حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية

- ‌حكم التسعير في الإسلام (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌حكم التعاقد عبر أجهزة الاتصال الحديثة في الشريعة الإسلامية

- ‌حكم التعزير بأخذ المال في الإسلام

- ‌حكم التمثيل في الدعوة إلى الله

- ‌حكم التنفل إذا أقيمت الصلاة

- ‌حكم العربون في الإسلام

- ‌حكم الكلام وما شابهه في الصلاة دراسة فقهية مقارنة

- ‌حكم بيع الذهب القديم بالذهب الجديد وحكم بيع العملة الورقية بعملة أخرى

- ‌حكم دخول غير المسلمين للمساجد في ضوء الآيات التي تحدثت عن ذلك

- ‌حكم رفع اليدين مع تكبيرات الجنازة

- ‌حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء

- ‌حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية دراسة فقهية موازنة

- ‌خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية

- ‌دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة

- ‌ذبائح المسلمين والكتابيين بين الشك واليقين

- ‌رسائل فقهية

- ‌رسالة في حكم تقديم السعي على الطواف

- ‌رفع العتاب والملام عمن قال: "العمل بالحديث الضعيف اختيارا حرام

- ‌زكاة الأسهم والسندات

- ‌زكاة الحقوق المعنوية (ندوات قضايا الزكاة المعاصرة)

- ‌زكاة النقود الورقية المعاصرة

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌زواج المسيار دراسة فقهية واجتماعية نقدية

- ‌سجود السهو (رسائل فقهية)

- ‌سلطة ولي الأمر في فرض وظائف مالية (الضرائب) دراسة فقهية مقارنة

- ‌سلم الأماني في إجابة من يقول بالحجاب بقول الألباني: جواب عن حكم حجاب أجيب به عمن جرى في وجوههن ماء الشباب

- ‌سندات الإجارة والأعيان المؤجرة

- ‌شرح الصدور ببيان بدع الجنائز والقبور

- ‌صبغ اللحية بالسواد بين المانعين والمجيزين عرض ونقد على منهج المحدثين

- ‌صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة على قتالهم بغير المسلمين

- ‌صكوك الإجارة – دراسة فقهية تأصيلية تطبيقية

- ‌صناعة الصورة باليد مع بيان أحكام التصوير الفتوغرافي

- ‌صوم الشيوخ المسنين

- ‌ضمان المنافع دارسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون المدني

- ‌ضوابط العقد في الفقه الإسلامي

- ‌تحقيق الصنعة في بيان أحكام القرعة

- ‌تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

- ‌تحقيق وقت ساعة الإجابة من يوم الجمعة

- ‌تذكرة الأنام في النهي عن القيام

- ‌ترتيب الموضوعات الفقهية ومناسباته في المذاهب الأربعة

- ‌تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

- ‌تسليم المطلوبين بين الدول وأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌تعريف أهل الإسلام بأن نقل العضو حرام

- ‌تنبيه أهل العصر بما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر

- ‌تنبيه الصحب إلى مشروعية تسوية الصف بالمنكب والكعب

- ‌تنبيهات على محظورات - كرة القدم بين المصالح والمفاسد

- ‌تنظيم النسل وموقف الشريعة الإسلامية منه

- ‌توسيع وقت رمي الجمرات ضرورة شرعية معاصرة

- ‌توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال

- ‌توضيح الرؤية القاصرة - زكاة الأثمان على النقدين بالعلة القاصرة

- ‌تيسير العليم في أخذ الأجرة على القرآن والتعليم

- ‌عقوبة الإعدام

- ‌عقود المناقصات في الفقه الإسلامي

- ‌عمل المرأة ضوابطه - أحكامه - ثمراته دراسة فقهية مقارنة

- ‌غزو البحار فضله وأحكامه، وأشهر قادته المسلمين في القرن الهجري الأول

- ‌فصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب

- ‌فضائل الجمعة أحكامها - خصائصها دراسة فقهية مقارنة في المذاهب الأربعة

- ‌فقه الاعتكاف

- ‌فقه الشورى دراسة تأصيلية نقدية

- ‌فقه الطفولة - أحكام النفس دراسة مقارنة

- ‌قصر الصلاة للمغتربين

- ‌قضاء العبادات والنيابة فيها

- ‌قضايا اللهو والترفيه بين الحاجة النفسية والضوابط الشرعية

- ‌قطف الزهو في أحكام سجود السهو

- ‌قنوت النوازل

- ‌كشف الالتباس عن أحكام النفاس

- ‌كشف الستور عن قطع المرأة للصلاة بالمرور

- ‌كشف المبهم عن حكم سفر المرأة بدون زوج أو محرم

- ‌كتمان السر وإفشاؤه في الفقه الإسلامي

- ‌لباب النقول في طهارة العطور الممزوجة بالكحول

- ‌لباس الرجل أحكامه وضوابطه

- ‌مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي

- ‌مشكل المناسك – دراسة سبع عشرة مسألة من مسائل المناسك التي حصل فيها إشكال بين المعاصرين

- ‌مشكل لباس الإحرام – دراسة ست مسائل من أحكام لباس الإحرام مع تخريج الأحاديث والتعريف بأسماء الألبسة

- ‌مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية وكيف عالجها الإسلام

- ‌مصارف الزكاة وتمليكها في ضوء الكتاب والسنة

- ‌مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز في الأعلام والكتب والآراء والترجيحات

- ‌مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هل يجوز تأخيره عن موضعه عند الحاجة لتوسيع المطاف

- ‌مكانة الكتب وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌من تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة - صلاة التراويح

- ‌موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من الرقص

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من خلو الرجل (أو الفروغية)

- ‌نقض الأحكام القضائية في الفقه

- ‌نهاية المطاف في تحقيق أحكام الطواف

- ‌نوازل الزكاة

- ‌هداية الحيران إلى حكم ليلة النصف من شعبان

- ‌هل للقاضي الحكم على الغائب

- ‌ولاية المرأة في الفقه الإسلامي

- ‌فكر إسلامي أو عربي

- ‌الأمة الإسلامية بين عوامل السقوط وعوامل الارتقاء (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا ظلال الثورة الصامتة

- ‌التغريب الثقافي في الإعلان التجاري

- ‌العصبية القبلية من المنظور الإسلامي الناس كلهم من آدم وآدم من تراب

- ‌العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب

- ‌العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو التطرف

- ‌الليبرالية في السعودية والخليج - دراسة وصفية نقدية

- ‌ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر – دراسة نقدية إسلامية

- ‌من معالم المنهجية الإسلامية للدراسات المستقبلية

- ‌فلسفة ومنطق وعلم نفس

- ‌التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية - البحث في النفس الإنسانية والمنظور الإسلامي

- ‌فهارس

- ‌فهارس كتب الحديث المطبوعة والآلية

- ‌لغة عربية

- ‌أل الزائدة اللازمة مواضعها وأحكامها

- ‌إنكار المجاز عند ابن تيمية بين الدرس البلاغي واللغوي

- ‌القرارات النحوية والتصريفية لمجمع اللغة العربية بالقاهرة جمعاً ودراسة وتقويماً

- ‌مجاميع

- ‌وحي القلم

- ‌مخطوطات

- ‌أنماط التوثيق بين المخطوط العربي في القرن التاسع الهجري

- ‌متفرقات

- ‌ظاهرة الصراع في الفكر الغربي بين الفردية والجماعية

- ‌معاجم وموسوعات

- ‌المعجم الصوفي

- ‌نحو موسوعة شرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد

الفصل: ‌العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي

‌العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي

‌المؤلف/ المشرف:

منيب بن محمود شاكر

‌المحقق/ المترجم:

بدون

‌الناشر:

دار النفائس - الرياض ̈الأولى

‌سنة الطبع:

1418هـ

‌تصنيف رئيس:

فقه

‌تصنيف فرعي:

فقه - أحكام مسائل فقهية منوعة مفردة

الخاتمة

بعد حمد الله تعالى على إتمام هذا البحث، وبعد أن انتهيت من دراسة موضوعاته أسجل هنا أهم ما ورد فيه من نتائج:

1ـ إن تقرير أحكام الشرع لا يكون إلا بالبناء على أصل شرعي، وإن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم، وإنه لا يجتهد إلا عالم بها، وإن الأصل ألا تبنى الأحكام إلا على العلم، وأما البناء على الظن في بعض الأحكام فلكون الضرورة داعية إليه، لتعذّر العلم في أكثر الصور.

2ـ جاءت الشريعة مستوعبة لجميع الأحكام، فما ترك الله عز وجل ورسوله ? حلالاً إلا مُبيّناً، لكن بعضه كان أظهر بياناً من بعض، فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة خاصة، فأجمع العلماء على حلّه أو حرمته، ومنه ما يخفى على بعض من ليس منهم، ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة فاختلفوا في تحليله وتحريمه بسبب الاختلاف في المأخذ والمستمسك.

3ـ قد تعرض للمجتهد بعض الشبه، وهي قسمان: شبهة حكمية، وهي التي تقع في الحكم الشرعي، بمعنى أن حكم الشارع غير ظاهر من الدليل على وجه العلم أو الظن. وشبهة محلية، وهي التي ترد على المحكوم فيه الذي هو محل الحكم من حيث دخوله تحت حكم الشارع من حل أو حرمة أو غير ذلك. وذلك يعود على مناط الأدلة، وليس على الدليل.

4ـ الاحتياط في اللغة: افتعال من الحَوْط، وأما الحاء والياء والطاء فليس أصلاً لهذا الاسم. والاحتياط مصدر من الفعل احتاط، وما ذكره اللغويون عن معنى الاحتياط يدور حول الحفظ، والمنع، والأخذ في الأمور بالحزم والثقة. وأنه يستخدم ـ أحياناًـ في كتب الفقه مكان لفظة الاحتياط لفظ الأحوط، وهو لفظ شاذ لغة، لأن أفعل التقضيل لا يأتي من غير الثلاثي.

والناظر في كتب الفقه يجد أن اللفظين كليهما مستعمل دون تفريق بينهما، ولكن التركيب اللغوي لهما مختلف، ولذلك وجب أن يكون بينهما اختلاف، إذ اختلاف المبنى يدلّ على اختلاف المعنى، فـ (الاحتياط) مصدر للفعل احتاط، و (الأحوط) أفعل تفضيل منه، وأفعل التفضيل يفيد زيادة على المصدرية، فالأحوط آكد من الاحتياط.

وأما التعريف الاصطلاحي المناسب للاحتياط ـ في نظري ـ فهو: الاحتراز عن الوقوع في منهي أو ترك مأمور عند وجود الاشتباه.

5ـ هناك فرق بين الاحتياط والتوقف، فالاحتياط يكون نتيجة للتوقف، معنى أن الحكم بالعمل بالاحتياط لا يتمّ إلا بعد التوقف لعدم اتضاح الدليل أو عدم معرفة الحكم الشرعي في المسألة النازلة.

6ـ يظهر أن التحفّظ أعم من الاحتياط، إذ هو معنى لغوي لم يقيّد باصطلاح معيّن، وهو قريب من معنى الاحتياط اللغوي.

7ـ ينقسم الاحتياط من حيث مصدره إلى نوعين: احتياط عقلي، واحتياط شرعي. وينقسم من حيث الفعل والترك إلى ثلاثة أقسام: احتياط في الفعل، واحتياط في الترك، والجمع بين أمرين مع التكرار.

ويكون الفعل لتحصيل منفعة، ويكون الترك لدفع مفسدة، والتوقف يكون لتساوي الأمرين معاً بالنسبة للمجتهد.

8ـ إن المجيزين للعمل بالاحتياط هم الجمهور، ويتبيّن ذلك من احتجاجهم به في مصنفاتهم وفتاويهم ومسائلهم. وهناك أدلة كثيرة يُستدلّ بها للعمل بالاحتياط، منها ما هو في ووجوب العمل بالاحتياط، ومنها ما يدلّ على أنه مندوب لا على أنه واجب.

9ـ أنكر ابن حزم قاعدة العمل بالاحتياط، ومردّ ذلك راجع إلى نزعته الظاهرية، وإبطاله للرأي والقياس والاستحسان. ولم أطلع على كلام أحد من العلماء ينكر فيه قاعدة الاحتياط بالكلية إنكاراً مطلقاً، وقد نجد من ينكر دخول الاحتياط في مسائل معينة. وقد ترجّح عندي حجية العمل بالاحتياط.

ص: 104

10ـ الأحكام التكليفية الخمسة تدور على العمل بالاحتياط ـ فقد يكون الاحتياط واجباً، وقد يكون مندوباً، وقد يكون محرّماً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون مباحاً.

11ـ عند اختلاط المباح بالمحظور لا يخلو أن يكون المحظور محرماً لعينه، أو محرماً لكسبه. فإذا كان المحظور محرماً لعينه فإنه إذا خالط حلالاً وظهر أثر الحرام في الحلال فإنه يحرم تناول الحلال، لأن ما كان من ضرورات الحرام يكون حراماً، فيجب الاحتياط بالامتناع عن الخلط كله. وتغليب التحريم هو من باب الاحتياط، لأن العمل بمقتضاه يخلص عن المحذور يقيناً بخلاف العمل بالحل فإنه لا يخلّص لاحتمال المحذور في الواقع فيقع فيه.

وإن لم يظهر أثر الحرام في الحلال فلا يحرم الخليط، فإن العين المنغمرة في غيرها إذا لم يظهر أثرها تكون كالمعدومة حكماً. ولا يظهر أثر الحرام المخالط للحلال في ثلاث حالات: استهلاك الحرام في الحلال، واستحالة المحظور لعينه، وإزالة المحظور.

12ـ يُعفَى عن يسير المحظور المختلط بالمباح الكثير. وقد استحبّ بعض العلماء ترك يسير المحرّم من باب الاستحباب. وتحديد يسير المحرّم يرجع فيه إلى العرف.

وإذا كان المحظور محرماً لكسبه، فإن أمكن تمييزه وجب، وإن لم يمكن فيه التمييز فلا يخلو من أن يكون محصوراً أو غير محصور. فإذا اختلط حلال محصور بحرام محصور، أو حلال محصور بحرام غير محصور، فإن الاحتياط يُشرع فيهما. وأما إذا اختلط حرام محصور بحلال غير محصور، أو حرام غير محصور بحلال غير محصور فإنه لا يُشرع الاحتياط. ولكن يقال: كلما كثر الحرام تأكّد الورع، وكلما كثر الحلال خفّ الورع.

وأما ما يمكن فيه التمييز فإنه يخرج عين الحرام. فإذا كان الحرام المختلط بالحلال غير مستهلك وأمكن تمييزه وجب. وإن كان مثلياً أخرج مثله.

13ـ إذا اشتبه المباح بالمحظور وجب اجتناب المشتبه، لأن الوصول إليه غير ممكن. فإن كان له بدل انتقل إلى البدل وترك المشتبه. وذلك أنه تعذّر الوصول إلى المباح فوجب الكفّ والاجتناب والعدول إلى ما لا ريبة فيه ولا شبهه، وهو مما لا تقتضي الضرورة تناوله لوجود بدله.

14ـ الاحتياط لأمور العبادة عند الاشتباه واجب، لأن يقين الأداء لا يتمّ إلا بالتأكد من تحقق جميع شروطها وأركانها. وإذا استطاع تحصيل اليقين ترك المشتبه.

15ـ ليس في الشريعة شيء مشكوك فيه البتة، وإنما يعرض الشكّ للمكلف. فإذا كان للمشكوك فيه حال قبل الشك فإن المكلف يستصحب ما كان قبل الشك ويبني عليه حتى يتيقن الانتقال عنه. فالشك لا يبنى عليه حكم شرعي إذا كان هناك أصل استصحب على خلافه، فإنه إذا وجد الأصل المستصحب فهو يقين لا يعدل عنه إلى العمل بالظن وجوباً، وإذا فُقد تعيّن العمل بالظن ندباً.

والشك على ثلاثة أضرب: شك طرأ عل أصل حرام، وشك طرأ على أصل مباح، وشك لا يعرف أصله. فما لا يتحقق أصله، ويتردد بين الحظر والإباحة، فالأولى تركه.

ويكون الاحتياط عند حصول الشك الموجب للشبهة، أما إذا حصل شك لا يوجب الشبهة فلا يعمل بالاحتياط. لأن الشك عبارة عن اعتقادين متقابلين نشآ عن سببين، هذا يعني أن ما لا سبب له لا يكون شكاً يوجب الشبهة التي يشرع الاحتياط لها.

16ـ إبراء الذمة واجب، فيكون الاحتياط لأجل إبراء الذمة واجب أيضاً، سواء كان ذلك في الإثبات أم في الإسقاط.

17ـ الشك في وجوب الشيء أو عدمه لا يوجب الفعل، لأن الأصل براءة ذمة المكلف من التكليف، ولكن يستحب فعل المشكوك في وجوبه.

18ـ الأصلان إذا تعارضا في لوازمهما قد يعطي كل أصل حكمه وإن تناقضا. وقد يعبر عن ذلك بأن اختلاف اللوازم قد لا يؤثر في اختلاف الملزومات.

ص: 105

19ـ نصّ الفقهاء على اشتراط الجزم والتنجيز وعدم التردد والتعليق في النية، والعمل بالاحتياط مع وجود الشك لا يتحقق فيه هذا الشرط الذي نصّوا عليه، فجعل بعض الفقهاء هذه المسألة داخلة تحت قاعدة إجزاء ما ليس بواجب عن الواجب. ووضع بعضهم لها ضابطاً وهو أن ترديد النية إن استند إلى ظاهر أو أصل سابق لم يضرّ، وإن لم يستند لذلك بطل.

20ـ الورع مندوب إليه لما فيه من الاحتياط في العبادات والمعاملات، ومع كونه ليس واجباً إلا أنه أحد قواعد الدين.

وقد يكون المراد من لفظ الورع المعنى الأشمل، المطلوب أن يتصف المكلف به في أدائه للعبادة فيوصف بالوجوب، ولكنه لا يكون كذلك اصطلاحاً.

وقد يكون الورع بمعنى الاحتراز عن الحرام، فيكون حكمه الوجوب أيضاً، ولكن لا يدخل هذا المعنى في حقيقة الورع الاصطلاحي، وإن أطلقه بعض العلماء عليه. والورع كما يكون في الفعل يكون في الترك. والورع المستحبّ هو الذي يحقق الاحتياط في العبادات والمعاملات. أما ما لا يحقق ذلك فلا يكون مستحباً، بل هو وسوسة خارجة عن الورع. والورع عند بُعد الاحتمال ضرب من الوسواس، وكذلك لا ورع في الاحتمالات النادرة.

وقد ذهب جماعة إلى أن المباحات لا يدخل الورع فيها، لأن الله تعالى سوى بين طرفيها، والورع مندوب إليه، والندب مع التسوية متعذر.

وقال آخرون: يدخل الورع في المباحات، والحق أن القولين كليهما صحيح، إذ لم يتواردا على محل واحد في الكلام. والجمع بينهما أن المباحات لا زهد فيها ولا ورع فيها من حيث أنها مباحات، وفيها الزهد والورع من حيث أن الاستكثار من المباحات يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في الشبهات، وقد يوقع في المحرمات. وكثرة المباحات ـ أيضاً ـ تفضي إلى بطر النفوس، فكان الزهد والورع في المباحات من هذا الوجه، لا من جهة أنها مباحات، فسبب الوقوع في الحرام هو كثرة الأخذ من المباح، وقلة الوقوع في الحرام هو الورع والإقلال من المباحات.

وقد أنكر العلماء على من سدّ باب الورع، وهم المباحية الذين لا يميّزون بين الحلال والحرام، بل الحلال ما حلّ بأيديهم والحرام ما حّرموه، لأنهم ظنّوا أن الحرام قد طبق الأرض، ورأوا أنه لابدّ للإنسان من الطعام والكسوة، فصاروا يتناولون ذلك من حيث أمكن، وهذا الظنّ قد أورثهم الانحلال عن دين الإسلام.

وترك المباح لا يعدّ من الورع مطلقاً، حيث ورد الإذن بتناوله، ومن ذلك مثلاً ترك الأعطيات التي لا شبهة فيها، إن كان القلب ليس مستشرفاً لها، وأما السؤال والاستشراف للمال فتركه مطلوب. ويدخل في باب الإفراط في الورع الممنوع: الورع في ترك ما فعله ?.

21ـ الاختلاف عند الأصوليين هو ما تعددت فيه آراء المجتهدين وأهل الرأي في المسائل التي لم يرد فيها دليل قطعي. والمراد من الخروج من الخلاف هو أن من اعتقد جواز شيء يترك فعله إذا وجد من أهل الاجتهاد من يعتقد كونه حراماً، أو اعتقد جواز الشيء يفعله إذا كان من أهل الاجتهاد من يرى وجوبه. وحاصل هذه القاعدة هو الجمع بين أقوال المجتهدين. وقد كثر نقل العلماء للعمل بهذه القاعدة وبيان فضلها، حتى حكى بعضهم الاتفاق على الحث على الخروج من الخلاف إذا تحققت شروطه. وهي أن لا يؤدي إلى محذور شرعي من ترك سنة ثابتة، أو اقتحام مكروه، وأن لا يكون دليل المخالف في غاية الضعف والبعد من الصواب، وأن لا يؤدي إلى الوقوع في خلاف آخر، وأن لا يكون مريد الخروج من الخلاف مجتهداً، فإن كان مجتهداً لم يجز له الاحتياط في المسائل التي يستطيع الاجتهاد فيها، وإنما ينبغي له الرجوع إلى النص الصحيح فيقف عنده.

ص: 106

وإذا تحققت شروط العمل بمراعاة الخلاف فقد عدّ بعض الأصوليين فعل المختلف فيه نوعاً من أنواع المكروه. والضابط هنا أن يقال في الفعل إنه مكروه إذا اختلف في تحليله وتحريمه اختلافاً حاصلاً مع عدم النص القاطع على أحد الأمرين، ووقع الخلاف فيه من جهة الاجتهاد وغلبة الظنّ.

ومسائل الخلاف يدخلها الإنكار، فإذا كان القول أو العمل يخالف سنة أو جماعة وجب إنكاره. أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع، وللاجتهاد فيها مساغ، فلا ينكر على من علم بها مجتهداً أو مقلداً، فمسائل الخلاف غير مسائل الاجتهاد. وقد نقل عن عدد من العلماء القول بعدم الإنكار على المخالف في المسائل الاجتهادية.

22ـ الفرق بين الاحتياط المشروع والوسوسة أن الاحتياط المشروع هو الاستقصاء والمبالغة في اتباع السنة وما كان عليه رسول الله ? وأصحابه من غير غلو ومجاوزة، ولا تقصير ولا تفريط. ويتضمن ذلك الحذر من الوقوع في الحرام أو المكروه أو ترك واجب أو مندوب. وأما الوسوسة فهي ابتداع ما لم تأت به السنة، ولم يفعله رسول الله ?ولا أحد من الصحابة زاعماً بذلك أنه يصل إلى تحصيل المشروع وضبطه. ويتضمن أن يتجاوز ما فعله ? من الأعمال. والوسوسة سببها إما جهله بالشرع، أو خبل في العقل.

23ـ حمل السؤال على الورع المحمود ليس على إطلاقه، فإن السؤال يختلف باختلاف المالك، فتارة يكون واجباً، وتارة يكون حراماً، وتارة يكون مندوباً، وأخرى يكون مكروهاً، وتارة يكون مباحاً، وذلك يختلف باختلاف المالك الذي يُتعامل معه. فإذا كان المالك معلوماً بنوع خبرة وممارسة، وعُلم أنه من أهل الصلاح والديانة والعدالة، فإن السؤال حينئذ يحرم، لأنه يكون من الظنّ الذي نُهي عنه، وإن عُلم أنه من أهل الظلم والتعدي وجب السؤال، لأن ما لا يتمّ الواجب إ لا به فهو واجب، فلا يتمّ طلب الحلال الواجب إلا بالسؤال والبحث عنه، لكونه موضع تهمة وريبة.

وإذا كان المالك مجهولاً، والمجهول هو الذي ليس معه قرينة تدلّ على فساده وظلمه، ولا ما يدلّ على صلاحه، فإنه لا يجوز السؤال، فإن يد المجهول، وكونه مسلماً دلالتان كافيتان على جواز المعاملة معه.

وإذا كان المالك مشكوكاً فيه بسبب دلالة أورثت ريبة، وذلك بأن تدلّ دلالة على ذلك، إما من خلقته، أو زيّه وثيابه، أو من فعله وقوله فإنه يجوز السؤال.

24ـ لا يصح من الأعمال إلا ما وافق قصد الشارع، والشارع لا يقصد العسر والمشقة، فإذا قصد المكلف المشقة نفسها، فإنه يكون حينئذ قد خالف قصد الشارع. أما ما ورد من الأحاديث الدالة على عظم الأجر مع عظم المشقة، فإنه لا دليل فيها على قصد المشقة، وإنما فيها قصد الدخول في عبادة يعظم أجرها لعظم مشقتها، فالمشقة تابعة لا متبوعة. وقد ورد النهي عن التشدد في العبادة.

25ـ إذا ثبتت الرخصة شرعاً، وعدل المكلف عنها وأخذ بالعزيمة على سبيل التنطع، وهو يعتقد أنه قد أتى باباً من أبواب الاحتياط، فقد عدل عن أمر يحبه الشارع. وأما عند عدم ثبوت الرخصة، أو الشك في وجودها، فإن الأخذ بالعزيمة يكون من باب الاحتياط وهو أولى.

ص: 107

26ـ الذين اعتبروا العمل بالاحتياط لم يقولوا بحجيته مطلقاً، وإنما جعلوا له شروطاً لا يتحقق إلا بوجودها. وعند العمل بتلك الشروط يتقارب كثيراً القول بحجية العلم بالاحتياط مع مذهب المانعين منه، ومن هذه الشروط أن لا يكون في المسألة نص من الكتاب أو السنة، وأن لا يوقع العمل بالاحتياط المستحب الناس في الحرج والمشقة، وأن لا يكون مأموراً بفعل غيره، وأن لا يخالف العمل بالاحتياط موضع الرخصة، وأن لا يكون العمل بالاحتياط قد انبنى على أصل غير صحيح، وأن لا يكون العمل بالاحتياط في مسألة من مسائل الاعتقاد، وأن لا يؤدي العمل بالاحتياط إلى محذور شرعي من ترك سنة ثابتة، أو اقتحام مكروه، وأن لا يكون الاحتياط مبنياً على شبهة غير مقطوع بها، وأن يحقق الاحتياط المقصود من وجوده، وهو العلم بإتيان الواجب، وأن يراعى عند الاحتياط مصلحة الأعلى فالأعلى، وأن لا يكون للأمر الوارد عليه العمل بالاحتياط أصل من الحل أو الحرمة يرجع إليه، وأن لا يصل العمل بالاحتياط إلى حدّ المبالغة والتنطع.

27ـ لقاعدة العمل بالاحتياط مدخل عريض في كثير من أبواب الفقه وأحكامه، ولها ارتباط واسع بكثير من الأصول والقواعد الفقهية. فيندرج تحت قاعدة العمل بالاحتياط قواعد أصولية وأخرى فقهية. ومن هذه القواعد المندرجة تحت قاعدة العمل بالاحتياط قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقاعدة ما لا يتمّ ترك الحرام إلا به فهو واجب، وقاعدة سدّ الذرائع، والقاعدة الفقهية إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام، وقاعدة الانتقال من الحرمة إلى الإباحة يشترط فيها أعلى الرتب، وأما الانتقال من الإباحة إلى الحرمة فيكفي فيها أيسر الأسباب، وقاعدة أن نجعل المعدوم كالموجود، والموهوم كالمحقق، وما يرى على بعض الوجوه لا يرى إلا على كلها.

28ـ يتعارض مع قاعدة العمل بالاحتياط قواعد أصولية وأخرى فقهية، ومن هذه القواعد المتعارضة قاعدة رفع الحرج، وقاعدة الاستصحاب، وقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، وقاعدة القول بأقل ما قيل، والقاعدة الفقهية الأصل براءة الذمة، والحرام لا يحرم الحلال، والمشقة تجلب التيسير.

29ـ من أوجه الترجيح بين النصوص عند تعارض بعضها مع بعض، أن يُرجَّح أحد النصين على الآخر من حيث أحوال الرواة، أو من حيث المتن، أو من حيث الحكم، وهذه الأوجه يدخل الاحتياط فيها كأحد المرجحات التي يذكرها الأصوليون. فيدخل الترجيح من حيث الرواة من طريقين، الطريق الأول: أن يكون أحد الراويين أشد احتياطاً وتحرياً فيما يروي من الراوي الآخر، والطريق الثاني: أن يكون أحد الراويين أشدّ احتياطاً وأكثر ورعاً من الراوي الآخر.

ومن حيث المتن يدخل الاحتياط كمرجح من حيث كون متن أحد الخبرين يتضمن احتياطاً، والخبر الآخر لا يتضمنه، فإن الفقهاء يُقدّمون الخبر المتضمن للاحتياط على الذي ليس كذلك.

ومن حيث الحكم الذي تضمنه النص يدخل الاحتياط كمرجح من حيث كون حكم أحد النصين المتعارضين أحوط من الآخر، أو أقرب إلى الاحتياط منه، فإنه في هذه الحال يرجّح ذلك الخبر على معارضه الذي ليس كذلك.

ويندرج تحت قاعدة الترجيح بكون حكم أحد النصين أحوط من الآخر الصور التالية: ترجيح الخبر المفيد للحظر على الخبر المفيد للكراهة، وترجيح الدليل المفيد للحرمة عل الدليل المفيد للإباحة، وترجيح الخبر المحرِّم على الخبر المفيد للندب، وترجيح الخبر المحرِّم على الخبر المفيد للإيجاب، وترجيح الخبر المفيد للوجوب على الخبر المفيد للندب.

30ـ هناك مسائل فقهية انبنى الخلاف فيها على الخلاف بالعمل بالاحتياط، وإن كان المختلفون يقولون بحجية الاحتياط في الجملة. وهذه التطبيقات يتبيّن من خلالها أثر قاعدة العمل بالاحتياط في الفقه، فهي تحتلّ جزءاً كبيراً من الفقه، فقلما تجد باباً من أبواب الفقه إلا وللقاعدة أثر عليه، وذلك يعني أهمية هذه القاعدة.

ص: 108